Login

Lost your password?
Don't have an account? Sign Up

الفلكلور الفلسطيني في ظل التشريعات الوطنية والدولية

الفلكلـور الفلسطيـني

فـي ظـل التشـريعات الوطنيـة والدوليـة

(بقلم الباحثـة: وعد صلاح الدين عواد)

 

يُعَدُّ الفلكلور أحد أبرز مظاهر الثقافة تجذرًا وتنوعًا على مستوى العالم، إذ يُشكِّل التراث الشفهي والأدبي والفني جزءًا جوهريًا من الهوية الوطنية والثقافية للشعب الفلسطيني. يعود أصل استخدام مصطلح “الفلكلور” إلى عام 1846، حين قام عالم الآثار الإنجليزي سير جون ويليام تومز بإطلاقه لأول مرة. وقد أسهم تومز بهذا الإسهام البارز كوسيلة لاستكمال الجهود العلمية والوطنية التي سبقته في دول مثل إنجلترا وألمانيا وفنلندا وغيرها من دول أوروبا. من ثم، انتشر مصطلح “الفلكلور” بمعنى “حكمة الشعب ومأثوراته”، وأصبح يُستخدم للدلالة على مواضيع الإبداع الشعبي.

يهدف هذا المقال إلى مقارنة القانون المتعلق بحماية الفلكلور في فلسطين بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية التراث الثقافي. سيتناول المقال الأمور المتعلقة بالحفاظ على الفلكلور الفلسطيني وحقوق الملكية الفكرية وترويج الثقافة الشعبية. كما سيسلط الضوء على كيفية تنظيم القانون الفلكلوري في فلسطين وتأثير ذلك على الحفاظ على التراث الثقافي والإبداع الشعبي، مع تحليل أسباب قصور الحماية للموروث الشعبي. وسيتطرق المقال إلى دراسة الاتفاقيات الدولية التي تلعب دورًا في توجيه السياسات الفلكلورية وحماية حقوق الملكية الفكرية على الصعيدين الوطني والدولي.

 

أولاً- الحماية القانونية للفلكلور في فلسطين

اتخذت الدول اتجاهات مختلفة في إرساء الأسس القانونية لحماية الفلكلور بينما اعتمدت غالبية التشريعات على قواعد حماية المؤلف والملكية الفكرية، قامت دول أخرى بالاستناد إلى نظرية مقابل الملك العام أو نظرية الحقوق المجاورة أو قواعد الملكية الصناعية.

ولدينا في فلسطين قانون الطبع والتأليف البريطاني لعام 1911 وهو القانون الذي أنشئ نظام حماية حقوق الملكية الأدبية ويشمل هذا القانون مجموعة من الأحكام التي تحدد حقوق المؤلفين والمبدعين فيما يتعلق بأعمالهم الأدبية والفنية وفيما يتعلق بحماية الفلكلور، لا يتناول القانون البريطاني بشكل مباشر حقوق الملكية الفكرية للفلكلور أو التراث الشعبي ومع ذلك، قد يتم تطبيق بعض أحكام القانون على الفلكلور بشكل غير مباشر عندما يتعلق بإصدارات معينة أو استخدامات تجارية للفلكلور، على سبيل المثال، إذا تم إعادة تصوير أو نشر قصة شعبية أو أغنية تقليدية بطريقة معينة، فإن الأمور قد تصبح معقدة من الناحية القانونية إذا تم انتهاك حقوق الملكية الأدبية لأشخاص أو منظمات قد قاموا بجمع أو نشر هذا الفلكلور،  فقانون الطبع والتأليف يحمي الأعمال الأدبية والفنية التي ينتجها أفراد أو مؤلفون معينون، وذلك بموجب حقوق المؤلف اما  الفلكلور الشعبي، على الجانب الآخر، يمثل التقاليد والقصص والأغاني التي تكون جزءًا من التراث الشعبي وغالبا ما يكون المؤلف مجهول  و هذا هو السبب في أن قانون الطبع و التأليف لا يوفر حماية كبيرة للفلكلور الشعبي.

فالفلكلور الشعبي يكون عادةً جزءًا من الملكية العامة وغير مملوك لفرد أو مؤلف معين، وبالتالي لا يتمتع بحماية قانونية مماثلة لحقوق المؤلف.

 هذا يعني أن أعمال الفلكلور الشعبي يمكن استخدامها بحرية من قبل الجمهور والمؤلفين دون الحاجة إلى إذن من مؤلف ولهذا يجب على الدول ان تقر قوانين خاصة  لتحمي الفلكلور الشعبي كونه يمثل هويتها و جزء من حضارتها دون الاعتماد على القوانين العامة للملكية الفكرية.

وبناء على ما صادقت و انضمت اليه فلسطين من اتفاقيات بخصوص حماية الملكية الفكرية كالوايبو و اليونسكو، فانه تم اقرار القرار بقانون رقم 11 لسنة 2018  بشأن التراث الثقافي  المادي  حيث  تم التكلم عن ماهية التراث الفلسطيني والحماية و الاجراءات على من ينتهك التراث الفلسطيني ونصت المادة ( 3) من مسودة مشروع قانون التراث الفلسطيني “على السلطة الوطنية العمل على إعادة واسترجاع جميع التراث الذي أخرج أو سلب أو هُرب إلى خارج فلسطين باستخدام جميع السبل والوسائل السياسية والدبلوماسية والقانونية ولها حق المطالبة بالتعويض”.

و اشارت المادة رقم (7)  على أنه: “1. لا يجوز لأي شخص القيام بالأعمال المتعلقة بالحفاظ على التراث أو ترميمه وصيانته أو التنقيب عنه، والمحددة بموجب أحكام هذا القرار بقانون، إلا بعد الحصول على ترخيص من الوزارة. 2. تحدد شروط وإجراءات الترخيص بموجب نظام يصدر عن مجلس الوزراء “

و رغم الجهود المبذولة الا انه يوجد قصور في حماية التراث الوطني، فجل التشريعات الوطنية لم تحدد جرائم في شأن المتعدي على الفلكلور الوطني وانما تم تركها في الاطار العام لقانون حماية حقوق المؤلف ولعل سبب القصور هذا تمثل في غياب البحث العلمي على المستوى الوطني وضعف التخطيط وغياب سياسة الارشيف الوطني  وعدم التوفيق بين القوانين الخاصة بحماية الملكية الفكرية بشكل عام وقوانين حماية الفلكلور و التراث الشعبي بشكل خاص وعدم المقدرة على مواجهة تعديات الاحتلال على التراث الفلسطيني في ظل حماية الغرب له، وغياب المجلس التشريعي الفلسطيني وعدم القدرة على اقرار قوانين تحل محل قانون الطبع و التأليف بل ما زالت تلك القوانين عبارة عن مسودات.

 

ثانياً- الحماية الدولية للفلكلور وأسباب قصورها

ورد في نص الاتفاقية الدولية لحماية التراث الثقافي والطبيعي العالمي أنه “إن المؤتمر العام لمنظمة الأمم الصادرة بتاريخ (21/11/1972) عن اليونسكو المتحدة للتربية والثقافة المنعقدة في باريس من 17 أكتوبر إلى نوفمبر 1972 في دورته السابعة عشر، إذ يلاحظ أن التراث الثقافي والتراث الطبيعي مهددان بتدمير متزايد، لا بالأسباب التقليدية للاندثار فحسب وإنما أيضا بالأحوال الاجتماعية والاقتصادية المتغيرة التي تزيد من خطورة الموقف بما تحمله من عوامل الإتلاف والتدمير الأشد خطورة”

في البداية، تم إثراء موضوع “أشكال التعبير الفولكلوري” بجهود مشتركة بين الوايبو واليونسكو وذلك في بداية عام 1978 وتلك الحقبة تم اعتبار هذا الموضوع جزءًا من المعارف التقليدية. ومنذ ذلك الحين، شهدت جهود العمل في مجال الفولكلور تقدمًا كبيرًا مقارنة بالجهود السابقة لحماية المعارف التقليدية بشكل عام وتم اقرار الاحكام النموذجية كنتيجة لعدة اجتماعات مشتركة بهدف دراسة مشروعات تتعلق بهذا الموضوع. وفي عام 1982، تم اعتماد المشروع المعروف باسم “الأحكام النموذجية للقوانين الوطنية حول حماية أشكال التعبير الفلكلوري من الاستغلال غير المشروع وسائر الأنشطة الضارة (الأحكام النموذجية)”. هذه الأحكام تهدف إلى تحقيق التوازن بين حماية الفولكلور وتشجيع الحرية والفنون الشعبية , وعلى الرغم من جهود الوايبو  الا انه لم تبذل جهود شاملة لايجاد صك دولي لحمايتها  وعلى هذا السياق عقد اجتماع الوايبو و اليونسكو في تايلند عام 1997 خلال المنتدى العالمي لحماية الفلكلور , وتركزت النتائج الرئيسية لهذا الاجتماع على الاعتراف بأهمية الحفاظ على التراث الشعبي عالميًا وضرورة وجود وسائل قانونية لحماية أشكال التعبير الفلكلوري ضمن الأنظمة الوطنية وعلى الصعيدين الاقتصادي والدولي.

