الصحة النفسية في ميزان القانون
الصحة النفسية في ميزان القانون
(بقلم الباحثة: دارين صبحي سويدان)
“تخيل أنك قاضٍ أمام قضية شخص ارتكب جريمة مروعة، ولكنك تكتشف أنه يعاني من اضطراب نفسي شديد، هل ستصدر عليه حكماً بالسجن كما تفعل مع أي مجرم آخر، أم ستأخذ حالته النفسية في الاعتبار عند تحديد العقوبة؟” هذا السؤال المعقد يقع في صميم العلاقة بين القانون والصحة النفسية، وهي علاقة تشكل تحدياً كبيراً للمجتمعات الحديثة، فمن جهة يجب حماية حقوق الأفراد الذين يعانون من اضطرابات نفسية، ومن جهة أخرى يجب حماية المجتمع من أي أضرار قد يسببها هؤلاء الأفراد. وفي هذا المقال، سنتناول الحديث عن الصحة النفسية في الميزان القانوني، وسنناقش التحديات التي تواجه هذا التقاطع، وسنشير إلى أهمية تطوير أطر قانونية وسياسات فعالة وحلول مقترحة للتعامل مع مثل هذه القضايا.
أولاً-ماهية الصحة النفسية في القانون:
لا يمكن فهم مفهوم الصحة النفسية إلا من خلال العودة إلى مفهوم اضطرابات الصحة النفسية، كما أننا لا نستطيع تصور الصحة البدنية والعقلية إلا بمعرفة اضطراباتهما، يشبه ذلك كيف يتم إدراك اللون الأبيض بشكل أفضل على خلفية سوداء؛ بمعنى أنهما شيء واحد ولكنهما مختلفان، ويصف المرء نفسه عادةً بأنه في أحسن حالة أي أنه لا يعاني أي اضطرابات. ويمكن تعريف الصحة النفسية بأنها حالة من الرفاه النفسي تتيح للفرد مواجهة ضغوطات الحياة بفعالية وتحقيق إمكاناته والتعلم والعمل بجد، بالإضافة إلى المساهمة الفعالة في مجتمعه، فهي لا تقتصر على غياب الاضطرابات النفسية بل تعكس حالة إيجابية تشمل القدرة على التكيف مع التغيرات وبناء علاقات صحية، والشعور بالسعادة والرضا في الحياة.
ثانياً- التطور التاريخي للصحة النفسية وعلاقتها بالقانون:
تشير الدراسات إلى أن الحضارات القديمة مثل الفراعنة والإغريق والصينيين القدماء وحضارات ما بين النهرين، أولت اهتماماً كبيراً لعلاج الاضطرابات العقلية واستعادة الصحة النفسية، وظهر الإغريق ومن بينهم أبو قراط الذي اعتبر أن الأمراض العقلية تنجم عن خلل في المخ (مركز النشاط العقلي)، فقد أوصى بتنظيم الحياة وتخفيف الضغوط النفسية وتوفير التغذية السليمة والتمرينات الرياضية، أما أفلاطون فقد اعتبر المجنون غير مسؤول عن أفعاله داعياً إلى عزله وتكليف أسرته برعايته (هنا أشار إلى عدم وجود أهلية قانونية للمجنون)، وفي العصور الوسطى ازدهر علم الصحة النفسية في العالم الإسلامي، حيث اهتم العلماء المسلمون بالصحة النفسية من خلال دراسات تتعلق بالأخلاق وحسن العلاقة بين الإنسان وربه ونفسه ومجتمعه، وفي العهد الأموي أُسس أول مستشفى للطب النفسي، وفي العهد العباسي خصص ربع مستشفى بغداد للطب النفسي، وظهر عدد من الأطباء المسلمين النفسيين الذين قاموا بوصف وتصنيف الأمراض، بينما أسس آخرون مستشفيات لعلاج ورعاية المرضى.
وفي العصر الحديث بدأ ظهور الطب النفسي في الغرب، إذ اعتمدوا بشكل كبير على المراجع العربية التي وصلت إلى الأندلس؛ مما ساهم في استكمال ما بدأه العلماء العرب المسلمون، وفي القرن التاسع عشر بدأت أوروبا تهتم بالمرضى النفسيين ومعاملتهم بشكل إنساني، حيث كان العلماء والأطباء في فرنسا وبريطانيا من الرواد في هذا المجال، ومع مطلع القرن العشرين انتشرت العيادات والمستشفيات، وتطورت دراسة علم النفس والعلاج النفسي والطب النفسي وظهرت عدة قوانين متعلقة بالصحة النفسية هدفت إلى تحقيق التوازن بين حماية حقوق الأفراد الذين يعانون من اضطرابات نفسية وحماية المجتمع كذلك، ومع ذلك لا تزال قوانين الصحة النفسية متفاوتة بين الدول المتطورة والدول النامية.
