حقوق المؤلف على المصنف
حقوق المؤلف على المصنف
حقوق المؤلف، فالمؤلف هو الشخص الطبيعي الذي يبتكر المصنف فلا يجوز للمؤلف ان يتنازل عن صفته كمؤلف للغير فهذه الصفة متعلقة بالنظام العام، ولا يمكن ان يعتبر الشخص المعنوي مؤلف ولكن في بعض الاحيان قد يصبح صاحب حق مؤلف كما هو بالمصنفات الجماعية، أو بالاتفاق عندما يتنازل المؤلف عن حقوق المؤلف المادية للشخص المعنوي أو عندما ينشر هذا الشخص المعنوي مصنفات لا تحتوي على اسم مؤلف فهو الذي يباشر كافة الحقوق لحين ظهور المؤلف الحقيقي.
حتى يتمتع المصنف بحماية حقوق المؤلف القانونية فالمشرع اوجب شرطاً واحداً وهو أن يتوافر فيه شرط الإبتكار، والمقصود بالابتكار هو أن يعبر المصنف عن شخصية المؤلف وأن يأتي المؤلف بشيء جديد في مصنفه، والابتكار لا يقتصر على الابتكار المطلق الذي لا يكون فيه المؤلف في مصنفه معتمداً على عمل سابق، بل ثبت الحماية للمصنف الذي يوجد فيه إبتكار نسبي كالمصنف المشتق من مصنف اصلي كالترجمة او تكييف المصنف من لون الى آخر كأن يكون رواية ثم يصبح مسلسل.
بمجرد تمتع المصنف بالحماية القانونية يحصل المؤلف:
أولاً – حقوق أدبية (معنوية):
بما أن المصنف يعكس شخصية المؤلف فقد اعطى المشرع مجموعة من الحقوق المعنوية التي تمكن المؤلف في الدفاع عن مصنفه وهذه الحقوق ترد على اشياء معنوية غير محسوسة من نتاج الذهن، حقوق المؤلف المعنوية لها عدة خصائص:
- حق لصيق بشخصية المؤلف: فلا يجوز للمؤلف التنازل عن حقوق المؤلف المعنوية للغير.
- حق دائم: اي لا يسقط بمرور الزمن او الوفاه فهو ليس مقيد بمدة زمنية، فيبقى المصنف ينسب الى المؤلف، وأن مرور فترة طويلة دون استعمال المؤلف لحقوقه المعنوية لا يؤدي ذلك الى حرمانه منها أو سقوطها، فيستطيع المؤلف أو الورثة مباشرة هذه الحقوق في أي وقت يشاؤون.
- حق لا يجوز التصرف فيه: حقوق المؤلف المعنوية غير قابلة للتنازل للغير ولا يستطيع المؤلف أن يبيع ابوة المصنف الى الغير أو يتنازل عن ابوة المصنف للغير، لأن حقوق المؤلف المعنوية من النظام العام.
- حق غير قابل للحجز: ما دام ان الحق المعنوي لا يجوز التصرف فيه او التنازل عنه فمن المنطق ان لا يكون قابل للحجز لكن بالمقابل بجوز الحجز على الدعامة المادية للمصنف بشرط ان يكون قد تم نشر المصنف في هذه الحاله يستطيع الدائنين الحجز على النسخ المنشورة وبيعها لسداد الدين، اما اذا المصنف لم يتم نشره وعمل نسخ منه لا يستطيع الدائنين الحجز عليه وعمل نسخ لبيعها ولسداد الدين لان حق تقرير النشر هو حق للمؤلف وحده.
أنواع الحقوق المعنوية:
- الحق في إشهار المصنف: للمؤلف وحده الحق في نشر المصنف او عدم نشره، وله الحق في اختيار طريقة النشر والوسيلة، وله الحق في تحديد متى يصبح المصنف جاهزا للنشر فللمؤلف حرية كاملة بهذا الشأن.
