Login

Lost your password?
Don't have an account? Sign Up

الامتداد القانوني لعقد الإيجار في النظام السعودي مقارنة بما قرره الفقه الإسلامي

الامتـداد القـانوني لعقـد الإيجـار في النظـام السعـودي

مقارنـة بما قـرره الفقـه الإسـلامي

(بقلم المستشار القانوني: أحمد إبراهيم محمد)

 

عقد الإيجار من عقود المنفعة، تحكمه القواعد العامة للعقود بشكل عام إضافةً للقواعد الخاصة بعقد الإيجار المنصوص عليها في نظام المعاملات المدنية السعودي، وقد نصت المادة (407) منه على أن الإيجار عقد يُمَكِّنُ بمقتضاه المؤجر المستأجر من الانتفاع مدةً معينةً بشيءٍ غير قابل للاستهلاك مقابل أجرةٍ.

والأصل أنه عند انقضاء مدة عقد الإيجار ولم يتم تجديده؛ يتعين على المستأجر رد المأجور إلى المؤجر بالحالة التي تسلمه بها، وأما إذا أبقاه تحت يده دون حق كان ملزماً بأن يدفع للمؤجر أجر المثل مع ضمان الضرر، كذلك إذا استعمل المستأجر المأجور بدون حق بعد انقضاء مدة الإيجار يلزمه أجر المثل عن مدة الاستعمال ويضمن للمؤجر فوق ذلك ما يطرأ على المأجور من ضرر، وأما إذا ما انتهى عقد الإيجار وبقي المستأجر منتفعاً بالمأجور برضى المؤجر الصريح أو الضمني اعتبر العقد مجدداً بشروطه الأولى.

إلا أن المنظم السعودي في نظام المعاملات المدنية تدخل لحماية المستأجر ووضع نصوصًا تضمن خروجًا على القواعد العامة للعقود، حيث أعطى المستأجر الحق في الاستمرار في إشغال المأجور بعد انتهاء مدة إجارته العقدية بالرغم من كل اتفاق مخالف حيث نصت المادة (415) من نظام المعاملات المدنية على أنه: “إذا انقضت مدة الإيجار وثبت وجود ضرورة ملحة لامتدادها فإنها تمتد بقدر تلك الضرورة على أن يؤدي المستأجر أجرة المثل عن هذه المدة، ما لم يتفق على خلاف ذلك”.

ووفق ذلك فقد نص النظام بشكل صريح على أنه إذا استمر المستأجر في إشغال العقار بموجب ذلك النظام بعد انتهاء مدة إجارته؛ فإن أحكام العقد وشروطه تبقى سارية على المالك والمستأجر وذلك بالقدر الذي يمكن تطبيق تلك الأحكام والشروط عليها، وهو ما يسمى بالامتداد القانوني لعقد الإيجار؛ إذ أن العقد يستمر والإيجار يمتد امتداداً قانونياً بحكم القانون وبالشروط السابقة إذا لم يتوافر سبب من أسباب إخلاء المأجور.

وفي الفقه الإسلامي يوجد مصطلح فقهي يطلق عليه “امتداد عقد الإجارة”، وعند البحث في التأصيل الفقهي لهذا المصطلح القانوني نجد أن الفقهاء قد تطرقوا إلى بعض المسائل التي تشبه الامتداد القانوني لعقد الإجارة؛ وذلك للضرورة الملحة، وقالوا أن الضرورة الملحة، أو عدم إتمام العمل في المدة المحددة يتطلب تمديد عقد الإجارة، على أن يعطى الأجير أجرة المثل، ومن الأمثلة في كتب الفقه على ذلك صراحة قول الكاساني: “ومنها انقضاء المدة– أي لانتهاء الإجارة- إلا لعذر؛ لأن الثابت إلى غاية ينتهي عند وجود الغاية، فتنفسخ الإجارة عند انتهاء المدة إلا إذا كان ثمة عذر بأن انقضت المدة وفي الأرض زرع لم يستحصد فإنه يترك إلى أن يستحصد بأجر المثل”[1]علاء الدين الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ط.1، شركة المطبوعات العلمية، مصر، 1328هـ، ج4، ص223.، أي بجواز امتداد عقد الإجارة إذا وجدت ضرورة ملحة، وعلى المستأجر دفع أجرة المثل للضرورة.

