Login

Lost your password?
Don't have an account? Sign Up

جريمة شهادة الزور: تحليل قانوني للأركان والعقوبات

جريمة شهادة الزور: تحليل قانوني للأركان والعقوبات

(بقلم المحامي: باسل عيد المومني)

 

تعتبر الشهادة من أهم الوسائل التي يتم الإثبات بها، سواء كانت في المواد الجزائية او في المواد الحقوقية، حيث ان المشرع الأردني قد افرد فصلا مستقلا لبيان كيفية الإثبات بالشهادة في المسائل الحقوقية في قانون البينات رقم 30 لسنة 1952.[1]الباب الثالث من قانون البينات الأردني من نص المادة 28 الى 39. هذا وقد فصل المشرع عدة مواد في قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 9 لسنة 1961[2]المواد الذي تم تفصيل فيها كيفيه جواز الشهادة في المسائل الجزائية هي من نص المادة 153 الى 158 من الأصول المحاكمات … Continue reading لكي يوضح حالات الجواز من عدمه لاستعمال الشهادة كوسيله للأثبات. ولكن، ماذا لو احتج أحد الخصوم أمام القضاء بشهادة شاهد، وكانت أقوال هذا الشاهد غير متطابقة مع الحقيقة، سواء كانت الشهادة لصالحه أو ضده، وسواء كان هذا الشاهد ممن ورد ذكرهم في قائمة بيناته أو في قائمة بينات خصمه؟ الحل في هذه الحالة يكمن في إثبات أن هذه الشهادة غير صحيحة وتخالف الحقيقة عن عمد، أي إثبات أن الشاهد قد ارتكب جريمة شهادة الزور. وتالياً، سنتعرف على ماهية جريمة شهادة الزور، وأركان هذه الجريمة، وحدود العقاب المترتب عليها.

أولاً – تعريف جريمة شهادة الزور:

لم يرد تعريف واضح من المشرع الأردني في قانون العقوبات لجريمه شهاده الزور، إلا أن نص المادة (1/214) من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 تناولها على النحو التالي: “من شهد زورا امام سلطه قضائية او ما مور له او هيئه لها صلاحيات استماع الشهود محلفين او انكر الحقيقة او كتم بعض او كل ما يعرف من وقائع القضية التي يسال عنها سواء كان الشخص ادى الشهادة شاهد مقبول الشهادة او لم يكن او كانت شهادته قد قبلت في تلك الاجراءات ام او لم تقبل”. ولابد من الإشارة الى ان المشرع الأردني قد ذكر جريمة شهاده الزور في الباب الرابع من الفصل الأول تحت عنوان الجرائم المخلة بالإدارة القضائية. ونلاحظ ان المشرع اعتبر ان هذه ان الشهادة ولو لم يتم الحلفان تعتبر شهاده زور حيث ورد ذلك في نص المادة (3/214) وقد احسن المشرع في ذلك.

وقد عرفها الفقه بأنها شهادة تعتمد على الحنث باليمين الذي أداه الشاهد، سواء كان ذلك في قضية جزائية أو حقوقية، حيث يقوم الشاهد بالكذب والغش لصالح أحد أطراف الدعوى وربما ضده.[3]الدكتور مامون سلامه الاجراءات الجنائية في القانون المصري صفحه 1119 مطبعه القاهرة سنه 1997 كما عرَّفها الفقه من جانب آخر بأنها جريمة نص عليها القانون، وتُفرض عقوبتها على الشخص الذي أدلى بأقوال كاذبة ومحرّفة للحقيقة في دعوى قضائية، وذلك بعد أدائه القسم بأن يقول الحقيقة.[4]الدكتور عبد الرزاق السنهوري، الوجيز في شرح القانون المدني، دار النهضة العربية، القاهرة، 1966

ونلاحظ ان جريمة شهاده الزور تعتبر من الجرائم الضرر او الجرائم التامة بمعنى انها من الجرائم التي يستلزم لتوافرها تحقيق نتيجة جرميه وهذا ما نستنتجه من نص المادة (215)، وبانها لا يتصور ان يكون هنالك شروع بجريمه شهاده الزور فاما الوجود او عدمه.

