بحث قانوني حول المسؤولية المدنية والذكاء الاصطناعي
المسؤولية المدنية والذكاء الاصطناعي
(بقم الحقوقية: رهف أشرف قنابيطة)
يشهد العصر الحديث تقدمًا هائلاً في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، حيث يعد الذكاء الاصطناعي تطورًا مهمًا ومثيرًا في هذا السياق، ومع استخدام الذكاء الاصطناعي في مجموعة متنوعة من المجالات، أصبحت الأسئلة المتعلقة بالمسؤولية المدنية والتبعات القانونية لتلك التكنولوجيا أمرًا حاسمًا.
يعنى مفهوم المسؤولية المدنية بتحديد المسؤولية القانونية للأفراد أو المؤسسات عن الأضرار التي يلحقونها بالآخرين أو بممتلكاتهم وفي سياق الذكاء الاصطناعي، يتطلب التحديد المناسب للمسؤولية المدنية مراعاة الطبيعة الخاصة لتلك التكنولوجيا وتأثيرها على المجتمع والفرد.
تُعد التحديات المرتبطة بتحديد المسؤولية المدنية للذكاء الاصطناعي معقدة وتتطلب التفكير القانوني والأخلاقي المتقدم، فقد يكون من الصعب تحديد الشخص أو الجهة المسؤولة عن سلوك الذكاء الاصطناعي، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتعلم الذاتي واتخاذ القرارات الذاتية من قبل نظام الذكاء الاصطناعي.
وبالتالي، فإن البحث في المسؤولية المدنية والذكاء الاصطناعي يهدف إلى تحقيق التوازن بين التطور التكنولوجي وحماية المجتمع والأفراد من المخاطر المحتملة ويتطلب ذلك وضع قوانين وإرشادات قانونية تحدد المسؤولية المدنية للأفراد والمؤسسات المتعاملة مع الذكاء الاصطناعي، وتوفير آليات لتعويض المتضررين في حالة وقوع أضرار جراء استخدامه.
أهمية البحث:
تبرز أهمية البحث في قصور قواعد المسؤولية المدنية التقليدية في مواجهة الأضرار الناجمة عن الذكاء الاصطناعي ويبرز التحديات التي تواجه المضرور في الحصول على تعويض كامل وعادل، يعود ذلك إلى تعدد الأفراد والجهات المشاركة في تطوير واستخدام التكنولوجيا القائمة على الذكاء الاصطناعي، مما يصعب تحديد المسؤولية بشكل واضح وتحديد الشخص المسؤول عن الأضرار.
لذلك، يتطلب الأمر تدخل المشرع لوضع نظام قانوني يحدد بدقة كيفية التعامل مع هذه التكنولوجيا الجديدة وتحديد المسؤولية المدنية للأفراد والمؤسسات المشاركة في تصنيع واستخدام الذكاء الاصطناعي، كما وينبغي أن تتضمن هذه الآليات القانونية آليات محددة تسهم في حماية حقوق المضرور وتمكينه من الحصول على تعويض كامل دون تكبد مصاريف مالية باهظة.
بوجود نظام قانوني مناسب، يمكن للمضرور أن يطالب بحقوقه وتعويضه في حالة وقوع أضرار نتيجة استخدام الذكاء الاصطناعي، مما يعزز التوازن بين التقدم التكنولوجي وحقوق الفرد والمجتمع، بالتالي يصبح من الضروري البحث والتطوير المستمر في إطار المسؤولية المدنية لمواجهة التحديات الناشئة عن استخدام الذكاء الاصطناعي وضمان حماية المضرور ومصالحه.
إشكالية البحث:
تعد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تقنية حديثة بالنسبة للمجتمع بأسره، وذلك ليس فقط من الناحية القانونية ولكن أيضًا على مستوى الوعي العام، ومن هنا ازدادت مخاوف البشر من الأضرار التي يمكن أن تنجم عن أنظمة الذكاء الاصطناعي إذا تجاوزت حدود البرمجة والتشغيل الآلي ويرجع هذا القلق إلى أن مجلة الأحكام العدلية التي تنظم المسؤولية المدنية قديمة ولا تواكب هذا التطور التكنولوجي الحديث.
أسئلة البحث:
سوف تجيب الباحثة في هذا البحث عن عدة أسئلة تتمحور حول الإشكالية القائمة:
- ما مفهوم الذكاء الاصطناعي؟
- ما المسؤولية المدنية عن أضرار الذكاء الاصطناعي؟
- ما مدى إمكانية المسائلة للذكاء الاصطناعي في القانون المدني الفلسطيني (مجلة الأحكام العدلية)؟
النطاق:
سيقتصر النطاق من حيث التشريع على:
فلسطين منذ مجيء السلطة الوطنية إلى عام 2023م.
فرنسا منذ عام 1941م.
مصر
المنهجية المتبعة:
سيتم إتباع المنهج (الوصفي المقارن)، حيث يتم إتباع المنهج الوصفي في تعريف الذكاء الاصطناعي ومن ثم إتباع المنهج المقارن في مقارنة ما مدى مسؤولية الذكاء الاصطناعي في دولة فلسطين ومصر وفرنسا.
الدراسات السابقة:
- المسؤولية المدنية والذكاء الاصطناعي إمكانية المسائلة، عرفان محمد، كلية القانون الكويتية العالمية، 2020، المبحث الثاني: المسؤولية المدنية للذكاء الاصطناعي (المطلب الأول المسؤولية المدنية عن أضرار الذكاء الاصطناعي والمطلب الثاني الأثر المترتب على تحقق المسؤولية المدنية عن أضرار الذكاء الاصطناعي).
- المسؤولية المدنية عن أضرار الذكاء الاصطناعي، وهبة سيد أحمد عبد الرزاق، مركز جيل البحث العلمي، 2020، المبحث الأول : ماهية الذكاء الاصطناعي (المطلب الأول ماهية الذكاء لغة واصطلاحا والمطلب الثاني ماهية الذكاء الاصطناعي).
- تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مواجهة الجرائم الالكترونية، إبراهيم علي/ حمدي عبد الله، رسالة ماجستير للباحث علي أحمد إبراهيم.
التقسيم: قسمت الباحثة البحث الى مبحثين وهم على النحو التالي:
المبحث الأول:
ماهية الذكاء الاصطناعي
سأتناول في هذا المبحث المطالب تالية الذكر:
المطلب الأول:
ماهية الذكاء لغة واصطلاحا
يعتبر الذكاء أداة حاسمة يعتمد عليها الإنسان لتحقيق أهدافه بصورة أكثر فاعلية، حيث يساهم في زيادة نسب التطور والنمو وتحقيق مؤشرات أفضل. يمنح الذكاء الفرد ذكاءً حاسمًا يمكّنه من تعزيز مكانته الاجتماعية، كما يدعمه في تعزيز قدرته على اتخاذ القرارات الهامة والصائبة، مستفيدًا من تعاون الآخرين وتفعيل مساهمتهم في تقديم البدائل المناسبة. يتحقق ذلك من خلال استكشاف مصادر متعددة للمعلومات والبيانات والأفكار، مما يساعد الفرد على تطوير رؤية واضحة للواقع الحالي وتحقيق الأهداف المستقبلية بشكل فعّال[1]النعيمي، صلاح عبد القادر، المدير القائد والمفكر الاستراتيجي-وفن مهارة التفاعل مع الآخرين، دار إثراء للنشر … Continue reading.
الفرع الأول: الذكاء لغةً
الذكاء يشير إلى قدرة الإنسان على الفهم والاستنتاج والتحليل والتمييز بفطرته وذكاءه الطبيعي. يمكن أن يُصف الشخص بأنه ذكي عندما يكون لديه فهم سريع ورؤية واضحة، وعندما يكون عقله حادًا ومنطقه قويًا. الذكاء يمكن أن يظهر في القدرة على التحليل والتركيب والتمييز واتخاذ القرارات الصائبة، وأيضًا في القدرة على التكيف مع مختلف الظروف[2]قاموس المعاني الجامع، مادة ذكي..
ويعرفه ابن منظور بأنه سرعة الفطنة، حيث يُقال عن القلب والصبي إنهما ذكيان إذا كانا سريعي الفهم. ويمكن استخدام الكلمة “ذكاء” للدلالة على القدرة على التحليل والاختيار، ويمكن قول “ذكا يذكو ذكاءً” للإشارة إلى زيادة الذكاء. كما يمكن أن يعني الذكاء التمام والكمال، على سبيل المثال، يُقال “ذكيت الشاة” للإشارة إلى إتمام ذبحها وتحقيق الحد الواجب في ذلك، أو “ذكيت النار” للإشارة إلى إشعالها بشكل مثالي[3]ابن منظور، جمال الدين لسان العرب، دار المعارف، القاهرة، د.ت، ص٢٨٦.
وبالتالي، يمكن القول بأن الذكاء هو التمام والكمال في الأشياء المختلفة، سواء في الفهم الشامل أو في السن وتمامه، ويمكن أن يظهر في الأداء المثالي لأمور مختلفة مثل ذبح الشاة أو إشعال النار[4]السويدان، طارق، صناعة الذكاء، شركة الإبداع الفكري للنشر والتوزيع، الكويت، ط۱، ۲۰۰۸م.
الفرع الثاني: الذكاء اصطلاحاً
يواجه العلماء تحديًا كبيرًا في تحديد تعريف مناسب للذكاء الإنساني، مما أدى إلى اختلاف وجهات النظر بينهم. هناك من يعرف الذكاء وفقًا لوظيفته وغايته، وآخرون يعرفونه استنادًا إلى هيكله وتكوينه، وبعضهم يعتمد تعريفًا إجرائيًا. هذا الاختلاف يكشف عن صعوبة كبيرة في توصيف الذكاء البشري بشكل شامل، على الرغم من التوافق الواضح حول وظائفه الحيوية وأهميته.
بشكل عام، يُعرف الذكاء اصطلاحا: على أنه قدرة الفرد على فهم واستيعاب حقيقة الأشياء. يشمل ذلك عملية معالجة البيانات والمعلومات الخام التي يحصل عليها الفرد من خلال حواسه، قبل أن يفسرها ويحوّلها إلى معلومات قابلة للفهم ومفيدة للإنسان. الذكاء يتضمن القدرات العقلية التي يستخدمها الفرد للتكيف مع مواقف الحياة الجديدة، ويُعرف أيضًا بأنه السلوك الإنساني الذي ينتج عنه حل المشكلات والتكيف مع البيئة، وتشكيل المفاهيم العقلية، والتعلم من خلال التفاعل مع الأحداث والتجارب المختلفة[5]عباس، فيصل، الذكاء والقياس النفسي في الطريقة العيادية، دار المنهل اللبناني مكتبة رأس النبع، بیروت، ٢٠٠٤م، ص … Continue reading.
المطلب الثاني:
ماهية الذكاء الاصطناعي
من الواضح أن صياغة تعريف محدد وشامل للذكاء العام والذكاء الاصطناعي يعتبر أمرًا صعبًا وعليه فهناك تباين كبير في وجهات نظر العلماء حول تفسير الذكاء الاصطناعي. بعض العلماء يعتبرونه فرعًا من فروع التصميم الهندسي، بينما يعتبره آخرون مرتبطًا بعلوم محاكاة نظم التفكير الإنساني.
مع تطور تطبيقات الذكاء الاصطناعي، أصبح تعريفه يتعلق بفرع من علوم الحاسوب يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتصميم وتطوير برامج الحاسوب التي تحاكي طرق التفكير البشري هدفها هو تمكين الحاسوب من أداء بعض المهام التي تتطلب التفكير والتفهم والسمع والتكلم والحركة بأسلوب منطقي ومنظم يتناسب مع طبيعة الإنسان وفطرته، بشكل عام يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي يهدف إلى تطوير نظم ذكاء آلي يمكنها التعلم والتكيف وأداء المهام المعقدة بشكل مشابه للإنسان. يستخدم الذكاء الاصطناعي مجموعة متنوعة من التقنيات والأدوات مثل التعلم الآلي والتعلم العميق ومعالجة اللغة الطبيعية لتحقيق هذا الهدف على الرغم من التحديات في صياغة تعريف شامل للذكاء الاصطناعي، إلا أنه يظل مجالًا مثيرًا للاهتمام يستمر في التطور والتقدم، ويتيح فرصًا كبيرة لتحسين الأنظمة وتطبيقات الحاسوب في مجالات متعددة[6]كاظم، أحمد، الذكاء الاصطناعي، جامعة الإمام جعفر الصادق بغداد، ۲۰۱۲م،ص ٤.
وفقًا لما ورد في قاموس المعاني الجامع، يتم تعريف الذكاء الاصطناعي على أنه “القدرة التي يتمتع بها جهاز أو آلة ما لأداء أنشطة تتطلب ذكاءً بشكل مماثل للقدرات البشرية، مثل الاستدلال الفعلي والقدرة على إجراء تعديلات على نفسه”.
يمكن أن يتم فرض تعريف الذكاء الاصطناعي على أنه القدرة التي تتمتع بها الأجهزة والبرامج الحاسوبية على محاكاة الذكاء البشري وأداء مهام تتطلب تفكيرًا واستدلالًا وتعلمًا. تعتمد هذه القدرة على تقنيات متنوعة مثل التعلم الآلي والشبكات العصبية الاصطناعية ومعالجة اللغة الطبيعية والتفكير الحسابي[7]قاموس المعاني الجامع، مادة ذكي.
يُعرف الذكاء الاصطناعي على أنه مجموعة من السلوكيات التي تتمتع بها البرامج الحاسوبية. حيث يهدف الذكاء الاصطناعي إلى تعزيز القدرة الإنتاجية وتحقيق تقدم في الأداء، بالإضافة إلى محاكاة القدرة الذهنية البشرية. في الواقع، أصبح الذكاء الاصطناعي متواجدًا في جميع أجهزتنا وأصبح الملاذ الآمن للعديد من الأشخاص، من الضروري أن نجد وسيلة فعالة للتعامل مع هذه البرامج بطريقة تعزز القدرة الإنتاجية وتسهم في التفاعل الإيجابي بين الإنسان والآلة على حد سواء.
يُعتبر التعاون الفعال والتفاعل الإيجابي بين البشر والذكاء الاصطناعي أمرًا حاسمًا لتحقيق أقصى استفادة من هذه التقنية.[8]الحسيني ، أسامة، لغة لوجو ، مكتبة ابن سينا للنشر والتوزيع، الرياض ، ۲۰۰۲م، ص ۲۱۱
ويعرف الذكاء الاصطناعي بأنه القدرة التي تظهرها الآلات والبرامج في محاكاة القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها. يتضمن ذلك القدرة على التعلم والاستنتاج والاستجابة للوضعيات غير المبرمجة مسبقًا. كما يُعتبر الذكاء الاصطناعي مجالًا أكاديميًا يهتم بصنع أجهزة الكمبيوتر والبرامج التي تتمتع بالقدرة على التصرف بطريقة ذكية. يُعرف جون مكارثي، العالم الأمريكي، الذكاء الاصطناعي بأنه “علم” وهندسة لصنع آلات ذكية من خلال دراسة وتصميم أنظمة ذكية تستوعب بيئتها وتتخذ إجراءات تزيد من فرص نجاحها. يهدف الذكاء الاصطناعي إلى تحقيق أفضل أداء ممكن للآلات والبرامج، وتحسين فرص نجاحها في التعامل مع التحديات والمواقف المختلفة.[9]جمال علي، لماذا علينا ألا نثق بالذكاء الاصطناعي.
في رأيي، يمكن تعريف الذكاء الاصطناعي بأنه مجموعة من الأساليب والتقنيات الجديدة في برمجة الأنظمة، والتي تهدف إلى تطوير أنظمة تحاكي بعض عناصر ذكاء الإنسان. تسمح هذه الأنظمة بالقيام بعمليات استنتاجيه وتفسير الحقائق والقوانين الممثلة في ذاكرة الحاسوب. ومن المهم أن نلاحظ أنه لا يمكن اعتبار الذكاء الاصطناعي برامج الكمبيوتر التي تحاكي طريقة التفكير البشرية، حيث أن العلماء في هذا المجال لم يصلوا إلى ذلك المستوى حتى الآن ويجدر بالإشارة إلى أن الذكاء الاصطناعي يُعرف في الوقت الحاضر بالذكاء الاصطناعي الضيق أو الضعيف، وذلك لأنه يقتصر على أداء مهام محدودة فقط. وهذا الأمر يجعل تطوير الذكاء الاصطناعي العام والقوي هدفًا طويل المدى للعديد من الباحثين. على الرغم من قدرة الذكاء الاصطناعي الضيق على تفوق البشر في مهمة محددة، إلا أن الذكاء الاصطناعي العام يمكنه التفوق على البشر في مهام إدراكية وحسية بشكل عام.
والذكاء يرتبط بشكل وثيق بالعمليات الذهنية المختلفة التي يقوم بها الإنسان، مثل الإبداع والتعلم والاستنتاج واستخلاص الأنماط. إذا قامت الآلة بأداء هذه العمليات، فإننا نعتبرها ذكية. ولذلك، يمكننا توضيح مفهوم الذكاء الاصطناعي عن طريق النظر في بعض المفاهيم المتعلقة بهذه العمليات ومن هذه المفاهيم:
الذكاء الاصطناعي القوي: هو مصطلح يُطلق على الآلة التي تقترب من مستوى الذكاء البشري أو تحل محله بشكل كامل. تكون هذه الآلة قادرة على تنفيذ مهام تشمل مجموعة واسعة من المجالات وفقًا لمعرفتها الخاصة، ولها مستوى من الوعي الذاتي. يهدف الذكاء الاصطناعي القوي إلى بناء آلة تمتلك قدرات معرفية لا تتباين كثيرًا عن تلك التي يمتلكها الإنسان[10]فهد آل قاسم، الذكاء الاصطناعي، كتاب إلكتروني، ص٤ -٥.
الذكاء الاصطناعي البرمجي: هو مصطلح يُطلق على الآلة التي تستخدم البرمجيات لدراسة أو حل مشكلة معينة، أو تنفيذ مهام قد تكون محدودة وقد لا تشمل جميع قدرات التعرف البشري. يتميز الذكاء الاصطناعي البرمجي بعدم وجود وعي ذاتي، ويكتفي بمستوى كبير من التعرف والتحليل لحل المشاكل المحددة
علوم التعرف: هي مصطلح يشير إلى النظم والبرامج التي تستكشف وتطوّر النظريات المتعلقة بعمل العقل البشري. في هذا السياق، لا يقتصر الاهتمام على ما يحدث بحد ذاته، بل يتم التركيز على كيفية حدوثه. يعني ذلك أن السلوك الذكي وحده غير كافٍ، بل يجب أن يتمتع البرنامج بقدرة ذكية تسمح له بالتطور والتعلم[11]فهد آل قاسم، الذكاء الاصطناعي، كتاب إلكتروني، ص٤-٥.
يتضح من ذلك أن الفرق بين تعريفي الذكاء الإنساني والاصطناعي المذكورين أعلاه يرتكز على القدرة على استحداث النموذج. يتمتع الإنسان بقدرة على ابتكار واختراع نماذج جديدة، بينما يُعد نموذج الذكاء الاصطناعي تمثيلاً لنموذج سابق تم استحداثه في ذهن الإنسان. كما يتمحور الفرق أيضًا في أنواع الاستنتاجات التي يمكن الحصول عليها من النموذج المبتكر. يمتلك الإنسان القدرة على استخدام مختلف أنواع العمليات الذهنية، مثل الاختراع والابتكار والاستنتاج في أشكاله المختلفة. بينما يقتصر الذكاء الاصطناعي على استنتاجات محدودة تعتمد على قوانين ومبادئ معروفة مبرمجة فيها من قبل الباحثين والمطورين في مجال الذكاء الاصطناعي[12]غادة المنجم وآخرون، الذكاء الاصطناعي، كلية العلوم الإدارية جامعة الملك سعود، الرياض، ۲۰۰۹م، ص٩.
المبحث الثاني:
المسؤولية المدنية للذكاء الاصطناعي
سأتناول في هذا المبحث المطالب تالية الذكر:
المطلب الأول:
المسؤولية المدنية عن أضرار الذكاء الاصطناعي
سنقوم بإجراء دراسة لأنواع مختلفة من المسؤولية المدنية وفقًا للأدوار التقليدية المعروفة لها، وسنحلل إمكانية تطبيق هذه المسؤولية على مجال الذكاء الاصطناعي، سيتم تقييم ما إذا كانت المسؤولية العقدية أو المسؤولية التقصيرية يمكن تطبيقها على الأضرار التي يمكن أن تحدث بسبب الذكاء الاصطناعي، وذلك بناءً على الظروف التي تؤدي إلى وقوع مثل هذه الأضرار
الفرع الأول: المسؤولية العقدية:
في حالة عدم تسليم الروبوت وفقًا لشروط العقد المبرم بين البائع والمشتري، يمكن تطبيق المسؤولية العقدية. ومن الواضح أن الروبوت هو سلعة أو منتج تم بيعه وشراؤه. ومع ذلك، فإن تطبيق قواعد المسؤولية العقدية لم يكن كافيًا لمعالجة الأضرار التي يمكن أن يسببها الذكاء الاصطناعي. بالإضافة إلى ذلك، فإن المسؤولية العقدية تنحصر في الأشخاص الطبيعيين الذين يخالفون العقد، وليس على الذكاء الاصطناعي نفسه، حيث لا يمكن أن يكون طرفًا في العقد. حتى في حالة إضافة بنود تصف قدرة ومخاطر الذكاء الاصطناعي في العقد، فإن العقد يولد التزامًا ببذل عناية وليس التزامًا بتحقيق نتيجة محددة
الفرع الثاني : المسؤولية التقصيرية:
يتطلب الحصول على تعويض وفقًا لنظام المسؤولية التقصيرية أن يُثبت وجود الخطأ والضرر والعلاقة السببية بينهما. يُمكن تطبيق هذا المبدأ على الشخص المسئول عن الأضرار الناتجة عن استخدام الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، إذا اعتمد الطبيب برنامج دعم القرار السريري المدعوم بالذكاء الاصطناعي لتوصيف الدواء، ولكن البرنامج أصدر توصية خاطئة يمكن أن يكتشفها الطبيب المتخصص وتجاهلها، في هذه الحالة يمكن مساءلة الطبيب عن الأضرار المتوقعة والإصابات المحتملة للمريض، وليس بشأن التوصية الخاطئة التي أصدرها الذكاء الاصطناعي. ويجب أن نلاحظ أن تطبيق قانون المسؤولية التقصيرية على الذكاء الاصطناعي يواجه تحديات كبيرة جدًا، نظرًا لضرورة تحديد الشخص المسئول عن الضرر الناجم عن أفعال الذكاء الاصطناعي، فإن المحاكم التي تواجه هذه المتطلبات تواجه صعوبة في تقييم أساس المسؤولية بسبب الاستقلالية المتزايدة للذكاء الاصطناعي. في بعض الحالات، قد يكون من الصعب حتى تحديد الطرف المسئول عن الضرر عندما يتخذ الذكاء الاصطناعي قرارات مستقلة، وهذا يجعل القواعد التقليدية للمسؤولية القانونية غير كافية. ووفقًا لمادة 1242 من القانون المدني الفرنسي والمادة 178 من القانون المدني المصري، فإن الشخص غير مسئول فقط عن الضرر الذي ينتج عن أفعاله الشخصية، ولكنه مسئول أيضًا عن الضرر الناتج عن أفعال الأشخاص الذين هو مسئول عنهم أو الأشياء التي تكون تحت حراسته. بالنظر إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن اعتباره شخصًا، يرون بعض الفقهاء أنه مناسب تطبيق مسؤولية حراسة الأشياء على الذكاء الاصطناعي. ويمكن أن ينطبق ذلك في حالة الروبوتات المساعدة. ومع ذلك، في بعض الحالات، قد يكون من الصعب تحديد من يمتلك سلطة الرقابة على الذكاء الاصطناعي في وقت وقوع الضرر. على سبيل المثال، إذا سافر مالك الروبوت المساعد وحارسه في رحلة وأعطى الروبوت لصديقه الذي يستخدمه أثناء غيابه، فقد يطرح العديد من الأسئلة، مثل: هل يصبح الصديق حارسًا على الروبوت؟ هل يمتلك الصديق القدرة على التحكم والمراقبة والتوجيه للروبوت؟ هل يمكن اعتبار أن الحراسة تم نقلها من المالك إلى الصديق؟ تعود الإجابة على هذه الأسئلة إلى الفقه. أقرَّ الفقه بإمكانية نقل التزام الحراسة إلى الشخص الذي يُكَلَّف باستخدام أو حفظ شيء ما من قبل المالك. ويحق لهذا الشخص أن يتولَّى إدارة الشيء ومراقبته، واتخاذ التدابير الضرورية لمنع وقوع الأضرار لذا، قد لا يكون المالك هو الحارس الفعلي للروبوت إذا تخلى عن سلطته لصديقه، وإذا احتفظ المالك بسلطته، فإنه سيكون الحارس للروبوت. وفي حالة سرقة الروبوت المساعد، تنتقل الحراسة إلى السارق، ولا يكون للسيطرة الغير المشروعة تأثير، فالأهم هو السيطرة الفعلية وليس القانونية.[13]عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، دار النهضة العربية، القاهرة 1964، ص1087.
ويميز القانون الفرنسي بين مفهومين هما الحراسة القانونية والحراسة الفعلية. وقد اتفقت المحاكم في فرنسا، منذ صدور حكم قضية Franck في عام 1941، على اعتماد نظرية الحراسة الفعلية. تقوم هذه النظرية على أن الحارس هو الشخص الذي يمتلك السلطة الفعلية على الشيء بما يتعلق بمراقبته وإدارته وتوجيهه.[14]كيحل كمال، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة أبوبكر بلقايد، 2006-2007، ص74/75
أما في مصر، فقد توافق الفقهاء على أن الحراسة الفعلية هي المعيار الحاسم لتحديد المسؤولية عن الأضرار التي تنجم عن فعل الأشخاص[15]يحيى موافى، المسؤولية عن الأشياء في ضوء الفقه والقضاء: دراسة مقارنة، الإسكندرية، 1992، ص39.
واستنادًا إلى ما تم ذكره سابقًا، يتطلب إثبات مسؤولية الحارس على الشيء ممارسة سلطة الاستخدام والتوجيه والسيطرة عليه. ومع ذلك، في حالة الروبوتات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتتمتع بالاستقلالية، فإن هذه الاستقلالية تتعارض مع سلطة الحارس فيما يتعلق بالسيطرة عليها. وبالتالي، فإنه لا يمكن اعتبار ذلك نقلاً للحراسة، بل يمكن اعتباره إخفاءً تامًا لها
من الواضح أنه ينشأ تحديات عديدة عند تطبيق مفهوم الحراسة على الذكاء الاصطناعي، وتتعلق هذه التحديات بمستوى الاستقلالية الذي يتمتع به الذكاء الاصطناعي.
يعتبر الإنسان الآلي قادرًا على اكتساب الخبرة والتعلم بشكل مستقل، واتخاذ قراراته الخاصة بدون تلقي أوامر مباشرة من مالكه، وهذا يجعل من الصعب مراقبته والسيطرة عليه. وبالتالي، قد لا يتمكن الحارس من تحقيق مسؤوليته إذا تبين أن الضرر الذي حدث كان نتيجة لفعل لم يكن تحت مسؤوليته.
المطلب الثاني:
العواقب الناجمة عن تحقق المسؤولية المدنية على أضرار الذكاء الاصطناعي
يعتبر التعويض عن أضرار الذكاء الاصطناعي المرحلة التالية للتعامل مع المسؤولية المدنية المترتبة عن تلك الأضرار. يحق للمتضرر، كأي شخص يتعرض للضرر، أن يطالب بالتعويض. يتفق المشرعون على أن الأفراد لديهم حق اللجوء إلى القضاء لحماية حقوقهم ومصالحهم. بما أن أنظمة الذكاء الاصطناعي يُدعى أنها لها حق في التعويض، فإنه يترتب على المتضرر من هذه الأنظمة أن يحق له التوجه إلى القضاء للمطالبة بالتعويض الذي يدعيه.
ومع ذلك، يبدو أن هذه الطريقة في التعويض ليست مناسبة في الواقع لبعض الحالات التي تنشأ باستمرار في العصر الحديث نتيجة للثورة الصناعية، ومن بين تلك الحالات هي أضرار الروبوتات القائمة على الذكاء الاصطناعي، والتي تتميز بخطورتها وصعوبة تقييم المخاطر المترتبة عنها. وقد دفع هذا الواقع المشرعين في مختلف الدول إلى البحث عن أنظمة جديدة، بهدف توفير الحماية المناسبة للمتضررين وتمكينهم من الحصول على تعويض عادل للأضرار التي لحقت بهم، دون تكبد عناء كبير أو تكاليف باهظة.
* التعويض هو وسيلة قانونية لتحقيق العدالة وجبر الضرر، سواءً عن طريق إزالة الضرر أو تخفيفه.
يُعرف التعويض على أنه مبلغ مالي أو تعويض بشكل آخر يُعادل الخسائر التي تكبدها المتضرر والفوائد التي فاتته نتيجة للأذى الذي تعرض له، وذلك استنادًا إلى المادة 170 من قانون الحقوق المدنية المصري[16]بلحاج العربي، مرجع سابق، ص99.
وتتم عملية جبر الضرر أو إصلاحه وفقًا للقواعد العامة في القانون. يمكن تحقيق ذلك عن طريق التعويض العيني، الذي يتمثل في إزالة أو التخلص من مصدر الضرر أو سببه. ويمكن أيضًا تحقيق ذلك من خلال التعويض بالمقابل، حيث يتم تقديم تعويض مادي أو غيره للمتضرر بهدف تخفيف الضرر الناجم عن الحادث
ينقسم التعويض بالمقابل إلى نوعين رئيسيين، وهما التعويض النقدي والتعويض غير النقدي. يتضمن التعويض النقدي تقديم مبلغ مالي محدد للمتضرر كتعويض عن الضرر الذي تعرض له. أما التعويض غير النقدي، فيشمل إجبار المسئول على اتخاذ إجراءات أخرى غير دفع مبلغ نقدي، وذلك بهدف تعويض المتضرر جزئيًا عن الضرر الذي لحق به
وتعد هذه الطرق المختلفة للتعويض وسائل لتحقيق العدالة وإعادة الإصلاح بين الأطراف المتضررة والمسئولة، وذلك بمنح المتضرر تعويضًا يعادل قدر الضرر الذي تكبده بشكل كافٍ وعادل[17]إدريس العبدلاوي النظرية العامة للالتزام الجزء الثاني، بدون دار نشر 2000، ص 193 (5) ثروت عبد الحميد، مرجع سابق، ص308.
يعتبر التعويض العيني أفضل وسيلة لجبر الضرر وذلك لأنه يعيد المتضرر إلى الحالة التي كان عليها قبل وقوع الضرر، وهذا هو الهدف الرئيسي الذي يسعى لتحقيقه. تشير المادة 2/171 من قانون الحقوق المدنية المصري إلى إمكانية التعويض العيني، حيث تنص على أنه ” يقدر التعويض بالنقد، على أنه يجوز للقاضي تبعاً للظروف وبناء على طلب المضرور بأن يأمر بإعادة الحال إلى ما كانت عليه، أو أن يحكم بأداء أمر متصل بالعمل غير المشروع، وذلك على سبيل التعويض”[18]ثروت عبد الحميد، مرجع سابق، ص308 ومع ذلك، يمكن أن يكون التعويض العيني غير ممكن في حالة الأضرار الناجمة عن أنظمة الذكاء الاصطناعي، مما يترك للمتضرر بديلاً وحيدًا وهو الحصول على التعويض بشكل مالي بدلاً من التعويض العيني .
ويجدر بالذكر أن التعويض يشمل الأضرار المادية الناجمة عن الروبوتات القائمة على الذكاء الاصطناعي، سواء نجمت عن عيوب في تشغيل الروبوت أو تغيرات في المكونات المادية والمعنوية، أو ضعف في الصيانة. وبالتالي، يتم تقدير هذه الأضرار بشكل مالي، وتحملها الجهة المسئولة عن المنتج أو الروبوت.
ومع ذلك، تنشأ صعوبة في تعويض الأضرار الأدبية[19]دراسة تحليلية لنظرية الضرر المرتد، دار النهضة العربية، القاهرة، 2009، ص7/8، حيث لا يمكن تحقيق تعويض مالي لهذا النوع من الضرر ما لم يكن مرتبطًا بأضرار مادية يمكن تقديرها. على الرغم من ذلك، اعترف الفقه والقضاء بإمكانية تعويض مثل هذه الأضرار، حيث يمكن تقدير الوسائل التي تساعد في تخفيف الضرر أو الحد منه بشكل مالي. فالنقود، كونها وسيلة للتداول، يمكن استخدامها لتقدير الأضرار بما في ذلك الأضرار الأدبية. وبالتالي، ينبغي على المحكمة أن تصدر قرارًا بتعويض مالي كوسيلة أساسية لتقدير التعويض، وبالتالي لا يوجد عائق يمنع تعويض الأضرار الأدبي[20]نبراس جابر المسؤولية المدنية الناشئة عن إخلال الغير بالعقد -دراسة مقارنة، مجلة المحقق الحلى للعلوم … Continue reading بالإضافة إلى ذلك، يتحمل المسئول مسؤولية تعويض الضرر المرتد، وهو الضرر الذي يتكبده شخص آخر مباشرة نتيجة للضرر الذي لحق بشخص آخر من الأشخاص القريبين أو نتيجة وجود علاقة مالية بينهما تؤثر على المتضرر سواء على المستوى المادي أو المعنوي أو كليهما[21]دراسة مقارنة رسالة ماجستير جامعة القدس فلسطين 2019، ص11.
وينبغي التنويه إلى أن هذا الضرر لا يقتصر على المتضرر وحده، بل قد ينتج تأثيره على أشخاص آخرين ويسبب لهم أضرارًا إضافية على المستوى الشخصي[22]بلحاج العربي، مرجع سابق، ص155.
ففي عام 1979، وقع حادث في فرنسا أسفر عن وفاة شاب يُدعى وليامز في مصنع فورد لتصنيع السيارات، وذلك نتيجة اعتداء الروبوت عليه أثناء نقل البضائع إلى غرفة التخزين. يُعزى هذا الحادث إلى خطأ في نظام التعرف الخاص بالروبوت، ويُعتبر حالة وفاة وليامز أول حالة تسجل لوفاة بشرية بسبب روبوت. وبناءً على ذلك، قامت شركة فورد بتعويض أسرته بمبلغ قدره عشرة ملايين دولار.
الخاتمة:
لقد توصلت الباحثة في هذا البحث إلى معالجة إشكالية البحث والإجابة عن الأسئلة التي وضعتها في بحثها والتي أسفرت عن إيجاد العديد من النتائج ومنها:
- توصلت الباحثة إلى أن تطبيق قواعد المسؤولية العقدية لم يكن كافيًا لمعالجة الأضرار التي يمكن أن يسببها الذكاء الاصطناعي، لأن المسؤولية العقدية تنحصر في الأشخاص الطبيعيين الذين يخالفون العقد، وليس على الذكاء الاصطناعي نفسه، حيث لا يمكن أن يكون طرفًا في العقد.
- توصلت الباحثة إلى أن تطبيق قواعد المسؤولية التقصيرية معقد جداً في الذكاء الاصطناعي فهو يتعلق بمدى استقلاليته عن الجهة المصنعة له لذلك من الصعب تطبيقها أيضاً.
- توصلت الباحثة إلى أن الأثر المترتب على تطبيق المسؤولية المدنية هو حصول المتضرر على تعويض لأنه غاية المسؤولية المدنية وفي حال الذكاء الاصطناعي من الصعب الحصول على التعويض العيني فلا يجد المتضرر سوى الحصول على تعويض نقدي .
- توصلت الباحثة إلى أن التعويض يشمل الأضرار المادية الناجمة عن الروبوتات القائمة على الذكاء الاصطناعي، سواء نجمت عن عيوب في تشغيل الروبوت أو تغيرات في المكونات المادية والمعنوية، أو ضعف في الصيانة وبالتالي، يتم تقدير هذه الأضرار بشكل مالي، وتحملها الجهة المسئولة عن المنتج أو الروبوت .
التوصيات:
توصيات الباحثة بناءً على البحث والتحليل الذي تمت مناقشته، أود أن أقدم بعض التوصيات المتعلقة لوجود قانون فلسطيني ينظم مشكلات الذكاء الاصطناعي:
- وضع قانون محدد: ينبغي وضع قانون فلسطيني محدد يعالج مشكلات وتحديات الذكاء الاصطناعي كما يجب أن يتضمن هذا القانون تعريفًا واضحًا للذكاء الاصطناعي ونطاق تطبيقه ومسؤوليته المدنية.
- تحديد المسؤولية: يجب أن يحدد القانون المسؤولية المدنية للأطراف المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، بما في ذلك المطورين والمالكين والمستخدمين ويجب أن يكون هناك تحديد واضح للأطراف المسئولة عن الأضرار الناجمة عن استخدام الذكاء الاصطناعي.
