Login

Lost your password?
Don't have an account? Sign Up

هل توفر القوانين الفلسطينية حماية كافية لمشتري الشقق قيد الإنشاء؟ دراسة قانونية

هل توفر القوانين الفلسطينية حماية كافية لمشتري الشقق قيد الإنشاء؟

دراسة قانونية

(بقلم المحامي: أيمن محمد هرشة)

 

يُعتبر شراء شقة قيد الإنشاء في فلسطين استثمارًا مهمًا، لكنه محفوف بالمخاطر القانونية التي قد تعرض حقوق المشترين للخطر. تشمل هذه المخاطر التأخير في التسليم، عدم مطابقة البناء للمواصفات المتفق عليها، وأحيانًا عدم تسجيل العقار في السجل الرسمي، مما يضع المشترين في موقف قانوني ضعيف. تعكس هذه التحديات فجوة بين القوانين النافذة وتطبيقها العملي، وهو ما يتطلب تحليلًا دقيقًا للأطر القانونية الفلسطينية لتقييم مدى فعاليتها في حماية جميع الأطراف المعنية بمشاريع البناء قيد الإنشاء، بما في ذلك المشترين، المالكين، المهندسين، المقاولين، والموردين. جاء هذا المقال ليسعى إلى معالجة هذه الإشكاليات المطروحة من خلال استعراض الأطر القانونية ذات الصلة في فلسطين، مع الإشارة إلى مقارنة موجزة بالإطار القانوني في بعض الدول العربية، وتقديم توصيات لتعزيز حماية حقوق الأطراف كافة.

تتمثل الحماية القانونية المقررة للمشترين في فلسطين في عدة جوانب حيوية، منها الالتزام بالمواصفات الفنية المتفق عليها، احترام مواعيد التسليم، وتسجيل العقود في السجل العقاري الرسمي. وفقًا لقانون البناء والتنظيم رقم 1 لسنة 1996 النافذ وتعديلاته، يُلزم المطورون بالامتثال للمخططات والمواصفات المعتمدة، حيث تنص المادة 10 على ضرورة مطابقة البناء للمواصفات المحددة. بالإضافة إلى ذلك، يُعرّف قانون المخالفات المدنية رقم 36 لسنة 1944 النافذ وتعديلاته الأضرار التي قد تصيب المشترين نتيجة الإخلال بالعقد، ويمنحهم حق المطالبة بالتعويض عن التأخير أو عدم المطابقة، وذلك بموجب المادة 5. ومن الأهمية بمكان أن يتم تسجيل عقود البيع في السجل العقاري الرسمي لضمان حماية قانونية كاملة، وهو ما يؤكده قانون تسجيل الأموال غير المنقولة رقم 6 لسنة 1964 النافذ وتعديلاته في المادة 16 التي تنص على أن العقود غير المسجلة لا ترتب أثرًا قانونيًا على الملكية العقارية، مما يعرض المشترين للخطر إذا اعتمدوا على اتفاقيات بيع خارجية غير مسجلة. علاوة على ذلك، تُلزم المادة 87 من مجلة الأحكام العدلية العثمانية النافذة وتعديلاتها الأطراف بتنفيذ العقود وفقًا لشروطها، مما يعني أن المطورين ملزمون بتسليم الشقق وفق المواصفات والمواعيد المحددة. كما يحمي قانون حماية المستهلك الفلسطيني رقم 21 لسنة 2005 النافذ وتعديلاته حقوق المشترين من خلال إلزام المطورين بتقديم تعويضات مناسبة عند الإخلال بالشروط التعاقدية، إلا أنه يواجه عدة تحديات عملية. وايضاً المادة 417 من قانون العقوبات الفلسطيني تتناول مسائل الاحتيال والتزوير، وهو ما قد ينطبق على حالات تقديم معلومات مضللة بشأن جودة البناء أو التأخير في التسليم. ومع ذلك، تظل هناك صعوبات في تطبيق هذه القوانين بشكل فعّال، مما يؤدي إلى مشكلات تتعلق بالتأخير وعدم التزام الشركات بالمواصفات.

بالمقارنة مع الأردن، فإن قانون تنظيم المساكن رقم 4 لسنة 2013 يوفر حماية مشابهة للمشترين، حيث ينص على ضرورة تسجيل العقود في السجل العقاري، كما يُلزم المطورين بالالتزام بالمواصفات المتفق عليها. أما في دبي، فإن قانون تنظيم العلاقة بين المطورين والمشترين (القانون رقم 13 لسنة 2008) يُلزم المطورين بتسجيل العقود لدى دائرة الأراضي والأملاك في دبي، ويضع عقوبات صارمة على المطورين الذين يتأخرون في التسليم أو يخلّون بالشروط التعاقدية.