ثانياً – أركان جريمة الزور:

إن جريمة شهادة الزور، كغيرها من الجرائم، يشترط لقيامها توافر مجموعة من الشروط، إضافة إلى الركن القانوني المستمد شرعيته من نص المادة (1/214) من قانون العقوبات الأردني. أما عن أركان هذه الجريمة، فهي:

 1- الركن المادي 

استناداً إلى نص المادة (1/214) من قانون العقوبات الأردني، يتكون الركن المادي لهذه الجريمة من ثلاثة عناصر أساسية:

  • الشهادة امام القضاء سواء كان ذلك بدعوى مدنيه او جزائية او الشهادة امام أي هيئه لها صلاحيات الاستماع الى الشهود المحلفين.
  • الكذب في الشهادة والإصرار على ذلك.
  • وقوع الضرر او احتماليه وقوعه.

وبناء على سبق فأننا نلاحظ التالي:

  • ان المشرع الأردني جعل امكانيه وقوع جريمة شهاده الزور امام أي هيئه لها صلاحيات الاستماع الى الشهود المحلفين ولم يجعل ذلك مقصورا على الشهادة امام القضاء، وهذا ما ذكره صراحه في نص المادة (1/214) وقد احسن المشرع في ذلك.
  • ان الكذب المقصود في العنصر الثاني هو الكذب الذي من شانه التغيير في القناعة الوجدانية للمحكمة، اي ان يكون محل هذا الكذب في الوقائع منتج ومغير في الحكم النهائي الفاصل في الدعوة، اذ يشترط ان يقع ضرراً أو احتماليه وقوع هذا الضرر فانه من غير المتصور ان يقع ضرر جراء الكذب في وقائع غير منتجه في الدعوة .

إن المشرع لم يشترط الكذب وحده لإتمام العنصر الثاني من الركن المادي لجريمة شهادة الزور، بل اشترط الكذب مع الإصرار عليه. وقد ترك المشرع باب الرجوع عن الجريمة مفتوحاً لمن يتراجع عن شهادته قبل إنهاء التحقيق أو قبل إصدار أي حكم يدخل في أساس الدعوى، حتى لو كان الحكم غير مبرر. وهذا ما يُستدل عليه من نص المادة (215) من قانون العقوبات الأردني.

وعلاوة على ذلك، ليس من الضروري أن يتحقق ضرر لأحد أطراف الدعوى أو حتى للغير من جراء هذه الشهادة. يكفي لتحقق ركن الضرر أن يتم تضليل القضاء، وهو ما يُعد كافياً لاعتبار هذا الركن قائماً.[5]الدكتور كامل السعيد شرح قانون العقوبات الأردني الجرائم المضرة بالمصلحة العامة دراسة تحليليه مقارنه 1997 صفحه … Continue reading

2- الركن المعنوي

إن جرائم شهادة الزور تُصنَّف ضمن الجرائم المقصودة، ولذلك لا يُعاقب مرتكبها إذا لم يكن يقصد بفعله الكذب أو إخفاء الحقيقة أو جزءاً منها. وقد ورد في اجتهاد محكمة التمييز أن شهادة الزور تُعد من الجرائم القصدية التي يتطلب القانون فيها توافر القصد الجنائي، أي أن يكون الشاهد قد كذب عن علم وإرادة.[6]الحكم رقم 566 لسنة 2009 محكمة التميز بصفتها الجزائية. وبناءً على ذلك، لا يُعاقب الشاهد الذي يقع في الخطأ نتيجة ضعف ذاكرته أو ضعف إدراكه وتصوره للأمور. فالكذب الذي يُعاقب عليه هو الكذب المتعمد الصادر عن علم وإرادة.[7]عبدالباقي، مصطفى حسين محمود. “جريمة شهادة الزور في قانون العقوبات الأردني النافذ في الضفة الغربية وقانون … Continue reading

ثالثاً- حدود العقاب في شهادة الزور:

ان جريمة شهاده الزور هي من الجرائم الجنحوية في الأساس فقد قرر المشرع ان عقوبتها في قانون العقوبات الأردني هي الحبس من ثلاثة اشهر الى ثلاثة سنوات. واما عن عقوبة الجريمة في صورتها المشددة:

  • في حال كانت شهادة الزور أثناء تحقيق في جناية، أو إذا استعملت هذه الشهادة أمام القضاء وكانت الدعوى تتعلق بفعل يُشكِّل جريمة من النوع الجنائي، فإن العقوبة تكون الأشغال المؤقتة، وفقاً لنص المادة (2/214) من قانون العقوبات الأردني. ولم يحدد المشرع الأردني الحد الأدنى للعقوبة في النص المذكور. وبالرجوع إلى القواعد العامة التي تحكم قانون العقوبات، يُستفاد من ذلك أن الحد الأدنى للعقوبة هو ثلاث سنوات، بينما الحد الأعلى محدد بـ عشر سنوات.[8]نص المادة 20 /2 من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة  1960 ” 2. اذا لم يرد في هذا القانون نص خاص ، كان الحد الأدنى … Continue reading
  • في حال تسببت شهادة الزور في الحكم على أحد بالإعدام أو بأي عقوبة مؤبدة، يكون الحد الأدنى لعقوبة الأشغال المؤقتة عشر سنوات. وبالرجوع إلى القواعد العامة، نجد أن الحد الأعلى لهذه العقوبة يكون عشرين سنة. [9]نص المادة (20 /2) من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 . انظر المرجع السابق

واما في حاله التكرار :

فان المشرع لم يورد نصاً خاصاً في ذلك وعليه فانه يرجع في تطبيق العقوبة الى القواعد العامة المذكورة في القسم الثاني الفصل الثالث من قانون العقوبات. [10]نصوص المواد من 101 الى 104 في قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960. المادة 101 : من حكم عليه بإحدى العقوبات الجنائية حكما … Continue reading

واما عن الظروف المخففة:

إذا وقعت شهادة الزور دون أن يؤدي الشاهد اليمين القانونية، يُفترض في هذه الحالة أن شهادة الشاهد مقبولة وأنه أدلى بأقواله بغير وجه قانوني. ويعود ذلك إلى تقصير المحكمة التي كان يجب عليها تحليفه اليمين، ولكن ذلك لم يحدث لأي سبب، مثل سهو المحكمة أو وقوعها في خطأ، كأن تعتقد خلافاً للحقيقة بعدم جواز تحليفه اليمين مع أنه كان يجب القيام بذلك.[11]الدكتور كامل السعيد مرجع سابق صفحة 292.

وعلاوة على ذلك، فقد أورد المشرع نصاً خاصاً في قانون العقوبات يتعلق بمن يُحرِّض على شهادة الزور، حيث نص على تخفيض العقوبة إلى النصف مقارنة بالعقوبة المفروضة على مرتكب الجريمة.[12]نص المادة 217 من قانون العقوبات الأردني لسنة 1960 . ” يخفض نصف العقوبة عن الشخص الذي اديت شهادة الزور بتحريض … Continue reading

الإعفاء من العقوبة:

يُلاحظ أن المشرع الأردني قد أضاف حالة خاصة تتعلق بالإعفاء من عقوبة شهادة الزور، وفق نص المادة (216) من قانون العقوبات الأردني، التي نصّت على ما يلي:

“1 ـ يعفى من العقوبة: أ. الشاهد الذي يحتمل ان يتعرض – اذا قال الحقيقة – لضرر فاحش له مساس بحريته او شرفه او يعرض لهذا الضرر الفاحش زوجه ولو طالقا، او احد اصوله او فروعه او اخوته او اخوانه او اصهاره من الدرجات ذاتها. ب. الشخص الذي افضى امام المحكمة باسمه وكنيته وشهرته ولم يكن من الواجب استماعه كشاهد او كان من الواجب ان ينبه الى ان له ان يمتنع عن اداء الشهادة اذا شاء. 2ــوفي الحالتين السابقتين اذا عرضت شهادة الزور شخصا آخر لملاحقة قانونية او لحكم خفضت العقوبة من النصف الى الثلثين.”

يُستفاد من نص المادة المذكورة أن الشاهد لكي يستفيد من حالتي الإعفاء المذكورتين، يشترط ألا يترتب على شهادته في الحالتين السابقتين أي ملاحقة قانونية لشخص آخر أو صدور حكم ضده.

