وضع الأراضي في فلسطين خلال الحقب الزمنية المختلفة
وضع الأراضي في فلسطين خلال الحقب الزمنية المختلفة
كان للعديد من الحقب التي مرت على فلسطين تأثير على المسائل الخاصة بالأراضي و تنظيمها ابتداءً من الحقبة العثمانية عام 1516م والذي استمرت الى نحو 400 عام تخللها سنّ العديد من التشريعات التي نظمت ما يخص الاموال غير المنقولة في فلسطين وابرزها ما بقي ساريا الى يومنا هذا كمجلة الاحكام العدلية 1876م و قانون الأراضي العثماني 1858م وما تم الغاؤه مثل قانون الطابو العثماني، تلاها حكم الانتداب البريطاني عام 1917م تخلل فترة الانتداب إصدار قوانين جديدة كان الدافع الأول منها تسهيل نقل ملكية الاراضي الى اليهود، تبعها السيطرة الأردنية عام 1948م وخلالها صدرت العديد من القوانين التي تخص العقارات وتم العمل على تثبيت بعض الأملاك لأصحابها ومنها ما بقي ساريا الى يومنا هذا ومن ذلك قانون تسوية الأراضي و المياه رقم 1952م والقانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة 1958م وقانون التصرف في الأموال غير المنقولة وتقسيم الأموال المشتركة وتحويل الأراضي من ميري الى ملك وغيرها الكثير.
وعند الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عام 1967م تم اصدار أوامر عسكرية إسرائيلية عرقل ما يخص تثبيت الأراضي وتسوية نزاعاتها وسهلت مصادرتها الى المستوطنين، وبعد توقيع اتفاقية أوسلو وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994م تم اصدار مرسوم رئاسي للعمل بالقوانين التي كانت سارية قبل عام 1967م وتم انشاء سلطة الأراضي وتشكل نوعا ما سبيل لتنظيم كل ما يخص الأموال غير المنقولة في فلسطين و تثبيتها وتسجيلها.
أنواع الأراضي في فلسطين:
ان القانون الناظم لأنواع الأراضي في فلسطين هو قانون الأراضي العثماني لسنة 1858م والذي قسم الأراضي الى عدة أنواع سنتطرق هنا الى الحديث عن كل منها:
أولاً- أراضي الملك:
هي الأراضي التي يملكها أصحابها ملكية خالصة لهم وتخولهم السلطات الثلاث لحق الملكية وهي سلطة الاستعمال وسلطة الاستغلال وسلطة التصرف المادي والقانوني والتي تنتقل بعد الوفاة الى الورثة الشرعيين والذي ينظم احكام الأراضي الملك هي مجلة الاحكام العدلية وحدد قانون الأراضي العثماني أنواع الأراضي الملك بما يلي:
- العَرصات: وهي أي أرض خالية من البناء وتتبع البناء او السكن بما لا يزيد مساحتها عن(500م2) على أن تكون ملحقة في البناء وتقع داخل حدود البلديات.
- الأراضي التي افرزت عن الأراضي الاميرية والتي جرى تمليكها لأصحابها بناء على مسوغ قانوني.
- الأراضي العشرية.
- الأراضي الخراجية.
ثانياً- الأراضي الأميرية:
هي الأراضي التي تكون حق الرقبة فيها للدولة وحق التصرف للأفراد وينظم احكامها قانون الأراضي العثماني وعادةً ما تكون الأراضي الزراعية الواقعة خارج حدود البلديات والقرى وكانت الغاية من تصنيفها في العهد العثماني هو ضمان جباية الضرائب (الضريبة العشرية) على المحصول الزراعي واستيفاؤها من المتصرفين بها وصدر لاحقا قانون تحويل الأراضي من ميري الى ملك رقم 41 لسنة 1953م والذي قام بدوره بتحويل الأراضي الاميرية الى ملك بناء على نصوص تنظم المصالح وتسعى لصون حقوق الافراد والتي حددت حالات التحويل ب:
- أي ارض تقع في حدود البلدية تحول من ارض ميري الى ارض ملك.
- إذا تم توسيع حدود بلدية ما تحول الأراضي الاميرية التي أدخلت ضمن حدود البلدية جراء التوسيع الى ملك من تاريخ التوسيع.
- إذا أحدثت بلدية ما تحول الأراضي الاميرية الواقعة داخل منطقة البلدية من ميري إلى ملك من تاريخ إحداث البلدية.