- التعويض والتصحيح: ينبغي أن ينص القانون على آليات توفير التعويضات المناسبة للمتضررين من الأضرار التي تسببها التقنيات الذكية. ويجب أن يتضمن القانون آليات لتصحيح الأضرار وتعويض المتضررين بشكل كامل وعادل.
- النقاط الأخلاقية: يجب أن يأخذ القانون في الاعتبار النواحي الأخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك الخصوصية والتعامل العادل والعدالة الاجتماعية ويجب تحديد القيم الأخلاقية التي يجب على الذكاء الاصطناعي الالتزام بها.
- التوعية والتثقيف: ينبغي أن يتضمن القانون جهودًا لتعزيز التوعية والتثقيف حول الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك التدريب والتعليم وتوفير المعلومات للجمهور والأطراف المعنية.
- البحث والابتكار: يجب أن يشجع القانون البحث والابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، وتوفير الدعم للشركات الناشئة والمبتكرين في هذا المجال.
هذه بعض التوصيات العامة التي يمكن أن تساهم في وجود قانون فلسطيني ينظم مشكلات الذكاء الاصطناعي. يجب أن يتم تطبيق هذه التوصيات بالاعتماد على دراسات واستشارات أكثر تفصيلًا واستنادًا إلى الظروف والمتطلبات الخاصة بفلسطين.
الدراسات المستقبلية:
أما في حالة الدراسات المستقبلية يجب التركيز على ضرورة إيجاد قانون جديد وأكثر دقة ينظم الذكاء الاصطناعي ويحدد المسؤولية المترتبة على مشكلات هذا الذكاء الاصطناعي وتوضيح كيفية التعامل مع تطور الذكاء الاصطناعي في المستقبل البعيد.
بقلم المحامية: رهف أشرف قنابيطة
مواضيع أخرى ذات علاقة:
- الذكاء الاصطناعي: التحول القانوني القادم.
- تحليل الإطار القانوني في الذكاء الاصطناعي: التحديات والفرص.
- التحديات القانونية في التكنولوجيا الحديثة: ما هي المسائل القانونية المطروحة؟.
- بحث حول الجرائم الإلكترونية.
المصادر والمراجع
↑1 | النعيمي، صلاح عبد القادر، المدير القائد والمفكر الاستراتيجي-وفن مهارة التفاعل مع الآخرين، دار إثراء للنشر والتوزيع، ط۱، ۲۰۰۸م، ص ۱۷۱ |
---|---|
↑2 | قاموس المعاني الجامع، مادة ذكي. |
↑3 | ابن منظور، جمال الدين لسان العرب، دار المعارف، القاهرة، د.ت، ص٢٨٦ |
↑4 | السويدان، طارق، صناعة الذكاء، شركة الإبداع الفكري للنشر والتوزيع، الكويت، ط۱، ۲۰۰۸م |
↑5 | عباس، فيصل، الذكاء والقياس النفسي في الطريقة العيادية، دار المنهل اللبناني مكتبة رأس النبع، بیروت، ٢٠٠٤م، ص ٥ |
↑6 | كاظم، أحمد، الذكاء الاصطناعي، جامعة الإمام جعفر الصادق بغداد، ۲۰۱۲م،ص ٤ |
↑7 | قاموس المعاني الجامع، مادة ذكي |
↑8 | الحسيني ، أسامة، لغة لوجو ، مكتبة ابن سينا للنشر والتوزيع، الرياض ، ۲۰۰۲م، ص ۲۱۱ |
↑9 | جمال علي، لماذا علينا ألا نثق بالذكاء الاصطناعي. |
↑10 | فهد آل قاسم، الذكاء الاصطناعي، كتاب إلكتروني، ص٤ -٥ |
↑11 | فهد آل قاسم، الذكاء الاصطناعي، كتاب إلكتروني، ص٤-٥ |
↑12 | غادة المنجم وآخرون، الذكاء الاصطناعي، كلية العلوم الإدارية جامعة الملك سعود، الرياض، ۲۰۰۹م، ص٩ |
↑13 | عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، دار النهضة العربية، القاهرة 1964، ص1087. |
↑14 | كيحل كمال، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة أبوبكر بلقايد، 2006-2007، ص74/75 |
↑15 | يحيى موافى، المسؤولية عن الأشياء في ضوء الفقه والقضاء: دراسة مقارنة، الإسكندرية، 1992، ص39 |
↑16 | بلحاج العربي، مرجع سابق، ص99 |
↑17 | إدريس العبدلاوي النظرية العامة للالتزام الجزء الثاني، بدون دار نشر 2000، ص 193 (5) ثروت عبد الحميد، مرجع سابق، ص308 |
↑18 | ثروت عبد الحميد، مرجع سابق، ص308 |
↑19 | دراسة تحليلية لنظرية الضرر المرتد، دار النهضة العربية، القاهرة، 2009، ص7/8 |
↑20 | نبراس جابر المسؤولية المدنية الناشئة عن إخلال الغير بالعقد -دراسة مقارنة، مجلة المحقق الحلى للعلوم القانونية والسياسية، العدد الأول السنة العاشرة العراق: جامعة بابل -كلية القانون، 2018، ص422. |
↑21 | دراسة مقارنة رسالة ماجستير جامعة القدس فلسطين 2019، ص11 |
↑22 | بلحاج العربي، مرجع سابق، ص155 |