فيما يتعلق بمالكي العقارات في فلسطين، سواء كانوا مطورين أو مستثمرين، فإن حقوقهم مكفولة بموجب العقود المبرمة مع المشترين والمقاولين. يوفر قانون المخالفات المدنية رقم 36 لسنة 1944 النافذ وتعديلاته حماية قانونية لهؤلاء المالكين من الأضرار الناجمة عن أي إخلال بالعقود من قبل المقاولين أو الموردين، ويمنحهم حق المطالبة بالتعويض بموجب المادة 5. كذلك، تضمن المادة 87 من مجلة الأحكام العدلية العثمانية النافذة وتعديلاتها التزام الأطراف بتنفيذ العقود وفق الشروط المتفق عليها، مما يعزز حقوق المالكين في ضمان تنفيذ المشاريع وفقًا للشروط المتفق عليها. في الأردن، تحظى حقوق المالكين بحماية مماثلة، ولكن ما يميز دبي هو وجود هيئة تنظيم العقارات التي تراقب عن كثب الالتزامات التعاقدية وتفرض عقوبات فورية على المخالفين، مما يعزز ثقة المستثمرين في السوق العقاري.

تشمل الحماية القانونية للمهندسين والمقاولين والموردين في فلسطين، الذين يشكلون جزءًا أساسيًا من عملية البناء، ضمان حقوقهم في مواجهة أي إخلال بالتزاماتهم التعاقدية من قبل المالكين. يمنح قانون المخالفات المدنية رقم 36 لسنة 1944 النافذ وتعديلاته هؤلاء الأطراف حق المطالبة بالتعويض عن الأضرار الناتجة عن عدم التزام المالكين بالشروط المتفق عليها. كما تؤكد المادة 87 من مجلة الأحكام العدلية العثمانية النافذة وتعديلاتها على ضرورة احترام وتنفيذ العقود، مما يوفر حماية قانونية لهذه الفئات لضمان استلام مستحقاتهم وإنجاز الأعمال وفق الشروط المتفق عليها. في الأردن، يحظى المقاولون بحماية مشابهة تحت قانون العقود المدنية، بينما في دبي، فإن المقاولين والمهندسين يتمتعون بحماية قوية تحت قوانين العقود والبناء، مع وجود آليات سريعة لحل النزاعات وضمان استلام المستحقات.

لضمان تحسين الأطر القانونية في فلسطين وحماية حقوق جميع الأطراف، يُوصى بتعزيز الرقابة وتعديل قانون البناء والتنظيم رقم 1 لسنة 1996 النافذ وتعديلاته لفرض عقوبات صارمة على المطورين والمقاولين الذين يخلّون بالتزاماتهم. كما يجب تشجيع المشترين على تسجيل عقودهم في السجل العقاري وفقًا لقانون تسجيل الأموال غير المنقولة رقم 6 لسنة 1964 النافذ وتعديلاته لضمان حماية قانونية كاملة. إضافةً إلى ذلك، يتطلب الأمر تحسين آليات القضاء لتسريع حل النزاعات المتعلقة بالشقق قيد الإنشاء، وضمان تنفيذ الأحكام القضائية بسرعة وفعالية. بالمقارنة مع الأردن ودبي، نجد أن إنشاء هيئة تنظيمية مختصة بمتابعة تنفيذ المشاريع العقارية في فلسطين قد يسهم بشكل كبير في تعزيز الرقابة وتحقيق حماية أفضل للمشترين وايضاً لحماية حقوقهم، يجب على المشترين التأكد من تضمين شروط واضحة ومفصلة في العقود المتعلقة بمواصفات البناء، مواعيد التسليم، وآلية التعويض عن أي تأخير أو مخالفة.

في الختام، يعد هذا المقال محاولة لمعالجة الإشكاليات القانونية التي تواجهها الأطراف المختلفة في مشاريع الشقق قيد الإنشاء في فلسطين، وهو يسعى لتقديم توصيات تسهم في تفعيل القوانين النافذة وتعديلها لضمان الالتزام بالمواصفات والمواعيد وتسجيل العقود في السجل العقاري الرسمي. إن اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة، بما في ذلك تسجيل العقود وضمان تنفيذ الالتزامات التعاقدية، يعد أساسيًا لحماية الاستثمارات وتحقيق العدالة في حالة حدوث نزاعات.

 

بقلم المحامي: أيمن محمد هرشة

 

مواضيع أخرى ذات علاقة:

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*
*

افتح المحادثة!
بحاجة لمساعدة !
مرحبا
كيف يمكننا مساعدتك !