نشأة الوكالة الدورية وتعريفها لغةً واصطلاحاً
نشأة الوكالة الدورية وتعريفها لغةً واصطلاحاً
(بقلم المحامية: يسرى رياض يونس)
تُعدّ الوكالة الدورية من المفاهيم القانونية التي ظهرت استجابةً لحاجة الأفراد إلى تنظيم شؤونهم وتمكين الغير من القيام ببعض التصرفات نيابةً عنهم. وقد نشأت هذه الوكالة ضمن إطار تطور العلاقات القانونية والمعاملات المدنية، خصوصًا في ظل الحاجة إلى توثيق بعض التصرفات وتكرارها بشكل منتظم أو دائم. ويُعزى ظهورها إلى الاجتهادات الفقهية التي سعت إلى تكييف أحكام الوكالة بما ينسجم مع مصالح المتعاملين، ثم تبنتها التشريعات القانونية بصور مختلفة.
وسيتناول هذا المقال نشأة الوكالة الدورية من حيث الأصل التاريخي والفقهي، ثم ينتقل إلى تعريفها من الناحية اللغوية والاصطلاحية، كما ورد في كتب الفقه والنصوص القانونية، بهدف الوقوف على مفهومها الدقيق وتمييزها عن غيرها من صور الوكالة الأخرى.
أولاً- نشأة الوكالة الدورية غير القابلة للعزل
يكمن السبب الذي أدى الظهور الوكالة الدورية الى الوجود والواقع هو انتقال ملكية الاموال الغير المنقولة كون أن الاراضي كان يتم بيعها ونقل ملكيتها بين الناس وذلك بواسطه الاتفاقيات التي يتم تنظيمها بين الأطراف وذلك بحضور الشهود, والذي يعرف ب (حجة البيع)، وبعد أن قام قانون التسوية بحظر هذه المعاملات وذلك لتنظيمها خارج دائرة الأراضي هنا أصبحت البيوعات باطلة، وهذا الأجراء كان قد دعا إلى إيجاد استثناء عن القاعدة، وإجازة البيوع الخارجية وذلك في نوعاً محدداً من الأراضي، ويتمثل هذا النوع بتلك الاراضي الذي لم تتم أعمال التسوية عليها و كذلك أيضاً الأراضي التي تم استثنائها من أعمال التسوية وذلك داخل القرى ولكنه هنا فقد اشترط القانون لها عدة شروط والتي تتمثل:
- أن يكون البيع قد تم توثيقه بسند.
- يكون للمشتري الحق في التصرف وذلك بموجب السند مده 10 سنوات في الاراضي التي تعتبر أراضي أميريه و15 سنه في الأراضي[1]المادة 3 من القانون المعدل لقانون الأموال الغير المنقولة رقم 51 لسنه 1958 التي تصنيفها أراضي ملك.
- أن يقوم المشتري بالتصرف الفعلي خلال المدة المحددة.
