Login

Lost your password?
Don't have an account? Sign Up

بحث حول الجريمة المستحيلة وتكييفها القانوني

الجريمة المستحيلة وتكييفها القانوني

 

(الفهرس)

المقدمة:

المبحث الأول: مفهوم الجريمة المستحيلة وتنظيمها في الفقه.

 المطلب الأول: مفهوم الجريمة المستحيلة.

   الفرع الأول: الإستحالة بسبب محل الجريمة.

   الفرع الثاني: الإستحالة بسبب وسيلة تنفيذ الجريمة.

 المطلب الثاني: الجريمة المستحيلة في الفقه.

   الفرع الأول: المدرسة التقليدية.

   الفرع الثاني: المدرسة الوضعية.

المبحث الثاني: تنظيم الجريمة المستحيلة في كل من القانون والقضاء.

 المطلب الأول: الجريمة المستحيلة في القانون.

   الفرع الأول: الجريمة المستحيلة مع عدم وجود نص في قانون العقوبات.

   الفرع الثاني: الشروع في الجريمة في قانون العقوبات الأردني.

 المطلب الثاني: الجريمة المستحيلة في القضاء.

   الفرع الأول: القضاء الأردني والمصري.

   الفرع الثاني: القضاء الفرنسي والسوري.

الخاتمة

قائمة المصادر

قائمة المراجع

 

 

ملخص البحث:

هذا البحث يقوم على تعريف الجريمة المستحيلة ويبين أوجه التشابه بينها وبين الشروع في الجريمة والتي يعاقب عليها القانون على عكس الجريمة المستحيلة، ويتناول هذا البحث تنظيم الجريمة المستحيلة في الفقه وأسباب استحالة تنفيذ الجريمة المستحيلة وهي تكون سبب من اثنين اما بسبب محل الجريمة أو بسبب وسيلة تنفيذ هذه الجريمة وهي الاستحالة المادية وتقسم الى الاستحالة المادية المطلقة وهي تكون في حالة كانت الوسيلة المستخدمة لا تصلح أبداً لإحداث النتيجة الجرمية, والنوع الثاني وهو الاستحالة المادية النسبية وما يسمى بالشروع التام وهي اذا كانت الوسيلة المستخدمة تؤدي الى تحقق النتيجة لكنها لم تقم بذلك لأنها استخدمت بكيفية او بكمية لا يمكن معها ان تتحقق النتيجة الجرمية وأنواع المدارس وهم المدرسة التقليدية والمدرسة الوضعية ما بين معارض ومؤيد لإيقاع العقوبة أو عدم إيقاعه أو الحديث عن تنظيم الجريمة المستحيلة في الفقه والقضاء وفي القانون مع عدم وجود نص في قانون العقوبات الأردني
لمعالجة الجريمة المستحيلة بشكل خاص والحديث عن الشروع في الجريمة حسب القانون وكيفية التفرقة بين الشروع والجريمة المستحيلة وما موقف القضاء من الجريمة المستحيلة وتعدد الآارء في كل من القضاء المصري والأردني والسوري والفرنسي وبعض أحكام محاكم صادرة عن محاكم المانية وبريطانية تحدثت عن الجريمة المستحيلة.

 

 

المقدمة: 

بدايةً حتى نبين مفهوم الجريمة المستحيلة وأنواعها يجب أن نبدأ أولاً بتعريف الجريمة بشكل عام وتعريف السلوك الإجرامي، بالنسبة لتعريف الجريمة بشكل عام، قانون العقوبات الأُردني النافذ لم يضع تعريفاً لها إلا أنه يتضح من نصوصه القانونية بأنها كل فعل أو امتناع صادر عن شخص مميز يمثل هذا الفعل خرق للقانون ويعاقب عليه بعقوبة جزائية أو تدبير احترازي، ويرى الباحث بأن التعريف المذكور مناسب جداً، ونستخلص بأن معيار تحديد الجريمة هو نص القانون “لا جريمة ولا عقوبة الا بنص قانوني”، ومن ثم ننتقل إلى أركان الجريمة وهي: ثلاثة أركان الأُولى الركن المعنوي ويشمل (الأهلية و القصد الجنائي) والركن الثاني وهو الركن المادي ويشمل (فعل، نتيجة، علاقة سببية بين الفعل والنتيجة) وأخيراً الركن القانوني وهو وجود نص قانوني يجرم الفعل الذي قام به المتهم، أما بالنسبة الى تعريف السلوك الإجرامي هو النشاط المادي الذي يرافقه الجاني بحركة عضوية إرادية، أو بمجموعة من الحركات العضوية الإرادية التي تحدث أثرها في العالم الخارجي والتي هي عبارة عن مجموعة من الأفعال الذهنية والمادية التي يحقق الانسان من خلالها غاياته، فلو أراد شخص قتل آخر في البداية يفكر في الأمر، ويوازن بين رغبته وأضرار فعله، واذا ما أوصله تفكيره الى القيام بفعل القتل فإنه ينتقل إلى مرحلة التصميم ليبدأ بعدها بتهيئة وتحضير الوسائل اللازمة للقيام بجريمة القتل كشراء سلاح ومن ثم يبدأ في التنفيذ وقد يصل إلى النتيجة الجرمية أو قد لا يصل إليها بسبب إستحالة تنفيذ الجريمة، فمراحل الجريمة هي: (مرحلة التفكير والتصميم، ومرحلة الإعداد والتحضير، ومرحلة البدء بالتنفيذ)، والآن نبين مفهوم الجريمة المستحيلة موضوع البحث وهي الجريمة التي يستحيل تحققها على مستوى الواقع أياً كانت الظروف اللاحقة المحيطة بها وإنما وجودها على مستوى إعتقاد الجاني كمن يجهز على شخص بنية قتله ليتبين أنه ميت اصلاً أو كمن يأخذ مالاً بنية سرقته فيتبين أن المال ملكٌ له، أما بالنسبة إلى أنواعها وهي: الإستحالة القانونية والإستحالة المادية التي تنقسم إلى إستحالة مادية مطلقة و إستحالة مادية نسبية وسيبين الباحث تعريفها بشكل تفصيلي في هذا البحث.

