قرار رفع سن الزواج إلى 18 عام لكلا الجنسين في المحاكم الشرعية الفلسطينية
قرار رفع سـن الـزواج إلى 18 عـام لكـلا الجنسيـن
في المحاكم الشرعية الفلسطينية
إن قرار تحديد سن الزواج قانوناً هو من المسائل الإجتهادية التي يجوز فيها للجهة المختصة إصدار القانون بما يتوائم مع المصلحة الوطنية العليا، بالتالي من عليه يوصي بهذا الأمر هو القضاء الشرعي من ناحية السلطة التقديرية للقاضي حيث وجه ديوان قاضي القضاة، بتاريخ 11/12/2019، تعميمًا رقم (49/2019) إلى قضاة المحاكم، نصّ على العمل بموجب قرار بقانون رقم (21) للعام 2019، بشأن تحديد سن الزواج في دولة فلسطين بثمانية عشر سنة شمسية لكلا الجنسين، اعتبارًا من تاريخ 29/12/2019، والتعميم على المأذونين الشرعيين بذلك.
ويقتضي ذلك الغاء ما كان معمول به سابقاً لنص المادة (5) من شروط الاهلية للزواج لقانون الاحوال الشخصية رقم 61 لعام 1976م “يشترط في اهلية الزواج ان يكون الخاطب والمخطوبة عاقلين وان يتم الخاطب السنة السادسة عشرة وان تتم المخطوبة الخامسة عشرة من العمر”.
أما بخصوص الحالات الاستثنائية الخاصة، فقد تضمن التعميم “إذا كان في الزواج ضرورة تقتضيها مصلحة الطرفين، فيقتضي من فضيلتكم التحقق من المسوغات الشرعية والقانونية والاجتماعية، وتسطير ضبط بواقع الحال ورفعه إلينا مذيلًا بتوصيتكم بالخصوص، لدراسته وإجراء المقتضى الشرعي والقانوني حسب الأصول”. ورغم تحديد تعميم قاضي القضاة المسوغات وأن القرار بيد قاضي قضاة فلسطين وليس بيد قاضي المحكمة، إلا أنه لم ينظر إلى مطالب المؤسسات النسوية بضرورة تحديد حالات الاستثناء بشكل دقيق.
وأثار صدور القرار تساؤلات عدة حول أهمية القرار وأبعاده، وأثر النص على الاستثناء. وما هي المصلحة المعتبرة من هذا القرار؟ وما دواعي الاجتهاد في هذه النازلة؟ وهل يتعارض ذلك الاجتهاد مع النصوص الشرعية المعتبرة في الفقه الإسلامي؟.
فتشير إحصاءات الجهاز المركزي الفلسطيني إلى بلوغ نسبة الزواج المبكر(الذين هم اقل من 18 عام) لكلا الجنسين، فقد بلغت نسبة زواج الإناث اللواتي عقد قرانهن خلال عام 2019م، وهن أقل من 18 سنة 19.3% مقارنة مع العام 2010م في حين بلغت هذه النسبة الى 24%.
تأتي أهمية قرار رفع سن الزواج رغم الاستثناءات التي يمكن التغلب عليها بتحديد السلطة التقديرية للقاضي، وما يشكله من ضمانة لكلا الجنسين، والاجتهاد في هذه المسألة لأي قرار يختص بتحديد قانون ما يجب أن يخضع للمصلحة العامة. ومن الناحية الفقهية يتبين أن الغالبية العظمى للفقهاء لا يجوز تحديد سن الزواج ويخضع ذلك للعرف ولولي الأمر أي الحاكم. ولكن بعض العلماء والفقهاء أجاز للحاكم اتخاذ قرار بتحديد سن الزواج، ولكن ليس على إطلاقه وإنما على المصلحة الحقيقية المعتبرة، ولدفع ضرر حقيقي عام، والسلبيات تغلب على الايجابيات فهنا يمكن تقييد المباح ومنها تحديد سن زواج ونعلم أن تغير الأحكام تتغير بتغير الازمان ما دامت مبنية على العرف والعادة.
وأرى أن نصوص الشريعة الإسلامية لا تعارض رفع سن الزواج ولا تتعارض معها، ولا يوجد نص يمنع من رفع سن الزواج، بل اعطت الشريعة الإسلامية لولي امر المسلمين سلطة تقيد المباح، فسلطته تكون بناءً على الحاجات المجتمعية التي تراعي المصلحة العامة، ولأنها مع توزان مصالح المجتمع، وان رفع سن الزواج هو ضرورة من أجل أن تبنى أسرة نموذجية قادرة على إدارة شؤون حياتها المستقبلية وبناء مجتمع سليم.
وأخيراً اقتضى التنويه إلى من يعارض بوجود الاستثناء ويطالب بقوانين مدنية فالقوانين المدنية عندما حددت سن الرشد 18 سنة أعطت استثناء للصغير المميز بإذن للأعمال التجارية مثلاً، بحيث يكون هذا العمل عملاً نافعاً نفعاً محضاً، وفي حالة كان هناك ضرراً محضاً من هذا العمل، يكون باطلاً.
إذن فالزواج عند سن الثامنة عشر سنة هو سن مناسب للزوجية، ولكن في حال كان هناك ضرورة ومصلحة للزواج لمن هم أقل من ثمانية عشر عاماً إذا ارتأت المحكمة المختصة ذلك، بما يتوافق ومصلحة طرفي العقد فلا مانع لا شرعاً ولا قانوناً.
بقلم المحامية الشرعية: أميرة عدنان دروبي
مواضيع أخرى ذات علاقة:
Pingback: مفهوم الأحوال الشخصية وتقنينها والقضاء فيها - موسوعة ودق القانونية
Pingback: تنفيذ الأحكام الشرعية الأجنبية وطنياً - موسوعة ودق القانونية
Pingback: الزواج بين القانون والدين - موسوعة ودق القانونية