وهذه الشروط كان قد تم تناولها من القانون المعدل لقانون الأموال غير المنقولة والذي يحمل الرقم51 لسنه 1958 وكان هذا ما قد أخذت به محكمه الاستئناف الفلسطينية حيث “إذا كانت الوكالة الدورية منظمة لغايات البيع بقصد الإعاشة فإنها لا تعدو أن تكون بيع خارجي لا يعتبر نافذا ما لم يقترن بتصرف المشتري تصرفاً فعلياً بالعقار مدة خمس عشر سنة في الأراضي الملك وعشر سنوات في الأراضي الأميرية.”[2]قرار محكمة الإستئناف الفلسطينية رقم 578\1998 الصادر بتاريخ 22\5\2000
فهذه الشروط كانت قد تم وضعها لكي تحافظ على الحقوق وكان هذا ما قد أكدت عليه الماه (11\أ)[3]المادة (11\أ) من القانون المعدل لأحكام الاموال الغير المنقولة رقم 51لسنه 1958”أ – الوكالات ببيع أو إفراغ أموال غير منقولة التي ينظمها أو يصدقها كتاب العدل داخل المملكة أو التي ينظمها أو يصدقها قناصل المملكة الأردنية الهاشمية والقناصل الذين لهم صلاحية مماثلة بموجب ترتيب خاص وكتاب العدل خارج المملكة الأردنية الهاشمية لتمكين الوكيل من بيع وفراغ أموال غير منقولة إلى شخص آخر لدى دوائر تسجيل الأراضي تعمل بها دوائر التسجيل خلال سنة واحدة من تاريخ تنظيمها أو تصديقها وتعتبر ملغاة إذا لم تنفذ أحكامها لدى الدوائر خلال المدة المذكورة.” أما المادة (11\ب)”الوكالات التي ينظمها أو يصدقها الموظفون المذكورون في الفقرة السابقة والمتضمنة بيع وفراغ الأموال غير المنقولة والمتعلق بها حق الغير كقبض الثمن واجبة التنفيذ في جميع الأحوال لدى دوائر التسجيل والمحاكم في خلال سنة واحدة من تاريخ تنظيمها أو تصديقها وكذلك الوكالات المنظمة أو المصدقة قبلاً واجبة التنفيذ خلال مدة سنة واحدة من تاريخ نفاذ هذا القانون سواء أعزل الموكل الوكيل أم توفي الموكل أو الوكيل وفي حالة وفاة الوكيل تقوم دائرة تسجيل الأراضي بإتمام معاملة البيع أو الفراغ وتكون دائرة التسجيل مسؤولة عنه”.
وبالتالي نجد هنا أن القانون كان قد أجاز بيع وكذلك فراغ الأموال غير المنقولة بموجب وكاله يتم تنظيمها وتصديقها أمام كاتب العدل وقد جاء القانون المدني الأردني ليؤكد على أن الوكالة الدورية يتعلق بها حق شخصي للغير وذلك في المادة 863[4]المادة 863 من القانون المدني الأردني من نصوص مواده.
ويترتب على ما تم تناوله أعلاه النقاط التالية:
- حصول البيع والاقرار بحصوله وكذلك قبض الثمن
- يجب أن يتم تحديد المشتري وكذلك تعلق حقه بالمبيع
- يجب تعيين المال غير المنقول ويشترط هنا أن يكون البائع يملك المبيع أي أنه مالكاً له عند وقوع البيع
- تنقطع العلاقة التي تربط البائع بالمبيع بمجرد تنظيم الوكالة ويكون ذلك من تاريخها
- لا يجوز الرجوع عن البيع أو إلغائه وكذلك لا يمكن عزل الوكيل.
- إن دوائر التسجيل تكون ملزمه بتسجيل هذا البيع في سجلاتها وكذلك ملزومه بتنفيذه وكذلك يجب على دوائر التسجيل اعطاء المشتري سند الملكية وكذلك الزام المحكمة بالتنفيذ عند حدوث أي نزاع.
في ما يتعلق بالثمن فقد اعتبرت محكمة الاستئناف رام الله وذلك في الحكم رقم 191 لسنة 1999 والتي جاء في نص حكمه “تعتبر الوكالة الدورية عقدا صوريا إذا أقر المشتري بموجب سند عدلي بأنه لم يدفع ثمن العقار موضوع تلك الوكالة “لذلك لا بد أن يتم دفع الثمن.
بما يتعلق بمده الوكالة الدورية فقد تم تعديلها لتصبح مدتها 5 سنوات[5]المادة 3 من القانون المعدل لقانون الاموال الغير المنقولة رقم 98 لسنه 1966 ثم بعد ذلك قد تم تعديلها بموجب الامر العسكري الاسرائيلي والذي يحمل الرقم(898) والذي كان قد نص على أن يتم تمديد المدة الخاصة بتقادم الوكالة الدورية وأصبحت خمس عشر عاما ً.[6]الامر العسكري الاسرائيلي رقم(898). وعليه نلاحظ أن المادة11 وذلك في الفقرة أ كانت قد تحدثت عن الوكالة العادية وموضوع الوكالة بيع وافراغ وكذلك في الفقرة (ب) أشار الى الوكالة الدورية الغير قابله للعزل 1958.
