نيابة الأحداث ودورها في الحد من الجريمة
نيابة الأحداث ودورها في الحد من الجريمة
الطفل يُعتبر من أهم الفئات في المجتمع أجمع، وفي كافة أنحاء العالم الطفل مقدس ولديه العديد من الحقوق التي نظمها القانون له، لذلك نرى أنّ جميع الدول في العالم تولي إهتماماً كبيراً بقضايا الطفولة وحماية حقوق الطفل، ومن ضمن هذه الدول دولة فلسطين التي بدورها صادقت على ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الطفل في العام 1991م، وتبنت هذه الوثيقة بشكل قانوني في العام 1995م الذي يُصادف يوم الطفل الفلسطيني، كما وقعت على العديد من الإتفاقيات كإتفاقية حقوق الطفل والتي بدورها هدفت إلى توفير كافة الحقوق للأطفال سواء كانت إجتماعية أو ثقافية أو سياسية أو اقتصادية، أي أنَ الهدف الأساسي من توقيع هذه الإتفاقيات هو توفير كافة الحقوق والإحتياجات التي يحتاجها الطفل لينموا بشكل سليم في بيئة أمنة، كما تم في فلسطين إصدار قانون حماية الأحداث الفلسطيني رقم (4) لسنة 2016، ومن هنا ظهر الدور الفعال لنيابة الاحداث لتكون هي الدرع الحامي للطفل الفلسطيني، فما هي نيابة حماية الأحداث؟ وما دورها؟
أولاً – مفهوم نيابة حماية الاحداث:
نيابة الأحداث هي عبارة عن نيابة متخصصة بالتعامل مع الأطفال الذين لم يتجاوزوا عمر الثامنة عشر، والأطفال المعرضين لخطر الإنحراف، والأطفال المعرضين للخطر بشكل عام، وذلك بوجود عضو نيابة متخصص ومدرب وذو خبرة تامة في التعامل مع الأحداث، حيث أنّ عضو نيابة الأحداث بدورهِ يعمل على توجيه الطفل، والتأثير في شخصيته إيجاباً، وإعادة بناءها بشكل يكفل سيرها بطريق السليم في المستقبل، وذلك بهدف إصلاح سلوك الحدث وشخصيته وجعله فرداً صالحاً في المجتمع كغيرهِ من الأفراد، وذلك بمراعاة شرط أساسي وهو المصلحة الفُضلى للحدث في كافة الإجراءات التي تتعلق بحضور الحدث الى جلسات المحاكمة أو توقيفه لا سيما إذا كان مُحتاجاً للحماية والرعاية، والأخذ برأيه والاستماع لهُ، وبناء شعوره بالمسؤولية الاجتماعية عن أفعاله لإعادة دمجه في المجتمع، بالتالي نجد أنّ نيابة حماية الأحداث هي من تسعى دائماً الى تحقيق مصلحة الطفل الفُضلى، فهي بمثابة النور الطفيف الذي يُنقذ الحدث من الظُلمات الى النور، بالتالي نيابة حماية الأحداث تمنح الصبغة القانونية لأعضاء نيابة الاحداث في ممارسة اختصاصاتهم وذلك باشتراط امرين هما:
- وجود تكليف من قبل النائب العام.
- وجود نص تشريعي في القانون.
ثانياً – اختصاص نيابة الأحداث:
إنّ اختصاصات نيابة الأحداث عديدة ومتنوعة ومن أهم اختصاصاتها تجاه الأطفال والأحداث:
- التفتيش على دور إعادة التأهيل ومراكز التدريب المهني والرعاية الاجتماعية والمشافي المتخصصة بهم.
- إجراء التحقيقات بالدعاوى الجزائية، والتي يكون المتهم بها حدث والمثول بها أمام المحاكم المتخصصة(محاكم الأحداث) بشكل يضمن احترام حقوق الأحداث ويضمن السرية التامة وإيجاد طرق لإصلاحهم ودمجهم في المجتمع مع ذويهم، وذلك تبعاً للإجراءات المقررة بقانون الأحداث النافذ وقانون الإجراءات الجزائية مع إمكانية تقديم الطعن بالأحكام أيضاً.
- إتخاذ كافة الاجراءات القانونية تجاه الأطفال المعرضين لخطر الإنحراف، والمعرضين للخطر وحمايتهم ودمجهم في المجتمع، وذلك تبعاً للإجراءات المقررة بقانون الأحداث النافذ وقانون الطفل الفلسطيني، وتكليف مرشد حماية الطفولة بجميع الأبحاث الاجتماعية والأعمال اللازمة لتحديد الخطورة الواقعة على الطفل وأيضاً تكليفه بمعرفة شخصية الحدث والطرق المناسبة لحمايته واتخاذ الاجراءات والتدابير المناسبة لحمايته، وذلك من خلال تقديم طلب لمحكمة الأحداث بالحماية.
