أحكام قانون المالكين والمستأجرين – مرفق بتطبيقات قضائية
أحكـام قانـون المالكيـن والمستأجريـن
(مرفق بتطبيقات قضائية)
إن القانون الحاكم للعملية الايجارية في العقارات السكنية والتجارية الواقعة داخل حدود البلديات والمجالس المحلية هو قانون المالكين والمستأجرين رقم (62) لسنة 1953 والذي يحمل أحكام استثنائية هادفة الى تحقيق الحماية للمستأجر من خلال ضمان استمراره مشغلا للعين المأجورة بعد انتهاء مدة العقد المتفق عليها، وهو ما يسمى بالامتداد القانوني الذي يمنح المستأجر صلاحية تمديد العقد بحكم القانون طالما أنه لم يخل بالأحكام الخاصة التي تبرر إخلاءه من العقار والتي سيتم التطرق لذكرها لاحقا.
الا أن فكرة الامتداد القانوني لا تنطبق على أي من عقود الايجار المنظمة خارج حدود البلديات وفي العقارات الزراعية والمدنية أيا كان مكانها، بحيث ما يحكم هذه العقود قاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين وفقا لمجلة الأحكام العدلية وهو الأصل في تنظيم العقود بين أطرافه وفي ذلك جاء حكم محكمة استئناف حقوق رام الله رقم 1151 لسنة 2018 تجد المحكمة أن عقد الإيجار يقع على قطعة أرض خارج حدود البلدية والمجلس المحلي وبالتالي لا يمكن إخضاعه لقانون المالكين والمستأجرين الذي تسري أحكامه على أي عقار في اية منطقة للبلدية أو المجالس المحلية.
وفي ذلك يعتبر اتفاق طرفي العقد على تطبيق أحكام المالكين والمستأجرين خارج حدود البلديات صحيح وموافق للقانون متى ذهبت ارادتهما الى ذلك، لكن ما هو التطبيق القانوني السليم على عقد الايجار الخاضع لأحكام المالكين والمستأجرين حال الاخلال في أي من بنوده اثناء سريان مدة العقد؟
في صدد هذا التساؤل صدر حكم لمحكمة استئناف رام الله رقم 180 لسنة 2017 استئناف حقوق ذكر فيه انه في حال الاخلال ببنود عقد الايجار خلال مدة سريان العقد تنطبق احكام المجلة العدلية ولا تنطبق أحكام قانون المالكين والمستأجرين.
أولاً- شروط تطبيق قانون المالكين والمستأجرين:
يشترط لتطبيق احكام قانون المالكين والمستأجرين ان يتوافر عقد ايجار صحيح الأركان وان يكون الايجار منصب حصرا على العقارات وان يشتمل عقد الايجار على تطبيق قانون المالكين والمستأجرين وان تقام دعوى الاخلاء بعد انتهاء مدة العقد.
ثانياً- نصوص قانون المالكين والمستأجرين:
ابتداء قد طرأ تعديل على نصوص قانون المالكين والمستأجرين في المادة الثالثة منه بخصوص التعريفات فجاء الأمر العسكري رقم (1271) معدلاً للفظ “المالك” الوارد في القانون بأنه ” الشخص المتصرف بالعقار وأي شخص يملك حصة شائعة فيه ومن يكون وكيلاً عرفياً وأي شخص تنتقل إليه الملكية من المالك الأصلي ” بحيث أصبح ” صاحب حق التصرف في المؤجر (بالفتح) أو الذي يملك أكثر من نصف حق الملكية في العقار، أو صاحب حق إرادة العقار أو أي شخص تنقل إليه ملكية العقار”
وظهر هنا تباين في تعريف المالك من خلال قرارات المحاكم التي اختلفت في اعتباره تارة بأنه من له الحق في ابرام عقد الايجار وتارة أخرى بأنه من له حق إقامة دعوى التخلية فجاء في حكم محكمة النقض رقم 1778 لسنة 2018 أن الغاية من تعريف المؤجر بقانون المالكين والمستأجرين هو حماية لباقي الملاك للعقار من تصرف الأقلية وأن المقصود بالتعريف ليس من له الحق بإقامة الدعوى وانما من له الحق بالتأجير.