أما قي المواد(16-1-2) من قانون تسوية الأراضي والمياه أشارت الى أن أي تصرف من التصرفات التي تتم على أرض مسواة لا يمكن أن يكون صحيحاً الا في حال تم داخل دائرة تسجيل الأراضي وفي حال لم يتم داخلها هنا يكون التصرف باطلاً كما و أنه لا يرتب أي أثر قانوني.[7]المادة 16 من قانون تسويه الاراضي والمياه. وهذا معناه أن التصرفات والتي على رأسها عقد البيع هو من العقود الشكلية والتي هنا لا بدمن مراعاه الشكلية بها و كذلك يجب أن تتم أمام مأمور التسجيل. ويعتبر العقد لا يتم تنظيمه أمام دائرة التسجيل عقد باطل.
وفي فتره الخمسينات كانت الضفة الشرقية وكذلك الغربية شبه فارغه وفي هذه الفترة كانت وسائل المواصلات وكذلك طرق الاتصال شبه معروفه . والمقصود هنا الشخص الذي يرسل رساله من الضفة الشرقية الى الولايات كانت تحتاج الى ما يقارب السته أشهر وهنا فإن المشرع وبنظره الى المادة 16 هنا وجد بأن معظم الأراضي قد تم تسويتها و أن المادة 16كانت قد أشارت إلى أن أي تصرف قانوني يجب أن يتم أمام دائرة الاراضي. حيث كانت الاراضي في الضفة الشرقية بحاجه الى وقت طويل هنا رأى المشرع أنه يجب أن يتم إيجاد طريقة من شأنها التسهيل على الناس عمليه التسجيل الاراضي شرائها لأشخاص بحاجه الى سفر وترحا المادة11 كانت قد أشارت الى ان الوكالة الغير قابله للعزل حتى يحفظ المشتري هنا حقه فعتبرت هذه الفكرة في ذلك الوقت مناسبه جداً وكانت (تسمى بوكالة تيسير وتسهيل المهمة) وكانت أول مده في هذه المادة هي سنه واحده وذلك عام 1958 والمقصود هنا تنفيذها خلال سنه واحده وفي عام 1962تم تعديل القانون لتصبح سنتين وفي عام 1966 أصبحت مده تنفيذها 5 سنوات.[8]برقاوي, اسحاق, محاضرات 2022, جامعه النجاح الوطنية الا أنه في النصوص الاردنية فإن المدة لم تتجاوز الخمس سنوات. صدر الامر العسكري رقم (811) وجعل مدة تنفيذ الوكالة 10 سنوات ثم بعد ذلك صدر الامر العسكري رقم (847) وجعلها 15 سنه.
