Login

Lost your password?
Don't have an account? Sign Up

الوجه الآخر لإعلانات المؤثرين: التحليل القانوني والأخلاقي للإعلانات المدفوعة على مواقع التواصل الاجتماعي

الوجه الآخر لإعلانات المؤثرين:

التحليل القانوني والأخلاقي للإعلانات المدفوعة على مواقع التواصل الاجتماعي

(بقلم الحقوقية: دارين صبحي سويدان)

 

يشهد عالمنا الرقمي تطوراً هائلاً، فيما تنتشر المعلومات بسرعة فائقة وتتزايد كمية البيانات المتاحة بشكل مستمر، وهذا التطور الهائل قد فتح آفاقاً جديدة أمامنا بفضل ظهور ما يسمى بــِ “المؤثرين” على منصات ووسائل التواصل الاجتماعي، الذين أصبحوا قوة مؤثرة في توجيه سلوك المستهلكين واتخاذ قرارات الشراء، ومع تزايد هذا التأثير برزت العديد من التحديات والقضايا التي تتطلب تنظيماً قانونياً دقيقاً؛ وذلك لحماية حقوق المستهلكين وضمان الشفافية في المعاملات التجارية.

تزايدت في السنوات الأخيرة ظاهرة الإعلانات المدفوعة على منصات التواصل الاجتماعي، إذ يقوم المؤثرون بالترويج للمنتجات والخدمات مقابل الحصول على أجر دون الكشف دائماً عن فحوى هذه العلاقة التجارية، هذه الممارسات وإن كانت شائعة فإنها تثير العديد من التساؤلات حول الشفافية والمصداقية في عالم التسويق الرقمي؛ وقد أدى ذلك إلى تآكل ثقة المستهلكين في المحتوى الرقمي؛ مما يستدعي ضرورة وضع ضوابط قانونية لهذه الممارسات، لذلك يجب وضع تشريعات واضحة تحدد مسؤوليات المؤثرين وتضمن حقوق المستهلكين. يهدف هذا المقال إلى تقديم تحليل شامل للقضايا القانونية المرتبطة بإعلانات المؤثرين، وتسليط الضوء على التحديات التي تواجه هذا القطاع، واقتراح الحلول العملية التي يمكن أن تساهم في بناء بيئة تسويقية أكثر عدالة وشفافية.

 

أولاً – المؤثرون والإعلانات المدفوعة – مفاهيم التسويق الرقمي الحديثة:

مفهوم المؤثر: هو شخص لديه حضور قوي ويمتلك القدرة على توجيه آراء وسلوك متابعيه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال تقديمه محتوىً يتنوع بين التعليمي والترفيهي والإرشادي. وقد بيّنت أحد الدراسات أن المؤثرين يتمتعون بقدرة على إيجاد تأثير مباشر على متابعيهم؛ وذلك بفضل العلاقة الوثيقة التي تنشأ عبر التفاعل المستمر والمحتوى الشخصي.

مفهوم الإعلانات المدفوعة: هي إحدى أساليب واستراتيجيات التسويق التي تعتمد على تقديم مبلغ مالي من قِبَل الأفراد أو الشركات للمؤثرين مقابل ترويج المنتجات أو الخدمات لهم عبر قنوات إعلامية عديدة، وهذه القنوات تشمل الإنترنت مثل: محركات البحث، المواقع الإلكترونية، ومنصات التواصل الاجتماعي. الهدف الأساسي لهذه الإعلانات هو جذب انتباه عدد كبير من الجمهور، وتشجيع الناس على اتخاذ إجراءات معينة كشراء منتج، زيارة مواقع إلكترونية، والاشتراك في خدمات معينة.