وصدر لاحقا للقرار المذكور قرار للهيئة العامة رقم 19 لسنة 2021 حسمت المقصود من لفظ كلمة “المالك” فجاء فيه أن المالك هو من يملك إقامة دعوى التخلية وعدم الخلط بين من يملك حق ابرام العقد وبين من يملك حق إقامة دعوى التخلية ذلك ان من يملك حق ابرام عقد الايجار حدد بالقانون العام (مجلة الاحكام العدلية بما تضمنته من قواعد وأحكام وضوابط) في حين أن من يملك إقامة دعوى التخلية حدد بالقانون الخاص (قانون المالكين والمستأجرين) وتعديلاته.
ثالثاً- حالات اخلاء المأجور:
سلط قانون المالكين والمستأجرين الضوء على تنظيم حالات اخلاء المأجور و ردّه الى مالكه خالياً من الشواغل والشاغلين فحدد على سبيل الحصر تلك الحالات وهي:
أ- التخلف عن دفع بدل الايجار المستحق قانوناً:
ان المقصود بالأجرة هو البدل الذي يستحقه المؤجر مقابل منفعة العين المأجورة ولا يعتبر من قبيل الأجرة مصاريف الأجزاء المشتركة والضرائب المستحقة وان التخلف عن دفعها لا يوجب التخلية كما اشترطت نصوص القانون لإخلاء المأجور لعدم دفع الأجرة المستحقة توجيه اخطار عدلي بواسطة كاتب العدل الى المستأجر يشعره بضرورة دفع ما بذمته خلال مدة قانونية محددة بثلاثين يوم من تاريخ التبليغ على انه يجب ان يكون الاخطار صحيحا وان يصدر من ذي صفة وان يتبلغ به المستأجر وفقا للأصول والقانون، وأكدت محكمة النقض ذلك في قرارها رقم 1485 لسنة 2016 بأنه يشترط لقبول دعوى تخلية المأجور توجيه إخطار عدلي للمستأجر وتبليغه إياه لدفع الأجرة المستحقة بذمته خلال المدة القانونية.
ب- مخالفة الشروط الخاصة في عقد الايجار:
ان مخالفة المستأجر للشروط الخاصة المتفق عليها بموجب عقد الايجار سواء اكان من خلال القيام بعمل إيجابي او سلبي يمنح المؤجر الحق في اخلاءه دون ان يكون قد تسبب بضرر كالاتفاق على استخدام المأجور للسكن وتم استغلاله لتخزين المواد فيه أو تغيير معالم المأجور حيث جاء في قرار لمحكمة نقض رام الله رقم 912 لسنة 2011 نقض حقوق إن إقامة دعوى تخلية مأجور لقيام المدعى عليه بتغيير معالم المأجور فإن هذا السبب قائم على مخالفة شروط العقد المتفق عليها مع وجوب توجيه المدعي اخطار للمستأجر طالبا فيه مراعاة شروط العقد المتفق عليها خلال ثلاثون يوم.
ج- الاشراك في الـمأجور:
هو اعارة المستأجر حقه بالانتفاع للغير مما يبرر الاخلاء وجاء في قول محكمة نقض رام الله في قرارها رقم 824 لسنة 2018 نقض حقوق أن السماح للمدعى عليهما بوصفهما من الغير على عقد الايجار بشغل الدكان الأولى دون موافقة من المالك المؤجر يعتبر سبباً للتخلية وفق نص المادة 1/4/د.
د- قصد الحاق الضرر بالمأجور:
في هذا السبب قضت محكمة نقض رام الله في قرارها الذي يحمل الرقم 1144 لسنة 2017 نقض حقوق بأن “المقصود بإلحاق الضرر في المأجور هو الضرر الذي يتعذر معه إعادة الحال الى ما كان عليه قبل إحداث الضرر وبالتالي يستوجب على المؤجر إثبات ذلك الضرر”.
