جرائم البيئة في فلسطين
جرائم البيئة في فلسطين
اهتم المجتمع الدولي منذ بداية الخليقة بحماية البيئة والمحافظة على أنظمتها وصيانة مواردها الطبيعية من ماء وهواء وتربة وبحار وغابات, واعتبر أن جرائم الاعتداء على البيئة هي جرائم لا تُعرض فرداً بعينه للخطر بل تُعرضّ أمن المجتمع الإنساني بأسره للخطر, حيث أصبحت الجرائم البيئية واحدة من أكثر وأخطر أشكال الجريمة المنظمة تهديداً لمستقبل الإنسان وديمومة الحياة، كما لا تقل خطورتها عن أي من الجرائم الإرهابية الأخرى بل هناك من يرى أن الإرهاب البيئي يعد أخطر الجرائم التي تستوجب عقوبات مشددة، خاصة أنها تهدد مستقبل البشر جميعاً دونما استثناء، ولقد حرص المجتمع الدولي على سن التشريعات والاتفاقيات الدولية والتي تعمل على مكافحة جرائم الاعتداء على البيئة, كما حرصت الدول سن قوانين وطنية تعمل على حظر الممارسات المخالفة للبيئة والتي تؤدي إلى تعريض المجتمع إلى خطر التلوث, ومنها القانون الفلسطيني.
أولاً – مفهوم الجريمة البيئية:
يمكن تعريف الجريمة البيئية على أنها ” ذلك السلوك الذي يخالف به من يرتكبه تكليفاً يحميه المشرع بجزاء جنائي، والذي يُحدث تغييراً في خواص البيئة بما يؤدي إلى الإضرار بالكائنات الحية والموارد الحية أو غير الحية ويؤثر في ممارسة الإنسان لحياته الطبيعية, وعلى ذلك فإنه تعتبر الحرب و تلويث وتدمير البيئة الطبيعية والاتجار غير المشروع في النباتات والحيوانات جرائم بيئية، كما وعرفت المادة 1 من قانون البيئة رقم 7 لسنة 1999 البيئة على أنها “المحيط الحيوي الذي يشمل الكائنات الحية وما يحتويه من هواء وماء وتربة، وما عليها من منشآت، والتفاعلات القائمة فيما بينها”.
ثانياً – الإطار القانوني لجرائم البيئة:
- قانون رقم 7 لسنة 1999 بشأن البيئة الفلسطيني.
- قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960.
- مشروع القانون النموذجي العربي بشأن الجرائم الدولية: حيث قُدم هذا المشروع في إطار مذكرة التفاهم بين جامعة الدول العربية واللجنة الدولية للصليب الأحمر عام 1999ونص المشروع في المادة 13 منه على جريمة الاعتداء على البيئة الطبيعية تعتبر إحدى صور جرائم الحرب.
- قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 217/46 لعام 1991 بشأن حماية البيئة من التلوث.
- المبدأ 24 من إعلان ريو والخاص بحماية البيئة عام 1992.
- البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1949 وتحديداً المادة 35 منه والتي نصت على حظر استخدام وسائل القتال التي من شأنها إلحاق أضرار في البيئة الطبيعية.
- اتفاقيتا جنيف لعام 1899 ولعام 1907 حيث تحدثا حول القواعد العامة لحماية البيئة .
ثالثاً – الإتفاقيات البيئية الدولية التي انضمت لها فلسطين:
وفقاً لأحكام المادة 77 من قانون البيئة الفلسطيني رقم 7 لسنة 1999 تعتبر المعاهدات والاتفاقيات الدولية أو الإقليمية وأحكام الهيئات الدولية التي تكون فلسطين طرفاً فيها أو أي قوانين أخرى متعلقة بالبيئة سارية المفعول في الأراضي الفلسطينية جزءاً مكملاً لهذا القانون ما لم ينص صراحة على خلاف ذلك.
- الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ (UNFCCC).
- اتفاقية مكافحة التصحر (UNCCD).
- اتفاقية التنوع البيولوجي (CBD).
- اتفاقية بازل للتحكم في حركة والتخلص من النفايات الخطرة العابرة للحدود.
- اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون.
- اتفاقية برشلونة لحماية البحر الأبيض المتوسط.
- لجنة التفاوض الحكومية الدولية المعنية بإعداد صك عالمي ملزم قانوناً بشأن الزئبق.
- اتفاقية استكهولم الخاصة بالملوثات العضوية الثابتة (POPs).
- اتفاقية روتردام الخاصة بإجراء الموافقة المسبقة العلم على بعض الكيماويات والمبيدات الخطرة في التجارة الدولية.
رابعاً – تقسيم الجرائم البيئية دولياً:
حددت الهيئات الدولية “مجموعة الثمانية والإنتربول والاتحاد الأوروبي وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ومعهد الأمم المتحدة الإقليمي لبحوث الجريمة والعدالة” الجرائم البيئية على النحو التالي:
- الاتجار غير القانوني بالأنواع البرية المهدَّدة بالانقراض بما يُعارِض معاهدة التجارة العالمية لأصناف الحيوان والنبات البري المهدد بالانقراض.