 

ثانياً – نشأة وتطور إعلانات المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي:

بدأت إعلانات المؤثرين كظاهرة صغيرة على مواقع التواصل الاجتماعي سرعان ما تطورت بشكل كبير وزاد تأثيرها على سلوك المستهلكين وتوجهات السوق. يمكن تتبع نشأة وتطور إعلانات المؤثرين من بدايات ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، حتى أصبحت اليوم عنصراً أساسياً في استراتيجيات التسويق الحديثة، ففي منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين كانت قد بدأت وسائل التواصل الاجتماعي بجذب المستخدمين؛ ما أتاح للأفراد مشاركة المحتوى الخاص بهم مع عدد واسع من الجمهور، وفي هذا السياق بدأ كل شخص لديه عدد كبير من المتابعين “المؤثرين” بالظهور على هذه المنصات، وبعد فترة زمنية بدأت العلامات التجارية في ملاحظة الأثر الذي يحدثه هؤلاء المؤثرين، إذ بدأت في العمل على إقامة شراكات معهم؛ لترويج المنتجات، وهذه الإعلانات غالباً ما تكون غير مدفوعة حيث يحصل المؤثرون على منتجات مجانية مقابل الترويج.

ومع ازدياد أعداد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي وارتفاع شهرة المؤثرين، بدأت العلامات التجارية في تخصيص ميزانيات أكبر مقابل هذه الإعلانات، وتطورت العلاقة لاحقاً لتصبح أكثر تنظيماً واحترافية فقد أصبح هنالك تركيز أكبر على قياس أداء المؤثرين وتحديد عوائد الاستثمار من هذه الإعلانات بشكل واضح، ثم ظهرت وكالات متخصصة في إدارة عمل المؤثرين وربطهم مع العلامة التجارية المناسبة لهم، بعدها بفترة ظهرت قوانين وأنظمة تتعلق بالإفصاح عن الإعلانات المدفوعة؛ لضمان الشفافية وحماية المستهلكين. وأصبحت إعلانات المؤثرين أكثر تحديداً وتخصصاً، مع التركيز على (الميكرو-مؤثرين وهم الأشخاص الذين يكون لديهم عدد متابعين أقل ولكن تأثيرهم يكون أكثر عمقاً) للوصول إلى عدد كبير من الجمهور.

 

ثالثاً – الأطر القانونية والتنظيمية للإعلانات التي يقدمها المؤثرون:

تزداد أهمية إعلانات المؤثرين في عالم التسويق الرقمي؛ فهم يمتلكون تأثيراً كبيراً على سلوك المستهلكين وقرارات الشراء، ومع تزايد انتشار هذا النوع من الإعلانات بات من الضروري إيجاد أطر قانونية وتنظيمية واضحة؛ لحماية المستهلكين وضمان الشفافية وتعزيز المنافسة العادلة في السوق. تهدف الأطر القانونية والتنظيمية لإعلانات المؤثرين إلى تنظيم وتحديد كيفية تعامل المؤثرين والعلامات التجارية مع الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي، بما يضمن الشفافية وحماية المستهلكين من المعلومات المضللة، ففي فلسطين حالياً لا يوجد أي قانون متخصص وواضح ينظم عمل المؤثرين وإعلاناتهم على هذه المنصات بشكل مباشر، ويعني ذلك أن الأنشطة المرتبطة بالتأثير الرقمي تخضع لمجموعة من القوانين العامة التي قد تنطبق بشكل جزئي على هذه الأنشطة ومنها:

  • قانون العقوبات: يتم تطبيقه على أي محتوى مسيء، تشهيري، أو يحرض على الكراهية أو العنف.
  • قانون حق المؤلف: يحمي حقوق الملكية الفكرية للمحتوى الذي ينشره المؤثرون.
  • قانون التجارة الإلكترونية: ينظم المعاملات التجارية التي تتم عبر الإنترنت بما في ذلك الإعلانات الترويجية.
  • قانون حماية المستهلك: يهدف إلى حماية حقوق المستهلكين من الممارسات التجارية غير المشروعة.
  • قانون الاتصالات: الذي ينظم استخدام وسائل الاتصال المختلفة بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي.