ثالثاً-الأطر القانونية التي تحكم العلاقة بين الصحة النفسية والقانون في مختلف البلدان:
بين سندان المسؤولية الجنائية ومطرقة الإعاقة النفسية يتخبط الفرد المصاب باضطراب نفسي، فهل هو مجرم يستحق العقاب أم مريض يحتاج إلى العلاج؟ هذا التناقض هو جوهر العلاقة المعقدة بين القانون والصحة النفسية، علاقة تتطلب منا إعادة النظر في مفاهيمنا حول المسؤولية والعدالة، إذ إن فهم العلاقة بين القانون والصحة النفسية يتطلب تعاوناً وثيقاً بين مختلف الأطراف المعنية، بما في ذلك القضاة والمحامون والأطباء النفسيون والعلماء الاجتماعيون، فالقضاة بحاجة إلى فهم الأسس العلمية للطب النفسي لاتخاذ قرارات عادلة، والمحامون بحاجة إلى الدفاع عن حقوق المرضى النفسيين، والأطباء النفسيون بحاجة إلى تقديم تقارير طبية دقيقة وموضوعية، والعلماء الاجتماعيون بحاجة إلى دراسة التأثيرات الاجتماعية والثقافية على الصحة النفسية والقانون، فعلى الرغم من وجود قانون الصحة العامة رقم (20) لسنة 2004م في فلسطين والذي يتضمن بعض المواد المتعلقة بالصحة النفسية، إلا أنه لا يوفر إطاراً قانونياً شاملاً لكافة جوانب الصحة النفسية، وبالتالي لا يوجد حتى الآن قانون فلسطيني متخصص ينظم هذا المجال بشكل كامل.
وتختلف قوانين الصحة النفسية بشكل كبير من بلد إلى آخر، حيث تتأثر هذه القوانين بالثقافة والتاريخ والنظرة الاجتماعية للصحة النفسية بالإضافة إلى التطورات العلمية والطبية، ومع ذلك هناك بعض المبادئ المشتركة التي تسعى معظم الدول إلى تحقيقها من خلال قوانينها الخاصة بالصحة النفسية، فمثلاً تتميز الولايات المتحدة الأمريكية بتنوع كبير في قوانين الصحة النفسية بين الولايات المختلفة، ولكن بشكل عام تركز هذه القوانين على حماية حقوق المرضى، وتوفير الرعاية الطوعية والإجبارية، وتنظيم استخدام الأدوية النفسية، أما بريطانيا وكندا فتشترك بكونها تتميز بنظام شامل يوفر خدمات الصحة النفسية للمواطنين؛ إذ تركز كل منهما على حقوق المرضى، وتوفير الرعاية المناسبة لهم، وتشجيع الدمج المجتمعي.
رابعاً- حقوق المرضى النفسيين في القانون:
تثير العلاقة بين القانون والصحة النفسية العديد من التساؤلات الأخلاقية، مثل حق الفرد في اتخاذ قرارات بشأن علاجه، وحق المجتمع في حماية نفسه من الأفعال الضارة، بالإضافة إلى ذلك تثار تساؤلات حول استخدام القوة لإيداع شخص في مستشفى للأمراض النفسية رغماً عنه، وحقوق المريض في الخصوصية، ولا تزال قوانين حقوق المرضى النفسيين في تطور مستمر في جميع أنحاء العالم؛ حيث تسعى هذه القوانين إلى تحقيق التوازن بين حماية حقوق الأفراد الذين يعانون من اضطرابات نفسية وحماية المجتمع.
يلعب القانون دوراً حاسماً في حماية حقوق المرضى النفسيين من خلال تحديد الحقوق التي يتمتع بها المرضى النفسيون، ووضع الضوابط والإجراءات التي يجب اتباعها في التعامل مع المرضى النفسيين، كما ويوفر القانون آليات للشكوى في حال انتهاك حقوق المرضى، ويوجد عدة أسس لحقوق المرضى النفسيين تتمثل بـالحق في الرعاية الصحية المناسبة لهم، وكذلك الحق في اختيار نوع العلاج، وضمان حفاظ المرضى النفسيين على خصوصيتهم وحماية معلوماتهم الشخصية، والحق في المشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة بصحتهم وعلاجهم قدر الإمكان، ومراعاة سلامتهم وسلامة الآخرين، ومعاملتهم معاملة متساوية وعادلة، دون أي تمييز على أساس حالتهم الصحية.
