مسؤولية حارس الأشياء
مسؤولية حارس الأشياء
يجب أن نعلم أن الإنسان لا يُحاسَب عن فعله وفعل غيره فقط بل تتعدى المحاسبة إلى أبعد من ذلك فـ يُسأل (حارس الأشياء) عما تُسببه الأشياء الواقعة تحت مسؤوليته وحراسته للغير جرّاء تقصير منه، وتتصف الحراسة باستعمال الشيء من قبل الحارس وبممارسة سلطته عليه من خلال الإدارة والرقابة وهنا تحديد مضمون مواصفات الحراسة ومن صفات الحراسة أن يكون الشيء باستعمال الحارس.
أولاً – معنى الحراسة والحارس:
- الحراسة هي وضع مال يقوم بشأنه نزاع أو يكون الحق فيه غير ثابت ويتهدده خطر عاجل، في يد شخص أمين يتمثل بحفظه وإدارته وردّه مع تقديم حساب عنه إلى من يثبت له الحق فيه، ويوضع هذا المال تحت الحراسة بطريقتين والأولى إما بالاتفاق بين الطرفين المتنازعين فتكون الحراسة اتفاقية والثانية بحكم من القضاء فتكون حراسة قضائية ولهذا فإن الشخص يسأل أيضا عن الأضرار التي تنشأ عن الأشياء التي يجب أن يؤدي حساباً عن أفعالهم أو من فعل الأشياء التي تكون في حراسته.
- أما الحارس فـ يجب أن نعلم أن الحراسة ليست من مستلزمات الملكية ف حارس الشي لا يشترط أن يكون مالك له والحارس وفقاً لنظرية الحراسة القانونية هو من له سلطة قانونية على السيء ويحق له بموجبها استعمال الشيء وتوجيهه ورقابته ويستمد هذه السلطة من الحق العيني على الشيء أو من الحق الشخصي الذي يتصل بالشيء والمتعلق به.
ثانياً – الحراسة في القانون الروماني والفقه الإسلامي:
الحراسة في الفقه الروماني من الوديعة التي يقررها القاضي بغية حفظ ذوي المصلحة المتعاقدين وقد أطلق فقهاء الشريعة الإسلامية على الحراسة القضائية عدة ألقاب ومسميات منها الإيقاف أو العقل أو الاعتقال وقد أجازوها على المنقول وعلى العقار وعلى مجموع الأموال أو على ذمة الشخص بكاملها وهو ما تتجه إليه الشرائع الحديثة فمثلا تونس أطلقوا على الحراسة التوقيف وعرفوها بأنّها ” إيداع الأشياء المتنازع فيها بيد غير المتنازعين ويجوز أن يكون في المنقولات والأصول وحكمة حكم الوديعة الاختيارية “.
ثالثاً – الخطأ أساس المسؤولية:
وهو السبب الذي يقيم عبء الإثبات على عاتق من يقوم بتعويض الضرر الذي يحصل للطرف الآخر جراء حصول ضرر للغير.
- الخطأ المفترض: القواعد العامة الثابتة تقضي بإثبات المدعي خطأ المدعى عليه حتى يتحمل المسؤولية والتعويض وهنا المشرع اكتفى بإثبات الضرر والعلاقة السببية.
- الخطأ الثابت: وتسقط فلسفة هذه الفكرة هي أن الالتزامات التعاقدية تنقسم إلى التزام ببذل العناية والتزام بتحقيق نتيجة وهذا المبدأ مهمل لوجود الكثير من العيوب فيه.
رابعاً – تقسم المسؤولية لعدة مواضيع:
1- مسؤولية حارس الحيوان:
الأصل أن لا أحد يسأل عن فعل الحيوان ولا ضمان على ما يسببه من ضرر للغير (جناية العجماء جبار) أي لا ضمان عن فعلها ولكن إذا صدر تقصير من حارسها ف يُحاسب عن ضررها والحراسة هنا السيطرة الفعلية التي يقودها الحارس الى الحيوان.
2- مسؤولية حارس البناء:
قد يتضرر الغير جرّاء بناء انهار كلياً أو جزئياً أو أشياء قد تسقط من البناء ونص المشرع عنا على ضمان مالك البناء أو حارسه بتعويض هذا الضرر إذا تم اثبات وقوعه تِبعاً لتقصيرهم.