بدأت الدول حول العالم بوضع قوانين واضحة لتنظيم عمل وإعلانات المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، وفيما يلي عرض لبعض الأطر القانونية والتنظيمية لإعلانات المؤثرين على منصات ووسائل التواصل الاجتماعي:

  • لجنة التجارة الفيدرالية (FTC) في الولايات المتحدة الأمريكية: تشرف على تنظيم إعلانات المؤثرين في الولايات المتحدة، وتلزمهم بالكشف بشكل واضح عن فحوى أي علاقة مالية مع الشركات أو العلامات التجارية، بما في ذلك المنتجات المجانية أو الأموال أو أي نوع آخر من الشراكات.
  • هيئة معايير الإعلان (ASA) في المملكة المتحدة: تقوم هذه الهيئة بالإشراف على تنظيم الإعلانات الظاهرة على وسائل الإعلام المختلفة بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي، وتلزم الهيئة المؤثرين بتحديد الإعلانات المدفوعة بشكل واضح للجمهور، بالإضافة إلى وضع إرشادات صارمة توضح الطريقة الواجب اتباعها عند الإفصاح عن المحتوى الممول.
  • قانون حماية المستهلك في الاتحاد الأوروبي: يهدف هذا القانون إلى حماية حقوق المستهلكين وتعزيز شفافية المعاملات التجارية عبر الإنترنت وغير الإنترنت، يشمل هذا القانون توجيه حقوق المستهلك (Consumer Rights Directive)، الذي يحدد معايير لتوفير المعلومات للمستهلكين قبل الشراء بما في ذلك تفاصيل المنتجات والخدمات، بالإضافة إلى ضمان الحق في الإلغاء من الصفقات التي تتم عبر الإنترنت، وهذا التوجيه يلزم الشركات بتقديم معلومات دقيقة وواضحة قبل إتمام عمليات البيع؛ مما يساهم في حماية المستهلك من الممارسات التجارية الخادعة أو غير الشفافة، كما يشمل حقوق الانسحاب في العقود عن بُعد والعقوبات المفروضة على الشركات التي تنتهك هذه القوانين.
  • جمعية التسويق الأمريكية (AMA): توضح هذه الجمعية دور المؤثرين في التسويق الرقمي، وتشدد على ضرورة الشفافية في العلاقات التجارية بين المؤثرين والعلامات التجارية، وتقدم عدة توصيات بشأن كيفية تحقيق الامتثال للقوانين المتعلقة بالتسويق، بما في ذلك التأكد من أن جميع الإعلانات يتم وسمها أو تمييزها بوضوح كمحتوى ممول، وذلك باستخدام علامات مثل (Ad) أو (Sponsored) في العنوان أو الوصف الخاص بالإعلان.
  • لجنة المنافسة والمستهلك الأسترالية (ACCC): تلزم هذه اللجنة المؤثرين بضرورة تقديم إفصاح واضح عند الترويج لمنتجات أو خدمات بمقابل مادي، حيث يفترض على المؤثرين أن يعلنوا بشكل شفاف عن أي شراكة تجارية أو دعائية من خلال استخدام إشارات واضحة مثل: (ممول) أو (إعلان مدفوع)؛ لضمان حماية المستهلكين من أي ممارسات تجارية مخادعة.

 

رابعاً – التحديات القانونية لإعلانات المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي:

تواجه إعلانات المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة من التحديات القانونية التي تؤثر على البيئة التنظيمية لهذه الإعلانات، ومن أبرز هذه التحديات:

  1. الشفافية والإفصاح: يُعد الإفصاح الواضح عن الإعلانات المدفوعة أحد أكبر التحديات القانونية، حيث يُلزم المؤثرون في بعض البلدان مثل الولايات المتحدة وأستراليا بالكشف عن أي شراكة تجارية باستخدام علامات مثل “إعلان” أو “ممول”، وفي حال عدم القيام بذلك فإنه يعتبر انتهاكاً لقوانين حماية المستهلك التي تمنع الممارسات التجارية المضللة.
  2. التضليل والاحتيال: ثمة قلق متزايد بشأن احتمالية أن يُضلل المؤثرون جمهورهم فيما يتعلق بفعالية المنتجات أو الخدمات التي يروجون لها، خاصة إذا كانت الإعلانات غير شفافة أو تحتوي على معلومات خاطئة، في هذه الحالة تتحمل الشركات والمؤثرون المسؤولية القانونية في حال تسببت هذه الإعلانات بأي ضرر للمستهلكين.
  3. قوانين حماية البيانات والخصوصية: تشهد الإعلانات الرقمية بما في ذلك إعلانات المؤثرين قيوداً صارمة على استخدام البيانات الشخصية للمستهلكين، فقوانين مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) في الاتحاد الأوروبي تفرض على الشركات والمؤثرين التعامل بحذر مع بيانات الجمهور، بما في ذلك كيفية جمعها واستخدامها​.
  4. المنافسة غير العادلة: يوجد هناك تحديات تتعلق بوجود ممارسات تجارية احتكارية أو غير عادلة في بعض الأسواق، إذ تؤدي الإعلانات المدفوعة إلى تفضيل بعض العلامات التجارية على حساب أخرى، الأمر الذي يتعارض مع قواعد المنافسة العادلة، ويؤدي إلى هيمنة وسيطرة الشركات الكبرى وتهميش المنافسين الآخرين، وهذا ينعكس على ترتيب المنتجات في محركات البحث أو المتاجر الإلكترونية؛ بسبب ظهور المنتجات المدفوعة في مقدمة النتائج على الرغم من وجود بدائل أخرى ذات تكلفة أقل وجودة أفضل؛ ما يؤثر سلباً على عدالة وتوازن السوق.
  5. تنوع القوانين والتشريعات: فاختلاف القوانين والتشريعات من دولة إلى أخرى يعد تحدياً كبيراً يستهدف المؤثرين والشركات العالمية التي تعمل في أسواق متعددة عبر شبكة الإنترنت، فكل دولة تضع قوانينها ولوائحها الخاصة للإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك الكشف عن المحتوى المدعوم وحقوق المستهلك وحماية البيانات، إذ تقوم بعض البلدان بالطلب من المؤثرين الإفصاح بشكل واضح عندما يكون المحتوى مدفوع الأجر، بينما في بلدان أخرى تكون المتطلبات والتعليمات أقل صرامة؛ ما يجعل من الصعب على المؤثرين والشركات العالمية التكيف مع جميع هذه اللوائح المحلية في وقت واحد خاصةً عندما يتم استهداف جمهور دولي؛ ما يستلزم العمل على إحداث تغييرات مواكبة لمتطلبات كل سوق على حدة، بالإضافة إلى ضرورة إيجاد تعاون مستمر مع مختلف الخبراء القانونيين في كل دولة، والقيام بفرض غرامات وعقوبات قانونية في حال مخالفة هذه التشريعات؛ ما يجعل الامتثال لها أمر هاماً وضرورياً.

 

خامساً – حماية المستهلك وحقوقه في ظل إعلانات المؤثرين:

مع تنامي نفوذ المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرهم الكبير على قرارات المستهلكين، أصبحت حماية المستهلك من أي إعلانات أو ممارسات تضليلية أولوية ضرورية؛ بسبب أن العديد من المستهلكين يعتمدون على توصيات المؤثرين عند اتخاذ قرارات الشراء؛ ولهذا تسعى القوانين واللوائح إلى فرض معايير شفافة للإعلانات التجارية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما تتضمن تحديد عقوبات على المؤثرين والشركات الذين يخالفون هذه المعايير. ويمكن تلخيص دور القانون في حماية المستهلك من التضليل من خلال النقاط الآتية:

1- وضع معايير للإعلانات: تحدد القوانين الدولية والإقليمية معايير للإعلانات التجارية، وتشترط أن تكون صادقة، دقيقة، وخالية من أي معلومات مضللة أو مغلوطة؛ لضمان مصداقيتها ونزاهتها ومراعاة حصول المستهلكين على معلومات صحيحة وكافية لاتخاذ قرارات مستنيرة عند الشراء.