- الحق في إحترام المصنف: إن الحق في احترام المصنف مرتبط بحق اشهاره، بما ان المصنف يعكس شخصية المؤلف فلا يجوز تشويه المصنف او تغييره ولا يجوز ان يصل الى الجمهور بغير الصورة التي ارادها المؤلف، فان الحق في احترام المصنف يتضمن منع اي تعديل او تحريف او تطوير او تخريب للمصنف أو استخدام المصنف في غير الغرض الذي اعد له المصنف او تتنافى مع شخصية المؤلف مما يؤدي الى اساءة سمعة المؤلف وسط جمهوره كاستخدام أغاني دينية في ملهى ليلي.
- الحق في ابوة المصنف: يعني حق المؤلف في نسبة المصنف اليه، فالشخص الذي ينشا عملا له الحق في المطالبة بان يذكر اسمه عليه ويذكر اسمه في كل نسخه من هذا العمل، ويبقى للمؤلف الخيار في كتابة اسمه الحقيقي او استخدام اسم مستعار وكذلك الامر ان ينشر مصنفه دون اسم لكن في حال نشره بدون اسم يستطيع اثبات ابوة المصنف بكافة طرق الإثبات، اما اذا نشر المصنف باسمه فبالنسبة للغير الذي يدعي بملكية المصنف وابوته يقع عليه اثبات العكس بكافة طرق الاثبات بمعنى ان يثبت انه هو المؤلف وليس الشخص الذي ذكر اسمه على المصنف.
- الحق في الاسترداد: يكون للمؤلف بموجب هذا الحق القدرة على استرداد مصنفه من الجمهور بعد نشره ويكون الهدف من ذلك المحافظة على شخصية وسمعة المؤلف ويشترط للاستيراد وجود اسباب جدية وتعويض كل شخص لحق به ضرر جراء هذا السحب كدار النشر، والسحب قد يكون من اجل اجراء تعديل ثم نشره مره اخرى او قد يكون من اجل عدم ارادته بنشره نهائيا ويثبت هذا الحق فقط للمؤلف.
ثانياً – الحقوق المادية:
تتمثل هذه الحقوق بكل ما ينتجه العقل البشري من افكار يتم ترجمتها الى اشياء مادية ملموسة وهذه الحقوق تعطى للمؤلف من اجل استغلال مصنفه مادياً والإنتفاع من إبتكاره، حقوق المؤلف المادية لها عدة خصائص:
- حق استئثاريه: أي يثبت هذا الحق فقط للمؤلف فيكون وحده له الحق باستغلال مصنفه ماديا وله الحق الحصري في اجازة او منع اي تصرف قانوني يتعلق باستغلال تصرفه من بيع او اجاره، وله الحق في تحديد المقابل المادي الذي يحصل عليه من استغلال مصنفه
- حق قابل للتصرف: يستطيع المؤلف عن يتنازل عن حقه باستغلال مصنفه للغير سواء كافة حقوقه المادية ام بعضها فله ان يعطي المصنف للغير مجانا او بمقابل.
- حق مؤقت: أي تستمر مدة حماية الحق المادي طيلة حياة المؤلف ولمدة 50 سنه بعد وفاته، ومدة الحماية بعد الوفاه تختلف من تشريع الى اخر ويعتبر 50 سنه بعد الوفاه هو الحد الادنى للحماية حسب المادة السابعة من اتفاقية بيرن الدولية وتستطيع الدول ان تزيد في مدة الحماية، وبعد انتهاء المدة المحددة لبعد الوفاه تسقط الحماية للحقوق المادية، وتصبح حقوق المؤلف المادية ملك العام أي يستطيع اي شخص ان يستغل المصنف وينتفع به ماديا. ومدة الحماية القانونية للمصنفات تختلف بحسب طبيعة المصنف، ففي المصنفات المشتركة التي يشترك في ابتكارها اكثر من مؤلف تستمر مدة الحماية للحقوق المادية طيلة حياة المؤلفين وبعد انتهاء 50 سنه من وفاة اخر مؤلف، فيما بعد تصبح الحقوق المادية متاحه للجميع ، اما بالنسبة للمصنفات الجماعية التي ساهم في ابتكارها اكثر من شخص تحت اشراف شخص معنوي او طبيعي فتستمر الحماية للحقوق المادية لمدة 50 سنه من تاريخ اول نشر علني وكذلك الامر بالنسبة للمصنفات السمعية، وفي حال عدم نشر المصنف تبدا الحماية لمدة 50 سنه من تاريخ اعداد العمل وانجازه. أما المصنفات التي تنشر بدون اسم مؤلف او تنشر باسم مستعار الحماية للحق المالي يبقى قائم لمدة 50 سنه من تاريخ نشرها لأول مره، وفي حال معرفة هوية المؤلف واسمه الحقيق نرجع للقاعدة العامة وهي الحماية طيلة حياته ولمدة 50 سنه بعد الوفاة، اما بالنسبة للمصنفات التي تنشر بعد وفاة المؤلف تستمر الحماية للحقوق المادية مدة 50 سنه ويبدا حسابها من نهاية السنة التي نشر فيها المصنف.