بناءً على توصيات من المشاورات الإقليمية حول الفولكلور وقرار الجمعية العامة ل الوايبو  في عام 2000، تأسست اللجنة الحكومية الدولية المعنية بالملكية الفكرية والموارد الأصلية والمعارف التقليدية والفولكلور تعمل هذه اللجنة كمنبر لمتابعة المناقشات حول الملكية الفكرية والمعارف التقليدية والفولكلور و شكلت لجنة (IGC )منصة لمناقشة القضايا الرئيسية الثلاث التي تم تحديدها خلال المشاورات، والتي تتعلق بالملكية الفكرية في سياق الحصول على الموارد الأصلية وتقاسم المنافع، وحماية المعارف التقليدية، وحماية أشكال التعبير الفلكلوري و في سبتمبر 2003 ققرت الجمعية العامة لمنظمة الوايبو تمديد ولاية اللجنة الحكومية الدولية المعنية بالملكية الفكرية والموارد الأصلية والمعارف التقليدية(IGC) وطالبت بالتركيز بشكل أكبر على البعد الدولي لحماية الفلكلور.

وفي الدورة السادسة للجنة IGC التي عقدت في اذار 2004  اتخذت اللجنة قرارا ينص على ان الامانة التابعة لمنظمة الوايبو يجب أن تقوم بإعداد مشاريع تتضمن ملخصًا شاملاً لأهداف السياسة العامة والمبادئ الأساسية المتعلقة بحماية أشكال التعبير الفلكلوري وينبغي أن تتضمن هذه المشاريع أيضًا توجيهات عامة بشأن الخيارات السياسية والآليات القانونية لحماية مظاهر الفلكلور، مع إجراء تحليل موجز للتأثيرات العملية والسياسية المرتبطة بكل خيار.

 لقد أصبح من الواضح مؤخرًا أن المجتمع الدولي قد أدرك مدى تعرض التراث الشعبي للخطر، مما يجبرنا على التفكير بإيجاد آليات قانونية تقوم بحمايته  وهذا يعني أن الخطر لم يعد يأتي فقط من الكوارث الطبيعية التقليدية مثل الفيضانات والزلازل والأعاصير، بل أصبحت الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية أيضًا مصدرًا للتهديد , وعلى ذلك يمكن القول أن الدول الاستعمارية في القرن العشرين قد ساهمت بشكل كبير في فقدان وتدمير التراث الوطني للشعوب، وتسببت في نقله إلى أماكن اخرى خارج  الدولة. وعليه فقد منحت منظمة اليونسكو تفويضًا للمعهد الدولي لتوحيد قوانين القانون الخاص خلال عام 1981 لحماية الفلكلور و هذا التفويض كان يهدف إلى استعراض الوسائل القانونية المنصوص عليها في اتفاقية اليونسكو لعام 1972 ولتقييم فعاليتها تم إعداد مشروع معاهدة دولية جديدة حول حماية التراث العالمي من السرقة وتهريبه غير الشرعي، وتم تقديم هذا المشروع في مؤتمر اليونسكو الدبلوماسي عام 1995 وتم اعتماده من قبل الدول الأعضاء و تُعتبر هذه الاتفاقية الدولية واحدة من الاتفاقيات الحديثة في مجال حماية التراث الثقافي المسروق ومنع تصديره بشكل غير شرعي.

 وفي الختام يجب مراعاة المصالح والتوازنات الإقليمية والدولية عند مناقشة حماية الفلكلور الوطني على المستوى الدولي، كما ان حماية الفلكلور الوطني يتعلق بحقوق الإنسان وحماية المكونات الثقافية والهوية الوطنية، وعليه فإن العالم يجب أن يكون ملتزمًا بحماية هذا التراث الثقافي ويجب تعزيز الجهود للحفاظ على التراث الوطني ومنع سرقته وتدميره، ويجب أن يكون هناك تطبيق فعال للقوانين الدولية المتعلقة بحماية الفلكلور الوطني.

 

بقلم الباحثـة: وعد صلاح الدين عواد

 

قائمة المراجع:

  • الكسواني، جهاد، حماية الفلكلور الوطني، جامعة النجاح الوطنية.
  • اشكال التعبير الفلكلوري وحمايته على الصعيد الدولي، اعداد المنظمة الاستشارية العامة، نيودلهي الهند.
  • صلاح محمد محمود بدر الدين، حماية التراث الثقافي والطبيعي في المعاهدات الدولية الصفحة السابعة.
  • حسن حسين البراوي، الحماية القانونية للمأثورات الشعبية، ص 15-28.
  • قرار بقانون رقم 11 لسنة 2018 بشأن التراث الثقافي المادي.
  • قانون الطبع و التأليف البريطاني لسنة 1911.

 

مواضيع أخرى ذات علاقة:

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*
*

افتح المحادثة!
بحاجة لمساعدة !
مرحبا
كيف يمكننا مساعدتك !