2- منع الممارسات والإعلانات التضليلية: تحظر القوانين الإعلانات الكاذبة، الممارسات التضليلية، المبالغات في وصف المنتجات أو إخفاء التفاصيل الهامة؛ لضمان حماية المستهلك. فمثلاً تعتبر الإعلانات المضللة في الولايات المتحدة الأمريكية مخالفة لقانون التجارة، ويُعرّف “الإعلان المضلل” بأنه أي إعلان يحوي معلومات غير صحيحة، أو يؤدي إلى تضليل المستهلك بطرق غير واضحة، بينما في أوروبا تعتبر المعلومات الأساسية حول المنتج أو تضخيم مزاياه انتهاكاً صريحاً لقواعد التجارة العادلة التي وضعتها الهيئات التنظيمية مثل المفوضية الأوروبية.

 3- فرض العقوبات: تطبق السلطات عقوبات على المؤثرين والشركات المخالفين والمتورطين بممارسات غير عادلة حسب الدولة ونوع الانتهاك؛ مما يشكل رادعاً قانونياً. ففي المملكة المتحدة تتمتع هيئة الإعلانات (ASA) بسلطة فرض عقوبات مثل الغرامات وسحب الإعلانات المخالفة، وتقوم أحياناً بحظر الشركات أو المؤثرين من الإعلان لفترة محددة.

 

سادساً – آليات وطرق تقديم الشكوى والمحاسبة وفقاً للقوانين:

  • تقديم الشكاوى للهيئات الحكومية: تسمح القوانين للمستهلكين بتقديم شكاوى للهيئات الحكومية المعنية بحماية حقوقهم، مثل لجنة التجارة الفيدرالية وهيئة حماية المستهلك في الولايات المتحدة، وهذه الهيئات تقوم بالتحقيق في أي شكوى متعلقة بالإعلانات المضللة، حيث يتم فحص محتوى الإعلانات أو تقييم مدى التزام الشركات والمؤثرين بالقوانين المحلية والدولية، ففي الاتحاد الأوروبي يمكن للمستهلكين التقدم بشكاوى عبر منصات التسوية البديلة للمنازعات (ADR)، والتي توفر وسائل غير قضائية لحل النزاعات.
  • اللجوء إلى القضاء: في حال لم تحقق الإجراءات الحكومية النتائج المرجوة يمكن للمستهلكين اللجوء إلى القضاء، إذ يحق لهم رفع دعاوى ضد المؤثرين أو الشركات التي تنتهك القوانين الإعلانية أو تعرض إعلانات مضللة، في بعض الدول مثل المملكة المتحدة يمكن للمستهلكين التوجه إلى المحاكم المدنية للحصول على تعويضات مالية أو لضمان وقف الممارسات غير القانونية، فالمحكمة المدنية تعد خياراً مهماً للضغط على الشركات المعلنة، خاصة عندما يتعرض المستهلكون لأضرار مالية أو معنوية.
  • طلب مساعدة منظمات حماية المستهلك: تقوم العديد من المنظمات الغير حكومية كمنظمة حماية المستهلك، ومنظمة المستهلكين الأوروبية بتقديم الدعم القانوني للمستهلكين، وتساعدهم في تقديم المشورة القانونية، وتوجههم حول حقوقهم، بالإضافة إلى مساعدة الأفراد في التواصل مع الهيئات الحكومية أو اتخاذ خطوات قانونية ضد الشركات والمؤثرين، هذه المنظمات توفر استشارات متخصصة بناءً على القوانين المحلية والدولية لحماية المستهلكين من الممارسات التجارية المضللة.