بعد البدء في التنفيذ قد يصل الجاني إلى النتيجة التي يريدها أو تفلت النتيجة فلا يصل إلى غاياته. وبذلك يرى الباحث بأن في هذه الحالة نكون أمام إحتمالين، الأول أن يكمل الجاني نشاطه الإجرامي وتتحقق تبعاً لذلك النتيجة المقصودة وهذه الجريمة التامة، كما لو طعن شخص آخرَ بسكين فقتله، أو كما لو وضع السارق المال المسروق تحت حيازته، أما الإحتمال الثاني  فهو أن يتخلف أهم عنصر في الجريمة ألا وهو عنصر النتيجة ونكون أمام نوع من أنواع الجريمة المستحيلة وهي الشروع في الجريمة والشروع هو عبارة عن البدء في تنفيذ فعل من الأفعال الظاهرة المؤدية إلى إرتكاب جناية أو جنحة ولكن لم يتمكن الفاعل من إتمام الأفعال اللازمة لحصول تلك الجناية أو الجنحة لحيلولة أسباب لا دخل لإرادته فيها.

مثلاً قيام شخص بتصويب المسدس نحو رأس شخص آخر فيأتي أخيه ويخطف المسدس من يده قبل الضغط على الزناد وفي هذه الحالة نكون أمام الشروع الناقص، أو السارق الذي يدخل المتجر لسرقته وعندما يحاول كسر الخزانة يتم ضبطه ولا يتمكن من وضع يده على النقود فيكون الفاعل قد منع عن إتمام فعله بفعل فاعل آخر لا دخل لإرادة الجاني فيه وهذه حالة الشروع الناقص.

وفي الجريمة الناقصة يمكن تصور عدول الجاني عن إتمام فعله وعدم إكمال جريمته بإرادته ورغبته كما لو حاول شخص قتل آخر وصوب المسدس نحوه ثم يمتنع عن إطلاق النار عليه رأفةً من الجاني بالمجني عليه، أو حالة السارق الذي يمتنع عن سرقة الأموال لأنها تعود إلى إيتام  وطالما أن العدول تم بإرادة ورغبة الجاني لا بسبب خارجي فيسمى بالعدول الاختياري لكن ماذا لو أن عدم تنفيذ الجريمة عاد لاستحالة تمامها منذ البداية؟ فما التكييف القانوني لهذه الواقعة؟ وما العقوبة المقررة على الفاعل عند إتيانه فعلاً كان من المستحيل أن تتحقق نتيجته لسبب لا دخل لإرادته فيه؟ وهذه الأسئلة سيتم الإجابة عليها من خلال هذا البحث من خلال دراسة مفهوم الجريمة المستحيلة وكيفية تعامل كل من الفقه والقضاء والقانون مع هذه الجريمة.

أهمية البحث:

تكمن أهمية البحث في تحديد الجريمة المستحيلة وتعريفها وأسباب إستحالتها من ناحية قانونية وما مدى تطبيقها على الواقع في مهنة المحاماة وهل يوجد عقاب عليها أم لا يوجد، ولتمييز الجريمة المستحيلة عن غيرها من الجرائم بسبب جهل العديد من الأشخاص بوجود هذه الجريمة، بالإضافة إلى أنه يوجد فئة من القانونيين لا يستطيعون التفريق بين الشروع في الجريمة وبين الجريمة المستحيلة ليس فقط من قبل القانونيين بل أحيانا من قبل القضاة مما يؤدي إلى ظلم العديد من الأشخاص، لأنه مثلاً في حال كان المجني عليه قد فارق الحياة وفقد صفته كإنسان حي قبل إتيان الجاني بنشاطه ثم قام الجاني بإطلاق النار عليه فما هو تكييف الواقعة الجرمية في هذه الحالة؟ أو مثلاً في حال قام الجاني بالضغط على الزناد لكن طلقات النار لم تخرج من السلاح الناري فهل تعتبر في هذه الحالة جريمة مستحيلة؟ سأبين ذلك من خلال هذا البحث.

أسباب اختيار البحث:

من ضمن أهم الأسباب لإختياري للبحث هو لتحديد كيفية حدوث الجريمة المستحيلة في الواقع العملي والقانوني وتحديد الأسباب القانونية التي أدت إلى عدم حصول النتيجة وبيان هل يؤثر ذلك على أركان الجريمة أم لا، وأيضاً عدم وصول الجاني إلى تحقيق غايته من السلوك الذي قام به وفشله في تحقيق النتيجة الجرمية فهو مهم جداً في الواقع العملي لأنه من الممكن أن يتم إدانة متهم بسبب عدم تطبيق النص القانوني بشكل سليم في معنى الجريمة المستحيلة و مثلاً في حال قيام الجاني بإطلاق النار في المكان الذي توهم الجاني وجود المجني عليه فيه ولكن لم يكن المجني عليه موجود فيه لحظة إرتكاب الفعل الجرمي فما تكييف هذه الواقعة الجرمية هنا؟

إشكالية البحث:

يرى الباحث بأن الإشكالية تكمن في الجريمة المستحيلة بأنه في الواقع العملي والمهني عند عدم قدرة المحامي أو القاضي على التفريق بين الشروع في الجريمة و الجريمة المستحيلة يؤدي الى وجود لغط كبير وخطأ في تكييف الجرائم مما يؤدي إلى سجن أشخاص من دون الإستناد إلى نص قانوني يجرم ويعاقب على الفعل وبذلك يؤثر على تحقيق العدالة وزعزعة الثقة في المحامين والقانون من قبل المواطنين، وهذا ما يحاول الباحث إيجاد حل له من خلال بيان الفرق بين الجريمة المستحيلة والشروع في الجريمة وأركان كل منها وكيفية تكييف الجرائم لأن أهم عنصر في القانون الجنائي هو التكييف السليم للواقعة الجرمية، لأنه عند وجود التحليل الصحيح للنص القانوني يؤدي إلى خلق محامين قادرين على تكييف الواقعة بشكل سليم وقانوني وليس العكس لأن عدم المعرفة الصحيحة بنصوص القانون والتكييف يؤدي الى عدم تحقيق رسالة المحاماة و وجود فئة لا يعلمون ما هي الأسباب القانونية التي أدت إلى إستحالة الجريمة وعدم خضوعها إلى نص قانوني هو أمر سيء يحاول الباحث معالجته.

منهج البحث:

تعتمد منهجية هذا البحث بأنه بحث علمي تحليلي يقوم على تكييف الوقائع والجرائم التي قد تقع واقعياً والوصول إلى تحديد الجريمة وتكييفها ومدى توافر الأركان الخاصة للجريمة والشروط التابعة لها قانوناً وبيان العقوبة الخاصة بكل جريمة وبيان رأي الفقه والإجتهادات القضائية والمقارنة بينهما ورأي القانون فيها من كافة النواحي والوصول الى التكييف الصحيح لكل جريمة.

 

المبحث الأول:

مفهوم الجريمة المستحيلة وتنظيمها في الفقه

 

يتناول هذا المبحث مفهوم الجريمة المستحيلة والتعريفات الواردة بشأنها في مطلبه الأول والأسباب التي ترجع لها الاستحالة في هذه الجريمة في الفرع الأول والثاني، بينما يتناول المطلب الثاني تنظيم الفقه لهذا النوع من الجرائم، والمدارس الفقهية المختلفة بشأنها في الفرع الأول والثاني ومدى منطقية نظريات هذه المدارس من عدمها، والأسس والمبررات التي تقوم عليها هذه الجريمة.

 

المطلب الأول:

مفهوم الجريمة المستحيلة

 

الجريمة المستحيلة هي تلك الجريمة التي يستحيل فيها تحقق النتيجة الجرمية التي اتجهت اليها ارادة الفاعل على الرغم من بذله لكل نشاط يستطيع القيام به لتحقيق هذه النتيجة وبهذا هي تشابه الشروع التام في ناحيتين انه الجاني يستنفذ اي نشاط ممكن له وتخلف النتيجة الجرمية[1]كامل السعيد. الاحكام العامة للجريمة في قانون العقوبات الاردني. عمان. د.ن. 1981. ص263. أي أن الجريمة المستحيلة هي الجريمة التي يستحيل تنفيذها[2]رمسيس بهنام. الجريمة والمجرم والجزاء.الاسكندرية: منشأة المعارف.1973. ص465.

 

الفرع الأول:
الإستحالة بسبب محل الجريمة

 

الجريمة المستحيلة تكون سبب من إثنين أما بسبب محل الجريمة أو بسبب وسيلة تنفيذ هذه الجريمة، بالنسبة لمحل الجريمة وهي الاستحالة القانونية وتكون الجريمة مستحيلة استحالة قانونية في حالة ما اذا انعدم محل الجريمة او فقد صفة اساسية من صفاته، مثلاً في جريمة القتل محلها هو الانسان الحي فلو حاول شخص قتل اخر ثم اتضح انه كان قد توفى قبل محاولة قتله[3]ماهر الدرة. الأحكام العامة في قانون العقوبات.الموصل: وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. 1990.ص226. أو كان موجود في غير المكان الذي تصور الجاني انه موجود فيه مما يؤدي الى عدم توافر جريمة القتل او قيام المتهم بإدخال يده في جيب المجني عليه بنية سرقته لكن لم يكن يوجد اية نقود في الجيبة، أو مثلاً في حال أراد شخص اجهاض امرأة ظنَ انها حامل لكن هي لم تكن حامل فهو قام بإجهاض امرأة غير حامل اذاً جريمة الإجهاض غير موجودة، ففي المثال الأول نكون امام جريمة مستحيلة بسبب عدم وجود محل الجريمة وهو الانسان الحي[4]محمد الجبور، الجرائم الواقعة على الاشخاص في قانون العقوبات الاردني، الطبعة الاولى لسنة 2000. وفي المثال الثاني نكون أيضاً أمام جريمة مستحيلة لأن محل الجريمة وهو النقود غير متوافر وفي المثال الثالث نكون امام جريمة مستحيلة أيضاً لعدم توافر المحل وهو الجنين، ويقصد الباحث أن محل الجريمة هو الذي غير موجود وهو ما يسمى بالإستحالة القانونية للجريمة، وان قانون العقوبات الاردني النافذ رقم (16) لسنة 1960 لم يجرم هذا الفعل الذي قام به المتهم بالأمثلة أعلاه الا اذا اقترن فعل المتهم بجريمة أخرى يعاقب عليها القانون المذكور.