وفي حكم قضائي صادر النقض الفلسطينية ويحمل الرقم 1344 والصادر بتاريخ 31\1\2022 “وحيث ان القانون في المادة /11ب من القانون رقم 51 لسنة 1958 القانون المعدل لأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة قد اعتبر الوكالات من هذا النوع المتضمنة بيع وفراغ الأموال غير المنقولة والمتعلق بها حق الغير كقبض الثمن واجبة التنفيذ في جميع الأحوال لدى دائرة التسجيل والمحاكم خلال سنة واحدة من تاريخ تنظيمها ثم عدلت بتعديلات لاحقه الى مدة خمسة عشر سنة بمعنى ان البائع بموجب تلك الوكالات بمجرد توقيعه على هذه الوكالة واقراره بالبيع وقبض الثمن تكون قد غلت يده عن التصرف بهذه الأرض المباعة بأي تصرف يكون من شانه ان يؤثر على وجوبية تنفيذ هذه الوكالة كونه ترتب بموجبها حق للغير ألا وهو المشتري ولا يجوز للبائع أو خلفه الخاص او العام من المس بحقوق هذا الغير بوضع عوائق تحول دون وجوبية تنفيذها ووان قيام الطاعن الثاني بوكالته العامة عن البائعة هند ببيع هذه الحصص مرة ثانية لمشتري آخر ومن ثم قيامه بشراء هذه الحصص من المشتري الثاني ما هو إلا التفاف على الحق الثابت للمشتري بموجب الوكالة الدورية”.[9]راجع في ذلك حكم محكمه النقض الفلسطينية قرار رقم 1344\2018
في الوكالة الدورية لا يجوز عزل الوكيل من طرف واحد. ويترتب على الاخلال في الالتزام التعويض. وتعتبر الوكالة الغير قابله للعزل هي وكاله قابله للعزل.
مثال: الارض التي تم بيعها الى احد الاشخاص وقام البائع بتوكيل الغير لكي يقوم بتسجيلها له وذلك بموجب وكاله دوريه ثم في اليوم التالي قام البائع ببيع الارض لشخص اخر وكذلك قام بتسجيلها له امام دائرة التسجيل فهنا يأخذ بالتصرف الذي تم امام دائرة التسجيل ويكون هنا قد قام بعزل الوكيل وانهى الوكالة.
في حال تم اعطاء وكاله خاصه من أجل تسجيل أرض للمشتري وتم بيعها لشخص اخر وعزل الوكيل فإنه هنا يعتبر العقد باطل ويعيد الحال الى ما كان عليه قبل العقد لان الباطل لا يترتب عليه أثر.
وفي الحكم القضائي الصادر عن محكمة النقض الفلسطينية والتي رقمه 585 سنة2011، حيث بينت المحكمة في حكمها أن “إعطاء وكالة يتعلق بها حق الغير تحول بين معطيها وبين إعطاء وكالات أخرى بالعقار موضوعها ، كما تحول بينه وبين إجراء أية بيوعات على العقار موضوع الوكالة ، ذلك أن الوكالة المعطاة تغل يد البائع عن أية بِيوعات تتعلق بذات العقار المباع بموجب الوكالة ، ويبقى حق المستفيد من الوكالة ( المشتري ) قائماً طيلة المدة المقررة قانوناً، وهي خمس عشرة سنة، وأن أية بيوعات يقوم بها البائع تلي إعطاء الوكالة الدورية الأولى، سواء كان ذلك في الموقع الرسمي، أو بموجب وكالات لاحقة للوكالة الأولى تقع باطلة مستوجبة الإلغاء”[10]راجع في ذلك حكم محكمة النقض الفلسطينية قرار 585\2011.