 

سابعاً – دور الجهات الرقابية في ضمان حقوق المستهلكين:

تلعب الجهات الرقابية دوراً أساسياً في ضمان حماية المستهلكين من الممارسات الإعلانية المضللة التي قد يتم نشرها من قبل المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي، وهذه الجهات تتضمن “الهيئات الحكومية” التي تقوم بوضع وتنفيذ القوانين واللوائح، و”الجهات الرقابية” التي تتولى مسؤولية مراقبة الإعلانات التي ينشرها المؤثرون عبر منصات التواصل الاجتماعي؛ من أجل ضمان التزامهم بالقوانين المحلية والدولية، وفي حال تم الكشف عن أي انتهاك لقوانين الإعلانات، فإن هذه الجهات تفرض عقوبات على المخالفين سواء كانوا مؤثرين أو شركات، وتشمل هذه العقوبات فرض غرامات مالية، العمل على سحب التراخيص، وإيقاف الحملات الإعلانية المضللة، وتسعى الجهات الرقابية أيضاً إلى رفع الوعي وتقديم النصائح والإرشادات للمستهلكين، ومساعدتهم على التمييز بين الإعلانات الحقيقية والمضللة، وحثهم على تقديم محتوى إعلاني بكل عدالة وشفافية.

 

ثامناً – بعض الحالات القضائية المثيرة التي تتعلق بتسويق المؤثرين:

في إحدى القضايا الشهيرة في المحكمة الفيدرالية الألمانية، تم الحكم ضد المؤثرة (لويسا-ماكسيم هوس) بسبب عدم إعلانها عن التعاون المدفوع في منشوراتها على منصة إنستغرام رغم استخدام Tap Tags التي تؤدي إلى منتج مربى التوت مع رابط يعيد المستخدمين إلى صفحة الشركة المنتجة، ومع ذلك لم تقم بالتوضيح بأنها تتلقى تعويضاً من الشركة مقابل قيامها بعملية الترويج؛ مما جعل المحكمة تعتبر أن هذا يندرج تحت ما يسمى بـِ “الإعلانات الخفية” وهو انتهاك لقوانين المنافسة غير العادلة في ألمانيا؛ ، هذا الحكم يسلط الضوء على أهمية الشفافية في تمييز المنشورات الدعائية عن المحتوى الشخصي، ويؤكد على أنه عندما يتلقى أي مؤثر مكافآت أو مبالغ مالية أو منافع أو منتجات من شركات أخرى مقابل النشر والترويج يجب عليهم أن يصرحوا بشكل واضح بذلك؛ لتجنب خداع المستهلكين.

وفي قضايا أخرى ضد المؤثرين “كاثي هوميلز” و”ليوني هاني”، حكمت المحكمة لصالحهم لأن المنشورات التي قاموا بنشرها لم تكن مشمولة بأي اتفاق مدفوع مع الشركات المعلنة، وبالتالي لم يتم اعتبار منشوراتهم من ضمن الإعلانات التجارية ولهذا السبب لم يُطلَب منهم إضافة أي تصريح يتعلق بإعلانهم، وهذا يوضح الاختلاف في تطبيق القوانين بناءً على ما إذا كان المؤثر يتلقى مقابلًا مادياً أو لا.

يُظهر التحليل القانوني والأخلاقي للإعلانات المدفوعة عبر منصات التواصل الاجتماعي حجم التحديات التي يواجهها هذا المجال من قضايا الشفافية إلى حماية المستهلك، في ظل التأثير الكبير للمؤثرين على قرارات المستهلكين، تتزايد الحاجة إلى وضع أطر قانونية وتنظيمية واضحة لضمان الشفافية والمنافسة العادلة، كما يُعتبر الإفصاح عن العلاقات التجارية والمحتوى المدفوع من أبرز النقاط التي يجب تعزيزها لضمان عدم وقوع المستهلكين ضحية للممارسات المضللة، ومن المهم أن تستمر الدول في تطوير التشريعات التي تحمي المستهلكين وتواكب التطورات السريعة، ولا بد من استمرار التعاون بين الجهات الحكومية، الشركات، والمؤثرين لضمان خلق بيئة تسويقية أكثر عدلاً وشفافية.

 

بقلم الحقوقية: دارين صبحي سويدان

 

مواضيع أخرى ذات علاقة:

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*
*

افتح المحادثة!
بحاجة لمساعدة !
مرحبا
كيف يمكننا مساعدتك !