الهرمية التشريعية وموقع المعاهدات منها
الهرمية التشريعية وموقع المعاهدات منها
تصدر عن مؤسسات الدولة العديد من التشريعات والمعاهدات، وهذه التشريعات تكون عبارة عن قواعد قانونية محددة ومكتوبة بواسطة احدى السلطات المختصة بموجب القانون، الا أن هذه التشريعات تتنوع وتتدرج من حيث سموها على بعضها البعض، بحيث تمتنع التشريعات الأدنى درجة من مخالفة وعصيان ما جاء بالتشريعات الأعلى منها، وهذا ما يطلق عليه بمبدأ التدرج التشريعي والذي جاء به الفقيه النمساوي هانز كالسن في كتابه نظرية القانون، وحيث يعتبر هذا المبدأ من أهم المبادئ القانونية والتي تساهم في دفع التعارض والتناقض بين التشريعات سواء كانت على المستوى الوطني أو الدولي، وتكمن أهمية معرفة وفهم مبدأ التدرج التشريعي في مدى الزامية سمو قاعدة قانونية على الأخرى وعدم معارضتها للقاعدة القانونية الأعلى منها والا اعتبرت أنها منتهكة لحرمة القانون ومصيرها الالغاء بسبب مخالفتها لمبدأ التدرج التشريعي.
تتدرج التشريعات وتتنوع من حيث سموها والزاميتها على التشريعات بحيث يسمو التشريع الأساسي (الدستور) على بقية التشريعات ويسيطر على قمة الهرم التشريعي، ولا تشريع يعلو على التشريع الأساسي في الدولة حيث يحتوى هذا التشريع على قواعد قانونية تحدد شكل الدولة وأي نظام حكم تتخذه الدولة لها، وتحدد صلاحيات وكل ما يتعلق بالسلطات الأساسية بالدولة من سلطة تشريعية وسلطة تنفيذية وسلطة قضائية وعلاقتها كلها ببعضها البعض، وينص على الحقوق الأساسية للأفراد، ولا تستطيع التشريعات الادنى منها درجة عصيان ومخالفة التشريع الأساسي الذي يعلو ويترأس جميع تشريعات الدولة، بحيث يصدر التشريع الأساسي عن جهة مختصة وخاصة لإصداره وغالبا ما تكون عن طريق الهيئة التأسيسية أو الاستفتاء الشعبي، ويلي التشريع الأساسي بدرجة، التشريع العادي (القانون) وهي القواعد القانونية التي تصدر عن المجلس التشريعي ضمن صلاحياته الممنوحة بموجب التشريع الاساسي (الدستور)، بحيث لا يمكن للتشريع العادي (القانون) أن يخالف التشريع الأساسي (الدستور) الأعلى منه بدرجة وإلا أعتبر منتهك لمبدأ التدرج التشريعي، ومن الأمثلة على التشريع العادي داخل الدولة، قانون العقوبات، القانون المدني، قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، ويلي التشريع العادي بدرجة، التشريع الفرعي (اللوائح والأنظمة) قاعدة الهرم التشريعي وهي مجموعة من القواعد القانونية التي تصدر عن السلطة التنفيذية استنادا للقوانين الصادرة عن المجلس التشريعي والتي تهدف الى تنفيذ القوانين وتفسيرها وتوضيحها لتطبيقها على وجه سليم وصحيح، ولا يستطيع التشريع الفرعي مخالفة أو عصيان التشريع العادي أو التشريع الأساسي وإلا اعتبرت مخالفة لمبدأ التدرج التشريعي.