 

بقلم المحامي: باسل عيد المومني

 

مواضيع أخرى ذات علاقة:

المصادر والمراجع

المصادر والمراجع
1 الباب الثالث من قانون البينات الأردني من نص المادة 28 الى 39.
2 المواد الذي تم تفصيل فيها كيفيه جواز الشهادة في المسائل الجزائية هي من نص المادة 153 الى 158 من الأصول المحاكمات الجزائية
3 الدكتور مامون سلامه الاجراءات الجنائية في القانون المصري صفحه 1119 مطبعه القاهرة سنه 1997
4 الدكتور عبد الرزاق السنهوري، الوجيز في شرح القانون المدني، دار النهضة العربية، القاهرة، 1966
5 الدكتور كامل السعيد شرح قانون العقوبات الأردني الجرائم المضرة بالمصلحة العامة دراسة تحليليه مقارنه 1997 صفحه 280.
6 الحكم رقم 566 لسنة 2009 محكمة التميز بصفتها الجزائية.
7 عبدالباقي، مصطفى حسين محمود. “جريمة شهادة الزور في قانون العقوبات الأردني النافذ في الضفة الغربية وقانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني .”  صفحة 24 بحث منشور في مجلة الحقوق جامعة الكويت سنة 2021.
8 نص المادة 20 /2 من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة  1960 ” 2. اذا لم يرد في هذا القانون نص خاص ، كان الحد الأدنى للحكم بالأشغال المؤقتة والاعتقال المؤقت ثلاث سنوات ، والحد الأعلى عشرين سنة.”
9 نص المادة (20 /2) من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 . انظر المرجع السابق
10 نصوص المواد من 101 الى 104 في قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960. المادة 101 : من حكم عليه بإحدى العقوبات الجنائية حكما مبرما ثم ارتكب في أثناء مدة عقوبته أو في خلال عشر سنوات بعد أن قضاها أو بعد سقوطها عنه بأحد الأسباب القانونية :- 1- جناية تستلزم عقوبة الأشغال المؤقتة أو الاعتقال المؤقت يضاف إلى مدة العقوبة التي تستلزمها جريمته الثانية مقدار نصفها في حالة التكرار الأولى وفي أي حالة تكرار بعد ذلك يضاف إليها مثلها. 2- جنحة تستلزم عقوبة الحبس يضاف إلى مدة العقوبة التي تستلزمها جريمته الثانية مقدار نصفها في حالة التكرار الأولى وفي أي حالة تكرار بعد ذلك يضاف إليها مثلها. المادة 102: من حكم عليه بالحبس حكما مبرما ثم ارتكب قبل انفاذ هذه العقوبة فيه او في اثناء مدة عقوبته او في خلال ثلاث سنوات بعد ان قضاها او بعد سقوطها عنه باحد الاسباب القانونية – جنحة مماثلة للجنحة الاولى – حكم عليه بمدة لا تتجاوز ضعف العقوبة التي تستلزمها جريمته الثانية ، على ان لا يتجاوز هذا التضعيف خمس سنوات. المادة 103 : تعتبر الجرائم الاتية جنحاً مماثلة لغايات التكرار المنصوص عليه في المادة السابقة : 1. الجنح المقصودة المنصوص عليها في الفصل الواحد من هذا القانون . 2. الجنح المخلة بالأخلاق والآداب العامة كما وردت في الباب السابع من هذا القانون . 3. الجنح المقصودة الواقعة على الانسان كما وردت جميعها في الباب الثامن من هذا القانون . 4. الجنح المقصودة الواقعة على الأموال كما وردت في الباب الحادي عشر من هذا القانون. المادة 104 : لا يعتبر الحكم السابق اساسا للتكرار ما لم يكن صادرا من محاكم مختصة.
11 الدكتور كامل السعيد مرجع سابق صفحة 292.
12 نص المادة 217 من قانون العقوبات الأردني لسنة 1960 . ” يخفض نصف العقوبة عن الشخص الذي اديت شهادة الزور بتحريض منه اذا كان الشاهد يعرضه حتما ، لو قال الحقيقة او يعرض احد اقاربه لضرر كالذي اوضحته الفقرة الاولى من المادة السابقة .”

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*
*

افتح المحادثة!
بحاجة لمساعدة !
مرحبا
كيف يمكننا مساعدتك !