المجلس التشريعي والإنتخابات
المجلس التشريعي والإنتخابات
مبدأ فصل السلطات فكريا يعود اصل هذا المبدأ لمفكر فرنسي يدعى مونتيسكيو الذي اقترحه في كتابه روح القوانين اذ افترض بان الحكومة تتلخص مهمتها في ثلاثة وظائف لا يمكن ان يقتصر اداؤها من قبل جهة واحدة وانما يجب تجزئتها وتوزيعها وان لا تتجمع بيد واحدة، وقد تم تبنيه والنص عليه في غالبية دساتير العالم، ومن ضمنها الدستور الفلسطيني ” القانون الأساسي المعدل”، ويعتبر هذا المبدأ بانه مبدأ ديمقراطي بحيث يشكل اهم ضمانة لحقوق الانسان وحرياته التي كفلها الدستور والقانون الدولي ويمنع تمركز الحكم في سلطة ويد واحدة ، بالرجوع الى القانون الأساسي الفلسطيني نجده ينص في المادة الثانية منه على وجود ثلاثة سلطات في الدولة وهي تشريعية،تنفيذية،قضائية استنادا الى مبدأ فصل السلطات بحيث لكل منها سلطات واختصاصات تمارسها في نطاق القانون … في هذا المقال سيقتصر الحديث عن السلطة التشريعية الممثلة بالمجلس التشريعي.
تعرف السلطة التشريعية بانها السلطة او الهيئة المختصة بسن وتشريع القوانين داخل الدولة، يمارس المجلس التشريعي مهام تشريعية ورقابية، يتالف من عدة أعضاء يتم انتخابهم من قبل الشعب، فمثلا بالنموذج الأمريكي يتكون المجلس التشريعي”الكونغرس” من مجلسين مجلس النواب ومجلس الشيوخ، وتم منحه صلاحيات واسعة من قبل المشرع الدستوري الأمريكي، ويقوم أعضاء المجلس التشريعي بوضع مقترحات قانون ليتم التصويت عليها اما بالقبول او الرفض بموافقة اغلبية الأعضاء.
بالنسبة لواقع المجلس التشريعي في فلسطين:
تعود فكرة انشائه الى وثيقة اعلان المبادئ “أوسلو” بهدف تمكين الشعب الفلسطيني من حكم نفسه استنادا الى أُسس الديمقراطية، وحدثت اول انتخابات رئاسية و تشريعية على الأراضي الفلسطينية سنة 1996، وفي سنة 2006 حدثت انتخابات كانت قائمة على أساس نظام انتخابي مختلط “نظام الأغلبية بتقسيم البلد الى عدة دوائر انتخابية و نظام التمثيل النسبي باعتبار البلد وحدة انتخابية واحدة” وعدد مقاعد المجلس كانت 132 مقعد، كما تمثلت كيفية عمل المجلس بانعقاده دورة في السنة تقسم على فترتين ويتم دراسة مقترحات القوانين والتصويت عليها بالقبول او الرفض او التأجيل وفي حالة قبولها يتم نشرها بالجريدة الرسمية وفي حالة اعتراض الرئيس على مقترح قانون يتم تجاوز هذا الاعتراض بأغلبية مطلقة بالمجلس، ويتمثل الهدف الأساسي للمجلس هو توحيد النظم القانونية داخل الأراضي الفلسطينية وتعزيز الديمقراطية.