- تهريب المواد المستنفِدة للأوزون بما يعارض بروتوكول مونتريال.
- إلقاءالنفايات الخطيرة والاتجار فيها بما يعارض اتفاقية بازل 1989 بخصوص السيطرة على نقل النفايات الخطيرة وغيرها من النفايات.
- الصيد غير المشروع وغير المبلَّغ عنه وغير المنظَّم، بما يعارض الضوابط التي تفرضها مختلف المنظمات الإقليمية .
- قطع الأشجار المحظور وما يتصل به من الاتجار في الخشب المسروق بما يخالف القوانين الوطنية.
خامساً – أنـواع جرائم البيئة:
- جرائم تلويث التربة “جرائم البيئة الأرضية”: تُعرَف التربة وفقاً لأحكام المادة 1 من القانون رقم 7 لسنة 1999 بشأن البيئة على أنها “القشرة السطحية من الأرض التي يزرع فيها أو يبنى عليها أو يحفر فيها وتشمل جميع أنواع اليابسة”, وتتمثل جرائم تلوث البيئة الأرضية في المخلفات والأتربة الناتجة عن أعمال الحفر أو البناء أو التعدين أو الهدم, النفايات والمواد الخطرة الناتجة عن عمليات التصنيع أو التخزين أو التوزيع أو التخلص منها بشكل غير مشروع, استيراد النفايات الخطرة, استخدام وتخزين المبيدات والأسمدة الكيماوية بشكل غير مشروع, إساءة القيام بنشاطات التنقيب أو المحاجر أو المقالع أو الكسارات بشكل ملوث للبيئة.
- جرائم تلويث الهواء “جرائم تلويث البيئة الهوائية” : ويُعرّف تلوث الهواء وفقاً لأحكام المادة 1 من القانون رقم 7 لسنة 1999 بشأن البيئة على أنه”أي تغيير في خواص ومكونات الهواء الطبيعي قد يسبب خطراً على البيئة”, وتتمثل جرائم تلويث الهواء في التدخين في الأماكن العامة ووسائل النقل والمواصلات العامة, التسربات والإنبعاثات الناتجة عن المصانع والمنشئات المختلفة, العادم الناتج عن المركبات أو الآلات أو المحركات نتيجة الاستخدام المخالف للقانون والأنظمة, إلقاء أو معالجة أو حرق النفايات الصلبة في غير الأماكن المخصصة لها, استنزاف طبقة الأوزون, استخدام المحركات والماكينات ومكبرات الصوت بشكل يزيد عن شدة الصوت والاهتزاز المشروع, زيادة النشاط الإشعاعي أو تركيزات المواد المشعة عن الحد المسموح به في القانون, جرائم الإزعاج البيئي.
- جرائم تلويث المياه “جرائم تلويث البيئة البحرية“: وتُعرَف المياه وفقاً لأحكام المادة 1 من قانون رقم 7 لسنة 1999 بشأن البيئة في فلسطين على أنها “المياه التي توجد على سطح الأرض أو في باطنها عذبة كانت أو مالحة أو شبه مالحة”, وتتمثل جرائم تلويث المياه في إلقاء وتصريف النفايات والمواد الخطرة والنفايات الصلبة والزيوت والعوادم أو أي مواد ضارة أو باقي المواد الغذائية في الأماكن المائية بما فيها البحار, إقامة المباني والمتنزهات والمنشئات على شواطئ البحار بشكل مخالف لأحكام الأنظمة والتعليمات, القيام بأعمال الحفر والكشف عن البترول في البحار خلافاً لأحكام القوانين المعمول بها.
- جرائم المحميات الطبيعية والأماكن الأثرية والتاريخية: وتتمثل هذه الجرائم في الأفعال التي يقوم بها الجناة والتي من شأنها تدهور وانتهاك المحميات الطبيعية والمتنزهات والأماكن الأثرية والتاريخية, بالإضافة إلى قتل أو صيد أو بيع أو الاتجار أو الإضرار بالحيوانات البرية بشكل غير مشروع, قطع أو إتلاف أو تدمير النباتات الطبيعية بشكل منافي للقانون والطبيعة العامة الحيوية.
- نص قانون العقوبات الأردني في المادة 472 حول جريمة إساءة معاملة الحيوانات الأليفة والداجنة: على أنه” يعاقب بالحبس حتى أسبوع وبالغرامة حتى خمسة دنانير كل من يترك حيواناً داجناً يملكه دون طعام أو يهمله إهمالا شديدا , يضرب بقسوة حيواناً أليفاً أو داجناً أو يثقل حمله أو يعذبه, يشغل حيواناً غير قادر على الشغل بسبب مرضه أو تقدمه في السن أو إصابته بجرح أو عاهة” وهذه الجريمة تعتبر وكأنها ضمن جرائم البيئة وذلك لأن الحيوانات الأليفة والداجنة ذات أهمية بالنسبة للطبيعة البشرية ومن باب الإنسانية فقد حرص المشرع على حظر المساس بهم للمحافظة على وجودهم ضمن البيئة.
بقلم المحامي: بيرم جمال غزال.
مواضيع أخرى ذات علاقة:
Pingback: جريمة الإتجار ببضائع المستوطنات - موسوعة ودق القانونية