علم السياسة والاقتصاد
علم السياسة والاقتصاد
إن ارتباط الوضع السياسي مع الوضع الاقتصادي في الدول هو أمر لا يمكن إنكاره أو تجاوزه، بحيث أن تدهور أحد هذين الجانبيين سيؤثر حتماً على الأخر كما يؤثر إزدهاره، وهذا ما نراه على أرض الواقع في العلاقات بين الدول[1]سمارة، محمود. هل الاقتصاد في خدمة السياسة أو العكس؟، الخليج. 30 نيسان 2017.، حيث ينعكس بشكل واضح وفي أغلب الاوقات على العلاقات بين الدول، وذلك يظهر إذا كان هناك توتر سياسي بين دولتين لنتج عنه توتر في العلاقات الإقتصادية فيما بينها، وإذا كان هناك توتر لوجه نظر سياسية لدولة معينة يؤثر ذلك عليها إقتصادياً خاصة في الساحة الدولية.
أولاً – العلاقة بين علم السياسة وعلم الإقتصاد:
عند البحث في العلاقة بين علم السياسة والاقتصاد سنجد أن هناك علم يختص في البحث بكل ما يتعلق بهذا الأمر “علم الاقتصاد السياسي”، ويهتم بدراسة الظواهر التي تنتج عن العلمين معاً ويربط بينها، ويرى آدم سميث أن الاقتصاد هو العلم الذي يبحق في الثروة في الدول[2]بوطابلة، معمر. محاضرات الاقتصاد السياسي، كلية الحقوق قسم القانون العام، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية … Continue reading، أما ريمون بار فإنه يرى أن هذا العلم هو العلم الذي يهتم بالموارد النادرة في المجتمع البشري،[3]المصدر السابق. ويهتم بدراسة انشاء دول قوية توسع ليشمل دراسة الاستراتيجيات العسكرية والجغرافية السياسية، ويهتم بالتخطيط الاستراتيجي بشكل اساسي[4]الآلفي، محمد. ضيف في الاقتصاد، الدقيقة الثانية، France 24، 22 أيار 2013.، ويتم للجوء للاقتصاد والموارد الإقتصادية في أي دولة من أجل تحقيق الأهداف السياسية فيها[5]عوض، ابراهيم. الاقتصاد في السياسة الدولية، الشروق، 2 حزيران 2018.، وبالرجوع إلى أسباب بعض الثورات التي حدثت في الدول سنرى أن الثورة الفرنسية 1789 والثورة الروسية 1917 كانت أهم اسباب اندلاعهما هو التوتر الاقتصادي وسوء الأوضاع الإقتصادية التي أدت إلى انتشار الجوع والفقر فيهما[6]صخري، محمد. علاقة علم السياسية بعلم الاقتصاد، الموسوعة الجزائرية للدراسات السياسية والاستراتيجية، 11 حزيران … Continue reading.
ثانياً – علم الإقتصاد السياسي:
إن علم الإقتصاد السياسي له عد جوانب في المجتمع ويرتبط بعدة علوم أخرى، حيث أن العلوم في الدولة هي مهمة في إكمال بعضها، ومن هذه العلوم التي له علاقة قوية ومهمة بها هو القانون، وتظهر العلاقة بين العلميين بشكلٍ واضح في الناحية التشريعية، حيث أن هذا يتمثل بشكل واضح عند وضع القواعد القانونية، حيث يظهر ذلك عن فرض الضرائب مثلاً، حيث أن فرض ضريبة معينة أو حماية جمركية للبضائع في الدولة هو من الأمور المهمة في الدولة والتي تساعد على إزدهارها إقتصادياً أو تدهور وضعها الإقتصادي[7]بوطايلة، معمر، مصدر سابق..
يرتبط ايضاً الاقتصاد السياسي بعلوم عديدة، منها علم الاجتماع، وتظهر هذه العلاقة بشكل واضح بعلمٍ متخصص يسمى علم الاجتماع الاقتصادي حيث يحدد هذا الجانب الشروط التاريخية والهيكلية التي تعمل في ظلها مختلف القوانين الاقتصادية[8]بوطايلة، معمر، مصدر سابق..
