ظاهرة التسول: الأسباب والآثار والعقوبة القانونية وطرق الحد منها
ظـاهـرة التـسـول:
الأسبـاب والآثار والعقوبـة القانونيـة وطرق الحـد منهـا
تعد ظاهرة التسول من الظواهر الإجتماعية المنتشرة منذ القدم في العديد من دول العالم، ويجب الأخذ في الحسبان أنها ظاهرة تهدد المجتمعات كافة؛ كونها تنتهك عزّة النفس، وترفع نسبة البطالة، وتؤدي إلى الانحلال الفكري والأخلاقي عن طريق قيام العديد من المتسولين بتعاطي المخدرات، وترويج بضاعات مسيئة للأفراد، كما أنها تعد من الأسباب التي تزيد من نسب الجرائم في العالم. فما مفهوم هذه الظاهرة؟ وما أسبابها؟ وكيف يمكن الحد منها؟
مصطلحات تتعلق بظاهرة التسول:
- التسول: هـو استجداء-طلب المساعدة المادية من الغير في عدة أماكن قد تكون عامة أو خاصة، وذلك بوسائل عديدة منها: المبيت في الشوارع، ادّعاء المرض لاستعطاف الناس وغيرها من الوسائل الأخرى.
- المتسول: هو الشخص الذي يتخذ التسول وسيلة لكسب قوت يومه في سبيل بقاءه على قيد الحياة.
أسباب ظاهرة التسول:
قـد يتسول الناس لعدة أسباب أهمها ما يلي:
- ارتفاع نسبة الفقر والبطالة في المجتمع.
- انتشار المظاهر بين الناس بالإضافة إلى غلاء المعيشة.
- اعتبار التسول تجارة مربحة للبعض بدلاً من العمل.
- تكاليف العلاج المرتفعة تدفع الأغلبية للتسول.
- الإدمان على المخدرات تعد عاملاً من العوامل المسببة لهذه الظاهرة.
- المرض النفسي الذي يعاني منه بعض الأفراد.
- اتخاذ التسول مهنة متوارثة من الأجداد.
- الحروب التي بسببها زادت حالات الهجرة والمجاعات.
أنواع التسول:
يُصنف التسول على عدة أنواع وهي على النحو الآتي:
- تسول إجباري: يكون جبراً عن إرادة الشخص وليس باختياره، كما في حالات الأطفال والنساء الذين يُجبرون على التسول.
- تسول اختياري: يكون بحسب إرادة الشخص وليس جبراً عنه، حيث يكون ذو مهارة عالية تمكنه من تحقيق الكسب المادي.
- تسول القادر: وهو التسول الذي يقوم به أفراد قادرين على العمل في الوضع الطبيعي لكنهم يفضلون التسول لتوفير احتياجاتهم، وعند القبض عليهم يتم محاكمتهم ومعاقبتهم.
- تسول غير القادر: وهو التسول الذي يقوم به أفراد غير قادرين على العمل في الوضع الطبيعي كالمرضى مثلاً، وعند القبض عليهم يتم وضعهم في دور ومراكز للرعاية الصحية والاجتماعية.
- 5. التسول الاحترافي: يختص باتخاذ التسول حرفة (مهنة) لتوفير متطلبات الحياة.
- تسول ظاهر: وهذا النوع يكون علنياً عن طريق مد اليدين أمام الناس وطلب المال منهم.
- تسول غير ظاهر: وهذا النوع يكون خفياً عن طريق إما بيع السلع البسيطة للمارة في الشوارع، أو مسح زجاج السيارات.
- تسول موسمي: يمارس هذا التسول في مواسم ومناسبات معينة كمواسم الأعياد والمناسبات الدينية.
- تسول طارئ: يحدث بسبب ظرف طارئ غير مخطط له، كمن يُطرد من منزله، أو من يَضل طريقه.
- تسول الجانح: يقوم به أصحاب الجُنح والجنايات عن طريق قيامهم بالتهديد وإيذاء الغير في سبيل الحصول على المال، بعد ذلك يقومون بالتسول؛ حتى يتمكنوا من التستر على أعمالهم والفرار من وجه العدالة.
أشكـال التسول:
يعتبر التسول مظهر غير حضاري يعكس صورة سيئة عن البيئة المنتشر فيها، ويتخذ عدة صور وأشكال منها:
- الادّعاء الكاذب بالحاجة إلى تبرعات لغاية بناء مدرسة أو مسجد.
- استعمال مستحضرات التجميل في تشويه شكل الوجه؛ لاستعطاف الناس.
- استغلال وثائق وفواتير قديمة كفواتير الكهرباء والماء.
- ادّعاء المتسول بأنه مصاب بمرض عقلي يوهم الناس بحاجته للمال.
- البكـاء والصراخ بصوت عالٍ بقصد جذب انتباه الناس بافتعال أمر كاذب كالذي يدعي بأن أمواله قد سُرقت.
- استغلال الأطفال وأصحاب الهمم العالية في التسول؛ لجذب واستعطاف الناس.
الأماكن التي يتواجد فيها المتسولون:
تنشط ظاهـرة التسول بشكل كبير خلال مواسم الأعياد والمناسبات الدينية، وتأسيساً على ذلك فإن هذه الظاهرة تتركز في الأماكن التالية:
- المراكز الصحية والدينية.
- الأسواق والمراكز التجارية.
