جريمة خيانة الأمانة

الأمانة أحد الأخلاق التي جيب أن يتحلّى بها المؤمن وحث عليها الإسلام والتي تعتبر من الصفات الحميدة والتي ورد ذكرها بالقرآن الكريم و السُنة النبوية الشريفة، لذلك لا يمكننا أن نجد مؤمنًا صادقًا بإيمانه يتمتع بالخيانة تعتبر من الكبائر التي يعاقب عليها في الدنيا والآخرة، فقد فرض الله تعالى عقوبة على الخائن يوم القيامة يجازيه بها الخائن على فعله، أما في الدنيا فقد قام قانون العقوبات وجرم الفعل ثم فرض عليه عقوبة حتى يتم ردع الجاني أو كُلّ من تسولت له نفسه في خيانة الأمانة.

يمكننا القول بأن جريمة خيانة الأمانة عبارة عن انتهاك حيث يقوم شخص بانتهاك حق غيره من خلال خيانة الثقة بينهُما وإفشاءها، حيث تتشابه جريمة خيانة الأمانة بالسرقة ففيها اعتداء على الغير أو على ملك الغير إلا إنّها لا تقع على المنقولات.

عقود الأمانة تتمثل في:

عقد الإيجار، وعقد الرهن، وعقد الإعارة، وعقد الوكالة، وعقد الوديعة، وعقد القيام بفعل أو عمل مادي يكون بذل عناية أو تحقيق نتيجة.

قد يتم معرفة الشخص الخائن للأمانة من خلال إصدار إتهام من صاحب الشأن على الشخص الخائن بأنه خان أحد عقود الأمانة مع وجود دليل الإثبات حيث يمكن الإثبات بكافة طرق الاثبات المُمكنة أو من خلال الإقرار حيث يقوم الشخص بالإعتراف على أنّه ارتكب جريمة خيانة الأمانة. وهُناك شروط حتّى يتم الأخذ بالإعتراف كحجة ودليل على المُتهم الخائن للأمانة:

•  أن يكون الإعتراف من قبل المُتهم.
•  أن تكون أهلية المُتهم كاملة بحيث لا يكون هُناك أي عارض من عوارض الأهلية.
•  أن يكون الإعتراف أثناء اتخاذ الإجراءات اللازمة بالجريمة ومن خلال سير القضية والعمل بها.
• أن يكون الإعتراف قضائيًا.

أركان جريمة خيانة الأمانة:

أولاً – الركن المادي: هو الإختلاس ووجود الضرر. فالإختلاس يعن: أن يأتي الجاني بفعل يدل على أن الشيء المؤتمن عليه ملكه ولكنه بالحقيقة ليس ملكه إنما يكون بحيازته، مثل: قيام شخص بإعطاء سعيد مبلغ من المال إلى حين عودته من السفر أي أمّن الأموال مع سعيد، إلا أن سعيد خان الأمانة وقام باختلاس جزء من الأموال وقام بالتصرف بها على أساس أنها ملكه، فهنا يعتبر مختلسًا لأنه اختلس جزءًا من الأمول وتصرف بها على أساس أنها ملكه ولكن ملكيته هنا ناقصة، مجرد حيازة ناقصة لا تسمح له قيام تصرف قد يخلق ضرر للغير. الضرر يعني: يعني إحداث نتيجة تلحق ضرر ومخاسر للشخص الذي أمّن على ملكه أو أمواله، وليس بضرورة إلحاق ضرر كبير من أجل العقوبة بل يكفي المباشرة بالفعل حيث يقوم قانون العقوبات ويعاقب الجاني ثُم يسأل مدنيًا ويكون ملزم على الجاني التعويض عن جميع الأضرار، وأيضًا ليس ضرورياً أن تكون الأضرار مادية بل قد تكون أدبية.

ثانياًَ – الركن المعنوي: يقصد به القصد الجنائي من ارتكاب الجريمة ونية إحداث نتيجة سيئة تلحق أضرار بالغير غير مشروعة من قبل الجاني، حيث يمكن إثبات القصد الجنائي بكافة طرق الإثبات المتعارف عليها في قانون العقوبات والجنائي.

من المعروف أن جريمة خيانة الأمانة جرمية وقتية غير مستمرة تنتهي بمجرد ممارسة الفعل وإحداث نتيجة وبمجرد إتمام الركن المادي وإلحاق الأضرار. وتعتبر عقوبة خيانة الأمانة جنحة حيث يتم معاقة الجاني بالحبس وقد يكون مع غرامة مالية من تقدير القاضي، ولا يوجد عقوبة على الشروع في جريمة خيانة الأمانة الا إذا كان هُناك نص خاص، ولأنه أيضًا لا يتم معاقبة شخص شرع لقيام جريمة جنحة إلا بنص قانوني خاص على عكس جرائم الجانية.

لا ننسى أيضًا عقوبة خيانة الأمانة في الآخرة فقد حذرنا الرسول صلَّ اللَّه عليه وسلم وأصحابه والله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم حيث ذم الخيانة واعتبرت من أكبر الكبائر ويعتبر من خان الأمانة خارج من الإيمان توعد الله عذابه بالنار ومعاقبته. فالأمانة من السلوك الذي يجب أن يتمتع به بالفرد كي يسود السلام والأمان بالمجتمع لأنه عند انتشار الخيانة يفسد المُجتمع ويصبح غير صالح لأي شيء وذلك لأن أساس استمرار أمور الحياة والوجود هي الأمانة فكل إنسان يعتبر مؤتمن على ماله ودمه ودينه وعائلته وعلى مال غيره عندما يضعه معه أو على سر غيره وعلى العديد من الأشياء التي إذا أفشيناها تعتبر خيانة للأمانة يعاقب الله تعالى عليها وجرمها قانون العقوبات وفرض العقوبة المناسبة عليها.

بقلم الحقوقية: ميس الريم جناجرة