ويوجد علاقة وثيقة بين الاقتصاد السياسي والتاريخ، حيث أنه من خلال دراسة الاقتصاد السياسي نرجع الى تاريخ الفكر الاقتصادي الذي حاول تفسير النظريات الفلسفية والدينية والسياسية وايضاً التي حاولت تفسير الامور الإقتصادية في حياة الإنسان[9]بوطايلة، معمر، مصدر سابق..
ثالثاً – ايدلوجيات الإقتصاد السياسي في الدولة:
يمكن أن نرى الاقتصاد السياسي في الدولة من خلال ثلاثة ايدلوجيات مهمة، الاولى هي ايدلوجية المنظور الليبرالية، والتي تنظر الى الاقتصاد السياسي من خلال أشكالها المتعددة (الكلاسيكية والكلاسيكية الجديدة والكينزية والنقدية) على أنه على الدولة أن تحترم حق الافراد في السوق في إدارة شؤونهم وهذا يعطي مجالأ للدول من خلال زيادة التفاعل الإقتصادي بينها، إلا أن هذا المنظور يرى الإقتصاد كعلم منفصل وسوق مستقل وعدم وجود أية حدود سياسية فيه وهذا يؤدي إلى ضعف العلاقة بين علميّ الاقتصاد والسياسة.[10]عرفات، الشيماء. الاقتصاد السياسي: كيف تدير الدولة اقتصادها؟، إضاءات، 12 أيار 2015.
أما ايدلوجية المنظور القومي فيركز بشكل أساسي على أن للدولة الدور الأكبر في تنظيم اقتصادها وأمنها للحفاظ على مصالحها، ويأتي هذا المنظور ليوضح أن التبادل التجاري والتعاون بين الدول هو من أجل أن تحقق الدول اهدافها السياسية والاقتصادية بينها، وهذا المنظور يؤدي إلى نتيجة واحدة بين الدول هي الربح والخسارة وهذا يؤدي إلى انعدام التعاون بين الدول وخلق منافسة كاملة فقط، وتتركز ايدلوجية المنظور الماركسي في نظرة المفكرين الماركسيين في مجتمع اشتراكي عادل في التوزيع الاقتصادي والاجتماعي ودور الدور في الحفاظ على هذا التوزيع العادل، وتبقى إشكالية هذا المنظور أن المفكرين يرون أن كافة المشاكل في الدولة الاقتصادية والسياسية هي سببها التوزيع الاقتصادي في الدولة.[11]المصدر السابق.
بعد عرض مفهوم الاقتصاد السياسي ووجهة نظر الايدولوجيات الثلاثة له، يمكننا أن نعرف مدى أهمية الاقتصاد السياسي في النظام السياسي للدول حيث أننا نرى مدى أهميته في السياسة الدولية، حيث يمكننا أن نرى ارتباط العلاقات بين الدول الاقتصادية والسياسية من خلاله، سواء من الناحية الإيجابية والسلبية أيضاً، لذلك تهتم الدول بشكل مباشر في دراسته ووضعه كعلم مستقل في الدولة.
بقلم الكاتبة: المها عابد
مواضيع أخرى ذات علاقة:
المصادر والمراجع
↑1 | سمارة، محمود. هل الاقتصاد في خدمة السياسة أو العكس؟، الخليج. 30 نيسان 2017. |
---|---|
↑2 | بوطابلة، معمر. محاضرات الاقتصاد السياسي، كلية الحقوق قسم القانون العام، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، صفحة 13. |
↑3, ↑11 | المصدر السابق. |
↑4 | الآلفي، محمد. ضيف في الاقتصاد، الدقيقة الثانية، France 24، 22 أيار 2013. |
↑5 | عوض، ابراهيم. الاقتصاد في السياسة الدولية، الشروق، 2 حزيران 2018. |
↑6 | صخري، محمد. علاقة علم السياسية بعلم الاقتصاد، الموسوعة الجزائرية للدراسات السياسية والاستراتيجية، 11 حزيران 2019. |
↑7, ↑8, ↑9 | بوطايلة، معمر، مصدر سابق. |
↑10 | عرفات، الشيماء. الاقتصاد السياسي: كيف تدير الدولة اقتصادها؟، إضاءات، 12 أيار 2015. |
مُبدعة يعطيكِ العافيه ❤️.