أنواع العقوبات تبعاً للقانون السوري
أنواع العقوبات تبعاً للقانون السوري
عرف قانون العقوبات بأنه مجموعة من القواعد القانوينة التي تضعها الدولة لبيان الأفعال التي تقرر تجريمها وفق سياستها الجنائية وتحدد الجزاءات والتدابير التي تفرض علي مرتكبيها. ويمكننا أن نستنتج من التعريف الذي بين أيدينا بأن القاعدة القانونية الموضوعية بقانون العقوبات تتألف من شطرين: الأول: يتضمن “التجريم” أي تجريم الأفعال التي تعتبرها الدولة جرائم وفق سياستها الجنائية والثاني: يحوي على “العقوبة أو التدبير معاً” ليشكل أحدهما المؤيد الجزائي للعقوبة.
يقسم قانون العقوبات إلى:
- الأول: يسمى “القسم العام” أو “الأحكام العامة”أو “المبادئ العامة” وهذا القسم يتناول جميع القواعد العامة التي يمكن أن تتطرئ لها كل من الجريمة والمجرم والعقوبة والتدبير.
- الثاني: يسمى “القسم الخاص”ويتكون من الأحكام الخاصة لكل جريمة على حدى كجريمة القتل أو السرقة أو الرشوة…إلخ.
لقد صدر قانون العقوبات السوري بالمرسوم التشريعي رقم ١٤٨بتاريخ ٢٢من شهر حزيران عام ١٩٤٩ وطبق فيما بعد في الأول من شهر أيلول عام ١٩٤٩ وقانون العقوبات السوري هو نفسه قانون العقوبات اللبناني ولكن أجريت عليه بعض التعديلات الطفيفة وكل من القانونان مستمدان من قانوني العقوبات الفرنسي والإيطالي في أغلب أحكامهما.
يضم قانون العقوبات السوري ٧٥٦ مادة موزعة على كتابين:
- الأول: يتضمن المبادئ العامة للجريمة والعقوبة،ويطلق عليه “القسم العام”ويتألف من ٢٥٩ مادة.
- الثاني: يحتوي على شرح كل جريمة على حدى بصورة مفصلة، ويسمى “القسم الخاص” كما يتألف من المواد٢٦٠ وحتى ٧٥٦ وأول جريمة يتكلم عليها بشكل تفصيلي هي جرائم أمن الدولة.
تفرعت أنواع العقوبات في القانون السوري إلى خمسة عقوبات:
أولاُ العقوبات البدنية: لقد عمل القانون السوري بعقوبة بدنية واحدة فقط وهي عقوبة الإعدام شنقاً ،فيعاقب المجرم بهذه العقوبة إذا ما ارتكب جرائم ذات أهمية بالغة من الخطورة؛ كجرائم التجسس وجرائم الخيانة وجريمة القتل عمداً وجريمة الاتجار بالمخدرات..إلخ.
ثانياً القوبات الماسة بالحرية: والعقوبات السالبة للحرية وهي الأشغال الشاقة، الحبس، الاعتقال، والإقامة الجبرية وهي،
- عقوبة الأشغال الشاقة: تعتبر عقوبة جنائية تسلب فيها حرية الجاني بأن يسجن ويفرض عليه القيام بأعمال تتطلب مجهوداً يتوافق مع جنسه وفئته العمرية،على سبيل المثال: رصف الطرقات، تمديد السكك الحديدية، استخراج الأحجار من مقالعها وتكسيرها ونقلها. ويوجد هناك نوعين من هذه العقوبة هما: الاشغال الشاقة المؤبدة التي تبقى مفروضة عليه طيلة حياته إلا إذا ناله عفو أول ثبت صلاحه بعد مرور عشرين سنة، والأشغال الشا قة المؤقتة تترواح مدتها بين ثلاث سنوات وخمس عشرة سنة.
