التحكيم في حل المنازعات: مفهومه وأركانه وصور إتفاق التحكيم
التحكيـم في حل المنازعـات:
مفهومـه وأركانـه وصـور إتفـاق التحكيـم
من المُسلم به أن القضاء الوسيلة الأولى لتسوية النزاع بين الأفراد، هذا وقد نص القانون الأساسي على حق كل فرد في اللجوء إلى القضاء لإستعادة حقوقهم، لكن من أصعب ما قد يتعرض له المواطنين أثناء لجوئهم إلى القضاء هو بطء إجراءات التقاضي، إضافة إلى ذلك ظهرت العديد من الوسائل الودية لحل النزاع والذي يعد أبرزها: الصلح العشائري والتحكيم.
مفهوم التحكيم:
يعتبر التحكيم من أهم الوسائل الودية التي تعالج نزاع قائم أو قد يقوم بين الأفراد، على الرغم من أنه حديث النشأة إلا أنه يعتبر وسيلة جيدة مصدرها القانون لحل النزاعات ، إلا أن القانون لم يعتبر التحكيم بمثابة القضاء وبديلاً عنه كالتشريعات المقارنة، إنما اعتبره إستثناء عنه وذلك وفقاُ لقانون التحكيم رقم3 لسنة 2000 الساري في أراضي الضفة الغربية.
تقوم قواعد قانون التحكيم على نظام قانوني، حيث تم النص على قواعد تنظمه في قانون التحكيم والائحة التنفيذية، إضافة إلى مشروع قانون التحكيم الفلسطيني الذي سيصبح نافذاً بمجرد إقراره، فيتم اللجوء إلى تسوية النزاعات بطريقة التحكيم من خلال إتجاه الإرادة بذلك، أي أنه لا يمكن اللجوء إليه إلا بمجرد إتفاق بين طرفي النزاع، فمبدأ سلطان الإرادة يعتبر مبدأ جوهري به، كما تم اللجوء إليه بإرادة الأطراف فهو لا ينتهي إلا بإرادتهم.
أركان التحكيم:
وبناءاً على ما سبق، يعتبر التحكيم عقد بين الطرفين، وينطبق عليه كافة الأركان الموضوعية المتعلقة بالعقود وفقاً لمجلة الأحكام العدلية وهي على سبيل الحصر:
- الأهلية: فيتوجب أن يكون أطراف التحكيم ذو أهلية كاملة، حيث يعتبر اللجوء إلى التحكيم تصرف، لذا يجب أن يتوافر بهم أهلية التصرف بالحقوق، وذلك أن يكون سن الأهلية 18عاماً، أما إن كان أحد الأطراف ناقص الأهلية أو فاقدها فيجب أن يقوم به ممثلاُ قانونياً صحيحاُ وإلا أعتبر إتفاق التحكيم باطلاُ بحقه، وتكتمل أهلية الشخص المعنوي من خلال عقد تأسيس الشركة.
- الرضا: بمعنى أن تكون إرادة الطرفين صحيحة وخالية من العيوب، فلا يمكن تصور العيب هنا إلا إكراه، ويعتبر الإتفاق في مثل هذه الحالة موقوفاً على الرضا الاحق، أما باقي عيوب الإرادة فلا تقوم في التحكيم وذلك لأنه إتفاق إجرائي لا موضوعي، ويكون غالباُ إتفاق التحكيم مكتوباُ.
- السبب: وهو الباعث على التعاقد، بمعنى أنه أمر نفسي ذاتي، فيجب أن يكون مشروعاً وإلا اعتبر باطلاُ.
- المحل: وهو موضوع إتفاق التحكيم، أي أنه النزاع الحاصل أو الذي قد يحصل بين الأطراف، فيجب أن تتوافر في محل إتفاق التحكيم ذات الشروط المتعلقة بالمحل في المجلة.
أما فيما يخص الأركان الشكلية له، فهناك من اعتبر الكتابة شرطاُ للإنعقاد، وهناك من اعتبرها شرط إثبات، وتعددت وجهات النظر في ذلك، لكن الرأي الراجح أنها شرط إثبات، ذلك لأن القانون نص صراحة على الحالات التي تبطل إتفاق التحكيم ولم ينص على الإمتناع عن الكتابة، والمشرع قد تبنى المفهوم الواسع للكتابة، أما بالنسبة لمشروع قانون التحكيم الفلسطيني فقد اعتبرها شرط إنعقاد.
أطراف إتفاق التحكيم:
كأي عقد له أطراف، فأطراف إتفاق التحكيم هم من حصل النزاع بينهم، فيقوموا بتعين محكم أو أكثر للنظر في موضوع النزاع، وإن كان أكثر من محكم فيتم تعين مرجح إما يعين من قبل الأطراف أو إن اختلفوا فيعين من قبل المحكمين، وللمحكمة أيضاُ صلاحية في تعين المحكمين أو المرجح وذلك إن اختلفوا أطراف النزاع، ويعتبر دور المحكمة هنا دوراُ إستثنائياُ.
بعد دراسة موضوع النزاع من قبل هيئة التحكيم، تصدر قرارها وفقاُ لذلك، ويكتسب هذا القرار حجية الأمر المقضي به حتى قبل المصادقة عليه من قبل المحكمة وإكتسابه الصفة التنفيذية،هذا يعني أن قرار التحكيم بمثابة قرار القضاء، لذلك لا يمكن لأحد الأطراف اللجوء إلى القضاء طالما وجد إتفاق تحكيم أو تم البدء بإجراءات التحكيم، ويمكن للطرف الأخر الدفع بذلك قبل الدخول بأساس الدعوى وفقاُ للمادة السابعة من قانون التحكيم.
صور إتفاق التحكيم:
قد يرد بإحد الطريقتين:
- شرط التحكيم: أي أنه يندرج في بند من بنود العقد، ويكون سابقاُ للنزاع، فيبرم إما في العقد أو في وثيقة منفصلة عنه، هذا وقد يكون اللجوء إلى التحكيم في نزاع قائم وفقاُ إلى عقد سابق بين الأطراف تضمن الجوء إلى التحكيم، أو إستناداُ إلى عقد نموذجي بموجبه ينص على اللجوء إلى التحكيم، وهذا ما يسمى بالإحالة.
- مشارطة التحكيم: فيكون لاحق للنزاع، الأمر الذي يؤدي إلى ضرورة تحديد موضوع النزاع فيه وإلا اعتبر باطلاً.
بناءاُ على ما سبق، يعتبر التحكيم وسيلة ضرورية وهامة لحل النزاعات، على الرغم من أن تكلفتها أعلى من القضاء إلا أنها تمتاز بالسرعة في حل النزاعات والسرية التامة، الأمر الذي أدى العديد من الشركات التجارية اللجوء إليه في معظم النزاعات وذلك حفاظاُ على سمعتها التجارية، إضافة إلى ذلك لا يشترط أن يكون المحكم ذو خبرة واسعة ولا يشترط أن يكون معتمد من قبل وزارة العدل في حالة تعينه من قبل الأطراف.
بقلم الحقوقية: أمنة عايد رمضان
مواضيع أخرى ذات علاقة:
Pingback: التحكيم وتمييز نظام التحكيم عن القضاء العادي وعن غيره من وسائل حل النزاعات - موسوعة ودق القانونية
Pingback: المنازعات بين الشركاء/ اتفاق التحكيم من خلال التعليق على حكم محكمة التمييز الأردنية حقوق رقم 970 لسنة 2016 - موسوعة ودق القانونية
Pingback: رد المحكين عن نظر دعوى التحكيم - موسوعة ودق القانونية