وكذلك في الحكم القضائي الصادر عن محكمه النقض الفلسطينية و يحمل الرقم 560 والصادر بتاريخ 3\1\2022حيث بينت في حكمها :”ذلك ان المادة 11/ب من القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة رقم 51 لسنة 1958 وما ادخل عليها من تعديلات مطبقه لدينا نصت (الوكالات التي ينظمها أو يصدقها الموظفون المذكورون في الفقرة السابقة والمتضمنة بيع وفراغ الأموال غير المنقولة والمتعلق بها حق الغير كقبض الثمن واجبة التنفيذ في جميع الأحوال لدى دوائر التسجيل والمحاكم في خلال خمس عشرة سنه من تاريخ تنظيمها أو تصديقها سواء أعزل الموكل الوكيل أم توفي الموكل أو الوكيل وفي حالة وفاة الوكيل تقوم دائرة تسجيل الأراضي بإتمام معاملة البيع أو الفراغ لاسم المشتري) .وفي ضوء هذا الذي نصت عليه الماده 11/ب المشار اليها فإن اية بيوعات يقوم بها البائع تلي إعطاء الوكالة الدورية الأولى سواء كان ذلك في الموقع الرسمي أو بموجب وكالات لاحقه للوكالة الأولى تقع باطله مستوجبة الإلغاء ، ذلك ان بيع العقار بموجب وكاله رتب القانون وجوب تنفيذها في جميع الأحوال سواء عزل الموكل الوكيل ام توفي الموكل والوكيل ملزما دائرة التسجيل في حالة وفاة الوكيل ان تقوم بإتمام معاملة البيع وفق ما انبأت عنه الماده 11/ب .وان قيام البائع بموجب وكاله دوريه غير قابله للعزل ببيع العقار مره ثانيه سواء بموجب وكاله دوريه لاحقه او لدى دائرة التسجيل – أي بإخفاء البيع بموجب الوكاله الأولى قد يعد عملا إحتياليا اذا ما استجمعت عناصره ولا يمكن لعمل غير قانوني قد يكون مجرما ان تضفي عليه الحمايه ولا يقبل من المشتري الثاني ان يتمسك بحسن النيه لأن حسن نية المشتري لا تنفي سوء نية البائع اذ من حق المشتري الثاني ان يعود على البائع بالثمن وأية حقوق قد تترتب له جراء فعلته “[11]راجع في ذلك حكم محكمة النقض الفلسطينية رقم 560\2019.
إن الخصوصية التي تم تناولها فإنها هنا خاصة فقط بالأراضي المسواة دون غيرها أم النوع الاخر من الاراضي والذي يتمثل بالأراضي الغير مسواة فهنا تكون بالحجة وتتمثل مدتها ب خمس عشر سنه وأنه كلما طالت المدة كان أفضل لصاحب الحق بإثبات حقه.
كل شخص يحمل وكاله وكالة دوريه بموجب أرض ما له هنا أن يقوم بوضع إشارة في دائرة الاراضي كأنه هنا يقوم بوضع اشاره منع تصرف وحجز حتى يتم اجراء كافه إجراءات التسجيل وتكون لمده سنه. وإن وضع هذه الإشارة هنا تكون من باب التشجيع على الاسراع اكمال كافه الإجراءات وهنا يأخذ نسبه النصف وتكون خلال السته أشهر الاولى حيث أنه في حال جاء خلال هذه الفترة يخصم له النصف من الرسوم التسجيل والمصاريف أما في حال جاء بعد هذه المدة فهنا يقوم بدفع كافه الرسوم والمصاريف الخاصة بالتسجيل ويكون لا قيمه للوكالة الدورية. وفي حال كان هناك لشخص حق الشفعة وحتى يستطيع الاحتيال عليه هنا وجدت الوكالة الغير قابله للعزل هذا يعتبر السبب الرئيسي لوجودها.
في الأردن فقد قاموا بالعودة الى النص الأصلي والاساسي والذي تتمثل المدة بموجبه سنه واحده فقط بالإضافة الى الإشارة الى بعد التعديلات والتي تتمثل بوضع اشاره على القطعة موضوع الوكالة وكذلك التعديلات المتعلقة بالمصاريف والرسوم فإنه هنا بعد مرور السنه تنتهي الوكالة ولا يتم العمل بها في دائرة الأراضي. وعليه فأن المدة سنه بموجب القانون الأردني و المدة 15 بموجب الامر العسكري الإسرائيلي.[12]برقاوي ، اسحاق، محاضرات 2022. جامعة النجاح الوطنية
وكان القضاء الفلسطيني قد عمل بالمدة التي جاءت في الامر العسكري وهي مدة 15 سنه واتبرها مدة سقوط حيث لا يجوز الاتفاق على خلافها وكان ذلك في حكم قضائي يحمل الرقم852 والصادر عن محكمة النقض الفلسطينية عم 2011 حيث بينت المحكمة في حكمها: “لا تطبق احكام التقادم الواردة في المجلة على الوكالة الدورية، مدة الـ15 عام في تنفيذ الوكالة الدورية هي مدة سقوط وليست تقادمان المشرع قد جعل مدة تنفيذ الوكالة الدورية خمس عشرة سنة من تاريخ تنظيمها، والا اعتبرت (الوكالة الدورية) لاغية بما يعني ان المدة المقررة في الامر سالف الإشارة هي مدة سقوط لا يجوز الاتفاق على خلافها ومن حق المحكمة التصدي لهذه المسالة واثارتها من تلقاء ذاتها لتعلقها بأحكام آمرة، وتأسيساً على ذلك، لا يرد قول وكيل الطاعنين بانطباق احكام المادة 1674 من مجلة الاحكام العدلية التي تنص…”[13]راجع في ذلك حكم محكمه النقض الفلسطينية في القضية الحقوقية رقم 852\2011.