مع تطور نسيج العلاقات بين دول العالم التي دفعت الدولة الى ابرام معاهدات واتفاقيات دولية مع غيرها من الدول، وهذا ما دفعنا لتساؤل ما موقع هذه المعاهدات والاتفاقيات من التدرج التشريعي، هل تعتبر المعاهدات أو التشريعات الدولية أعلى أم بمرتبة أم أدنى من التشريع الأساسي (الدستور)، أو من التشريع العادي (القانون)، أو من التشريع الفرعي (اللوائح والانظمة)؟، وهذا ما دفع المحكمة الدستورية العليا في فلسطين الى اصدار قرارها، طعن دستوري 2017/4 في قضية رقم (12) لسنة ( (2قضائية، وجاء ناصا على أن ” تقرر المحكمة بالأغلبية الفصل في المسألة الدستورية موضوع الإحالة بتأكيد سمو الاتفاقيات الدولية على التشريعات الداخلية، بحيث تكتَسب قواعد هذه الاتفاقيات قوة أعلى من التشريعات الداخلية، بما يتواءم مع الهوية الوطنية والدينية والثقافية للشعب العربي الفلسطيني، مع تمتع الأمم المتحدة ومؤسساتها بالحصانة من الاجراءات القضائية الوطنية”، وقد أكدت المحكمة الدستورية سمو المعاهدات والتشريعات الدولية على التشريعات الداخلية بما يتفق ويتناسب مع الهوية الوطنية والدينية والثقافية للشعب الفلسطيني، أي أن المحكمة الدستورية أكدت على سمو الدستور على التشريعات الدولية واعتبرتها أقل من الدستور وأعلى من التشريعات الداخلية الأخرى.
ظهرت العديد من الآراء معقبة على قرار المحكمة الدستورية العليا المذكور أعلاه، وجاء بمجمل هذه الآراء أنه كان يتوجب على المحكمة الدستورية العليا في فلسطين أن تعتمد التشريعات الدولية أعلى من التشريعات الداخلية جميعها بما فيها التشريع الأساسي (الدستور) والتأكيد على سمو التشريعات الدولية على التشريعات الدولة الداخلية، إلا أنني أتفق مع قرار المحكمة الدستورية العليا المذكور أعلاه واعتبار التشريعات الدولية أقل من الدستور وأعلى من التشريعات الداخلية الأخرى، وهذا لأنه لا سيادة ولا سلطة فوق سيادة الدستور في البلاد، إذ أنه يشكل بمجموعه ارادة الشعب ولا يمكن تجاهل هذه الإرادة حتى وان تم التوقيع على الاتفاقيات الدولية تبقى خاضعة لدستور الدولة.
بقلم المستشار القانوني: يوسف معروف حمد
مواضيع أخرى ذات علاقة:
Pingback: التشريع – موسوعة ودق القانونية
لا اتفق ، المعاهدات والاتفاقات الدولية تسمو على جميع القوانين ومن يلزم نفسه باتفاقية معينة يجب عليها الالتزام بما فيها دون التذرع بالقوانين الداخلية كسبب للتهرب من هذه الالتزامات ولكن يجب على المخول بالتوقيع على الاتفاقيات والمعاهدات عدم توقيع اي اتفاقية تتعارض مع الدستور ( القانون الأساسي )
لكن نتيجه وجود اتفاقيات جماعيه مما يعني اشتراك أكثر من دولة بالتوقيع على بعض الاتفافيات ولانه يستحال أن تتفق جميع الدول على جميع البنود بسبب اختلاف الثقافات والأديان والمذاهب والأحزاب…. وجد هناك التحفظ على بعض بنود الاتفاقيه أي انه يتم التوقيع على الاتفاقيه مع التحفظ على البنود التي لا تتفق وتتعارض مع ما هو معمول بالدولة.
لكن نتيجه وجود اتفاقيات جماعيه مما يعني اشتراك أكثر من دولة بالتوقيع على بعض الاتفافيات ولانه يستحال أن تتفق جميع الدول على جميع البنود بسبب اختلاف الثقافات والأديان والمذاهب والأحزاب…. وجد هناك التحفظ على بعض بنود الاتفاقيه أي انه يتم التوقيع على الاتفاقيه مع التحفظ على البنود التي لا تتفق وتتعارض مع ما هو معمول بالدولة.
Pingback: الرقابة على دستورية القوانين - موسوعة ودق القانونية
Pingback: حالة الاستثناء وهم أم خيال - موسوعة ودق القانونية
Pingback: القانون الدولي الخاص - موسوعة ودق القانونية
Pingback: المعاهدات الدولية في القانون الدولي العام - موسوعة ودق القانونية
Pingback: مصادر القانون والقاعدة القانونية - موسوعة ودق القانونية