- عقوبة الحبس: تصنف عقوبة الحبس من العقوبات الجنحية وهي على ثلاثة أنواع:الحبس مع التشغيل، الحبس البسيط، والحبس التكديري النوع الأول: الحبس مع التشغيل: يحكم على الجاني بالحبس مع التشغيل في أماكن معينة، ومدة الحبس مع التشغيل تتراوح بين عشرة أيام وثلاث سنوات. النوع الثاني: الحبس البسيط: يكون في أماكن معينة تختلف عن الأماكن التي يوضع فيها باقي السجناء، ولا يجبر المحكوم على العمل إلا إذا كان ذلك بناءاً على طلبهم، ومدة الحبس البسيط هي ذاتها مدة الحبس مع التشغيل التي تترواح بين عشرة أيام وثلاث سنوات. النوع الثالث:الحبس التكديري: تكون الأماكن التي يحاكم فيها المحكوم عليهم بالحبس التكديري مختلفة عن الأماكن التي يحاكم فيها أصحاب جرائم الجنايات والجنح، ولا يتم إجبارهم على العمل، وتفرض هذه العقوبة على مرتكبي المخالفات، وتترواح مدته بين يوم عشرة أيام وثلاث سنوات.
- الاعتقال: تعتبر عقوبة الاعقتال عقوبة جنائية يوضع الجاني بموجبها بالسجن وتفرض عليه أحد الأشغال التي تضعها إدارة السجن حسب اختياره تنفيذ عقوبته وعقوبة الاعتقال تأتي على نوعين:اعتقال مؤبد يطول حياة الجاني بأكملها إلا إذا ناله عفو،أو ثبت صلاحه بعد مرور عشرين سنة وتترواح مدتها بين ثلاث سنوات وخمسة عشرة سنة.
- الإقامة الجبرية: تعتبر العقوبة الوحيدة في القانون السوري التي تقيد الحرية،ويقصد بها:تعين مكان إقامة للمحكوم يقوم القاضي باختياره ولا يجوز أن يكون في مكان كان للمحكوم عليه محل إقامة أو سكن أو في المكان الذي اقترفت فيه الجريمة أو في مكان سكن المجني عليه،ولا يقضى بهذه العقوبة إلا في الجرائم السياسية وهي إما أن تكون عقوبة جنائية أو جنحية وفيما إن كانت جنائية تكون مدتها من ثلاث سنوات إلى خمس عشرة سنة أما أذا كانت جنحية فتترواح مدتها بين ثلاث أشهر وثلاث سنوات.
ثالثاً العقوبات الماسة بالحقوق: والقعوبات الماسة بالحقوق هي ثلاث:التجريد المدني،المنع من الحقوق المدنية، والحجر القانوني.
- الجريد المدني: هي عقوبة جنائية دائمة، يحرم المحكوم عليه بها من ممارسة حقوق معينة، وقد تكون عقوبة أصلية في بعض الأحيان وقد تكون فرعية. 1- التجريد المدني كعقوبة أصلية: يحكم به بالجرائم السياسية ذات الطبيعة الجنائية ، وتترتب على هذه العقوبة عدة آثار: أ- العزل والإقصاء من جميع الوظائف والخدمات العامة، والحرمان من معاشات الدولة ب- العزل والإقصاء ما إن كان منتسباً إلى نقابة كما يحرم من معاش النقابة التي ينتمي إليها ج- يحرم من كونه صاحب التزام من الدولة أو صاحب امتياز د- يحرم من حق الانتخابات بأن يكون ناخب أو منتخب، كما يحرم من جميع حقوقه النقابية والمدنية والسياسية. هـ- لا يمنح الأهلية للقيام بالنشر أو التحرير لجريدة ما أو حتى أن يتملكها و- لا يسمح له بالولاية على مدرسة أو ممارسة مهنة في التعليم العام والخاص ز- لا يملك حق حمل الأوسمة والألقاب السورية وغيرها وبدلاً عن ذلك يمكن أن يتم الحكم مع التجريد المدني ب ومدة عقوبة التجريد المدني بوصفه عقوبة أصلية تتراوح بين ثلاث وخمس عشرة سنة. 2- التجريد المدني كعقوبة فرعية: التجريد المدني يرافق العقوبات ذات الصفة الجنائية لكونه عقوبة فرعية ونصت عليها المادة 49 من قانون العقوبات. كما يجب أن نشير بأن التجريد المدني لا يسقط بالتقادم .