ثانياً – المقصود بالوكالة الدورية لغة واصطلاحاً
المقصود بالوكالة الدورية لغة:
يعتبر مصطلح الوكالة الدورية مصطلح مركب يتكون من وكاله ودوريه ونتناول الان المقصود بكلمه دوريه حيث تم اخذها من الفعل دار يدور وكذلك استدار يستدير أي بمعنى أنه دار حول الشيء وهذا يعني بأن الوكالة مستمرة ودورانها مستمر لا ينتهي كونها موجوده في كل لحظه من لحظات الزمن وهذا يشبه العجل الدوار و الذي يعرف بالدولاب كون أنه يدور دوراً مستمراً وذلك دون توقف وهذا يعني أنه كلما وصل الى نقطه البداية التي بدأ منها يبدأ بالدوران من جديد. أما فيما يتعلق بكلمه وكاله فلها عده معانٍ منها: التفويض كأن يقوب وكلت هذا الامر اليك أي قمت بمنحك تفويض في هذا الامر وكذلك تعني الاعتماد كأن يقول توكل على الله وهنا المقصود اعتمد على الله وضع ثقتك به.
المقصود بالوكالة الدورية اصطلاحاً:
تعرف الوكالة الدورية على أنها تلك الوكالة التي تم تعليقها على عزل كأن يقول الموكل لوكيله الدوري كلما تم عزلك فقد تم توكلك في الوكالة الدورية هذا يأتي كونها تدور مع العزل حيث أنه كلم عزله يعود في ذات الوقت وكيلاً وهنا تكون الوكالة صحيحه كون انه تم تعليقها على شرط صحيح.
ينعزل الوكيل في الوكالة الدورية وذلك بقول الموكل لقد عزلتك وكلما تم توكيلك فقد عزلتك فهنا يكون الفسخ صحيح كونه معلق على شرط صحيح وبناً على ذلك لا يكون وكيلاً اذا تم توكيله بعد أن تم عزله بصفته وكيل دوري كونه متى اصبح وكيلا فقد تم عزله[14]داوود، محمد داوود حسين: أحكام الوكالة الدورية في الفقه الاسلامي والقانون المدني الاردني. (رساله … Continue reading.
المقصود بالوكالة في مجله الاحكام العدلية:
لقد ورد في مجله الاحكام العدلية تعريفاً تناول المقصود بالوكالة بشك عام والتي تناولتها على أنها”هِيَ تَفْوِيضُ أَحَدٍ فِي شُغْلٍ لِآخَرَ وَإِقَامَتُهُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ وَاسْتِيفَاءِ كُلِّ حَقٍّ مُتَعَلِّقٍ بِالْمُعَامَلَاتِ”[15]1459 من مجله الاحكام العدلية.