 

الفرع الثاني:
الإستحالة بسبب وسيلة تنفيذ الجريمة

 

السبب الثاني وهو وسيلة تنفيذ الجريمة وهي الاستحالة المادية والنوع الاول منها هو الاستحالة المادية المطلقة وهي تكون في حال كانت الوسيلة المستخدمة لا تصلح ابداً لإحداث النتيجة الجرمية فمثلاً لو اراد المتهم قتل المجني عليه باستخدام سمّ وقام بوضع السمّ في أكل المجني عليه لكن تبين انه ليس سمّ أو أنه وضع سمّ لكن كانت الكمية قليلة وغير كافية لقتل المجني عليه[5]محمد زكي أبو عامر. قانون العقوبات اللبناني القسم العام.1981 بيروت: الدار الجامعية. ص141. أو استخدم مسدس غير حقيقي (بلاستيك) لقتل المجني عليه فهنا تكون الجريمة مستحيلة استحالة مادية مطلقة ولا عقاب عليها حسب قانون العقوبات الاردني رقم (16) لسنة 1960، والنوع الثاني وهو الاستحالة المادية النسبية وما يسمى بالشروع التام وهي اذا كانت الوسيلة المستخدمة تؤدي الى تحقق النتيجة لكنها لم تقم بذلك لأنها استخدمت بكيفية او بكمية لا يمكن معها ان تتحقق النتيجة الجرمية، مثل قيام المتهم بالضغط على الزناد لكن الرصاصة لم تخرج من السلاح الناري وهنا يعتبر شروعاً في القتل او قيام المتهم باستخدام بندقية قد افرغت من الذخيرة بغير علمه أو استخدم موس كباس وعندما ضغط على الكبسة لم يفتح الموس , في هذه الحالة تسمى جريمة مادية نسبية أي شروع تام بالقتل وهو الفعل الذي يعاقب عليه حسب نص المادة (70) من قانون العقوبات الأردني النافذ رقم (16) لسنة 1960.

وقد ثارت مشكلة الجريمة المستحيلة لأول مرة أمام القضاء الفرنسي حين قام شخص يدعى لورنت بالإعداد لقتل والده من خلال تجهيز بندقية محشوة بالذخيرة وتركها مسنودة على الحائط مما آثار شك والده عندها مما دفعه الى افراغها من الرصاص وتركها في مكانها الى حين ان قدم الإبن وسحبها وصوبها باتجاه والده وضغط على زنادها الا ان الرصاص لم ينطلق منها وبعد لجوء الأب الى القضاء أدانت المحكمة ابنه بجريمة الشروع في القتل[6]محمد، أبو عامرالمرجع السابق. ص142.

وتتشابه الجريمة المستحيلة مع الشروع في أن الجاني قد قام بسلوكه الجرمي لكن لم تتحقق النتيجة الجرمية لكن أسباب عدم تحقق النتيجة تختلف ما بين كل من الشروع والجريمة المستحيلة حيث ان اسباب عدم التحقق تتوافر في الجريمة المستحيلة وقت ارتكاب الفعل ولا تكون عارضة او طارئة بعكس ما هو الحال عليه في الجريمة الخائبة او الشروع حيث يكون عدم التحقق راجع لأسباب عرضية وطارئة وليست مقدرة وأكيدة كما في الجريمة المستحيلة بل انه في الشروع يكون عدم التحقق محتمل ولكنه غير أكيد ولا يعاصر الفعل منذ بدايته على عكس الجريمة المستحيلة[7]ماهر الدرة. مرجع سابق. ص226. حيث يمكن تعريف الجريمة المستحيلة بأنها الشروع في ارتكاب فعل من المستحيل ان يحقق الفاعل نتيجته مثل وضع الجاني يده في جيب شخص لسرقة ما فيه من مال فيجد الجيب خالياً[8]عبود السراج. قانون العقوبات القسم العام. دمشق: دار المستقبل للطباعة.1982. ص134. لكن في الشروع في الجريمة ممكنة التحقق وكان المفترض ان تتحقق نتيجة هذا الجريمة لولا ان امور عارضة منعت ذلك إلا انه في الجريمة المستحيلة لا تكون الجريمة ممكنة الوقوع اصلا ويكون من المستحيل على الفاعل نفسه أو على اي شخص تواجد في ذات الظروف فلا يمكن قتل شخص ميت أو اجهاض امرأة غير حامل[9]كامل السعيد. مرجع سابق. ص263، كما يعود عدم تحقق النتيجة في الشروع الى اسباب طارئة حدثت بعد ان بدأ الجاني سلوكه كتحرك مفاجئ للمجني عليه بينما عدم التحقق في الجريمة المستحيلة يعود الى سبب ملازم لسلوك الفاعل منذ البداية وهو الذي يؤدي الى استحالة وقوع النتيجة الجرمية بغض النظر عن الظروف الطارئة التي تحدث بعد ان يبدا الجاني بتنفيذ سلوكه الاجرامي، وبسبب التشابه القائم بين الجريمة المستحيلة والشروع ادى الى قيام جدل فقهي انعكس على التشريع واحكام القضاء بخصوص ما اذا كان من الممكن ان نسأل الفاعل عن الجريمة المستحيلة باعتباره شارعا فيها كما هو الحال في الشروع[10]المرجع السابق. ص264 ويرى الباحث بأن تكييف القانون لهذه الافعال المذكورة أعلاه هو التكييف الصحيح والأنسب لكل فعل تم ذكره.

 

المطلب الثاني:

الجريمة المستحيلة في الفقه

 

كان الفقه قد اختلف اختلافا بيناً بصدد العقاب على الجريمة المستحيلة وانقسم الى اتجاهين وأدى الى خلق و وجود اختلاف فقهي حول الجريمة المستحيلة، والاتجاهات هي الأول يتمثل بأنصار المدرسة التقليدية والثاني يتمثل بأنصار المدرسة الوضعية.

