Login

Lost your password?
Don't have an account? Sign Up

حق الشفعة وحق الأولوية مع التطبيقات القضائية

حق الشفعة وحق الأولوية مع التطبيقات القضائية

 

إن كل ما سنّه المشرع و ذُكر في نصوص القانون أتى لحماية حقٍ ما ولتحقيق غايةٍ شخصية أو مجتمعية تعود بالنفع على أيٍ منهما، وإن الاستثناء الذي يخالف الأصل وراءه ثغرات لم يتركها القانون تُسبب الضرر لصاحبها دونما ضبط، ومن هذا المنطلق نُظم في نصوص القانون حق استثنائي مخالف لمبدأ حرية التعاقد بدافع حماية الجار من سوء الجوار وهو ما يسمى بحق الشفعة والأولوية الذي يفرض قيداً على حرية التصرف والتملك لدفع مضار الجوار غير المألوف من خلال إعطاء الشفيع الحق في أخذ العقار المشفوع به جبراً عن المشتري بما قام به من الثمن والنفقات. وفي هذا المقال سيتم التطرق الى حقي الشفعة والأولوية بشيءٍ من التفصيل والمرور سريعاً على أبرز الإجراءات العملية فيهما.

أولاً – التنظيم القانوني لحق الشفعة والأولوية:

ابتداءً يجب الإشارة الى أن أحكام الشفعة والأولوية لا تنطبق الا على الأراضي التي تمت عليها أعمال التسوية وفقاً لقانون تسوية الأراضي والمياه رقم (40) لسنة1952 ولا مجال لتطبيق هذه الأحكام على الأراضي غير المشمولة بأعمال التسوية.

وقد نُظمت الأحكام القانونية التي عالجت حق الشفعة في مجلة الأحكام العدلية، بينما حق الأولوية نظم أحكامها قانون الأراضي العثماني رقم 1858م، وكلاهما نُظما في القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة رقم (51) لسنة 1958 المعدل بالقانون المؤقت رقم (98) لسنة1966 في المادة الثانية منه.

ثانياً- الفرق ما بين حق الشفعة والأولوية:

رغم التشابه في الإجراءات وفي اعتبار كلاهما حق مقيد للتصرف يُكسب الملكية في العقارات المسجلة إلا أن هناك العديد من الاختلافات فيما بينهما سنتطرق لذكرها.

  • إن حق الشفعة يثبت في الأراضي الملك التي تقع ضمن حدود البلديات أما حق الأولوية فيثبت في الأراضي الأميرية العائد ملكيتها للدولة والتي تقع خارج حدود البلديات وفي هذا جاء حكم لمحكمة التمييز رقم 7878 لسنة 2019 “ان الأرض هي من نوع الملك فلا يطبق عليها احكام الأولوية” وهذه من أهم النقاط لتكييف الدعوى عند إقامتها، وهنا يجب الاستناد إلى أحكام قانون تحويل الأراضي من ميري إلى ملك لسنة 1953م لتحديد نوع الأرض ابتداءً. وهنا أشير بأن معيار تحديد نوع الأرض ما إذا كانت ملك أم ميري ليس بما هو مدوّن على سند التسجيل الخاص بالعقار انما لمشروحات الجهة التنظيمية الصادرة عن البلديات على اعتبار أن دائرة التسجيل والمساحة هي جهة تنفيذية تقوم بإجراءات إدارية لتنفيذ مضمون قرار التحويل، فالعبرة لما ورد بالنص القانوني وليس بوقت التنفيذ.
  • أن حق الشفعة ينشأ 1-للشريك في الأرض 2-للخليط 3- للجار الملاصق على الترتيب بينما في حق الأولوية ينشأ بدلاً من الأخير للمحتاج من أهل القرية التي يقع في نطاقها العقار.
  • إن طلب حق الشفعة يكون بما قام على المشتري من الثمن والنفقات والمقصود بالثمن هو الثمن الكامل المسمى المذكور في عقد البيع الرسمي ما لم يطعن بصوريته، بينما في حق الأولوية يكتسب طالبها حق التصرف في الأراضي المبيعة ببدل المثل اَي بما يساوي ثمنها وقت الطلب والذي يُحدد من قِبل خبير مختص يقدر قيمته وجاء في نص المادة 41 من قانون الاراضي العثماني (ليس للشخص المتصرف بارض مشتركة ان يتفرع عن حصته مجانا ولا ببدل بدون اذن خليطه وشريكه ولا فلذلك للشريك صلاحية بان يأخذ تلك الحصة من الشخص الذي اخذها ببدل المثل حين الطلب). وفي هذا الخصوص جاء في حكم محكمة استئناف رام الله رقم 69 لسنة 2016 ان حق طالب الشفعة يكون بالثمن المسمى بعد البيع وانه في طلب الاولوية يكون بثمن المثل.
  • إن حق الشفعة ينشأ بالبيع بينما الأولوية تنشأ بالهبة إلى جانب البيع حيث أنه يكسب حق التصرف أو الانتفاع على خلاف الشفعة التي تُكسب الملكية.
  • إن حق الشفعة لا يُورث إلا إذا صدر حكم قضائي بها بينما حق الأولوية فأنه حق يورث بأي مرحلة كانت عليها الدعوى.

