إتفاقية سيداو وإنسجامها مع الواقع الفلسطيني
إتفاقية سيداو وإنسجامها مع الواقع الفلسطيني
منذ وُجد الإنسان سعى للمحاولة للعيش في حياة تليق به، وتلبي طموحاته واحتياجاته الروحية والجسدية النابعة من الغريزة الفطرية الحقيقية لمعنة الإنسانية، ومع مرور الحضارات بدأت تنموا هذه الغرائز البشرية أكثر فأكثر، واعتاد الإنسان على كونه طامع كثيراً، ويحاول جاهداً لإستغلال كل شيء لمطامعه الشخصية بكافة الأشكال، فبدأت مطامع الدول لمصالها بالحروب والمعارك التي لا تنتهي بسبب حب التسلط والمكاسب الشخصية، بعد اندلاع هذه الحروب كان لا بد من النظر للأبرياء والمهمشين الذين كان يتم القضاء على حقوقهم وحرياتهم، فجاءت الكثير من القوانين والأنظمة وأهمها الشرائع السماوية التي تكفلت بكل الحقوق وحماية الحريات، وكان الدين الاسلامي لاعب رئيسي وأول من حمى الحقوق والحريات وحافظ على الإنسان، حمى حقوق الأقليات والأطفال والشيوخ والنساء ، وسلط الضوء بشكل كبير على أهمية المرأة كونها شريكاً اساسياً في بناء المجتمع ووضع لها الحقوق واعاد كل ما سلب منها وحفظ كرامتها واعطاها مكانة مجتمعية وحث على احترامها ومشورتها وساهم في وضعها في مراكز صنع القرار ، ومن ثم تتالى على ذلك من استنتساخ واضافات لكافة هذه الحقوق والأعراف ليصيغها الانسان عبر المواثيق والمعاهدات الملزمة لحماية الكرامة البشرية، ولا بد من توسيع المدى لرؤية جزء هام ويعتبر من اهم الاتفاقيات الدولية الوضعية في الحفاظ على حقوق المرأة الا وهي اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “سيداو” وسنتحدث عنها بشكل أوسع .
كما ذكرت عن الأهمية الكبيرة للدور الكبير الذي تلعبه المرأة في المجتمع وعن ظهور الكثير من المؤسسات والاتفاقيات والمعاهدات الدولية والمحلية التي تطالب بإنصاف المرأة وسن القوانين التي تصون كرامتها وتحافظ عليها وتحمي حقوقها، ظهر أحد أهم هذه المعاهدات الا وهي اتفاقية مناهضة جميع اشكال التمييز ضد المرأة واختصاراً لاوائل الأحرف من اوائل كلماتها أطلق عليها اتفاقية “سيداو” ، تعريفاً للمعاهدة تعتبر معاهدة دولية معتمدة من الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ ١٩٧٩ تحت وصف وثيقة الحقوق الدولية للنساء ، تم تصديق المعاهدة بتاريخ ٣ من سبتمبر لعام ١٩٨١، ووقع على المعاهدة ما يزيد عن ١٨٩ دولة ، وكان لخمسين دولة من الدول الموقعة بعض التحفظات والاعتراضات ، كما هناك الكثير من الدول التي وقعت ولم تقم بالتنفيذ على أرض الواقع .