وعليه فإن تعريف الوكالة هنا جاء متفقاً مع القانون المصري وذلك في المادة (669) وكذلك أيضاً في مع القانون المدني الاردني حيث كان ذلك في نص المادة (833) ( الوكالة عقد يقيم الموكل بمقتضاه شخصا آخر مقام نفسه في تصرف جائز معلوم )[16]المادة 450 من القانون المدني الأردني.
المقصود بالوكالة الدورية وفق القانون المدني الأردني:
وبالعودة الى نصوص القانون المدني الاردني فإن القانون لم يتناول المقصود بالوكالة الدورية وكما و أنه لم يتناولها بإسم صريح، كما وايضاً لم أجد أي ماده كانت قد تناولت كلمه دوريه الا وان المادة (459) والتي نصت بالفقرة (أ) منها:-(لا تسمع دعوى المطالبة بأي حق دوري متجدد كأجرة المباني والأراضي الزراعية والمرتبات والمعاشات بانقضاء خمس سنوات على تركها بغير عذر شرعي)[17]ليث ، كيلاني ، محاضرات. الجامعة العربية الأمريكية..
وعليه هنا فإن هذه المادة كانت قد تناولت حقاً دورياً متجدداً وهذا ما نريد هنا الإشارة اليه من معنى كلمة “دورية” أي أن المقصود من التجدد والاستمرارية، غير أن مواد ونصوص القانون المدني لم تقم بالإشارة الى الوكالة موضوع البحث الا أنه هنا كان قد جعل نوعين من الوكالات ذو استمراريه وتجدد، ولا تكون خاضعة هنا لسلطة الموكل بعد أن يتم إنشائها بحيث أن الموكل هنا لا يستطيع إبطال الوكالة أو تقييدها والقصود هنا في حال كانت الوكالة لمصلحة الغير أو كانت الوكالة لمصلحة الوكيل فتكون هنا الوكالة ذات استمرارية وتجدد إلا في حال قام القانون بالتدخل بغير ذلك.
وعليه فإن الوكالة الدورية تعرف: هي عبارة عن سند يعطيه مالك المال الغير المنقول ويقوم بتوكيل به غيره من أجل اتمام إجراءات معاملة البيع وكذلك الفراغ لدى الدوائر الرسمية وذلك نيابة عنه، والتي يتم التناول فيها بأنه باع كامل ماله أو جزء منه إلى الشخص المشتري والذي يتم ذكر اسمه فيها وأنه قبض الثمن وهنا يتم تنظيمها أمام كاتب العدل ويقوم البائع بتوقيعها فقط. وتكون فقط في الاراضي المسواة التي جرت عليها أعمال التسوية وتحمل سند تسجيل بها، أو في الاراضي المالية والتي تمتلك هنا إخراج قيد فيها[18]السرحان ، عدنان إبراهم: شرح القانون المدني ، دار الثقافة ، عمان ، 2001، ص 102.
كما ويمكن أن نعرفها بأن يقوم شخص ببيع لآخر مال منقول أو غير منقول وذلك لقاء ثمن متفق عليه ويكون معلوم لكلا الأطراف والمقصود هنا البائع والمشتري يقوم المشتري بدفع للبائع وعليه يقوم البائع باستلام الثمن ويقوم بتوكيل شخص آخر يقوم هنا بدوره بتنفيذ هذا البيع وتسجيله لدى الدائرة الرسمية المختصة.[19]راجع في ذلك حكم محكمه استئناف رام الله رقم 324\1996 مرجع مكرر
أما الوكالة الغير قابله للعزل فتعرف على أنها هي تلك الوكالة التي يتعلق بها حق للغير أو حق للوكيل نفسه وعليه هنا لا تنتهي بعزل الوكيل، وإنما هنا تستمر لاستيفاء الغير لكافه حقوقهم في الوكالة، فالوكالة هنا تشتمل على عقدين رئيسيين هما:
- الأول والذي يتمثل بعقد بيع مال كان منقول أو غير منقول ويكون بين البائع والمشتري
- الثاني والذي يتمثل بعقد وكاله بين البائع وشخص آخر ويعمل هنا باسم البائع لكن لحساب المشتري وذلك في تنفيذ مضمون العقد ومحتوياته ومن هنا فقد جاء بالزام على وجوب تنفيذها.