خامساً-التحديات التي تواجه حقوق المرضى النفسيين في القانون:
لا تؤثر الأمراض النفسية على الأفراد المصابين بها فقط، بل تمتد آثارها لتشمل الأسر والمجتمع ككل، فكيف يمكن للقانون أن يحمي حقوق هؤلاء الأفراد دون الإضرار بحقوق الآخرين؟ هذا السؤال يطرح تحديات كبيرة تتطلب حلولاً مبتكرة، إذ أنه وعلى الرغم من التقدم المحرز في مجال حقوق المرضى النفسيين، لا يزال هذا المجال يواجه العديد من التحديات التي تختلف باختلاف السياق الثقافي والاجتماعي والقانوني لكل دولة، ومن أبرز هذه التحديات:
- الوصمة الاجتماعية: لا تزال الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالمرض النفسي تمثل عائقاً كبيراً أمام حماية حقوق المرضى، فالنظرة الدونية للمرضى النفسيين والاعتقاد بأنهم خطرون أو غير مسؤولين عن أفعالهم، تؤدي إلى التمييز ضدهم وانتهاك حقوقهم، ويمكن أن تسبب العزلة الاجتماعية له وتدني احترام الشخص لذاته؛ الأمر الذي يزيد من صعوبة تلقي العلاج اللازم، ويعود السبب الرئيسي إلى نشوء هذا الوصم غالباً إلى الجهل والمعرفة المحدودة حول الصحة النفسية، بالإضافة إلى التأثير السلبي لوسائل الإعلام التي تعمل على تصوير المرضى النفسيين بشكل غير دقيق.
- ضعف الوعي: غياب التوعية الكافية بحقوق المرضى النفسيين لدى الجمهور العام والعاملين في مجال الرعاية الصحية يشكل قضية خطيرة تؤثر على جودة حياة الأفراد الذين يعانون من اضطرابات نفسية، وهذا النقص يتجلى في عدم معرفة المرضى بحقوقهم الأساسية مثل حقهم في الحصول على الرعاية الصحية المناسبة؛ فقد أدى غياب الوعي إلى انتهاكات حقوقية مثل سوء المعاملة؛ ما عزز من مشاعر العزلة والوصم الاجتماعي.
- نقص الموارد: تعاني بعض أنظمة الرعاية الصحية من نقص في الخدمات والموارد، ويشمل أيضاً نقص عدد من الكوادر المتخصصين في الصحة النفسية كالأطباء والمعالجين النفسيين؛ ما يؤثر سلباً على جودة الرعاية المقدمة للمرضى، ويحد من قدرتهم على ممارسة حقوقهم، كما أن نقص توافر الأدوية الفعالة أو ارتفاع تكلفتها زاد من صعوبة إدارة الحالات الموجودة، وعزز غياب الدعم والأنشطة المجتمعية شعور العزلة لدى المرضى النفسيين.
- العلاج القسري: في بعض الحالات يرفض المرضى النفسيون تلقي العلاج؛ فيتم تعريضهم للاحتجاز في مراكز أو مستشفيات دون الحصول على موافقتهم من أجل معالجتهم قسراً؛ فعلى الرغم من أن هذا النوع من العلاج يعتبر ضرورياً لحماية المرضى أو المجتمع، إلا أنه قد يؤدي إلى فقدان الثقة نحو مقدمي الرعاية الصحية، وقد يفاقم من الأعراض النفسية لدى المرضى، ويثير العديد من القضايا القانونية والحقوقية والأخلاقية وينتهك حقوقهم وحرياتهم، ويتعارض مع مبدأ “الموافقة المستنيرة” والذي يعد أساس أخلاقي وقانوني في الأخلاقيات الطبية وقانون الصحة، ويطبق بشكل خاص في مجال الصحة النفسية، ويتطلب هذا المبدأ من مقدمي الرعاية الصحية تقديم معلومات دقيقة وكافية حول الحالة الصحية للمريض، وخيارات العلاج المتاحة، والمخاطر والفوائد المرتبطة بكل خيار، عندئذٍ يكون المرضى قادرين على فهم هذه المعلومات وقادرين على اتخاذ قراراتهم بحرية تامة بقبول أو رفض العلاج المقترح بدون أي ضغط أو قيد؛ ما يقوي ثقتهم تجاه مقدمي الرعاية الصحية ويؤدي إلى تحسين نتائج العلاج.