 

الفرع الأول:
المدرسة التقليدية

 

ترى هذه المدرسة أنه لا عقاب على الجريمة المستحيلة سواء كانت هذه الاستحالة متعلقة بمحل الجريمة ام بوسيلتها على اساس ان العقاب على الشروع يستلزم البدء في تنفيذ الفعل او محاولة ارتكاب الجريمة وهذا لا يتصور في الجريمة المستحيلة لأنه لا يمكن البدء في تنفيذ فعل من المستحيل ارتكابه ولا يتوافر اي ركن من اركان لجريمة هنا سوى نية الفاعل التي لا يعاقب عليها لشروع فلا يقوم بها وحدها الشروع، فيرى اصحاب النظرية التقليدية ذوي المذهب المادي أنه لا تتوافر الخطورة التي تعرض الحق الذي يحميه القانون للخطر في الجريمة المستحيلة عكس ما هو عليه الحال في الجريمة الخائبة او ما يعرف بالشروع، لكن لا شك بأن عدم العقاب في كافة حالات الإستحالة يؤدي الى إباحة كثير من مظاهر السلوك الخطرة التي تهدد أمن المجتمع[11]محمد أبو عامر. مرجع سابق. ص142. وتؤثر على السلامة العامة على الأفراد.

 

الفرع الثاني:
المدرسة الوضعية

 

أما الإتجاه الثاني فيتمثل في المدرسة الوضعية والتي سارت على نقيض المدرسة التقليدية والتي رأت وجوب العقاب على الجريمة المستحيلة على اختلاف صورها فالشروع وفقا لهذه المدرسة لا يتوقف عند البدء في تنفيذ الفعل وانما يكفي لقيامه ان يقوم الفاعل بأعمال ما من شانها ان يقطع بنيته على تنفيذ الجريمة حتى لو كانت هذه الاعمال لا تشكل بدءاً في تنفيذ الجريمة ما دام الجاني نفسه يعتقد أن من شان هذه العمال ايقاع الجريمة، فلا يروا ان هناك مسمى للجريمة المستحيلة لان هذا الجريمة شروع معاقب عليه الا اذا كانت الوسيلة التي استخدمها تدل على سذاجته وقصور عقله مثل لو أنه لجأ الى السحر والشعوذة لإرتكاب الجريمة، لأن هذا يدل على ضعف نفسية الجاني وانعدام خطره، على هذا المذهب يرى القضاء في كل من إنجلترا والمانيا، يؤدي هذا الاتجاه الى العقاب حتى على الجريمة الوهمية اي التي لا تقوم الا في تصور الجاني ولا يكون لها وجود قانون[12]محمد أبو عامر.مرجع سابق. ص143. ويرى الباحث بأن اتجاه كل من انجلترا والمانيا الى العقاب حتى على الجريمة الوهمية هو قرار غير صحيح ولا يتفق مع أحكام المنطق والعقل وفيه ظلم على المتهم.

وبسبب سكوت القانون المصري عن تحديد موقفه اتجاه هذه الجريمة حاول الفقهاء الرجوع للمبادئ العامة فانقسموا قسمين يتمحور احدهما حول النظرية الموضوعية وأما الاخر فيتمحور حول النظرية الشخصية، على النحو الآتي:

النظرية الموضوعية: يرى أنصار هذه النظرية أنه لا عقاب على الجريمة المستحيلة لا كشروع ولا كجريمة مستقلة على أساس أن الشروع يفترض البدء في التنفيذ على شكل يكون من الممكن معه ان تتحقق النتيجة الجرمية واذا كان ذلك غير ممكنا كما هو الحال في الجريمة المستحيلة فلا يكون ركن من اركان الجريمة ولا يمكن اعتباره انه اكثر من فعل عادي يكشف عن نية الجاني الاجرامية وسارت عدة تشريعات على هذه النظرية حيث نصت على انه يجب ان يكون الفعل الذي قام به الجاني كبدء لتنفيذ الجريمة قادراً على أحداث النتيجة الجرمية، انتقد هذا الاتجاه على اساس انه يهمل النية أي الركن المعنوي للجريمة والذي يعتبر اساس للعقوبة التي اقرها المشرع في القانون الذي لا ينص على اشتراط حصول النتيجة الجرمية للمعاقبة الا في حالات قليلة كان القصد منها اعطاء تعريف لبعض الفئات الخاصة من الجرائم[13]حومد عبد الوهاب. المفصل في شرح قانون العقوبات القسم العام. دمشق. د.ن. 1990. ص462.

النظرية الشخصية: تعتبر أن الجاني بالجريمة المستحيلة قد ارتكب فعلاً يشعر المجتمع بخطره وافصح عن نية اجرامية وسار في عملية التنفيذ الى نهايتها إلا أن امراً عرضياً لم يكن الجاني على علم به ولا دخل له به او بإرادته قد حال دون تحقق النتيجة فهل هناك فرق بين مطلق النار على حي ولا يصيبه وبين من يضغط على الزناد لكن تكون بمجرد الصدفة المحضة البندقية مفرغة، الفرق غير موجود هنا من الناحية الاجتماعية و لا حتى من الناحية الموضوعية و لا الأخلاقية فالقانون الذي يوجه اهتمامه للنية لا يستطيع ان يهمل معاقبة الجاني على أساس أن الواقعة تشكل جريمة مستحيلة، أخذت المانيا بهذه النظرية فاصدر القضاء الألماني قرار بأن خنق مولود ولِد ميتاً يعتبر شروع تجب معاقبته كما قضت في قرار آخر بأن الشروع في معاقبة في اجهاض امرأة تظن انها حامل وهي ليس حامل هو شروع معاقب عليه[14]المرجع السابق.ص463.