3- مسؤولية حارس الأشياء:
وهذا ما يقع عليه موضوع المقال ف حرص المشرع على تعويض الغير عن أي ضرر يقع عليه في حال إمكانية التعويض لذلك اعترف بمسؤولية الشخص عما تسببه الأشياء الواقعة تحت حراسته من ضرر للغير.
خامساً – الفرق بين الحراسة الاتفاقية والقضائية والاقتصادية:
1- الحراسة الاتفاقية: هي عقد وديعة ولها مميزاتها فيها يعهد لشخص بمال او شيء يحفظه ويرده عند انتهاء العقد.
2- الحراسة القضائية: هو إجراء مؤقت مصدره القاضي يصدره للتحفظ على مالٍ ما بناءً على طلب صاحب المصلحة بوضع عقار أو مال منقول أو أي شيء قائم بشأنه نزاع تحت يد أمين يتولى حفظه وإدارته ليرده مع غلته لمن يثبت له الحق فيه. ومن شروطها:
- المصلحة: هي الفائدة العملية المشروعة التي يسعى الشخص للحصول عليها من وراء اتخاذه إجراءً قضائياً.
- وجود نزاع في شأن المال موضوع الحراسة: أي نزاع يتعلق بمنقول أو عقار او حق ملكية فكرية أو مجموعة من المال ويجب أن يكون النزاع جدياً يتحقق فيه أسباب المصلحة والصدق لذا فالنزاع الاتفاقي يخرج من موضوع الحراسة القضائية.
- المال محل الحراسة: يشترط أن يكون المال محل الحراسة مما يقبل أن يعهد بإدارته إلى الغير أو يكون مالاً قابلاً للتعامل به، ويجب أن يكون من الأموال التي يجوز الحجز عليها.
- وجود خطر محدق: هو المتمثل بالضرر الواقع الذي يهدد مصلحة صاحب المال.
3- الحراسة الاقتصادية: هي نظرية متعرضة للكثير من الانتقادات وهي ترى أن فكرة تحمل التبعية هي الأساس للمسؤولية الشيئية لذا فالحراسة تثبت لمن يحمي المنفعة الاقتصادية.
سادساً – أركان الحراسة:
1- العنصر المادي:
هي تلك السلطة الفعلية التي يملكها الحارس على الشيء فتمكنه من استعماله وتوجيهه ورقابته والفعل المادي يشكل الركن الأول في الخطأ المسبب للضرر وقد يكون هذا الفعل قصدياً أو غير قصدي.
2- العنصر المعنوي:
هو العنصر الثاني الذي تنهض بتحققه مسؤولية الحارس وتنتفي بانتفائه والحراسة باعتبارها السلطة الفعلية على الشيء فقد تكون للشخص الطبيعي ويكون مسؤول عن الأضرار الذي يلحقه الشيء الواقع تحت حراسته للغير، وقد يكون للشخص المعنوي (مجموعة من الأشخاص أو الأموال تسعى لتحقيق غرض معين يسبغها القانون بشخصية مستقلة وتكسبها الأهلية لتستفيد من الحقوق وتتحمل التزامات) إذ يكون حارساً للشيء الذي استغله لحسابه الخاص.
3- عنصر السببية للحراسة:
وهنا نعني صلة السببية بين فعل الشيء وحدوث الضرر ويجب أن يكون الشيء الذي يجعل القانون مسؤولاً عنه مسؤولية مفترضة قد أوقع ضرر الذي يجعل المتضرر بالمطالبة بالتعويض عنه أي أن توجد بينه وبين الضرر علاقة سببية ولابد لقيام المسؤولية المفترضة من ثبوت هذه السببية.
سابعاً – الآثار المترتبة عن الحراسة:
إذا توفرت أركان الحراسة وتحققت الحراسة ومسؤولية الحارس وحق على المتضرر أن يطالب بالتعويض سواء كان هذا المتضرر أجنبياً عن الحارس أم كان تابعاً له، بل أن المتضرر يستطيع المطالبة بالتعويض وإن كان هو بذاته مالك للشيء في حالة كون الحراسة بيد غير المالك، ويجب على الحارس التعويض وإزالة الضرر الواقع عن الشيء الذي يحرسه.
بقلم الحقوقية: أسماء جهاد مشعطي
مواضيع أخرى ذات علاقة:
يعطيك الف عافيه
مُبدعة