الدستور والدستورانية بعد الحراك العربي
الدستور والدستورانية بعد الحراك العربي
الدستور والدستورانية، إن انفجار قضية الهوية باعتبارها أثرًا مُباشر لسقوط الأنظمة الظالمة و الفاسدة، كان أول اختبار صعب واجه كتابة الدساتير، حيث انطلق النقاش في تحديد الانتماء الوطني، وطبيعة الدولة، ومسألة الدولة المدنية، وموقع الشريعة الإسلامية في صنع القانون، جعلت مرجعيات و سبب الحراك العربي، وقوة و كثرة مشاركه و حضور الشعب التي طبعت الفعل السياسي في ثورة ما بعد عام 2011، حيثُ صوغة الدساتير و تم كتابتها حَسب مطالب الأجيال الجديدة من دساتير الحقوق و المشاركة المدنية، كما حصل اختلاط في المطالب ،حيثُ بدأت مطالب الحراك في تحسين الأوضاع الاقتصادية ومن ثُم المُساوة الاجتماعية حتى وصلت في المُطالبة بتغيير أنظمة الحُكم.
أولاً- الدستور المغرب و نظام الحكم بها:
لكن بالبداية يُعرف الدستور بأنه أعلى وثيقة بالدولة و أهم وثيقة قانونية بالدولة إذ أنه يسمو على قواعد القانون الاخرى. تُمثل الظروف السياسية و الدستورية في المغرب حالة مُثيرة للاهتمام في الشرق الأوسط: فنظام الحُكم الملكي فيها، على الرغم من وجوده في الحكم منذ أكتر من ثلاثة قرون، لم يشهد أي تحول في السنوات الأخيرة، ولكن في مُناخ فقدت الأحزاب السياسية و النقابات العُمالية مصداقيتها و قوتها السياسية، نزل إلى الشوارع مئات الآلاف من المغربيين في عدت مُدن و قُرى في سائر أرجاء البلاد في عام 2011 للمُطالبة بالمزيد من الديمقراطية و التغيير، حيثُ أنضم إلى هذه الحركة طيفُ واسع من الجماعات السياسية ، فشمل خليطًا عشوائيًا من المواقف الايدولوجية المختلفة، توحد شعبها في مُعارضة الحُكم الإستبدادي، وبعدها أعترف الملك أنّه بحاجة إلى عقد أجتماع، ثُم إصلاح دستوري لتيسير العملية الإصلاحية وفق أجندة و خطط عمل وضعها الملك، و ألتفت اللجنة الملكية للإصلاحات الدستورية مُمثلين عن الأحزاب السياسية و منظمات المجتمع المدني المُختلفة، لكن غالبية هذه الأحزاب فشلت في المُشاركة في أي حوارات ذات أهمية حول الفصول و المواضيع الأساسية للدستور، وفي نهاية المطاف تم إقرار الدستور من قبل الحكومة الملكية قبل إجراء الاستفتاء، و أيده مُعظم الأحزاب السياسية عند طرحه للاستفتاء . ودعت أعضاءها إلى الموافقة عليه على الرُغم من غياب أي مُساهمة جدية لها فيه.
ثانياً- وضع الدستور الجديد:
في عام 2011 أقرت المملكة المغربية دستورًا جديدًا ، جاء بمثابة ثورة لترسيخ الديمقراطية و الحريات حيث تضمن مقتضيات و إصلاحات يصفها أكاديميون و حقوقيون بالتاريخية، (وعنوانه التحول من دستور المؤسسات و السلطات إلى دستور المواطنين). وضع الدستور الجديد موضع التنفيذ في يوليو /2011م وينص الدستور الجديد على العديد من حقوق الإنسان التي لم يُسبق الاعتراف بها في المغرب ، وذلك خطوه للامام دون شك وتميز الدستور المغربي الجديد بتكريس مبدأ الفصل بين السلطات و تعزيز التعاون بينهُم بشكل متوازن، ناهيك عن تأكيد استقلال القضاء، ليعيد سلطة مستقلة إلى جانب السلطة الدستورية المعروفة.
وأيضًا يمكن الحديث عن دستور 2011 بأنه ترسانة دستورية تضم مجموعة من المواد المهمة فهُناك مواد الحقوق و الحريات و الرأي تحدث عنها الدستور و المشروع الجديد في نحو 60 مادة تتعلق بالحقوق و الحريات وهذا ميثاق حقيقي، و الكثير من المحاور التي عالجها الدستور الجديد.