 

المبحث الثاني:

تنظيم الجريمة المستحيلة في كل من القانون والقضاء

 

يتناول المطلب الأول من هذا المبحث التنظيم القانوني للجريمة المستحيلة في القوانين الاجنبية والقوانين العربية ومدى التباين بين مواقف هذه القوانين، ويتناول الفرع الأول منه الجريمة المستحيلة مع عدم وجود نص في قانون العقوبات الاردني والفرع الثاني الشروع في الجريمة في قانون العقوبات الأردني، بينما يتناول المطلب الثاني منه التعامل القضائي مع القضايا ذات الصلة بالجريمة المستحيلة ويتناول الفرع الأول نظريات التي سار عليها كل من القضاء الأردني والمصري، بينما يتناول الفرع الثاني نظريات كل من القضاء الفرنسي والسوري في تناوله لهذه القضايا سواء القضاء الأجنبي أو العربي.

 

المطلب الأول:

الجريمة المستحيلة في القانون

 

نصت المادة (202) من قانون العقوبات السوري رقم (148) لسنة 1949 “على أنه يعاقب على الشروع حتى لو لم يكن في الامكان بلوغ الهدف بسبب ظرف مادي يجهله الفاعل” فاعتبر المشرع السوري كل فعل يبدأ الجاني بتنفيذه ولا يحقق نتيجة هو شروع بغض النظر عن كون هذه النتيجة مستحيلة او ممكنة الوقوع الا اذا كان ما قام به الجاني لم يكن بالإمكان تحققه لأنه قام به عن سذاجة وقلة فهم، فقد تبنى المشرع السوري النظرية الشخصية القائمة على ان الاعتبار في الجريمة هو نية الجاني الاجرامية والتي تكشف عن خطورته بغض النظر عن كون النتيجة ممكنة او غير ممكنة إلا اذا كان ما قام به الفاعل قد تم بناء على سذاجة او كانت من الجرائم الوهمية التي لا عقاب عليها.[15]عبود السراج. مرجع سابق. ص138-139

ونصت المادة (23) من قانون العقوبات السويسري لسنة 1937 على ان للقاضي تخفيف العقوبة في حال ان الجاني قد حاول ارتكاب الجناية او الجنحة باستخدام وسيلة او استهدف غرض لا يمكن معهما الوصول الى النتيجة الجرمية بصورة مطلقة[16]حومد عبد الوهاب، مرجع سابق. ص368. أما قانون العقوبات الإيطالي فقد فرق بين الاستحالة المطلقة والاستحالة النسبية واستبعد العقاب في حالة الاستحالة المطلقة، فنصت الفقرة الثانية من المادة (49) من قانون العقوبات الايطالي على ان يستبعد العقاب حين يكون مستحيلا تحقق الحدث الضار او الحدث الخطر المعلق عليه قيام الجريمة بسبب انعدام صلاحية السلوك لإنتاج الحدث الخطر أو بسبب انعدام الموضوع الذي يستهدفه السلوك الخطر او عند استخدام وسيلة لا خطر منها عليه رغم وجوده، فعند ارادة العقاب على خطر الجاني يلزم لذلك وجود نص صريح[17]رمسيس بهنام. مرجع سابق. ص479.

أما بالنسبة للقانون الفرنسي فقد عدلت المادة (317) من قانون العقوبات في عام 1393 واصبح العقاب على الشروع ولو كانت الاستحالة مطلقة، ويرى الفقه الفرنسي ان هذا التعديل وضع عقاب على الجريمة المستحيلة على إعتبار أنها شروع حتى لو كانت الوسيلة المستعملة غير صالحة بطبيعتها لإحداث النتيجة الجرمية ما دام انها كافية من وجهة نظر الجاني لتحقيق غايته[18]كامل السعيد. مرجع سابق. ص268.

 

الفرع الأول:
الجريمة المستحيلة مع عدم وجود نص في قانون العقوبات

 

قانون العقوبات الأردني لم ينص على الجريمة المستحيلة، والشروع وفقاً لنص المادة (68) من هذا القانون يعني البدء في تنفيذ فعل من الافعال الظاهرة المؤدية الى إرتكاب جناية أو جنحة وهذا يعني الأفعال القادرة بطبيعتها على تحقيق النتيجة الجرمية والا فلا تعد بدءاً في تنفيذ الجريمة  حتى لو كانت صالحة لإحداث الجريمة من وجهة نظر الفاعل، ثم نص القانون على انه اذا لم يتمكن الفاعل من اتمام الافعال اللازمة لحصول تلك الجناية او الجنحة وهذا يعني ان الفاعل لا يتمكن من اتمام الافعال اللازمة لوقوع الجريمة من حيث الحقيقة والواقع وليس كما يراها الجاني كما يجب ان تتخذ هذه الجريمة وصفاً جنائياً أو جنحياً اي تطبيق النصوص القانونية وليس مخيلة الفاعل أو ظنه بان الواقعة تشكل جنحة او جريمة فالجرائم لا تقوم او تتكيف بالظن والإعتقاد[19]المرجع السابق. ويرى الباحث ان القصور التشريعي واضح جداً في قانون العقوبات الأردني رقم (16) لسنة 1960 حيث انه لم يرد نص خاص يوضح فيه ماهي الجريمة المستحيلة وأركانها وخصائصها، مما أدى الى تضارب الآراء واختلاف احكام المحاكم من محكمة الى اخرى بخصوص الجريمة المستحيلة.