وورد في الكافي: “وهذا هو المشهور من مذهب مالك فيمن اكترى دابة بعينها إلى موضع معلوم فتعدى بها إلى أبعد من تلك المسافة أو أشق، وجاوز ما اتفقا عليه، أن ربها مخير في أن يأخذ من المعتدي المكتري الكراء المسمى، وله كراء مثله فيما تعدى فيه”[2]يوسف بن عبد الله بن عبد البر القرطبي، كتاب الكافي في فقه أهل المدينة المالكي، ط1، مكتبة الرياض الحديثة، … Continue reading.

ويقول الشيرازي: “لو اكترى داراً وترك فيها متاعاً وانقضت المدة لم يلزمه تفريغها إلا على حسب العادة… فإن اختار أن يقر الغراس في الأرض ويطالب المكتري بأجرة المثل، أجبر المكتري؛ لأنه كما لا يجوز الإضرار بالمكتري بالقلع من غير ضمان، لا يجوز الإضرار بالمكري بإبطال منفعة الأرض عليه من غير أجرة”[3]إبراهيم بن علي الشيرازي، المهذب في فقه الإمام الشافعي، ط2، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت، 1379ﻫ-1959م، ج1، … Continue reading.

وهذه الأمثلة تدل صراحة على جواز امتداد عقد الإجارة للضرورة الملحة، وبأنه لا مانع من امتداد عقد الإجارة حال وجود ضرورة ملحة، أو حال عدم اكتمال العمل في المدة المحددة، أو حال عدم نضوج الثمر، أو تأخر نضوجه، أو حال وجود ضرورة تمنع من الخروج من البيت المؤجر لحين انتهاء هذه الضرورة، وبمثل هذه الأمثلة السابقة أخذ نظام المعاملات المدنية السعودي.

ولقد بين الفقهاء أن الضرورة تقدر بقدرها، فلا يجـوز أن تتجاوز الحد المسموح به شرعا لإزالـة الضرورة، وقد عرّفت الضرورة بأنها: أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر أو المشقة الشديدة بحيث يخاف حدوث ضرر أو أذى بالنفس أو العضو أو العرض أو العقل أو بالمال وتوابعها، ويتعين أو يباح عندئذ ارتكاب الحرام، أو ترك الواجب، أو تأخيره عن وقته دفعاً للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع[4]الزحيلي، نظرية الضرورة الشرعية، ط.4، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1405هـ ص67-68..

وقد نصت المادة: (480) من مجلة الأحكام العدلية على أنه: لو استأجر زورقًا على مدة، وانقضت في أثناء الطريق تمتد الإجارة إلى الوصول إلى الساحل ويعطى المستأجر أجر مثل المدة الفاضلة.

وشرح ذلك أنه لو استأجر الفرد زورقًا على مدة وانتهت المدة أثناء الطريق، أي قبل أن يصل إلى الساحل، فالإجارة تمتد إلى الساحل، ولو كذلك ذلك مع عدم رضا صاحب الزورق، ورضا العاقدين وان كان شرطًا في العقد، لكن لم ينظر إلى ذلك للضرورة، ويعطى مقابل ذلك أجرة المثل.

بقلم المستشار القانوني: أحمد إبراهيم محمد

مراجع المقالة:

  • إبراهيم بن علي الشيرازي، المهذب في فقه الإمام الشافعي، ط2، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت، 1379ﻫ-1959م.
  • الزحيلي، نظرية الضرورة الشرعية، ط.4، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1405هـ.
  • علاء الدين الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ط.1، شركة المطبوعات العلمية، مصر، 1328هـ.
  • يوسف بن عبد الله بن عبد البر القرطبي، كتاب الكافي في فقه أهل المدينة المالكي، ط1، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، 1398ﻫ-1978م.
  • يوسف بن عبد الله بن عبد البر القرطبي، كتاب الكافي في فقه أهل المدينة المالكي، ط1، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، 1398ﻫ-1978م.
  • نظام المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/191) وتاريخ 229/11/1444هـ المواد (407) و (415).

 

مواضيع أخرى ذات علاقة:

المصادر والمراجع

المصادر والمراجع
1 علاء الدين الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ط.1، شركة المطبوعات العلمية، مصر، 1328هـ، ج4، ص223.
2 يوسف بن عبد الله بن عبد البر القرطبي، كتاب الكافي في فقه أهل المدينة المالكي، ط1، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، 1398ﻫ-1978م، ج2، ص750.
3 إبراهيم بن علي الشيرازي، المهذب في فقه الإمام الشافعي، ط2، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت، 1379ﻫ-1959م، ج1، ص411.
4 الزحيلي، نظرية الضرورة الشرعية، ط.4، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1405هـ ص67-68.

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*
*

افتح المحادثة!
بحاجة لمساعدة !
مرحبا
كيف يمكننا مساعدتك !