حيث تتكون الاتفاقية من مقدمة وستة أجزاء جميعها تتحدث عن حقوق المرأة ومناهضة العنف وتحقيق المساواة بين الجنسين الرجل والمرأة،تحدثت في جزءها السادس على ناحية هامة جداً الا وهي المؤهلين للانضمام للاتفاقية وكيفية الانضمام والتحفظ على بعض البنود وعلى كثير من الإجراءات القانونية، كما كيفية تفسير البنود التي تواجه محل خلاف بين دولتين او اكثر من أعضاء هذه الاتفاقية الى الوصول الى الاتفاق على نتائج التحكيم، فسمحت الاتفاقية الانضمام من جميع الدول، كما تودع الاتفاقية عند الأمين العام للأمم المتحدة ويدعى “وديعاً” كما وتوضع صكوك التصديق أيضاً لدى الأمين العام للأمم المتحدة ، كما وتسمح في المادة (٢٦) لاي دولة في اعادة النظر في الاتفاقية ، كما وذكرت المادة (٢٨) أن التحفظ على بعض بنود المعاهدة يسمح وقت التصديق والانضمام ، وعلى الامين العام للامم المتحدة تعمميمها على الدول ، وأكدت على أن لا يجوز ابداء تحفظ يكون منافياً لموضوع هذه الاتفاقية وغرضها وكان هذا مهم جداً بحيث أنها اتفاقية حقوق انسان ومن الصعب التحفظ على حقوق الانسان وعدم تطبيقها .
للانضمام للاتفاقية كما غيرها من الاتفاقيات والمؤسيات الأممية دور هام في ابراز الهوية على الساحة الدولية، لذلك تتسارع الدول للإنضمام للاتفاقية ومن تلك الدول المنضمة الكثير من الدول العربية وغيرها التي تعتبر الدين الاسلامي ديناً رسمياً لها، وبطبائع مجتمعها من الصعب عليه أن يتقبل قانوناً يخالف الدين الاسلامي، لا تتعارض كامل الاتفاقية مع الدين إلايلامي تعارضاً كبيراً، باعتبار ان الدين الاسلامي كما ذُكر أهم من حافظ على حقوق المرأة، فمن المواضيع المخالفة للدين في الاتفاقية المادة (١٦) وبعض المخالفات بها مثلاً إلغاء الولاية، فكما أن الرجل لا ولي له، إذن – بموجب ذلك البند- يتم إلغاء أي نوع من الولاية أو الوصاية على المرأة ، وذلك من باب التساوي المطلق بينها وبين الرجل ، فللمرأة الزواج بمن شاءت ـ ولو كان كافرا ـ بدون إذن الولي والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل) رواه الترمذي ، وصححه الألباني .كما هناك الكثير من التحفظات في الدين الاسلامي التي دفعت بعض العرب والمسلمين إلى التحفظ على بعض مواد او بنود هذه الاتفاقية تماشياً مع دساتيرها وتشريعاتها ومجتماتها التي تحترم الدين الاسلامي ، كما أيضاً من الدول التي وقعت على الاتفاقية ولم تفعلها الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها .
انضمت فلسطين للاتفاقية بعض حصولها على دولة عضو مراقب في الأمم المتحدة وكان الانضمام رسمياً في ١/٤/٢٠١٤ ، وكانت فلسطين قد ابدت رغبة كبيرة في الانضمام للاتفاقية مبكراً حيث صادق مجلس الوزراء الفلسطيني بشكل اولي ومن جانب واحد على الإتفاقية في عام ٢٠٠٥، وتبعه اصدار مرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس في ٨/٣/٢٠٠٩ بالمصادقة على الاتفاقية بما يتماشى قانونياً مع احكام القانون الاساسي الفلسطيني ، لكن العضوية الرسمية كما ذكرت كانت في ٢٠١٤ لاشتراط الاتفاقية صفة الدولة للدخول اليها وكان هذا بعد حصول فلسطين على صفة دولة عضو مراقب في جمعية الامم المتحدة ،وحيث جاء تصديق فلسطين بلا أي تحفظ خلافاً لمواقف الدول العربية المنضمة بتوقيعها على على الاتفاقية مع بعض التحفظات ، ما آثر سلباً في الشارع الفلسطيني وفي تطبيق الاتفاقية على المجتمع الدولي ، وكان هذا لإبراز الصفة الدولية لفلسطين في المجتمع الدولي ولكنه ضار لها بحيث انها غير قادرة على تطبيقها ما يعرضها للمسائلة من لجنة المتابعة لتنغيذ الاتفاقية.
بقلم الحقوقية: رهف سامر النابلسي