- ضعف التشريعات وتأثير وسائل الإعلام: يعتبر ضعف التشريعات وتأثير وسائل الإعلام من التحديات الكبرى التي تواجه حقوق المرضى النفسيين، إذ يعاني النظام القانوني في العديد من الدول من نقص في القوانين التي تحمي حقوق هؤلاء الأفراد؛ مما يؤدي إلى غياب الأطر القانونية الضرورية لضمان حصولهم على الرعاية الصحية اللازمة والمعاملة الإنسانية، ويعزز هذا النقص من احتمال حدوث انتهاكات لحقوق المرضى ويزيد من شعورهم بالعزلة والوصم، في المقابل تلعب وسائل الإعلام دوراً مهماً في تشكيل الرأي العام حول الصحة النفسية، وغالباً ما تقدم صوراً نمطية سلبية وغير دقيقة عن المرضى النفسيين؛ مما يؤدي إلى تعزيز الوصم والتمييز ضدهم، فعندما يتم تصوير هؤلاء المرضى كخطرين أو غير متوازنين، تصبح المجتمعات أكثر ميلاً إلى رفضهم وعدم قبولهم، بالتالي يساهم ضعف التشريعات في عدم قدرة المرضى على المطالبة بحقوقهم، بينما تسهم وسائل الإعلام في نشر الصور النمطية السلبية؛ مما يستدعي اتخاذ خطوات شاملة لتحسين الفهم المجتمعي وتعزيز الحقوق الإنسانية للمرضى النفسيين.
سادساً-الحلول المقترحة لتجاوز التحديات التي تواجه المرضى النفسيين:
مع التقدم التكنولوجي المتسارع، وظهور أدوية وأساليب علاجية جديدة، تتغير طبيعة الأمراض النفسية والعلاج النفسي بشكل مستمر، فالتقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة يمكن أن تساعد في تحسين تشخيص وعلاج الأمراض النفسية، ولكنها تطرح في الوقت نفسه تحديات جديدة تتعلق بالخصوصية والأمان، والسؤال هنا كيف يمكن للقانون أن يتكيف مع هذه التطورات وأن يظل قادراً على توفير الحماية اللازمة للأفراد والمجتمع؟
يمكننا مواجهة التحديات التي يتعرض لها المرضى النفسيون من خلال طرح مجموعة من الحلول المقترحة على النحو التالي:
- تطوير التشريعات: وذلك من خلال العمل على مراجعة القوانين الحالية المتعلقة بالصحة النفسية بشكل كامل؛ من أجل التأكد من أنها تتوافق والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وتغطي كذلك جميع جوانب الرعاية النفسية، ويجب تحديث القوانين للتناسب مع التطورات الحديثة في مجال الصحة النفسية، بما في ذلك التقنيات العلاجية الجديدة والحقوق الناشئة للمرضى، ويمكن أيضاً إضافة مواد جديدة إلى التشريعات لتعزيز حقوق المرضى مثل حقوق الزيارة، والحق في اتخاذ القرارات المتعلقة بالعلاج.
- زيادة الوعي والتثقيف: عبر تنظيم حملات إعلامية واسعة النطاق من خلال وسائل الإعلام المختلفة؛ لتوعية المجتمع بأهمية الصحة النفسية وحقوق المرض، وإدراج برامج توعية بالصحة النفسية في المناهج الدراسية لتغيير تصورات الطلاب عن المرض النفسي منذ الصغر، بالإضافة إلى تنظيم ورش عمل للمجتمع المحلي؛ لتوضيح المفاهيم الخاطئة حول المرض النفسي وتعزيز التعاطف مع المرضى.
- تحسين التدريب المهني: عن طريق تقديم برامج تدريب مستمرة للعاملين في مجال الصحة النفسية؛ لتحديث معرفتهم بالأساليب العلاجية الحديثة وحقوق المرضى، وطرح برامج تدريب متخصصة في مجال حقوق الإنسان وحقوق المرضى للعاملين في مجال الصحة النفسية والقانون، وتنظيم برامج توعية بالوصمة الاجتماعية المرتبطة بالمرض النفسي وكيفية التعامل معها.
- تعزيز الدعم المجتمعي: مثل إنشاء مراكز دعم نفسي توفر مساحة آمنة للمرضى لتبادل الخبرات والدعم، تقديم برامج إعادة التأهيل المجتمعي؛ لمساعدة المرضى على اكتساب المهارات اللازمة للاندماج في المجتمع، وتنظيم أنشطة ترفيهية وثقافية للمرضى النفسيين؛ لتعزيز صحتهم النفسية وتقليل الشعور بالعزلة.
