Login

Lost your password?
Don't have an account? Sign Up

التفرقة بين الأعمال التجارية والأعمال المدنية

التفرقة بين الأعمال التجارية والأعمال المدنية

 

إن الأصل في الأعمال التي يقوم بها الناس هي مدنية، ما لم تصدر عن شخص يحترف مهنة التجارة فتصبح أعمالاً تجارية ما دام قد حدثت في شأن من شؤون تجارته، والأعمال التي يقوم بها التاجر تخضع لقواعد خاصة تختلف عن تلك القواعد التي تطبق على العمل المدني، فيتم تطبيق على هذه الأعمال القانون التجاري الأردني رقم (٢) لعام ١٩٦٦، وكافة المسائل التي لم يرد بها نص في القانون التجاري الأردني يتم الرجوع لتنظيمها إلى القانون المدني وفقاً للمادة (٢) من قانون التجارة، وفي فلسطين لا يوجد قانون مدني فلسطيني هنالك مشروع قانون لكنه حيز التنفيذ، فيطبق في فلسطين على العقود والمعاملات المدنية مجلة الاحكام العدلية لأنها تعتبر اول تقنين للقانون المدني المستمد من اآراء الحنفاء، بالإضافة إلى قانون المخالفات، وسوف أقوم بالحديث أيضاً عن القانون المدني الأردني رقم ١٢ لسنة ١٩٦.
.
القانون التجاري ليس له تعريف محدد وفق القانون، لكن وفقاً لتعريف الفقهاء هو فرع من فروع القانون الخاص الذي يختص بتنظيم العلاقات بين فئة التجار وتفرض عليهم التزامات تتناسب مع مهنتهم وتعتبر قواعد القانون التجاري هي قواعد عرفية اعتاد فئة التجار على القيام بها لفترة طويلة من الزمن مما جعلها ملزمة لهم.
.
وتتميز الأعمال التجارية عن الأعمال المدنية بالسرعة والمرونة وبساطة إجراءاتها فمن أهم المبادئ التي تحكم الأعمال التجارية مبدأ حرية الإثبات حيث تبتعد عن شكلية الإثبات وتتيح المجال للتجار للإثبات بكافة الطرق باستثناء ما ورد به نص قانوني واشترط الكتابة للإثبات به وفي ذلك مساعدة على تقليل الخسائر واضاعة الفرص التجارية بخلاف الأعمال المدينة التي تتسم بطول الإجراءات حيث يشترط القانون الكتابة لإثبات الالتزام المدني الذي يزيد عن مائتي دينار.
.
وبالرجوع إلى القانون التجاري الأردني، نجد أن المشرع لم يعرف ماهية العمل التجاري بل اكتفى بتعداد الأعمال التي تعتبر تجارية في مواده وأعطى القاضي سلطة في اعتبار اي أعمال أخرى أعمالاً تجارية ونظراً لعدم وجود تعريف محدد للعمل التجاري كي يتميز عن المعاملات المدنية والذي دفع الفقهاء إلى إيجاد عدة نظريات تساعد على التفرقة بين العمل المدني والتجاري:
.
  • نظرية المضاربة: تفرق بين العمل المدني والتجاري، أن العمل التجاري هو كل عمل يكون الهدف منه هو تحقيق الربح عن طريق المضاربة، وتعريف المضاربة وفقاً للفقه هو أن يدفع شخصاً لآخر مال ليتاجر به ويكون الربح بينهما، لكن تم انتقاد هذه النظرية لأن هنالك كثير من الأعمال المدنية هدف القيام بها هو تحقيق الربح، كالمهن الحرة: كالطبيب في عيادته، والمحامي في مكتبه.
  •  نظرية الحرفة: تأخذ هذه النظرية بالمعيار الشخصي أي أن العمل التجاري وفقاً لهذه النظرية هو العمل الذي يصدر من شخص احترف مهنة التجارة وكل ما يقوم به التاجر من أعمال في نطاق تجارته يعتبر أعمالاً تجارية، ومفهوم الاحتراف: هو أن يتخذ التجارة مهنة له ويتخذها مصدراً للكسب، ولكن وجهت لها انتقادات تتمثل في أن هنالك أعمالاً تجارية لا يشترط بها الحرفة ولكن وفق هذه النظرية سيتم إخراجها من نطاق تطبيق القانون التجاري كالأعمال التجارية بطبيعتها حيث أن الأعمال التجارية بطبيعتها لا يشترط القيام بها من قبل تاجر. 
  • نظرية التداول: وفقاً لهذه النظرية أن التجارة هو تداول البضائع والمنتجات والنقود بين المنتج والتاجر ثم إلى المستهلك، وأيضاً واجهت انتقادات أن هنالك اعمالاً يحصل بها تداول للبضائع لكن تعتبر أعمالاً مدنية، مثل: بيع المزارع لمحاصيله.
  • نظرية المشروع: يرى أصحاب النظرية أن العمل كي يعتبر تجارياً يجب أن يتم في شكل مشروع وفقاً لنظام معين حيث تستند هذه النظرية إلى تكرار العمل والقيام بهذا العمل وفقا لنظام معين، ولكن هذه النظرية واجهت انتقادات لأنها حصرت العمل التجاري بإن يكون تجارياً لكن يمكن أن يكون العمل التجاري منفرداً ما دام الغاية منه تحقيق الربح، وكذلك أنكرت الإعمال التجارية بطبيعتها والمقصود بها تلك الأعمال التي تعتبر تجارية بغض النظر عن الشخص الذي قام بها سواء يحمل صفة التاجر أم لا.

بالرغم من وجود هذه النظريات إلا أنه لم يتم إيجاد تعريف محدد للعمل التجاري لذلك فالعديد من الدول تأخذ بأكثر من نظرية للتمييز بين العمل التجاري والمدني، أو قد يلجأ المشرع إلى تعداد الأعمال التجارية على سبيل المثال وإعطاء القاضي سلطة تقديرية في اعتبار أي أعمال أخرى أعمالاً تجارية كما هو مبين في المادة (٦) من قانون التجارة الأردني.

 

الآثار المترتبة على التمييز بين الأعمال التجارية والأعمال المدنية:

أولاً – الإثبات: وفقاً للمادة(٦٨) من قانون البينات رقم (٤) لسنة ٢٠٠١ لا يجوز إثبات الإلتزام في المعاملات المدنية إلا بالكتابة إذا كان قيمة الإلتزام تزيد عن مائتي دينار، أما الاثبات في المعاملات التجارية حر ومطلق حيث يجوز الإثبات بكافة طرق الإثبات كالشهادة والقرينة والإقرار وغيرها حتى وإن كان قيمة الإلتزام تزيد عن مائتي دينار مع مراعاة ما ورد بشأن الإثبات في الأحكام الخاصة وذلك وفقاً للمادة ٥١ من قانون التجارة الأردني رقم(١٢) لعام ١٩٦٧، من الأمثلة على الإستثناء على مبدأ حرية الإثبات بشأن العقود التجارية والذي ورد في الأحكام الخاصة “عقد الشركة يجب أن يكون مكتوباً، وجوب تسجيل العلامة التجارية لتمتعها بالحماية القانونية ولإثبات ملكيتها، وكذلك وجوب تسجيل الاسم والعنوان التجاري في السجل التجاري”.

ثانياً – التقادم: إن مدة التقادم في عقود الأعمال المدنية هي ١٥ سنة وفقاً للمادة ١٦٦٠ من مجلة الأحكام العدلية والمادة من قانون المدني الأردني، أما مدة التقادم في العقود التجارية هي ١٠ سنوات ما لم يعين مدة أقصر وفقاً للمادة ٥٨ من قانون التجارة الأردني وبانتهاء المدة تسقط الدعوى القضائية للحق الذي احتسب تقادمه.

ثالثاً – الاختصاص القضائي: أن فلسطين قد اعتمدت وحدة الإختصاص القضائي حيث سواء كان النزاع تجارياً او مدنياً يتم النظر به من قبل المحكمة المدنية المختصة، فلا يوجد محاكم خاصه للدعاوى الناشئة عن المعاملات المدنية ومحاكم أخرى خاصة بالدعاوى الناشئة عن المعاملات التجارية كما هو الحال في الدول الأجنبية.

رابعاً – قواعد الإفلاس: حيث أن هذه القواعد لا تطبق إلا على من يحمل صفة التاجر ويشترط أيضاً أن يكون قد توقف عن سداد ديونه وهذا النظام قاسي على التجار حيث يجبره على تنفيذ التزاماته في موعدها وإلا يتم رفع يده عن أمواله وأعماله ثم يتم إعطاءها لوكيل الدائنين حتى يقوم بتصفيتها فإذا لم تكفي الأموال يأخذ كل دائن نسبة من الأموال ولا يستطيع الدائنين أن يتخذ كل واحد منهم إجراءات فردية بحق التاجر المفلس بل تكون على شكل مطالبة جماعية من خلال وكيل الدائنين، ويطبق الإفلاس على كل تاجر توقف عن دفع ديونه التجارية وكل تاجر لم يدعم الثقة المالية إلا بوسائل غير مشروعة وتقدم دعوى الإفلاس إما من التاجر أو من أحد الدائنين المادة (٣١٦-٣١٩) من قانون التجارة. بالنسبة للمدين في دين مدني فيخضع لنظام آخر يسمى الإعسار فيكون معسر عندما تزيد أو تساوِ ديونه أمواله، ويخشى الدائنين ضياع حقهم وفقاً للمادة (٩٩٩) من المجلة، وبالنسبة للحجز على أموال المدين المعسر تم النص عليه في المادة (١٠٠٠-١٠٠١) من مجلة الأحكام العدلية. وايضا نصت المواد (٣٧٥-٣٧٦)من قانون المدني الأردني على الحجز التحفظي بتوافر عدة شروط وهي:

  • أن يكون الحجز بناء على طلب الدائنين او طلب المدين المعسر.
  • ان تكون ديونهم مستحقة فلا يجوز رفع دعوى الحجز على ديون مؤجلة.
  • أن تزيد ديونه المستحقة على أمواله بمعنى أنه لا يكفي وفقاً للقانون الأردني أن تكون ديونه مساويه لأمواله. 

يلحق المدين المعسر ضرراً بدائنيه ويبقى هذا الحجز لمصلحة الدائنين ثم يتم بيع أمواله وسداد الديون إما يأخذ كل دائن ما له في ذمة المدين وإذا كانت الأموال غير كافية يتم قسمتها عليهم قسمة غرماء ويترك له ما يلزم لحاجته وحاجة من ينفق عليه وفقاً للمادة (١٠٠٠) من المجلة، ووفقا للمادة (٣٨٢) من القانون المدني الأردني، ولا يمنع في القانون المدني في حالة الإعسار أن يطالب كل دائن مدينه بصفة منفردة على عكس مطالبة الدائنين لمدين بدين تجاري يجب أن تكون جماعية في حال الافلاس.

خامساً – صفة التبرع: في العقود المدنية يوجد عقود عديدة توجد بها صفة التبرع أي تكون بلا عوض كالهبة أما في العقود التجارية فتنتفي صفة التبرع فهي عقود معاوضة لأن الهدف من العمل التجاري هو كسب الأرباح وفقاً للمادة (٥٥) من قانون التجارة الأردني حيث نص على مبدأ انتفاء صفة التبرع وإن لم يتفق الأطراف على أجر فيستحق التاجر أو السمسار أجر المثل أي الأجر المعروف وفق المهنة.

 سادساً – التضامن: إن المدينين بدين تجاري يوجد بينهم تضامن في هذا الدين ويفترض التضامن ايضا بين كفلائهم ،وفقا للمادة ( ٥٣) من القانون التجاري، وهذا التضامن غير موجود بالمدينين في دين مدني ما لم ينص الإتفاق بينهم على خلاف ذلك.

سابعاً – المهلة القضائية: الأصل عند حلول الأجل على الشخص تنفيذ التزامه، لكن عندما لا يستطيع المدين بدين مدني أن يوفي بالتزامه في وقت الاستحقاق يجوز للقاضي أن يعطيه مهلة قضائية تطبيقاً لنظرية الميسرة في مجلة الأحكام العدلية والتي تمثلت بالمادة(١٨) الأمر إذا ضاق اتسع ، وكذلك المادة(٣٣٤) من القانون المدني الأردني والتي توجب ضرورة الوفاء بالموعد المحدد ما لم يوجد إتفاق أو نص على خلاف ذلك ويجوز للقاضي أن يؤجل التزام المدين إلى أجل معقول في حالات ضرورية على أن لا تضر بالدائن ضرراً جسيماً، أما في المعاملات التجارية وفقاً للمادة (٥٦)من قانون التجارة الأردني” لا يجوز للمحكمة منح المدين بدين تجاري مهلة قضائية إلا في ظروف استثنائية” وتتمثل الظروف الاستثنائية كحالة الظروف الطارئة وأقرب مثال عليها عندما أصدر قرار من الرئيس بفرض حالة الطوارئ وتم منع أصحاب المحلات التجارية من فتح محلاتهم فبالتالي تم وقف الشيكات حتى لا يتضرر المدينين بدين تجاري وخشية من تعرضهم للإفلاس، فبالتالي كأصل عام عند إعطاء المدين بدين تجاري أجلاً آخر للوفاء بدينه غير الأجل الذي استحق قد يرتب ضرراً جسيماً يلحق بالدائن خصوصاً أن الأعمال التجارية مرتبطة ببعضها مثلما على المدين التزامات يترتب أيضا على الدائن التزامات تجاه الغير فإذا لم يستوفي حقوقه من الغير يمكن أيضاً أن يتعرض للإفلاس.

ثامناً – صفة التاجر: بالرجوع إلى المادة (٩) من قانون التجارة الأردني عرّفت التجار بأنهم الأشخاص الذي تكون مهنتهم ممارسة الأعمال التجارية، فالذي يمارس العمل المدني لا يكتسب هذه الصفة، الاثار المترتبة على اكتساب صفة التاجر:

  1. يلزم التاجر بالتسجيل في السجل التجاري.
  2. أن يتخذ عنواناً تجارياً له. 
  3. يخضع لأحكام الإفلاس والصلح الواقي من الإفلاس.
  4.  عليه الإنتساب لعضوية الغرفة التجارية.
  5.  مسك الدفاتر التجارية. 
  6. كافة الأعمال التي يقوم بها التاجر تعتبر أعمال تجارية ولكن هذه القرينة بسيطة قابلة لإثبات العكس.
بقلم الحقوقية: صابرين رائد شراربي

3 comments

  1. Pingback: بحث حول السجل التجاري - موسوعة ودق القانونية

  2. Pingback: العلامة التجارية: تعريف وعناصر واجراءات تسجيل وأهمية العلامة التجارية بالنسبة إلى الشركات بأنواعها - موسوعة ودق القانونية

  3. Pingback: وظائف العلامة التجارية - موسوعة ودق القانونية

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*
*

افتح المحادثة!
بحاجة لمساعدة !
مرحبا
كيف يمكننا مساعدتك !