ع- ترك العقار مدة تزيد عن 6 أشهر متواصلة:
ان المقصود بالترك الموجب للتخلية هو الترك الفعلي للعقار وفي ذلك أصدرت محكمة نقض رام الله قراراها رقم 484 لسنة2017 نقض حقوق والتي ذكرت فيه أن المقصود بالترك هو “الترك بصورة فعلية بحيث أنه لم يعد بحاجة له”، على أنه يجب على المؤجر أن يثبت دعوى الترك للحكم له بها ويعتبر تحديد تاريخ ترك المأجور شرط جوهري لقبول دعوى التخلية سندا لقرار محكمة نقض رام الله رقم 522 لسنة 2019 نقض حقوق نجد ان الجهة المدعى عليها تركت المأجور مدة تزيد على ست اشهر بدون اشغال دون ان تحدد تاريخ ترك الماجور بدون اشغال فعلي وهو ما يعتبر شرط جوهري لقبول دعوى التخلية.
هـ- استخدام العقار بشكل يخالف النظام العام:
في هذه الحالة أجاز المشرع للمؤجر أن يطلب إخلاء المستأجر إذا استعمل المأجور أو سمح باستعماله لغاية غير مشروعة كما لو اتخذ من العين المأجورة مقرا للعب القمار على أن يتم توجيه إنذار للمستأجر قبل رفع دعوى الاخلاء.
و- التأجير من الباطن:
تقوم فكرة الايجار من الباطن على وجود عقد ايجار بين المالك والمستأجر الأصلي وعقد ايجار اخر يقوم فيه المستأجر الأصلي بتأجير حقه في الانتفاع في العقار لمستأجر اخر دون وجود اذن ممنوح للمستأجر بالتأجير من الباطن وبالتالي قيام المستأجر بتأجير العين للغير بموجب اذن خطي من المؤجر لا يبرر الطلب بالإخلاء وفي ذلك قضت محكمة نقض رام الله في قراراها رقم 1805 لسنة 2019 نقض حقوق بأنه يجب على المستأجر أن يثبت الاذن الخطي الممنوح له من قبل المؤجر الذي يخوله تأجير العين المأجورة.
ي- إذا أنشأ المستأجر على أرض خاصة له عقاراً مناسباً لممارسة أعماله التجارية أو لسكناه:
العلة من ذكر هذا السبب وهو التملك من أسباب اخلاء المأجور هو تقليل الازمة السكنية في ظل امتلاك المستأجر عقارا متهيئا للانتفاع به سواء للسكن أو لممارسة تجارته وأشارت محكمة نقض رام الله في القرار رقم 611 لسنة 2016 في ان عبارة “مناسبا لممارسة اعماله التجارية” ليس التماثل على وجه الدقة انما ان يكون العقار مؤديا للغرض التجاري الذي يمارسه المستأجر.
و- اجراء التغيير والتعمير
يجوز للمالك طلب اخلاء المستأجر لإجراء التغيير والتعمير في العين المأجورة سواء اكان التغير لكامل المأجور أو لجزء منه على انه يجب توافر عدة شروط للحكم بالتخلية في هذه الحالة:
- ان يكون التغيير والتعمير ضرورياً.
- ان يحصل المالك على رخصة لإجراء هذا التغيير.
- وان يوجه المالك اخطارا للمستأجر.
قيّد القانون الحكم بالإخلاء لإجراء التغيير والتعمير الأساسي ان تتوفر رغبة حقيقية لدى المالك لإجراء التغيير على ان تكون هذه الرغبة نابعة من الحفاظ على المأجور وصيانته وتمكين المستأجرين من الانتفاع به بالقدر الأفضل، والى جانب الضرورة اشترط القانون ان يحصل المالك على رخصة من الجهات ذات الاختصاص تمكنه من اجراء التغيير اللازم وان يقوم بتوجيه اخطار المستأجر بالإخلاء قبل مدة لا تقل عن ستة اشهر من إقامة دعوى التخلية ولم يشترط القانون شكلا محددا للإخطار فقد يكون شفيها او عدليا او بواسطة البريد المسجل على ان يقوم بإثبات ذلك امام القضاء المختص، وان يتم الاخطار بعد الحصول على الرخصة المذكورة أعلاه بحيث يطلب من خلاله المالك اخلاء المأجور لإجراء التعديل و التغيير خلال المهلة المشار اليها في المادة 4/1/و.
