دور العرف في التشريع السوري
دور العرف في التشريع السوري
عند الخوض في موضوع دور العرفي التشريع علينا أولاً معرفة الفرق بين العرف والعادة، العرف: هو مجموعة قواعد تنشأ من اتباع الأفراد سلوكاً معيناً لمدة زمنية طويلة مع اعتقادهم بأنها قاعدة ملزمة لكونها قاعدة راسخة ومتأصلة بالمجتمع ومن الواجب احترامها وتطبيقها كالقانون. أما العادة: إحدى العوامل التي تحدد العرف أحياناً وهي غير إلزامية إنما درج بعض الأشخاص على التعامل بها لفترة من الزمن فهي مستوحاة من طبائع البشر وأخلاقهم كالعادات المدنية من مثل إعطاء الأشخاص العاملين في المطاعم الإكراميات وكذلك عادات الزواج، ومنها عادات محلية تختلف باختلاف المناطق ف قد يدوم العرس في الأرياف أسبوعاً كاملاً كما يتم تقديم العديد من الولائم وتقام احتفالات كبيرة بينما في مناطق أخرى يكون العرس ليوم واحد.
تنص المادة الأولى من القانون المدني السوري على أنه إذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه في مسألة ما فيمكن للقاضي أن يحكم بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية واذا لم يجد حكم المسألة في التشريع والشريعة الإسلامية فيأخذ بالعرف ثم مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة، فالتشريع هو المصدر الرئيسي الذي يتعين على القاضي الرجوع إليه في قرار المحكمة ولكن عندما تعرض عليه مسألة ولم يجد لها حكم في المصدر الأساسي وهو التشريع يحق له عندئذ أن يعود للمصادر الاحتياطية حيث يعد العرف في سوريا بعد التشريع والشريعة الإسلامية في المرتبة الثالثة، ولكن في مصر يأخذ العرف المرتبة الثانية بعد التشريع.
أركان العرف والشروط الواجب توافرها في العادة لتصبح عرف:
للعرف ركنين:
- الركن المادي للعرف: فالعرف هو عادة أو سلوك ما يستمر الناس بالتعامل بها خلال زمن معين دون أي تغيير وتكون غير منافية للآداب العامة حيث تعد من المسائل الواقعية ولا تخضع للرقابة.
- الركن المعنوي للعرف: يطلق عليه الركن الشخصي، وهو شعور يتولد لدى الأشخاص بعد زمن معين بأنهم اصبحوا ملزمين بتطبيق واحترام سلوك معين.
إذا اجتمع الركن المادي والمعنوي في سلوك ما يصبح عرف، أما إذا تحقق ركن دون الآخر يسمى حينها عادة اتفاقية كما ذكرنا سابقاً، من أمثلة العرف حق الزوجة في بعض الدول بأن تلقب بلقب زوجها.
العرف موجود في جميع فروع القانون عدا قانون العقوبات الذي لا يجوز فيه الحكم بجريمة أو عقوبة بموجب العرف وذلك تطبيق لمبدأ “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني” ، وأكثر الفروع القانونية الذي يجد فيها العرف مجالاً واسعاً هو قانون التجارة أو القانون التجاري فالعرف فيه هو المصدر المادي لمعظم قواعده.
إن العادة سواء كانت عامة أو خاصة تكون صالحة لإثبات الأحكام الشرعية ومن هنا تقترب العادة من العرف، فالعرف يبدأ بعادة يتم تكرارها لتصبح ملزمة ولكن ليس كل عادة يتم تكرارها من قبل أشخاص تصلح لتنشئ عرفاً بل هناك قواعد وشروط وهي:
- أن تكون العادة عامة ومنتشرة انتشار واسع في الوسط.
- أن تكون العادة قديمة أي أن يمضي على اتباعها فترة من الزمن ولكن ليس هناك مدة محددة لاعتبارها قديمة.
- أن تكون هذه العادة ثابتة مع الزمن أي أن يتم تطبيقها بأسلوب منتظم ومتواصل و بشكل مستقر وأن تطبق في الصورة ذاتها في كل مرة.
- كما يجب ألا تخالف هذه العادة النظام الاجتماعي والآداب العامة، فمثلاً في بعض الدول انتشرت عادة تعاطي المخدرات ولكن هذا لا يعني أنه من الممكن أن تصبح هذه العادة عرفاً وأن التعاطي أمر جائز.
فالالتزام شرط جوهري ليتكون العرف ويكون بمنزلة قاعدة قانونية واجبة الاحترام والتطبيق ومخالفتها تستوجب الجزاء.
بقلم الحقوقية: دانية أحمد جاموس