أما بالنسبة للواقع الفلسطيني نجد بان المجلس التشريعي لم يحقق أي من أهدافه التي وجد من اجلها فقد حدث له غياب فعلي وتعطل منذ عام 2007 تاثرا بالانقسام الفلسطيني بين الضفة الغربية وقطاع غزة ، وتبع تعطل المجلس التشريعي صدور قرار عن المحكمة الدستورية “قرار قضائي” بتاريخ 22/12/2018 بحل المجلس التشريعي والانتخابات التشريعية وفقده صفته كسلطة تشريعية ، واعتُبِرَ هذا القرار بانه لا يتفق مع الدستور ، كما انه يخالف احكام الانتخابات ويمس بمصلحة الشعب الفلسطيني ويؤدي الى اهدار عديد من الحقوق الدستورية ، وجاءت انعكاسات تعطل المجلس التشريعي بشكل سلبي على الواقع الفلسطيني بحيث فقدت اهم جهة تمارس الرقابة والمساءلة على اعمال الحكومة وكما تم ذكره سابقا بان الانتخابات تمثل أداة هامة لتعزيز الديمقراطية وغياب الانتخابات منذ تعطل المجلس أدت الى اضعاف دور الشباب في العمل السياسي، كما انه اصبح هناك فراغ تشريعي بمعنى عدم وجود جهة مختصة بإصدار القوانين الامر الذي دفع الرئيس الى اصدار العديد من القرارات بقانون لملئ الفراغ التشريعي مستمدا شرعيته من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل الذي منحه حق اصدار قرارات بقانون عند تعطل المجلس التشريعي لحالات الضرورة على ان يتم عرضها عليه حال انعقاده ،وهو ما بينته المادة 43 من القانون ، ولكن عملية اصدار القرارات بقانون جاءت بشكل مغاير مع قصد المشرع الدستوري منها بحيث تم اصدار العديد من القرارات بقانون بغير وجود حالة ضرورة بمعنى اخر حدث تناسي لحقيقة وجود سلطة تشريعية مهمتها اصدار القوانين ومن وجهة نظري الشخصية أرى بان تسلم السلطة التنفيذية لجميع المهام التشريعية شكل انتهاك صريح للسلطة التشريعية وعدم إعطاء أي اعتبار لوجودها ولكونها سلطة مستقلة تلعب دورا هاما في بلورة القوانين وتسيير الوقائع.
لكن حديثا في بداية العام 2021 صدر مرسوم رئاسي بتاريخ 15/1/2021 من قبل رئيس دولة فلسطين يدعو فيه الى اجراء انتخابات تشريعية بتاريخ 22/5/2021، وانتخابات رئاسية في وقت لاحق، وتم بدأ التحضير للانتخابات العامة وعمليات الترشح والتسجيل بحيث لاقت قبول وتجاوب كبير من الشعب الفلسطيني اذ اقدم ما يقارب 2.6 مليون شخص على التسجيل للاقتراع.
تعتبر الانتخابات ذات أهمية بالغة كونها تعبر عن إرادة الشعب وعن الاستقلالية والسيادة والديمقراطية بحيث ان مبادئ الانتخابات بان تكون نزيهة، عامة، دورية، سرية، حرة وسير الانتخابات ضمن هذه المبادئ ونجاحها من المتوقع ان تعود بشكل اكثر من إيجابي على الواقع الفلسطيني وان تُحسن من مظاهر الحياة فيه اذ ان مجرد الاقبال الضخم على المشاركة في العملية الانتخابية تدل على مدى وعي المواطن الفلسطيني بأهمية الانتخابات ومدى وعيه باهميتها في تغيير الواقع نحو الأفضل خصوصا في ظل الواقع المرير الذي يعانيه نتيجة وجود الاحتلال الذي شكل العائق الأكبر امام سمو دولة فلسطين كون ان الانتخابات تمنح الحق لكل مواطن المشاركة بغض النظر عن انتمائه الحزبي او السياسي ف الامر المهم هو وحدة الشعب الفلسطيني على ارضه الفلسطينية التي نما وترعرع عليها، نحو مزيد من سيادة القانون ومزيد من الوحدة وفي امل ان تاتي الانتخابات بنتائج تحدث فارقا ونقلة نوعية للشعب الفلسطيني ودولة فلسطين الديمقراطية التي تؤسس قوانينها الخاصة بها دون الاستناد الى قوانين غيرها من المشرعين.
بقلم الحقوقية: رؤى أحمد جرادات
مواضيع أخرى ذات علاقة:
Pingback: الإنتخاب
Pingback: بحث قانوني حول عقد الوكالة - موسوعة ودق القانونية
Pingback: من يحق له الترشيح في المجلس التشريعي ؟ - موسوعة ودق القانونية