ثالثاً- الشركاء في عقار:

يحق لأحد الشركاء في عقار طلب التملك بالشفعة بشرط أن تبقى صفة الشراكة قائمة قبل البيع واثناءه وبعده أي بمعنى اذا قام احد الشركاء ببيع حصته لأجنبي وقام من كان شريكا معه ببيع حصته فلا يحق للبائع الأول طلب الشفعة كونه بعد البيع لم تكن له صفة الشراكة وهذا ما ينطبق في حال تملك المشتري الجديد عقار بالشراكة مع اخرين وباع احدهم ما يملكه في ذات العقار فلا يحق للشريك الجديد (الشريك اللاحق للبيع) حق الشفعة كونه لم يكن شريكا قبل البيع وفي هذا القول جاء في قرار محكمة نقض رام الله رقم 1859 لسنة 2019  لما كان المستقر عليه فقهاً وقضاءً أنه يتوجب على طلب الشفعة أو الأولوية بسبب الشراكة على الشيوع ، أن يكون الشفيع مالكاً لحصصه المشاعية قبل البيع وأثناءه وبعده ، وأن تكون ملكيته لهذه الحصص المشاعية نهائية ، وأن تبقى كذلك بتملك العقار المشفوع بالقضاء أو الرضا ، فإذا زالت ملكيته قبل ذلك سقط حقه في الشفعة .

رابعاً- متى ينشأ حق الشفعة والأولوية؟

لا ينشأ حق الشفعة والأولوية الا بعد عقد البيع أو الفراغ القطعي وان التنازل عن حق الشفعة أو الأولوية قبل البيع لا اثر له انما التنازل الذي يعتد به هو التنازل سواء كان صريحا ام ضمنيا  بعد الفراغ الرسمي الناقل للملكية، وفي هذا الصدد جاء في قرار محكمة استئناف القدس حقوق رقم 175 لسنة 2018 انه “ومن المتفق عليه فقهاً واجتهاداً ان الاولوية لا تثبت الا بعد الفراغ الرسمي وان حق طلب الاولوية لا ينشأ الا بعد عقد البيع والفراغ الرسمي الناقل للملكية وان عرض المبيع على طالب الاولوية قبل عقد البيع المطلوب بشأنه الاولوية واستنكاف هذا الاخير عن الشراء لا يسقط حق الاولوية لأنه لا تنازل عن حق لا وجود”.

خامساً- أجل المطالبة بحق الشفعة والأولوية :

لا يثبت حق الشفعة والأولوية الا بعقد البيع البات الصحيح حسبما ورد في نص المادة (1021) من مجلة الأحكام العدلية، وتأكيداً لما سبق جاء في الفقرة (أ) من البند الأول من المادة الثانية من قانون رقم(51) لسنة1958 المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة والتي جاء في نصها “لا يمارس حق الأولوية أو الشفعة بمقتضى أي من المواد المذكورة أعلاه من جانب أي شخص بعد مرور ستة أشهر على تاريخ الفراغ القطعي أو البيع في دوائر التسجيل”.