رابعاً- الضغط على المستأجر:
كما أن قانون المالكين و المستأجرين سلط الضوء أيضا في حمايته للمستأجر على إحاطته من شروط الضغط التي قد يفرضها المؤجر على المستأجر سواء في عقود الايجار ام بموجب اعمال مادية حيث جاء في نص المادة السادسة من قانون المالكين والمستأجرين أنه “إذا قام المؤجر أو أمر بعمل يقصد منه إزعاج المستأجر والضغط عليه لإخلاء العقار أو زيادة أجرته (كسد مجاري المياه أو مجاري الدخان المعدة لاستعمال العقار أو إذا اتلف شيئاً من الحاجات التي كانت في العقار حين إيجاره) فللمستأجر أن يصلح ما أفسده المؤجر وأن يحسم نفقات ذلك من بدل الإيجار شريطة أن ينبه المؤجر إلى ذلك بواسطة الكاتب العدل ويمضي على تاريخ التبليغ عشرة أيام”.
وتتعدد صور الضغط على المستأجر فإما أن تكون بالزيادة على مقدار الأجرة المتفق عليها وفي ذلك صدر قرار للهيئة العامة رقم 10 لسنة 2021 والذي جاء فيه إن الشرط الوارد في عقد الايجار والمتضمن مضاعفة الأجرة بعد انتهاء مدة العقد لا يتفق مع الغاية التي ابتغاها المشرع في الاحكام الواردة قي قانون المالكين والمستأجرين وبذلك يغدو العقد صحيحا منتجا لآثاره وشرط الزيادة باطل.
كما وجاء في حكم محكمة استئناف القدس رقم 507 لسنة 2019 استئناف حقوق ان الغاية من قانون المالكين والمستأجرين منه حماية اطرافه بالتالي ايراد اي شرط يفهم منه انه للضغط على المستأجر لتخلية المأجور فان الشرط يعتبر باطلا ويبقى العقد منتجا لآثاره.
وأيضاً من صور الضغط على المستأجر ما جاء في قرار محكمة استئناف رام الله رقم 1371 لسنة 2018 استئناف حقوق ان القرار المستأنف ينسجم مع أحكام قانون المالكين والمستأجرين والذي يجيز للمستأجر أن يفتح مجاري المياه التي قام المؤجر بإغلاقها وإصلاح ما أفسده المؤجر على نفقة المؤجر وعليه مع ضرورة اخطار المؤجر بواسطة كاتب العدل مدة عشر أيام، وهذه الحالة ذكرت حالة التعويض الواقعة على عاتق المؤجر جراء الضرر الذي تسبب به.
خامساً- تأجير العقارات لصالح الحكومة:
إن ما ينطبق على العقارات المستأجرة من قبل الحكومة مثل التأجير لوزارة الصحة او لوزارة التربية والتعليم ينطبق عليه أحكام نظام استئجار العقارات لمصالح الحكومة رقم 16 لسنة 1961، والقانون رقم 27 لسنة 1966 المتعلق بالعقارات المستأجرة من قبل الحكومة وهذا ما أكدته محكمة نقض رام الله رقم 466 لسنة 2016 نقض حقوق.
والله وليّ التوفيق
بقلم المحاميـة: فرح ياسر خلف
مواضيع أخرى ذات علاقة:
Pingback: الامتداد القانوني لعقد الإيجار في النظام السعودي مقارنة بما قرره الفقه الإسلامي - موسوعة ودق القانونية