ففي الحكم القضائي الذي يحمل الرقم 324 والصادر عن محكمه استئناف رام الله وذلك لسنه 1996 حيث أشارت المحكمة في حكمها :”لا يحق للموكل في الوكالة الدورية الرجوع عن الوكالة، ولا يجوز للموكل فيها عزل الوكيل، فالموكل بالوكالة الدورية (البائع) لا يعتبر أهلا للتصرف بالمال غير المنقول محل الوكالة “كما وقد ورد بالحكم ذاته “الوكالة الدورية تحتوي على عقدين هما البيع والوكالة وهما عقدين مشروعين وردا بقانون خاص ولا يجوز التملص أو التخلص منهما إلا بالتراضي أو التقاضي”.
بقم المحامية: يسرى رياض يونس
مواضيع أخرى ذات علاقة:
- الوكالة الدورية في بيع المال غير المنقول مع التطبيقات القضائية.
- الوكالة الدورية و إجراءات بيع المال غير المنقول.
- تطبيقات الوكالة العامة والوكالة الخاصة في الحياة العملية.
- الوكالة التجارية في القانون.
- وضع الأراضي في فلسطين خلال الحقب الزمنية المختلفة.
- إذن الشراء للأموال غير المنقولة في فلسطين.
المصادر والمراجع
↑1 | المادة 3 من القانون المعدل لقانون الأموال الغير المنقولة رقم 51 لسنه 1958 |
---|---|
↑2 | قرار محكمة الإستئناف الفلسطينية رقم 578\1998 الصادر بتاريخ 22\5\2000 |
↑3 | المادة (11\أ) من القانون المعدل لأحكام الاموال الغير المنقولة رقم 51لسنه 1958 |
↑4 | المادة 863 من القانون المدني الأردني |
↑5 | المادة 3 من القانون المعدل لقانون الاموال الغير المنقولة رقم 98 لسنه 1966 |
↑6 | الامر العسكري الاسرائيلي رقم(898). |
↑7 | المادة 16 من قانون تسويه الاراضي والمياه. |
↑8 | برقاوي, اسحاق, محاضرات 2022, جامعه النجاح الوطنية |
↑9 | راجع في ذلك حكم محكمه النقض الفلسطينية قرار رقم 1344\2018 |
↑10 | راجع في ذلك حكم محكمة النقض الفلسطينية قرار 585\2011 |
↑11 | راجع في ذلك حكم محكمة النقض الفلسطينية رقم 560\2019 |
↑12 | برقاوي ، اسحاق، محاضرات 2022. جامعة النجاح الوطنية |
↑13 | راجع في ذلك حكم محكمه النقض الفلسطينية في القضية الحقوقية رقم 852\2011 |
↑14 | داوود، محمد داوود حسين: أحكام الوكالة الدورية في الفقه الاسلامي والقانون المدني الاردني. (رساله ماجستير).جامعة النجاح الوطنية. |
↑15 | 1459 من مجله الاحكام العدلية |
↑16 | المادة 450 من القانون المدني الأردني |
↑17 | ليث ، كيلاني ، محاضرات. الجامعة العربية الأمريكية. |
↑18 | السرحان ، عدنان إبراهم: شرح القانون المدني ، دار الثقافة ، عمان ، 2001، ص 102 |
↑19 | راجع في ذلك حكم محكمه استئناف رام الله رقم 324\1996 مرجع مكرر |
Pingback: أركان الوكالة الدورية غير القابلة للعزل وشروطها - موسوعة ودق القانونية
Pingback: الأوراق والإجراءات اللازمة لتنظيم الوكالة الدورية - موسوعة ودق القانونية