 

الفرع الثاني:
الشروع في الجريمة في قانون العقوبات الأردني

 

إن قيام الشروع في قانون العقوبات الأردني يتطلب توافر سلوك مادي صالح بطبيعته لإحداث النتيجة الجرمية ووجود حق مهدد بالخطر يحميه القانون أي ان التجريم في الشروع يقع على السلوك الخطر ذاته وليس عن الخطورة التي يكشف عنها الجاني لأنه لم ينص القانون على ذلك صراحة، فيرى البعض أن الخطورة الجرمية ليست إلا حالة نفسية كامنة في شخص الجاني لا يفترض توافرها عند وقوع الجريمة ولا تكون من عناصر الجريمة مطلقا، ولو تم التسليم بالخطورة فقط فلا مجال للقول بقيام الشروع وبالتالي المعاقبة عليه اما اذا كان السلوك مجرد من صلاحية النتيجة الجرمية فلا يتصور توافر الشروع لانعدام الخطر فاين الخطر في شخص يحاول قتل اخر بعصير برتقال[20]المرجع السابق. ص270؟

ويجب التفرقة بين السلوك الذي لا يصلح أبداً لتحقيق النتيجة الجرمية وبين السلوك الصالح لإحداثها ولكنه لم يتمكن من ذلك لعدم دراية الفاعل وخبرته أو لأي سبب خارج عن ارادة الفاعل مثل استخدام مادة سامة لكن بكمية ضئيلة غير كافية لتحقيق النتيجة الجرمية فالفاعل هنا استخدم وسيلة لا تصلح أبداً لتحقيق النتيجة الجرمية والحق الذي يحميه القانون كان موجوداً وقائما وتعرض للخطر لولا الاسباب التي طرأت ومنعت تحقق النتيجة الجرمية وهذا يعني الاستحالة المادية المطلقة، كما يشترط لقيام الخطر الذي يعاقب المشرع عليه بالشروع يجب ان يكون اضافة للفعل المادي الصالح لتحقيق النتيجة الجرمية لا بد من توافر حق في العالم الخارجي لتتحقق فيه النتيجة، مثل اطلاق النار على شخص متوفى، فهنا ينتفي خطر الوفاة او اجهاض امرأة غير حامل فهذه الحالة يستحيل فيها قيام الجريمة وتدخل ضمن نطاق الاستحالة القانونية بموضوع الجريمة ففي الاستحالة النسبية يتوفر مبرر التجريم ويعاقب عليه بالشروع، حيث ان الجاني في الاستحالة النسبية يكون قد استنفذ نشاطه الإجرامي وعلى الرغم من ذلك فشل في تحقيق النتيجة الإجرامية[21]المرجع السابق. ص272.

ففي القانون الأردني لا يمكن القول بمعاقبة الجريمة المستحيلة بشكل مطلق اما الاستحالة النسبية فهي تعد من صور الشروع وتخضع لما يخضع له الشروع من احكام وعقاب، ومع مقارنة القانون الاردني بغيره من القوانين يمكن الوصول الى ان القانون لم يتماشى مع أصحاب النظرية الشخصية فلو اراد القانون ذلك لما توانى عن الافصاح عن ذلك صراحةً كما هو الحال في القوانين الاخرى[22]المرجع السابق.

أما بالنسبة لمشروع قانون العقوبات الفلسطيني فقد نص في المادة (36) منه على أنه يعتبر شروع في ارتكاب الجريمة كل فعل صدر بقصد ارتكاب جناية أو جنحة مستحيلة التنفيذ سواء كان سبب هذه الاستحالة يتعلق بموضوع الجريمة او بالوسيلة المستخدمة لارتكابها، ما دام أن الجاني لم يرتكب هذه الجريمة بناء على جهل مطبق أو على وهم، وبهذا يكون المشرع الفلسطيني قد أخذ بالنظرية الشخصية على اطلاقها ولم يستثني أي نوع من الاستحالة من العقاب طالما أن الجريمة لم تكن قائمة على الجهل المطبق لفاعلها أو على وهمه.

 

المطلب الثاني:

الجريمة المستحيلة في القضاء

 

ما الموقف الذي على القاضي اتخاذه في مثل هذه الحالة هل يعتر هذه الواقعة شروع ويعاقب الجاني على ذلك ام يعترها جريمة خاصة لها صفاتها ويعاقب الفاعل بناء على هذه الصفة أو يقرر بان الإستحالة تجعل هذه الجريمة غير موجودة فلا محل لعاقبها[23]حومد عبد الوهاب. مرجع سابق. ص460؟

 

الفرع الأول:
القضاء الأردني والمصري

 

سارت محكمة النقض المصرية على التفرقة بين الجريمة المستحيلة استحالة مطلقة وبين الإستحالة النسبية فقضت في احدى قراراتها بأنه لا تعتبر الجريمة مستحيلة إلا اذا لم يكن بالإمكان تحققها مطلقاً كان تكون الوسيلة التي استخدمها الجاني في ارتكابها غير صالحة لتحقق الجريمة أبداً لكن اذا كانت الوسيلة صالحة بطبيعتها لتحقق الجريمة لكنها لم تتحقق لأسباب اخرى خارجة عن ارادة الجاني يعاقب المتهم بالشروع[24]محمد أبو عامر. مرجع سابق. ص147.