- إجراء الوساطة الجزائية في جرائم المخالفات والجنح فقط، وذلك بين المجني عليه والحدث، وتكليف مرشد الطفولة بجميع الأبحاث الاجتماعية والأعمال من أجل التوصل الى الحقيقة وإظهارها ومعرفة شخصية الحدث والطرق المناسبة لإصلاحه وحمايته، وذلك وفق ما ورد في المادة(23) من قرار بقانون رقم 4 لسنة 2016.
ثالثاً – الوساطة الجزائية والحدث:
الوساطة الجزائية تُعتبر حق للطفل جاءت من أجل إصلاحه بدلاً من العقاب فما هي الوساطة الجزائية وما هو الحدث؟
الحدث هو كل طفل يتراوح عمره ما بين 12-18 عاماً ارتكب جريمة من نوع جناية أو جنحة أو مخالفة، تتولى أمرهُ نيابة الأحداث، أما فيما يتعلق بالوساطة الجزائية وعلاقتها بالحدث فهي يتم عرضها على الطفل الحدث الذي ارتكب جريمة من نوع جناية أو مخالفة، حيث يتم عقد جلسة وساطة جزائية تتم بحضور كل من الحدث، ومتولي أمر الحدث، والمجني عليه، ومرشد حماية الطفولة، وشرطة الأحداث، ووسيط مجتمعي، وذلك من أجل التوصل الى حل وجبر الضرر و الحد من الأثار السلبية على الحدث وخلق العلاقة الودية بين المتخاصمين وتقليل التكاليف المعنوية والمادية، بالتالي الوساطة الجزائية وجدت لحماية أضعف فئة في المجتمع فهي تتم بين الحدث ومتولي أمره والمجني عليه والتي من خلالها يقوم المجني عليه بشرح ما تعرض له من اعتداء وضرر وفي ذات الوقت يقوم الحدث بشرح ما قام به من أجل التوصل إلى حل منصف الى الطرفين.
ويشترط من أجل إجراء الوساطة الجزائية أنّ تكون الجريمة من نوع جنحة أو مخالفة، وأنّ يعترف الحدث بالجريمة ولا يُعتبر الاعتراف دليلاً ضده، وموافقة متولي أمر الحدث والحدث والمجني عليه على إجراء الوساطة وفي نهاية الاتفاق يجب أنّ تكون البنود التالية قد تحققت والتي تتمثل بجبر الضرر، وإلزام الحدث بتدابير إصلاحية، وتنفيذ بنود الوساطة خلال 3 سنوات.
رابعاً – القواعد التي تحكم إجراء الوساطة الجزائية وفوائدها:
تتمثل القواعد التي تحكم إجراء الوساطة الجزائية بإجراء الوساطة بسرية تامة، وعرض الوساطة قبل تحريك الدعوى الجزائية، ولا يجوز توقيف الحدث أثناء وقبل إجراءات الوساطة، وأنّ لا يكون مضمون الوساطة مخلاً بالنظام العام أو الآداب العامة أو بها مساس بمصلحة الطفل الفُضلى، والحفاظ على حق كل من الأطراف باللجوء الى القضاء في أي مرحلة من مراحل الوساطة الجزائية. فيما يتعلق بفوائد إجراء الوساطة الجزائية فهي تتمثل باعتراف الأطفال بأفعالهم, ورضا المتخاصمين بالنتائج، وإشراك الطفل في عملية إيجاد الحلول المناسبة لحل النزاع بينه وبين المتضرر أثناء الوساطة، وخلق العلاقة الودية بين المتخاصمين، وتجنب مثول الطفل أمام ألمحكمة في حال نجحت الوساطة، وتخفيف الضغط الواقع على محاكم الأحداث ومؤسسات إنقاذ القوانين مما يتيح لهم التفرغ لدعاوى اعلى خطورة واكثر أهمية.
في نهاية المقال أود فقط الإشارة الى أنّ الأطفال هم ركيزة المجتمع وهم بُناة المستقبل وهم قداسة ما على الأرض لذا علينا جميعاً أنّ نسعى لحمايتهم والمحافظة عليهم بكل الوسائل الممكنة، والعمل على تربيتهم وتنشئتهم تنشئة صالحة لتجنب تعرض الطفل لموضع خطر أو إنحراف.
بقلم الحقوقية: رهف سامر نابلسي
مواضيع أخرى ذات علاقة:
Pingback: مسرح الجريمة - موسوعة ودق القانونية
Pingback: المسؤولية الجنائية للأحداث - موسوعة ودق القانونية
Pingback: جرائم الخطف: تعريف وأركان جريمة الخطف وموقف القانون منها - موسوعة ودق القانونية