- الأماكن السياحية والأثرية.
- الأماكن والجسور العامة.
- مواقف السيارات وإشارات المرور.
- أرصفة الشوارع وتقاطعات الطرق.
حكــم التسول في الإسلام:
حـرص الإسلام على المحافظة على كرامة الإنسان وحمايته من التعرض للإهانة، قال تعالى: “ولقد كرمنا بني آدم”. واستناداً لما سبق فقد حـرم الإسلام هذه الظاهرة لما لها من آثار سلبية تعود على الأفراد والمجتمعات ككل.
الآثار المترتبة عن ظاهرة التسول:
- ارتفاع نسبة البطالة إثر انخفاض إنتاجية الأفراد عن العمل.
- ترك انطباع سيء لدى السياح عند زيارتهم لدولة تنتشر فيها هذه الظاهرة؛ مما يؤدي إلى عدم عودتهم إليها.
- حرمان الأطفال من حقوقهم الأساسية: التعليم، الصحة، الأمان.
- شيوع الجرائم والسرقات بشكل واسع.
- تعرض الأطفال لأمراض جسدية ونفسية إثر هذه المسألة.
طـرق الحد من ظاهرة التسول:
هنـاك عدة آليات ووسائل تساهم في علاج التسول، ومن أهمها:
- توفـير فرص عمل تناسب كل محتاج أو فقير حتى لا يلجأ إلى التسول.
- افتتاح مراكز وجمعيات خيرية تساعد هذه الفئة.
- العـمل على فرض عقوبات على كل من يُقبل على التسول وذلك بحسب قانون كل دولة.
- توفير الضمان الاجتماعي لكل فرد غير قادر على العمل.
ظاهرة التسول الإلكتروني:
مـع ظهور الشبكة العنكبوتية وتطور وسائل الاتصالات ارتفعت نسبة مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وبناءً على ذلك ظهرت طريقة جديدة للتسول عُرفت بظاهرة التسول الإلكتروني التي تعتبر نسخة إلكترونية عن ظاهرة التسول التقليدي الشائع في الطرق والشوارع، لكن هذه الطريقة تختلف عن الظاهرة التقليدية في أن صاحبها المتسول يكون مجهول الهوية، حيث يقوم باستجداء الناس عن طريق النشر في مواقع محددة على شبكة الإنترنت، ومن الأشكال التي يتخذها في ذلك ما يلي:
- التـسول عبر البريد الإلكتروني: تكون هذه الطريقة على شكل رسائل مزعجة تصل لعدد من الناس عبر البريد الإلكتروني توهمهم بحاجة المرسل للمال أو أنه مصاب بمرض خطير يحتاج إلى توفير تكلفة العلاج.
- التسـول في غرف الدردشة: تتم عن طريق الدخول عبر غرف دردشة على مواقع التواصل الاجتماعي، يتم فيها سرد قصص غير حقيقية من نسج الخيال تظهر حاجة صاحبها للمال.
- التـسول في غرف البوكر على الإنترنت: في هذه اللعبة يوجد صندوق مخصص للدردشة، هذا الصندوق يتم استغلاله من قِبَل المتسولين في الحصول على نسب معينة من الأموال من أرباح لاعبي البوكر، ولكثرة الجدل حول هذا الأمر تم فرض قيود على هذه الغرف بحيث تمنع المتسول من الحصول على المال، فإذا دخل إلى هذه الغرف وحاول سحب المال يتم حظره فوراً.
عقـوبة التسول في القانون:
نـص قانون العقوبات رقم (16) لعام 1960م على عقوبة التسول وهي على النحو الآتي:
- يعـاقب المتسـول بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر، أو تقوم المحكمة بإحالته إلى مؤسسة معينة من قِبَل وزير الشؤون الاجتماعية للعناية بالمتسولين لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن ثلاث سنوات وذلك في حال ارتكابه للتسول للمرة الأولى.
- يعاقب المتسـول بالحبس مدة لا تزيد عن سنة واحدة، وذلك في حال ارتكابه للتسول للمرة الثانية وما يليها من المرات.
تجدر الإشارة إلى أن ظاهرة التسول تبقى من الظواهر التي تهدد أمن المجتمع واستقراره، كما أنها تدلل على ضعف إيمان كل شخص يقوم بممارستها، أيضاً تجعل صاحبها يظهر بصورة المحتاج والذليل، ولتفادي كل ما سبق ذكره لا بدّ من ترك مسألة التسول والاعتماد على العمل والإنتاج بجهد شخصي، قال (صلى الله عليه وسلم): “ما أكـل أحدٌ طعاماً قطُ خيراً من أن يأكل من عمل يده، وإن نبيّ الله داود -عليه السلام-كان يأكل من عمل يده”.
بقلم الحقوقية: دارين صبحي سويدان
مواضيع أخرى ذات علاقة:
Pingback: ظاهرة التسول: الأسباب والآثار والعقوبة القانونية وطرق الحد منها – مركز بغداد
Pingback: ظاهرة التسول: الأسباب والآثار والعقوبة القانونية وطرق الحد منها – مركز بغداد
Pingback: تسول أطفال غزة.. ظاهرة تتفاقم يوم بعد يوم - أقلام حرة
Pingback: السوق السوداء: السلع المتبادلة والآثار المترتبة عليها - موسوعة ودق القانونية