ويجب الإشارة الى أن قانون التصرف في الأموال غير المنقولة لسنة 1953 نص في المادة 9 بانه لا يحق لمن يتصرف في أرض أميرية أن يوقفها على جهة أو يوصي بها ما لم تكن الحكومة قد ملكته إياها تمليكاً صحيحاً بعد توفر المسوغات الشرعية لذلك التمليك وأجاز قانون تحويل الأراضي من ميري الى ملك وقف الأراضي الاميرية لجهة خيرية وفق أحكامه وفق الإجراءات التالية:
يقدم طلب الى مجلس الوزراء وفي حال وجد المجلس المسوغات القانونية يصدر قراراً بالتملك ويأمر بنشره في الجريدة الرسمية وتم تنفيذ القرار في دائرة التسجيل خلال ستة أشهر من تاريخ صدوره والا اعتبر لاغياً.
ملاحظة: يجب التنويه الى ان من أهم الفروق ما بين الأراضي من نوع ملك و من نوعي ميري هو التقسيم الشرعي للميراث حسب تاريخ الوفاة أي قبل أو بعد تاريخ 16/4/1991 يطبق على الأراضي الملك احكام الشريعة الإسلامية فيما يخص الميراث للذكر مثل حظ الانثيين أما الأراضي الاميرية قبل تاريخ 16/4/1991 يطبق أحكام للذكر مثل الانثى وما يلي هذا التاريخ فيتم تطبيق احكام الشريعة الإسلامية، ونظم قانون تحويل الأراضي من اميري الى ملك احكام ما اذا كان صاحب ارض اميرية وتوفي قبل العمل بهذا القانون تعتبر الأرض اميرية و تنتقل الأرض الى الورثة باعتبارها وفقا لقانون انتقال الأراضي الاميرية للذكر مثل حظ الانثى.
ثالثاً- الأراضي الموقوفة:
الوقف نوعين اما وقف صحيح في الأراضي الملك بحيث يكون الواقف مالكا للأرض الموقوفة أو وقفا غير صحيح يقع على الأراضي الاميرية.
رابعاً- الأراضي المتروكة:
هي الأراضي البعيدة عن العمران والتي لا يجوز التصرف بها بالبيع أو الشراء أو الزراعة انما يجوز الانتفاع بها انتفاعا عاما لأهالي المنطقة باعتبارها ملكا لهم جميعا.
خامساً- الأراضي الموات:
هي الأراضي البعيدة عن العمران والتي ليست ملكا لأحد.
قانون التصرف في الأموال غير المنقولة:
سنتحدث في إطار هذا المقال عن بعض الاحكام القانونية للتصرف في الأموال غير المنقولة وفق تشريعها الصادر سنة 49 لسنة 1953 م:
- سندات التسجيل واثباتها: هي سند رسمي مثبت للملكية يتمتع بالحجية القطعية التي تمنع سماع أي دعوى سواء من قبل المحاكم أو هيئات التحكيم فيما يخص أي ملكية صدر بموجبها سند تسجيل في الأراضي التي تمت عليها اعمال التسوية وفي هذا قالت محكمة النقض في قرارها رقم 818/2018 تعتبر سندات التسجيل دليل غير قابل لإثبات العكس ولا يقبل الطعن. بالتالي يعتبر سند التسجيل بحد ذاته بينة كافية لإثبات الملكية دون اسناده الى بينات أخرى.
- اجراء معاملات التصرف: ان محل اجراء معاملات الانتقال و جميع معاملات الأراضي التي تمت عليها التسوية هو و وفقا لقانون التصرف في الأموال غير المنقولة هو دائرة تسجيل الأراضي ولا يجوز إعمالها في أي من الدوائر الرسمية الأخرى و جاء في حكم محكمة استئناف رام الله رقم240/2018 ان المدعية قامت برفع دعوى لتنفيذ الوكالة الدورية لدى دائرة ضريبة الأملاك مما جعل دعواها موجبا للرد لعدم الاختصاص وجاء أيضا القرار رقم1153/2018 الصادر عن محكمة استئناف رام الله مؤكداً لذلك، كما جاء في قانون تسوية الأراضي و المياه لسنة 1952 في المادة16/3 منه على انه يعتبر البيع والمبادلة والإفراز والمقاسمة في الأرض أو الماء صحيحاً إلا إذا كانت المعاملة قد جرت في دائرة التسجيل.
- وقف أرض أميرية أو الإيصاء بها: تم الحديث عنها مسبقا في هذا المقال.
والله وليّ التوفيق
بقلم المحامية: فرح ياسر خلف
مواضيع أخرى ذات علاقة:
شكرا