التفريق للنزاع والشقاق
التفريق للنزاع والشقاق
إن أساس نجاح العلاقة الزوجية هو ارتكازها على الرحمة والمودة والألفة، كما قال الله تعالى (وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ) آية (21) من سورة الروم، فـ الأسرة قائمة على أساس المودة والمحبة ولكن بعض الأزواج أو الزوجات يتناسون هذا في ظل أنانيتهم فيسئون معاملة أزواجهم فإن السبب لوقوع البغضاء والنزاع والشقاق بين الزوجين هو خروج أحدهما عن العهد المنشود مما يؤدي إلى العدواة والكره بينهما وزعزعة كيان الأسرة.
أولاً – أسباب الخلاف بين الزوج والزوجة:
- أولها: عدم التزام الزوج بالواجبات المفروضة عليه بأن يمنع الحقوق الخاصة بزوجته الواجبة عليه شرعاً مثل الانفاق عليها وحقها في مهرها واقامتها في مسكن مستقل…
- ثانيها: عدم التزام الزوجة بالواجبات المفروضة عليها (النشوز) بأن تعصي زوجها فيما له عليها من حقوق الزواج.
- ثالثها: تخاصم كلا الطرفين وهذا ما يقال له “شقاق بينهما” كما قال تعالى (إِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا) فهو المعاداة النابعة من كلا الزوجين. فـ الشقاق هو خلاف بين اثنين بحيث كل واحد منهما يشق طريقاً مختلف عن طريق الآخر ولذلك يسمى شقاقاً.
ثانياً – إجراءات وآلية التفريق:
إذا صدر من أحد الزوجين تصرف سواء لفظي أو فعلي نتج عنه ضراراً للآخر بحيث يستحيل دوام العشرة بينهما يحق لكل منهما أن يقدم طلب للقاضي من أجل التفريق. فإذا لم يستطيع القاضي الإصلاح بينهما وثبت عنده الضرر يقوم القاضي بالتفريق بينهما ويعتبر هذا التفريق طلقة بائنة وإذا لم يثبت الضرر عند القاضي يقوم بتأجيل المحاكمة مدة لا تقل عن شهر على أن تتم المصالحة بين الزوجين فإذا أصر المدعي على دعوته ولم يتم الصلح يقوم القاضي بتعين حكمين ويفضل أن يكونا من أهل الزوجين حكم من أهل الزوج وحكم من أهل الزوجة أو حكمين من الأباعد ممكن لهم القدرة على القيام بهذه المهمة ويحلفهما القاضي اليمين القانونية على أن يؤديا مهمتهما بصدق وأمانة. ثم يقوم القاصي بعقد جلسة تحكيم عائلي يقوم بدعوة طرفي الدعوى وكلا الحكمين بجلسة مغلقة ينحصر فيها وجود القاضي والحكمين والطرفين المتخاصمين فقط ولا يجوز لأي أحد من أقربائهم حضورها كي لا يؤثر أحداً على هذه الجلسه بشكل سلبي فلا يتم الوصول إلى المصالحه التي هي الهدف الأسمى والأول والأخير من هذه الجلسه فيجب على الحكمين أن يعلما بأسباب الشقاق ويبذلا جهدهما في الإصلاح بين الزوجين فإن استطاعا القيام بالمصالحة تعود الحياة الزوجية إلى ما كانت عليه قبل الخلاف فإذا لم يستطيعا القيام بذلك أغلب الاساءة كانت من الزوج يفرقهما بطلقة بائنة فالزوجة هنا تستطيع المطالبة بجميع حقوقها كما لو أنه طلقها من تلقاء نفسه، أما اذا كانت أغلب الاساءة من الزوجة أو كانت اساءة مشتركة يتم التفريق على تمام المهر أو على جزء منه بحيث أنه يتوافق مع حجم الإساءة.
كما أنه لو اختلف الحكمان يقوم القاضي بتعين حكمان غيرهم أو يضم إليهم حكماً ثالثاً وفي هذه الحالة يتم الأخذ بقرار الأغلبية وبعد ذلك يقوم الحكام برفع تقريرهم إلى القاضي ولا يشترط بالتقرير أن يكون معللاً وعليه لا يكون باطلاً إذا كان معللاً وعلى القاضي أن يقوم بالحكم بمقتضاه. كما يجب قبل أن تقام دعوى الشقاق التأكيد على عدم وجود نية للرجعة بين الزوجين أو مصالحتهما ويجب سماع أسباب التي أدت إلى هذا الطلاق دون التطرق إلى تفاصيل الشقاق بينهما. ولقد نصت المادة (112) من قانون الأحوال الشخصية السوري على التفريق بين الزوجين لشقاق. فـ قضايا الشقاق والنزاع هي قضايا يتم رفعها من قبل أحد الزوجين على أن يتم التفريق بسبب النزاع وتعذر استمرار الحياة الزوجية.
ثالثاً – حلول مقترحة للتخفيف من حالات النزاع والشقاق:
لا بد لنا من إيجاد حلول للتخفيف من حالات النزاع والشقاق في المجتمع فما هي الحلول التي تضمن الحد من هذه المشكلات وتأمين جو أسري مستقر وزواج ناجح؟!
يمكننا القيام بدورات من أجل تأهيل المقبلين على الزواج وجديدين العهد به هدفها رفع وعي المقبلين على الزواج وقد تم تطبيق هذه الدورات في العديد من الدول وأنتجت ثماراً رائعة، ومن أمثلة هذه الدورات القيام بتوعية حول أهمية الذات والعمل على توضيح مفاهيم الزواج وزرعها بالنفوس كالمشاركة والمسؤولية والتضحية والقيام بتوضيح طبيعة العلاقة الخاصة بين الزوجين وتوضيح دور كل منهما وطرح كيفية حل المشكلات التي تواجه الأزواج بشكل إيجابي وفعال كما يمكننا الحد من من هذه المشكلة بأن لا تستقبل قضايا الشقاق والنزاع ودعاوي الطلاق قبل أن يمر عام على عقد الزواج وعلينا أيضاً أن نقوم بتطوير قسم الإرشاد في المحاكم من أجل القدرة على الاقناع والتأثير على الأطراف المتخاصمة وأن لا يتم الزواج بعمر لا يناسب هذه المرحلة بحيث أنه لا يوجد لديهم وعي كافي لتحمل مسؤوليه الزواج على أكمل وجه.
رابعاً – الفرق بين التفريق والطلاق:
وفي نهاية مقالنا لا بد أن نوضح الفرق بين مصطلح التفريق ومصطلح الطلاق إذ أن الطلاق يختلف عن التفريق فـ الطلاق يكون بناءاً على رغبة الزوج وإرادته المطلقة، أما التفريق يقع بموجب حكم قضائي من أجل مساعدة المرأة على انهاء حياتها الزوجية جبراً عن الزوج إذا لم يتم إصلاح ذات البين.
بقلم الحقوقية: إناس إبراهيم هيلم
مواضيع أخرى ذات علاقة:
Pingback: دعوى التفريق بين الزوجين بسبب النزاع والشقاق - موسوعة ودق القانونية