ان أجل المطالبة بحق الشفعة والأولوية خلال 6 أشهر من تاريخ البيع  أو الفراغ القطعي في دوائر التسجيل حسبما ورد في نص القانون أعلاه، ولا يعتد بأي إجراء سابق وتمهيدي على الفراغ النهائي وتبدأ مدة رفع دعوى الشفعة من اليوم التالي لوقوع الفراغ حسبما هو مقرر في بدء حساب المواعيد بحيث لا يحسب من الميعاد اليوم الأول، كما وأن هناك مدة أخرى خاصة بالشفعة قُدرت بشهر من تاريخ العلم اليقيني بالبيع ذكرت في مجلة الأحكام العدلية المادة (1034) والعلم اليقيني هو العلم بعقد البيع اَي العلم بإسم المشتري والبائع وتفاصيل البيع ومقدار الثمن، وفي ذلك جاء في حكم محكمة استئناف رام الله رقم 564 لسنة2019 أنه العلم المعتبر بالبيع يكون بتفاصيل عقد البيع من حيث اسم المشتري والثمن المسمى وتاريخ العقد  واسم البائع ونوع الأرض والحصص.

سادساً- خصائص الشفعة والأولوية:

1-عدم قابليته للتجزئة:

يجب على الشفيع أن يطلب الشفعة في كل العقار بحيث أنه لا يجوز له أن يطالب بالشفعة في بعض المبيع دون البعض الآخر.

2-قابليته للإرث:

تم ذكرها سابقاً من بين الفروق بين كلا حقي الشفعة والأولوية بحيث أن الشفعة لا تورث الا إذا صدر حكم نهائي من المحكمة بالتمليك وجاء في ذلك نص المادة 1083″ لو مات الشفيع بعد طلب المواثبة وطلب التقرير وقبل أن يكون مالكاً للمشفوع بتسليمه بالتراضي مع المشتري أو بحكم الحاكم لم ينتقل حق الشفعة إلى ورثته”.

بينما حق الأولوية ينتقل الى الورثة سواء قبل أو بعد صدور حكم قضائي فيه.

سابعاً- البيوعات التي لا تجوز فيها الشفعة:

  • إذا حصل البيع أو الفراغ بين الأصول والفروع أو الزوجين أو الأقارب حتى الدرجة الرابعة أو بين الأصهار حتى الدرجة الثانية.
  • إذا حصل البيع أو الفراغ بالمزاد العلني.
  • إذا كان البيع أو الفراغ يجعل من العقار محل عبادة، أو ملحق بمحل العبادة.
  • تملك الدولة العقار للمصلحة العامة.

ثامناً- شروط طلب حق الشفعة:

  1. ان يكون المبيع عقاراً.
  2. ان كون هناك بدل فلا شفعة بعقار انتقل من خلال الإرث أو الوصية.
  3. ان لا يتوافر رضى الشفيع بعقد البيع صراحة او دلالة.

تاسعاً- أبرز إجراءات إقامة دعوى الشفعة والأولوية:

  • بدايةً يتم تقديم طلب الى رئيس المحكمة التي يقع ضمنها العقار المطلوب تملكه بالشفعة لمخاطبة دائرة تسجيل الأراضي للحصول على صورة عن سند التسجيل الخاص بالأرض المشفوع بها وصورة عن عقد البيع وطلب البيع
  • ويقدم المدعي في حق الشفعة ما يضمن للمشتري حقه عن صدور حكم بالتملك بالشفعة فإما يقدم شيك بنكي مصدق أو كفالة بنكية أو الثمن المسمى بالعقد يتم إيداع أي منهم لدى صندوق المحكمة.

وفي هذا القول ذكرت نص المادة 2/1/ب من القانون رقم 51 لسنة 1958 المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة والذي جاء فيه “على مدعي الشفعة والأولوية عند تقديم دعواه أن يودع صندوق المحكمة الثمن المذكور في عقد البيع أو أن يقدم كفالة مصرفية بمقداره وفي حال الادعاء بأن الثمن المذكور في العقد يزيد عن الثمن على الثمن الحقيقي أو بدل المثل فعلى المحكمة تقدير المبلغ الواجب إيداعه أو تقديم الكفالة به على ألا يؤثر ذلك في حقه في استرداد ما زاد عن الثمن الحقيقي أو بدل المثل المقدر”.

وماذا لو أن ثمن المثل في دعاوى الأولوية كان يزيد بعد تقديره من قبل ذوي الاختصاص عن الثمن المودع في صندوق المحكمة؟

جاء في قرار محكمة استئناف رام الله رقم 69/2019 بأنه يجب على المدعي في حق الشفعة أن يودع لدى صندوق المحكمة المبلغ المتبقي خلال خمسة عشر يوم من تاريخ اكتساب الحكم الدرجة القطعية وإلا سقط حقه في تنفيذ الحكم وذلك استنادا لما جاء في الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة رقم 51 لسنة 1958م.