- تشجيع البحث والابتكار: القيام بتخصيص ميزانيات كافية لدعم البحوث في مجال الصحة النفسية، بما في ذلك البحوث المتعلقة بأسباب الأمراض النفسية والعلاجات الجديدة، وتشجيع التعاون بين المؤسسات البحثية المختلفة لتبادل الخبرات والمعرفة، وتوفير حماية قانونية للمخترعين والباحثين لتشجيعهم على الابتكار في مجال الصحة النفسية.
- تحسين الوصول إلى الرعاية: وذلك بزيادة عدد المراكز الصحية النفسية خاصة في المناطق النائية؛ لتقليل المسافة التي يقطعها المرضى للحصول على الرعاية، وتوفير خدمات نفسية متكاملة تشمل العلاج النفسي والدوائي وإعادة التأهيل، وتسهيل وتبسيط إجراءات الحصول على الخدمات النفسية، وتقديم التسهيلات المالية للمرضى ذوي الدخل المحدود.
- مشاركة المرضى في صنع القرار: العمل على تشكيل مجالس استشارية تضم ممثلين عن المرضى النفسيين وأسرهم للمشاركة في صياغة السياسات الصحية، وتنظيم ورش عمل تشاركية لإشراك المرضى في مناقشة احتياجاتهم وتطوير الخدمات، وتمكين المرضى من الدفاع عن حقوقهم والمشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة بحياتهم.
- مراقبة وتقييم السياسات: وضع مؤشرات أداء لقياس مدى فعالية السياسات المتعلقة بالصحة النفسية، وإجراء تقييمات دورية للسياسات والبرامج لمعرفة نقاط القوة والضعف واقتراح التحسينات اللازمة، والاستماع إلى آراء المرضى وأسرهم حول جودة الخدمات المقدمة واقتراحاتهم لتحسينها.
تأخذ المحاكم في الحسبان الحالة العقلية للمتهم وتأثيرها على مسؤوليته الجنائية، ففي الحكم رقم (372) لسنة 2021 لمحكمة استئناف نابلس، وهو حكم قضائي بإدانة متهمين بجريمة إحداث عاهة دائمة وتبرئة ثالث بسبب مرض نفسي، قضت محكمة استئناف نابلس بتأييد حكم محكمة أول درجة بإدانة اثنين من الأشقاء بجريمة إحداث عاهة دائمة نتيجة طعنهم لشخص آخر، ورغم استئناف المدانين على الحكم الصادر، إلا أن المحكمة اعتبرت الأدلة المقدمة كافية لإثبات إدانتهم، أما بالنسبة للمتهم الثالث الذي يعاني من مرض نفسي فلم تتم محاكمته، وقررت المحكمة إحالته إلى مستشفى الأمراض العقلية، ففي هذا الحكم أكدت المحكمة على أهمية الأدلة في إثبات الجرائم، وأشارت إلى دور الطب النفسي في القضايا الجنائية وإلى أثر الحالة العقلية للمتهم على مسؤوليته الجنائية.
إن العلاقة بين الصحة النفسية والقانون هي علاقة متشابكة ومعقدة تتطلب فهماً عميقاً للأبعاد الطبية والقانونية والاجتماعية، ففي حين يسعى القانون إلى حماية المجتمع من الأفعال الضارة، فإنه يجب عليه أيضاً حماية حقوق الأفراد الذين يعانون من اضطرابات نفسية، ومع تزايد الاعتراف بآثار الأمراض النفسية على السلوكيات والتصرفات، تأتي الحاجة الملحة إلى ضرورة تطوير أطر قانونية وإنسانية تعزز من رعاية هؤلاء المرضى بدلاً من معاقبتهم، وتضمن أيضاً توافر الدعم الطبي والنفسي الكافي، وتتطلب معالجة قضية الصحة النفسية تضافر جهود مختلف الأطراف بدءاً من الحكومات والمنظمات غير الحكومية وصولاً إلى الأفراد والمجتمعات المحلية، تشمل تحديث التشريعات وتوعية المجتمع وتقديم الدعم الطبي؛ مما يسهم في تحقيق العدالة والحفاظ على كرامة الأفراد وتوفير بيئة آمنة للجميع.
بقلم الباحثة: دارين صبحي سويدان
مواضيع أخرى ذات علاقة: