الضمان العام للدائنين ووسائل المحافظة عليه
الضمان العام للدائنين ووسائل المحافظة عليه
بعد أن إختفى تقريباً في عصرنا الحالي نظام الإكراه البدني، وأصبح لا يكفل حقوق الدائنين في مواجهة المدينين، إلا الذمة المالية لهذا المدين، فالذمة المالية للمدين هي أمواله الحاضرة والمستقبلية، وهي الضمان.العام لحقوق الدائنين كافة، وذلك أن كل ما يملكه المدين، ضمان عام لأموال الدائن، حيث أنه يحق للدائنين مراقبة الذمة المالية للدائن، كون المشرع حرِصَ بشكل كبير على توفير الحماية القانونية للدائنين، من خطر عدم وفاء المدين لديونه، من خلال تقريره لمبدأ ” الضمان.العام ” بالاضافة الى وضع وسائل للحفاظ عليه.
لا يخفى عن أحد أهمية هذا الموضوع، ومدى تأثيره على حقوق الدائنين، ويعرف بعلاقة الدائنية أنها علاقة مالية من طرفين، مع وجود عنصر المسؤولية وعنصر المديونية، وسنتطرق في هذا المقال لنوضح مفهوم الضمان.العام، والاساس القانوني له، والوسائل القانونية التي وضعها المشرع للحفاظ عليه.
أولاً – مفهوم الضمان العام، والسند القانوني له:
يعرّف الضمان العام بأنه ضمان قانوني، يُمكِن الدائن من الحصول على حقوقه لدى مدينه، وذلك أن أموال المدين جميعها ضامنة للوفاء بديونه، وأن جميع الدائنين متساوون في هذا الضمان، إلا من كان له الحق في التقدم حسب نصوص القانون، وفي حال عدم وجود حق أفضلية مكتسب طبقا للقانون، فإن جميع الدائنين متساوون في هذا الضمان، والضمان العام يكون مصدره العلاقة القانونية التي تربط الدائن مع مدينه، ويتجلى حق الضمان العام في الواقع بلجوء الدائن للتنفيذ الجبري على أموال مدينه. وتنص المادة (365) من القانون المدني الأردني: ” مع مراعاة أحكام القانون، أموال المدين جميعها ضامنة للوفاء بديونه وجميع الدائنين متساوون في هذا الضمان “.
ويتبين لدينا أنه كل ما يدخل في أموال المدين، يكون ضمان للدائن ليستوفي ديونه، كما ويحق للدائن الحفاظ عليه بكافة الوسائل ومراقبة ذمة المدين المالية، مع الأخذ بعين الاعتبار نوع الالتزام بين الدائن والمدين، أن كان الدين واجب الوفاء، أم جائز الوفاء، وذلك لأنه إذا كان جائز الوفاء، لا يجوز سداده قبل الدين واجب الوفاء، لأن الواجب يُقَدَم على المَندوب.
وفي حال امتناع المدين عن سداد ديونه، يحق للدائنين الحجز على أمواله، وتقسيمها فيما بينهم قسمة محاصة، وعند القيام بهذا التقسيم، لا بد من التمييز بين أنواع الديون التي يتم تقسيمها، فالدين العيني الذي يكون على عين أو عقار معين، ويكون لصاحبه ميزة التقدم والتتبع على باقي الدائنين، أما الدين العادي ليس له حق التقدم والتتبع، والدين الممتاز الذي يكون له بنص القانون مرتبة التقدم على باقي الديون، حيث أن الاولوية تكون له أو لا عند تقسيم ذمة المدين المالية، كالمصاريف القضائية ورسوم الدعوى وأتعاب المحاماة، فهذه ديون ممتازة بالدرجة الاولى، بالإضافة إلى الضرائب وأموال الدولة كالمخالفات، ودين النفقة، وأجور العمال بنسبة 40%، فهذه جميعها ديون ممتازة مقدمة على باقي الديون.
ثانياً – أهداف الضمان العام:
إن الضمان العام يهدف الى توفير الحماية القانونية للدائن، والحفاظ على حقوقه الشخصية من المدين، ويكون شامل لجميع ما يملكه المدين من عقارات ومنقولات وأموال، ويتساوى جميع الدائنين في هذا الضمان، ولا بد من الإشارة إلى أن فكرة الضمان العام، هي الحل الوحيد، لتحصيل أي حقوق عالقة، وذلك لأنه لا يوجد للدائن والدولة أي سلطة على الشخص المدين، وإنما سلطتهم فقط تمتد الى أملاكه وذمته المالية، ولا بد من التمييز بين الدائن بحق شخصي الذي يعتبرٌدائناً عادياً، والدائن بحق عيني، كالدائن المرتهن، الذي يكون له أفضلية على باقي الدائنين، ويتمتع بضمان خاص إضافة الى الضمان الخاص.
ثالثاً – وسائل الحفاظ على الضمان العام:
1- وسائل تحفظية: ويراد بها الوسائل التي تؤدي الى بقاء ذمة المدين على حالتها الراهنة، وبذلك تصان حقوق الدائنين، ويتم اللجوء لهذه الوسائل عند عدم رغبة الدائنين في التنفيذ في الحال على أموال المدين، أي أن أتحفظ على ماله وأمنعه من التصرف به ومثال ذلك: الحجز التحفظي الذي يوقعه الدائن على أموال المدين قبل وعند إقامة الدعوى للمطالبة بحقه.
2- وسائل تنفيذية: ويقصد بها الوسائل التي ترمي إلى إستخلاص الحق من أموال المدين، ببيعها بعد الحجز من قبل دائرة التنفيذ (أي بيعها بالمزاد العلني) رغماً عن المدين، ثم وبعد استيفاء الثمن، توزيعها على باقي الدائنين.
3- وسائل وسطية: وهي وسائل يقوم الدائن من خلالها بالحفاظ على الضمان العام لدينه، دون اللجوء الى الحجز أو التنفيذ، حيث أن حق الدائن عند حلول موعد الاستحقاق يكون جاهز، وفي هذه الوسائل يتم الحفاظ على الضمان من غش المدين وإهماله وخداعه، وتتمثل هذه الوسائل بعدة أمور:
- الدعوى الغير مباشرة: فالقانون أعطى الدائن الحق في رفع هذه الدعوى، ويتم رفعها بإسم المدين وليس بإسم الدائن، للحفاظ على الضمان العام للدائن، فالقانون اعطى الدائن نيابة قانونية حتى يرفع هذه الدعوى، ويتم رفعها عند وجود سوء نية وغش من قبل المدين، أو في حال وجود إهمال من المدين، لأنه في حال عدم وجود غش وإهمال لا يستطيع رفعها.
- الدعوى المباشرة: تتميز هذه الدعوى عن الدعوى غير المباشرة، أنه لا يتم رفعها من قبل أي دائن، وإنما يستطيع الدائن رفعها فقط في الحالات التي نص عليها القانون، ويتم رفعها رغم عدم وجود علاقة تعاقدية بين الدائن والمدين.
- الدعوى الصورية: فالصورية معناها ستر عقد حقيقي بين الطرفين المتعاقدين، (العقد المستتر) حيث يكون قصد الطرفين التمسك بالعقد المستتر والحقيقي، مع التظاهر بالقصد الى العقد الصوري، وقد تكون هذه الصورية مطلقة أو نسبية.
- الدعوى البوليصية: دعوى عدم نفاذ تصرفات المدين في حق الدائن، ويتم رفع هذه الدعوى عندما بقوم المدين بتصرفات تؤثر على ذمته المالية، وتهدف لحماية الدائن من عش مدينه المعسر، والحفاظ على الضمان العام.
- دعوى الحجر على المدين المفلس: ويتم رفع هذه الدعوى عندما يعسر المدين إعسار قانوني وفعلي، وتزيد ديونه المستحقة أكثر من جميع أمواله، فيسبب ضرر لدائنيه، ويتم اصدار حكم الحجر من المحكمة المختصة.
- حق الاحتباس: عند وجود التزامين كل منهما مترتب على الاخر ومرتبط به، وحسب القانون المدني الاردني، حق الاحتباس يخول صاحبه حق التقدم، ويعتبر من الحقوق العينية.
تبعا لما تقدم، للدائن على جميع أموال مدينه ضمان عام، يجعل من جميع أموال المدين ضامنة للوفاء بديونه، كما يجعل من جميع الدائنين متساوون في هذا الضمان، إلا من كان له منهم حق التقدم طبقاً للقانون، لذلك فإن المشرع قرر حماية الدائن بتقرير بعض الاجراءات التي يمكنه إتباعها للحفاظ على ضمانه العام.
بقلم الحقوقية: رهف جمال صبرة
مواضيع أخرى ذات علاقة:
مُبدعة ما شاء الله
موفقة ياربّ ❤️.
سلمت يداكِ، جميل ومميز♥️
ما شاء الله فعلا معلومات قَيمة ومهمة .
مقال ممتع عنجد رائعة 💝
Pingback: الدعوى غير المباشرة في القانون - موسوعة ودق القانونية