- عقوبة المنع من الحقوق المدنية: يحرم الجاني عليه من ممارسة الحقوق التالية: 1- الحق من كونه موظفاً في الوظائف والخدمات العامة 2- لا يحق له إدارة شؤون الطوائف المدنية أو أن يتولى إدارة النقابة التي ينتمي إليها 3- حق الانتخابات سواء كان ناخب أو منتخب 4- حمل أوسمة سورية أو غيرها وعقوبة المنع من الحقوق المدنية تعتبر عقوبة جنحية،
- عقوبة الحجر القانوني: هي عقوبة يسلب بها من الجاني السلطة على أمواله وثرواته وتبعاً لهذه العقوبة فأي تصرف أو عمل يقوم بها المحجور عليه يعتبر باطلا بطلانا مطلقا،كما لا يعطى للمحجور عليه أياً من المبالغ إلا التي يجيزها له القانون و من القيود التي استثنيت من عقوبة الحجر القانوني هي الحقوق الملازمة للشخص بوصفه إنسان ك ولا يمكن أن تنقل من شخص إلى شخص آخر؛ كحقوق الزواج والطلاق والوصية. والحجر القانوني هو عقوبة فرعية يتم تنفيذها عند صدور الحكم بها وتنتهي بالإفراج عن المحكوم عليه بعد انتهاء مدة العقوبة ويتم رفع الحجر عنه. ولابد أن نشير إلى أن هذه عقوبة الحجر القانوني لا يمكن سقوطها بالتقادم.
رابعاً العقوبات النفسية: هي اثنان عقوبة إلصاق الحكم، وعقوبة نشر الحكم، ويقصد بهما إذاعة ونشر خبر الإدانة في الأوساط القريبة من المحكوم عليه للتشهير بفعله.
- إلصاق الحكم: وهي عقوبة يتم فيها يتضمن إلصاق الحكم لمدة شهر على باب قاعة محكمة الجنايات وفي أقرب مكان من مكان وقوع الجريمة ، وفي مكان إقامة الجاني،وغالباً تكون مدة الالصاق 15يوماً الا اذا اقر القانون بتمديد المدة او نقصانها.
- نشر الحكم: وبهذه العقوبة يتم نشر الحكم في جريدة أو عدة جرائد وتصنف عقوبة النشر كعقوبة إضافية.
خامساُ العقوبات المالية: العقوبات المالية هي: العقوبات التي تمس المحكوم عليه في ثروته وهي اثنتان: الغرامة والمصادرة.
- عقوبة الغرامة: الغرامة عقوبة مالية ويجبر بموجبها دفع مبلغ من النقود يقدره القاضي في قرار الحكم يعطى للدولة والغرامة إما أن تكون عقوبة أصلية أو أن تكون عقوبة إضافية؛ فهي أصلية في العقوبات الجنحية والمخالفات، ويقدر مقدارها في الجنح بين مائة وألف ليرة سورية ، و في المخالفات بين خمسة وعشرين ومائة ليرة، والغرامة عقوبة إضافية في الجنايات ويتم فرضها في الجرائم المالية ويترك تحديد مقدارها أحياناً للقاضي.
- عقوبة المصادرة: هي عقوبة مالية يتم بها انتزاع أملاك المحكوم عليه إجباراً من غير أن يحصل على تعويض وتنتقل المليكة إلى الدولة وهي عقوبة فرعية. والمصادرة تكون على نوعان: النوع الأول هو: المصادرة العامة ويتم بها مصادرة جميع أموال وأملاك المحكوم ودستور سوريا لا يأخذ بهذه العقوبة كما جاء فيالفقرة الثانية من المادة 15 : ” المصادرة العامة في الأموال ممنوعة ” و النوع الثاني من المصادرة : هي المصادرة الخاصة وهنا يتم مصادرة ملك واحد أو ملكيات معينة فقط هي المصادرة التي أخد بها قانون العقوبات السوري في أحكامه.
بهذا المقال نكون قد تحدثنا عن تعريف لقانون العقوبات السوري وأنواع العقوبات المطبقة فيه.
بقلم الحقوقية: إناس إبراهيم هيلم