- حق قابل للحجز: بمعنى جواز الحجز على الدعامة المادية للمصنف والتي يقصد بها النسخ التي قام بطباعتها المؤلف لمصنفه ، فيجوز الحجز على النسخ وبيعها لسداد الديون، ولكن لا يجوز ان يتم الحجز على مصنف لم يتم نشره ولا يجوز للدائنين نشره من اجل سداد الديون لان عند النشر يتم عمل نسخ من المصنف ولان حق النشر هو حق معنوي لا يجوز التنازل عنه للغير فيثبت للمؤلف وحده، اما اذا مات المؤلف قبل نشر مصنفه فلا يجوز نشره الا اذا ثبت ان نية المؤلف هو نشر المصنف قبل الوفاة كوجود دليل قاطع مثل: وصية.
أنواع الحقوق المادية:
- الحق في نسخ المصنف ونشره: فيعود للمؤلف الحق نسخ مصنفه ونشره باي وسيلة يريدها كالتصوير او التسجيل او على شكل كتاب او نسخة الكترونية، فالنسخ هو انشاء نسخه او اكثر من اي مصنف باي طريقة كانت، وبالنسبة للمصنفات الفوتوغرافية التي تتضمن صورا لأشخاص، فلا يجوز نشر هذه الصور او نسخها الا بإذن من في الصورة ما لم يوجد اتفاق على خلاف ذلك، فللمؤلف كامل الحق في تأجير او بيع او إعارة مصنفه ، وله ان يحدد الغرض من هذا المصنف فلا يجوز بعدها استخدام المصنف في غير الغرض الذي خصص له، وله ان يمنع ترجمة او اقتباس او تعديل مصنفه فلا يستطيع اي احد القيام بها الا بعد اخذ الاذن من المؤلف.
- الحق في نقل المصنف الى الجمهور: له الحق أن يحدد وسيلة التي يتم نقل المصنف بها الى الجمهور كالأداء العلني: عرض مسرحي اما الجمهور مباشرة ، او من خلال وسائل غير مباشرة مثل تسجيل البرنامج او الأغنية وعرضها على الراديو او الانترنت، ولا يجوز تسجيل المصنف وإعادة بثه الا بإذن من المؤلف.
- الحق في التتبع: هذا الحق يقع على الدعامة المادية للمصنف “النسخ” فحق التتبع غير قابل للتصرف وينتقل الى الورثة خلال مدة الحماية القانونية، ويتمثل اهمية هذا الحق بإعطاء المؤلف او الورثة نسبة من الربح في كل عملية بيع تجري على الدعامة المادية للمصنف، بعض التشريعات قد حصرت هذا الحق بطبيعة معينة من المصنفات، على عكس الدول الاخرى التي لم تحدد طبيعة للمصنفات التي يثبت فيها حق التتبع، فمثلا بالدول العربية قد حصروا حق التتبع على المصنفات الفنية ففي كل مره تم اعادة بيع الدعامة المادية للوحة الفنية يحصل المؤلف على نسبة من الربح سواء تم البيع من المشتري للدعامة المادية للمصنف، أو من التجار الذين يمارسوا بيع المصنفات الفنية في المزاد العلني.
بقلم الحقوقية: صابرين رائد شراربي
Pingback: دور مجلس الأمن في تحقيق حقوق الإنسان - موسوعة ودق القانونية
Pingback: حقوق التأليف والنشر - موسوعة ودق القانونية
Pingback: تأقيت قانون الملكية الفكرية - موسوعة ودق القانونية