تقديم البيّنات اللازمة التي تؤيد أحقية الشفيع في المطالبة بحيث يقدم سند التسجيل ليثبت الملكية وعقد البيع يبيّن اسم المشتري والبائع (المدعى عليهما في دعوى الشفعة) وثمن المبيع وتاريخ التسجيل، والكشف والخبرة في حال دعوى الأولوية ووصول مقبوضات تشعر بإيداع الثمن في صندوق المحكمة، وغيرها من البيّنات حسب حيثيات الدعوى.

عاشراً- اختصاص المحكمة في دعوى الشفعة والأولوية وتنفيذ الحكم الصادر فيها:

ابتداءً فيما يتعلق باختصاص المحكمة التي تفصل في هذا النوع من الدعاوى فإنه ينعقد للمحكمة التي يقع ضمن نطاق اختصاصها العقار موضوع الدعوى وتنظرها محكمة البداية أو الصلح بحسب قيمتها وفقا لقواعد الاختصاص القيمي.

كما أن الحكم الصادر في دعوى الشفعة يجب أن يتم تنفيذه من قبل الشفيع خلال 3 أشهر من تاريخ اكتساب الحكم الدرجة القطعية وإلا أُعتبر الحكم كأن لم يكن ولا يجوز رفع دعوى للمطالبة بها مرة أخرى.

الحادي عشر- سقوط حق الشفعة:

يسقط حق الشفيع في المطالبة بحق الشفعة إذا قبل صراحة أو دلالة في البيع الحاصل ويكون القبول الضمني ما اذا قام الشفيع بشراء العقار من المشتري او استئجاره منه فبذلك يعتبر تنازلا عن حق الشفعة ولا يجوز له المطالبة بها بعد ذلك.

مرفق حكم محكمة تمييز اردنية فيما يخص التنازل عن حق الشفعة:

جاء في حكم محكمة التمييز الأردنية رقم 328 لسنة 1982 ” أن التنازل عن حق الشفعة اما أن يكون صريحا ً أو بإظهار  الشفيع رغبته في عدم الأخذ بالشفعة أما أن يكون عن طريق الدلالة بأن يوجد من الشفيع ما يدل على رضاه بعقد كما علم بالشراء فساوم المشتري على العقار المشفوع او استأجره منه وانعقد اجتماع الفقهاء على أنه عندما يكون اسقاط حق الشفعة صريحا ً بعد وقوع البيع الرسمي فإن هذا الحق يسقط سواء كان الشفيع قد علم بعناصر عقد البيع الرسمي من حيث مقدار الثمن ومقدار المبيع أو لم يعلم لأن الشفعة هي حق خالص للشفيع فيملك التصرف فيه استيفاء واسقاط أما اذا كان التنازل عن الشفعة قد وقع عن طريق الدلالة فإن حق الشفيع لا يسقط الا بالعلم بمقدار المبيع وبالثمن وبالمشتري وذلك لأن الدلالة في هذا الصدد هي دلالة الرضى بالبيع والرضى بالشيء بدون العلم به محال وان مباركة الشفيع  للمشتري هي  في حقيقتها اظهار الرغبى في عدم الاخذ بالشفعة بالمعنى المتقدم ذكره ويعد اسقاطا ً صريحا ً لحق الشفعة سواء علم الشفيع بمقدار المبيع والمثمن أم لا”

وهذا ما جاء في نصوص مجلة الأحكام العدلية في المادة 1024 “يشترط ألا يكون للشفيع رضى فِي عقد البيع الواقع صراحة او دلالة مثلا اذا سمع عقد البيع وقال هو مناسب يسقط حق شفعته وليس له ان طلب الشفعة بعد ذلك وكذا اذا أراد ان يشتري أو يستأجر العقار المشفوع من المشتري بعد سماعه بعقد البيع يسقط حق شفعته وكذلك اذا كان وكيلا للبائع فليس له حق شفعته في العقار الذي باعه”.

والله وليّ التوفيق

بقلم المحامية: فرح ياسر خلف

 

مواضيع أخرى ذات علاقة:

One comment

  1. Pingback: وضع الأراضي في فلسطين خلال الحقب الزمنية المختلفة - موسوعة ودق القانونية

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*
*

افتح المحادثة!
بحاجة لمساعدة !
مرحبا
كيف يمكننا مساعدتك !