خيار الرؤية في العقود
خيار الرؤية في العقود
الخيارات التي تشوب لزوم العقد هي الخيارات التي تجعل أحد الأطراف قادراً على الفسخ لوحده دون الرجوع للطرف الآخر بإستعمال هذه الخيارات، وهي: خيار الرؤية، خيار الشرط،، خيار التعيين، خيار العيب. ولولا هذه الخيارات لضاعت حقوق كثير من الناس وما كان أمامهم خيار بأن يأخذوا حقوقهم التي كانت على وشك الهلاك ولكن مع هذه الخيارات أصبح بإمكان الشخص فسخ العقد وهو ضامِنٌ لحقه، وفي هذا المقال جاء توضيح مفصل لأحد هذه الخيارات وهو خيار الرؤية.
أولاً – مفهوم خيار الرؤية:
هو حق يكون للمشتري حيث يصبح بإمكانه أن يفسخ العقد أو يجيزه عند رؤية العقد ولكن بشرط أن لا يكون قد رآه من قبل وهو خيار يوضع لمصلحة المشتري حتى لا يضيع حقه “أي انه إذا كان المشتري لم يَرى السلعة من قبل أو لم يعلم بالصفات التي تعوض عن الرؤية يكون له حق فسخ العقد وذلك حسب خيار الرؤية”، حيث يمنح المشتري قراره النهائي بعد رؤية السلعة بأن يجيز العقد ويستمر به أو يقوم بفسخه وكأنه شيئاً لم يكن، وبمعنى اّخر، هو عبارة عن رخصة تثبت للمشتري الذي قام بشراء شيء معين ولم يره من قبل أو وقت البيع حيث يكون له الحق إما أن يأخذ الشيء أو يرده للبائع.
ونلاحظ من خلال ما سبق ذكره أن خيار الرؤية لا يوجد له وقت لثبوته أي طالما المشتري لم يَرى هذه السلعة يكون له حق خيار الرؤية والذي من خلاله يستطيع فسخ العقد. بالإضافة إلى ذلك فقد ورد بنص المادة (320) من مجلة الأحكام العدلية انه “من اشترى شيئاً ولم يره كان له الخيار حتى يراه فإذا رآه إن شاء قبله وإن شاء فسخ البيع”. وهذا هو ما يعرف بمفهوم خيار الرؤية.
ثانياً – شروط خيار الرؤية:
- أن يكون العقد محتملاً للفسخ: لأنه لا يمكن إرجاع الحال لما كان عليه قبل التعاقد في بعض العقود مثل: عقد الزواج وبمعنى أخر أن يتم إرجاع الشيء لما كان عليه قبل العقد أي يمكن فسخه، ومن الضروري لقيام خيار الرؤية أن يرد على عقد يقبل الإنحلال بالفسخ أي أنه غير ملزم لأحد طرفيه ويجب أن يكون كل من البدلين مضموناً بما يقابله ليتيسر رده وإن ذلك لا يؤدي إلى فسخ العقد حيث يبقى العقد قائماً كما أن مورد خيار الرؤية هو العقد الغير ملزم فلا بد من الإشارة إلى أن ذلك لا يعتبر قاعدة عامة فالعقد الذي لا يلزم كلا الطرفين كعقد الوكالة الذي يصدر من المتعاقدين فيها كاملاً إذ يمكن فسخ العقد بإرادته المنفردة أما في خيار الرؤية لا يلزم أحد المتعاقدين لتعلقه بإستعمال الخيار وإن قيام الخيار مرهون برؤية المعقود عليه بعد العقد، ومن الأمثلة عليه: عقد البيع.
- أن يوضع هذا الخيار لمصلحة المشتري: وأن يكون هذا الخيار للمشتري بأن يكون متملكاً وليس مالكاً، وهو ما ورد في نص المادة (322) من مجلة الأحكام العدلية “لا خيار للبائع ولو كان لم يرَ المبيع مثلاً لو باع رجل مالاً دخل في ملكه بالإرث وكان لم يره انعقد البيع بلا خيار للبائع”.