و إن دستور 2011 أرسى مجموعة من الركائز لترسيخ الديمقراطية في البلاد و مبدأ فصل السلطات، موضحًا أن المُصادقة عليه شكلت قفزة كبيرة في التاريخ السياسي للبلاد .و أضافة إلى ذلك للملك و رئيس الحكومة و لمجلس النواب و لمجلس المُستشارين، حق اتخاذ المبادرة في مراجعة الدستور ، و للملك أن يعرض مُباشرة على الإستفتاء، ولا يصح الموافقة على مقترح مراجعة الدستور الذي يتقدم به عضو او اكثر من أعضاء احد مجلسي البرلمان، الإ بتصويت أغلبية ثلثي الأعضاء الذي يتألف منهُم المجلس. وتعرض المشاريع و مُقترحات مراجعة الدستور على الشعب بقصد الاستفتاء، وتكون مُراجعة نهائية بعد إقرارها للاستفتاء.
وشارك في استفتاء الدستور الجديد أكتر من 13 مليون مغربي صوت حوالي ٪98,50 على الموافقة عليه ، فيما لم تتجاوز نسبة المُعارضين و المصوتين بـ (لا ) نسبة 1,5 ٪ في حين بلغت الاصوات الباطلة نسبة 83, ٪ .
ثالثاً- الدستورانية:
في ذلك تناول عدة نقاط ذو أهمية، وهما:
- تعريف الدستورانية: الدستورانية منظومة آليات تُتيح قيام سقف فاعل من القيود التي تُهم مُمارسة الحكم ، من حيث توزيع السلطات أو قواعد المنافسة أو المسؤولية السياسية للحكومة .
- الدستور الدستوراني: يكون ديمقراطي وهو الدستور الذي طبق مواده اي تم استخدامه في نفس الطريقة التي كُتب فيها
- الدستورانية: عبارة عن فكرة غالبًا ما يتم ربطها بالنظريات السياسية ، والتي تعني بأن الحكومة يجب أن تكون مُقيدة قانونيًا في سلطاتها ، وإن شرعيتها و صلاحيتها يعتمدان على مدى مراعاتها لتلك القيود .
- الدستور الذي من ورق: وهو دستور يحتوي على الكثير من الحقوق و الحريات ولكن لا يكون لها تطبيق عملي حيثُ تأتي مثل هذه الدساتير لتزيين العقد الاجتماعية وليس لتحقيقًا لإرادة الأفراد و رغبتهُم في وجود ما يُعبر عنهُم . أي مجرد دستور مكتوب لا أكثر بمعنى آخر ( مُجرد حبر على ورق ) .
ما خصائص الدستور الدستورانية؟
- هو الذي يتحدث عن المحتوى و كيفية تطبيق هذا المُحتوى
- وان يُكتب من الشعب للشعب
- وان يطبق مبدأ الفصل بين السلطات
- وهو الذي يأخذ برأي الشعب و يجرى عليه أستفتاء من قبل المواطنين
وبناءً على ذلك لو رجعنا و قارنا في دستور المغرب لوجدنا بأنه دستور دستوراني و ديمقراطية و مطبق ليس من ورق لانه يقوم على وضع دستور جديد ومن ثُم يسعى على تطبيقه فقد طبق الدستور الجديد ووتم به مُراعات حقوق المواطنين و الأخذ برأي الشعب و استفتائه حيثُ شارك الملايين في الاستفتاء و كرس مبدأ الفصل بين السلطات و سجل تحول عن الدستور القديم بشكل إيجابي و يتكلم عن دستور المغرب التاريخ العربي وتم تطبيق اي تم استخدامه بنفس الطريقة التي كُتب فيه وهناك الكثير من الأشياء تثبت إيجابية الدستور المغربي وأنه تم تطبيقه بشكل ديمقراطي.
وبنهاية حتى نتمكن من الحديث عن الدستور والقول بأنه دستور صحيح و دستوراني يجب أن يكون الدستور التي تم كتابته مُطبق على أرض الواقع و من الشعب للشعب، فلا يُعقل أن يكون دستور دستوراني وهو تم كتابته من الحاكم للشعب دون أستفتاء ، وبعدين عن الغموض وعن المصالح الخاص.
بقلم الحقوقية: ميس الريم جناجرة
مواضيع أخرى ذات علاقة:
بالتوفيق حبيبتي ❤⚖
Pingback: آليات تعديل الدساتير: السلطة التأسيسية المنشأة والمعدلة - موسوعة ودق القانونية
Pingback: دستور الولايات المتحدة الأمريكية - موسوعة ودق القانونية
Pingback: دستورية القوانين - موسوعة ودق القانونية
Pingback: نظرية العقد الاجتماعي والدستور - موسوعة ودق القانونية