تعدد الجرائم و العملية الحسابية للعقوبة
تعدد الجرائم و العملية الحسابية للعقوبة
ورد مفهوم تعدد الجرائم تحت إطار القانون الجنائي وهو ما يعتبر أحد فروع القانون العام والذي ينقسم إلى قانون موضوعي وآخر اجرائي وقد ورد العقاب في الفرع الموضوعي لهذا القانون (قانون العقوبات) الذي بدوره يفترض الجريمة والعقوبة المستحقة عليها وقد تطور مفهوم العقاب عبر الزمن حتى استقر إلى هدف زجر الجاني وردع المجتمع لكن بما لا يخالف حقوق الأنسان والمبادئ الدستورية. وفي هذه الورقة البحثية سيتم مناقشة أثر تعدد الجرائم التي يرتكبها الجاني وعلى العقاب الذي يستحقه.
بداية وجب الإنطلاق من بيان المقصود بـ تعدد الجرائم والأنواع التي يرد عليها، فهي أن يقوم جاني واحد (ليس المقصود فيه شخص واحد فقط، فقد يكون شخص وشريكه) إما بارتكاب عدة أفعال تشكل عدة جرائم أو أن يقوم بعدة جرائم لها عدة عقوبات. فيكون التعدد على نوعين:
الأول: فهو تعدد مادي للجرائم وفيه يرتكب الجاني عدة أفعال تشكل عدة جرائم كما لو قام (س) بارتكاب جريمة قتل بحق (ع) وسرقة (ص) وضرب (ب).
الثاني: فهو تعدد معنوي للجرائم وفيه يقوم الجاني بارتكاب فعل واحد يشكل عدة جرائم كما لو قام (س) باطلاق النار على (ص) فاخترقت الرصاصة جسم هذا الأخير واصابت (ع) فيكون (س) مرتكب لجريميتين قتل مقصود أحداها بحق (ص) والأخرى بحق (ع)، أو أن يكون (س) أراد قتل (ص) فأطلق النار عليه فارتعشت يده وأصابت (ع) فيكون (س) مرتكب لجريمتين أحداها شروع بالقتل والأخرى قتل مقصود سنداً لنص المادة 66 من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 القاضية بأنه “إذا وقعت الجريمة على غير الشخص المقصود بها عوقب الفاعل كمل لو كان اقترف الفعل بحق من كان يقصد”.
وهنا يطرح السناريو التالي حتى نورد عليه الملاحظة متقدمة الذكر: في حال أراد (س) قتل (ص) الذي يقنط في بناية سكنية فقام بوضع السم له في خزان الماء الذي يوزع لكافة شقق البناية ما أدى لوفاة (ص) و5 آخرون، فيكون (س) في هذه القضية مرتكب لتعدد معنوي للجرائم أي أرتكب عدة جرائم بفعل واحد، وفي ذلك نرى أنه إذا لم يكن بإمكان الجاني الفصل بين الأشخاص (سكان البناية) عند ارتكاب الفعل فأنه يكون أمام تعدد معنوي للجرائم.
وصولاً إلى بيان أثر تعدد الجرائم التي يرتكبها الجاني على العقاب الذي يستحقه وفي ذلك يُرى أن الجاني حين ارتكابه لعدة جرائم فأنه يترتب عليها عدة عقوبات ، فكيف تصدر المحكمة حكمها في ذلك؟؟
أعطى المشرع القاضي خياريين وهما سلطة تقديرية له أن يختار أحداهما في التعدد المادي فقط:
الأول – خيار الادغام: وهو أن يطبق القاضي بكل العقوبات المترتبة على تعدد الأوصاف الجرمية على أن ينفذ بحق الجاني العقوبة الأشد وفي حال أغفال القاضي ذكر أي وصف من الأوصاف الجرمية يعتبر حكمه معيباً قابل للنقض وأنه أخطا في تطبيق القانون، والحكمة من خيار الادغام هي اعتبار المشرع أن العقوبات الأخرى مدمجة بالعقوبة الأشد، ومثالها ارتكاب (س) لجريمة قتل وسرقة وإيذاء فتكون أشد عقوبة هي عقوبة القتل وهي الأشغال الشاقة 15 سنة فيتم الحكم عليه بها مع نطق العقوبات المترتبة على السرقة والايذاء.
الثاني – خيار الجمع: فيه يقوم القاضي بجمع كافة العقوبات شرط أن لا يزيد الناتج عن أشد العقوبات بمقدار نصفها ويتم ذلك عن طريق المسألة التالية:
- أولأ: يتم تحديد العقوبة الأشد، فمثلاً لو كانت الجرائم المرتكبة هي قتل وسرقة وإيذاء فإن العقوبة الأشد هي عقوبة جريمة القتل مقدارها الاشغال الشاقة 15 سنة، وبالتالي نصف ال15 هو 7.5
- ثانياً: نقوم بجمع اشد عقوبة مع نصفها أي كالتالي: 15+7.5= 22.5
- ثالثاً: نقوم بجمع كافة العقوبات أي كالتالي: 15+2+1 = 18
- رابعاً: نقارن العدد الناتج من جمع العقوبات كافة بالعدد الناتج من جمع اشد عقوبة مع نصفها، كالتالي : 18< 22.5 وبالتالي يجوز للقاضي الحكم بها ، وفي حال كانت العقوبة الناتجة من جمع كافة العقوبات أكبر من العقوبة الأشد مع نصفها يتم تخفيض العقوبة حتى تساوي هذه الأخيرة.
وقد أتاح المشرع خيار الجمع للقاضي فقط في العقوبات المؤقتة حيث أنه يوجد عقوبتين إذا كانتا مترتبتين على إحدى الجرائم المرتكبة، فأنه لا يجوز اللجوء لهذا الخيار ويبقى أمام القاضي فقط خيار الأدغام وهما عقوبة الاعدام أو المؤبد. بالإضافة إلى أن العقوبات التكديرية ( الحبس \ الغرامة) تجمع حتماً ولا يجوز للقاضي بها اللجوء لخيار الإدغام.،
أما فيما يتعلق بالتعدد المعنوي للجرائم فأنه لا يكون أمام القاضي سوى اللجوء لخيار الادغام أي خيار الحكم بالعقوبة الأشد.
بقلم الحقوقية: إيمان عثمان خليفة
Pingback: جرائم تدقيق الحسابات - موسوعة ودق القانونية
Pingback: ًالسلاح الأبيض: تعريف وأنواع والعقوبات المقررة قانوناً - موسوعة ودق القانونية
Pingback: الشروع في الجرائم - موسوعة ودق القانونية