- أن لا يرى المشتري الشيء وقت التعاقد: حتى لو وصف له مثل: العقود الإلكترونية، ويجب حتى يتوفر شرط خيار الرؤية أن لا يرى المشتري الشيء من قبل وحتى لو رأى الشيء من قبل وعند شراء الشيء كان قد تغير على صفاته أو شكله يكون للمشتري حق خيار الرؤية وهو ما ورد في نص المادة (323) من مجلة الأحكام العدلية، ويجب أن يكوم الشيء المعقود عليه غائباً عن نظر المتعاقد في وقت العقد أو قبله، وهنا لاشك من أن المعقود عليه وإن كان مرئياً للمتعاقدين فإن ذلك يؤدي إلى تحقيق الرضا وإن تحقق الرضا يقوم بنفي الحاجة لثبوت خيار الرؤية لانعدام المصلحة وعلى العكس من ذلك فإن رضا المتعاقدين إذا انتفت رؤية المعقود عليه وإن تم وصفه لا يكتمل وهنا تقتضي الضرورة قيام الخيار وثبوته للمتعاقد الذي لم يرَ المعقود عليه في وقت العقد يعد سبباً في ثبوت الخيار فإن رؤية المعقود عليه هي الشرط لثبوته.
- أن يكون الشيء مما يتعين بالتعيين: بمعنى أن يكون من الأشياء القيمة أي التي تختلف عن بعضها، لأنه في الأشياء المثلية لا يوجد خيار الرؤية أصلاً. والمثليات: هي كل شيء يقاس على اعتبار العدد أو الوزن أو غيرها ولا يقاس بالتعيين.
والشيء المعين بالتعيين يمكن أن نصفه بما يميزه عن غيره وبالتالي المال المعين بالتعيين يمكن رده لأجل ذلك نستطيع فسخه، والأموال العينة بالذات: هي الأموال التي تكون معمل الرؤية لأن التعيين يعطي العقد بالفسخ، والفسخ يرد على ما يتملك بالعقد وليس ما يتملك بالقبض، وحسب ما اتفق الفقهاء ورد أنه إذا تحقق هذا الشرط ثبت الخيار لأحد المتعاقدين أو كليهما بحسب المعاملة.
ثالثاً – الحالات التي يسقط فيها حق خيار الرؤية:
- رؤية المبيع قبل الشراء، كأن أقوم برؤية الشيء وبعد ذلك أطالب بحق الرؤية في هذه الحالة لا يحق لي.
- اقرار المشتري بانه قد رأى المبيع، وفي هاي الحالة لا يحق له الإرجاع بحجة خيار الرؤية.
- وصف الشيء وصفاً يعوض من الرؤية وخاصةً لذوي الاحتياجات الخاصة مثل الأعمى،…..وهو ما نصت عليه مجلة الأحكام العدلية في نص المادة 330
- موت المشتري لأن خيار الرؤية لا يورث وهو ما ورد ذكره في نص المادة 321 من مجلة الأحكام العدلية والمادة 187 من القانون المدني الأردني، حيث أنه إذا مات الوالد وكان قد اشترى سيارة ولم يراها وقبل تسليم السيارة مات الوالد لا يحق للورثة المطالبة بخيار الرؤية لأنه هذا الخيار لا يورث وإنما يكون البيع لازم.
- تصرف المبيع بالمشتري قبل رؤيته وهو ما نصت عليه مجلة الأحكام العدلية في نص المادة 335، كأن يقوم شخص بشراء دراجة هوائية وقبل رؤيتها قام ببيعها لأخيه في هذه الحالة سقط خيار الرؤية بالنسبة للشخص البائع ولكن لم يسقط من قبل المشتري وهو أخوه للبائع.
- تعيب المبيع أو هلاكه بعد القبض كان أقوم بشراء بضاعة وكانت بحالة جيدة ولكن بعد استلامها تعرضت للعيب وهي في حيازتي هنا يسقط خيار الرؤية.
رابعاً – مشروعية خيار الرؤية:
أجاز الحنفية خيار الرؤية في شراء السلع التي لم يراها المشتري وله الخيار بعد رؤية السلع إما أن يجيز العقد ويأخذ المبيع أو يقوم بفسخ العقد ورد المبيع إلى البائع. واستدلوا أيضاً على خيار الرؤية بقول الرسول (صلى الله عليه وسلم ): “من اشترى شيئاً لم يره فهو بالخيار إذا رآه”.
بقلم الحقوقية: رفا هارون مسلم
مواضيع أخرى ذات علاقة:
Pingback: خيار العيب في العقود - موسوعة ودق القانونية