فاتجه القضاء المصري الى التفرقة بين الاستحالة المطلقة والاستحالة النسبية مع توسع في نطاق الاستحالة النسبية لتشمل كثير من صور العقاب ومن احكام القضاء المصري، وضع زئبق في اذن شخص بنية قتله يعد من الافعال التنفيذية لجريمة القتل بالتسميم ما دام ان هذه المادة المستعملة في ارتكاب الجريمة تؤدي احيانا الى النتيجة المقصودة منها، لو ان بإذن المجني عليه جروح قد تنفذ منها المادة الى جسم الانسان فلا محل لاعتبار الواقعة جريمة مستحيلة طالما ان المادة المستعملة تصلح احيانا لتحقيق النتيجة المقصودة من وراء استخدامها[25]رؤوف عبيد. مرجع سابق. ص312. فقضت أن وضع الماء الذي يشرب منه المجني عليه مادة سامة من شانها احداث الوفاة اذا ما استخدمت بكميات كبيرة وعدم موت المجني عليه لا يجعلها جريمة مستحيلة بل هي شروع في القتل طالما انه الفعل اقترن بنية القتل ولا يمكن اعتبارها جريمة مستحيلة استناداً الى ان وضعها في الماء لا يحدث الوفاة لأنه لم تأخذ بكميات كبيرة او لان طعمها يمنع الشارب من الاستمرار في شرب الماء او انها تخرج مع القيئ الذي تسببه فكل هذه تعتبر ظروف خارجية لا دخل لها بإرادة الفاعل وادت الى منع تحقق النتيجة الجرمية، وان اطلاق مقذوفات نارية من مسافة بعيدة جعلتها لا تصيب المجني عليه لا يجعلها جريمة مستحيلة بل هي شروع في القتل فالجريمة لم تكتمل لسبب خارج عن ارادة الجاني حيث انه لو الجاني اصاب في تقدير المسافة لتحققت جريمة القتل التي أراد ارتكابها، إضافةً إلى أن اطلاق الرصاص على سيارة لقتل راكبيها وعدم اتمام ذلك بسبب سرعة السيارة واغلاق النوافذ فيها هو شروع في القتل ولا تعتبر جريمة مستحيلة، كما قررت محمة النقض المصرية بأنه لا يشترط في الشروع وجود مال فعلاً ما دامت نية الجاني قد اتجهت الى ارتكاب جريمة السرقة[26]مرجع سابق. ص313.

كما قضت بأنه لا تعتبر الجريمة مستحيلة الا اذا كانت من غير الممكن ان تتحقق بشكل مطلق بان تكون الوسيلة المستخدمة لارتكابها غير صالحة ابدا لتحققها اما اذا كانت هذه الوسيلة صالحة لتحقق النتيجة الجرمية بطبيعتها لكنها لم تتحقق لسبب خارج عن ارادة الجاني يعتبر ما قام به افعل شروعا. وبإحدى الاحكام المطعون بها قررت محكمة النقض المصرية الحكم باستحالة الجريمة استحالة مطلقة لأن المتهم عندما حاول قتل المجني عليه استخدم كبسولة فاسدة على الرغم من انه ضبطت معه كبسولة اخرى سليمة لا يتفق وصحيح القانون[27]المرجع السابق. ص314.

فمحكمة النقض المصرية استقرت على تقرير العقاب على الجريمة المستحيلة استحالة نسبية، وقررت محكمة النقض المصرية في احد احكامها بانها على الرغم من تسليمها باستحقاق العقاب في الاستحالة النسبية وترى انه لا مكان للعقاب حينما تكون الإستحالة مطلقة وقررت انه لا تعتبر الجريمة مستحيلة الا اذا كان من غير الممكن بشكل مطلق تحققها بان تكون الوسيلة المستخدمة في ارتكابها غير صالحة ابدا لتحقيق الهدف من استخدامها أما إذا كانت هذه الوسيلة صالحة لذلك ولكن لم تتحقق الجريمة لسبب خارج عن ارادة الفاعل يعتبر ما قام به شروعا فينطبق عليه احكام القانون الخاصة بالشروع[28]رمسيس بهنام. مرجع سابق. 468-470.

أما بالنسبة الى قرارات محكمة التمييز الأردنية أنها أخذت بالمذهب الذي يفرق بين الاستحالة القانونية والاستحالة المادية حيث قضت محكمة التمييز الأردنية: “تقوم الجريمة المستحيلة في الحالات التي يستحيل فيها تحقيق النتيجة الجرمية إما لعدم كفاءة الفعل القصدي المرتكب وإما لعدم وجود الموضوع المادي لها ولا يتوفر ذلك في عدم وجود مال في المحل الذي اقتحمه المتهمون إذ أن فعلهم يشكل الشروع في جرم السرقة وذلك حسب نص المادة 70 من قانون العقوبات وفي حكم آخر لها قضت المحكمة ” بأن استعمال المتهم المسدس القاتل بطبيعته ومحاولة إطلاق النار من قرب المجني عليه لأكثر من مرة ولولا أسباب لا دخل لإرادته فيها وهي عدم استجابة المسدس وعدم خروج الطلقة بسبب طبخ في ظروف الطلقة (خلل فني) لتمت الجريمة كل ذلك يوفر نية القتل لدى المتهم ولا يرد الدفع باستحالة القتل لعدم صلاحية العتاد” حيث يلاحظ أن المحكمة لم تعتد في الحكم المذكور بالوسيلة المستخدمة.

هناك رأي فقهي رابع استقرت المحكمة العليا بألمانيا على العمل به ويعاقب هذا الاتجاه على الجريمة المستحيلة أياً كانت الاستحالة آخذاً بنية الفاعل ومراعاة لحالته الخطرة على المجتمع بعقوبة الشروع[29]المرجع السابق. ص468، فقد سار القضاء بألمانيا على أن حقن امرأة بماء كولونيا ممزوج بالخل املا في اسقاط جنينها هو شروع في الاجهاض على الرغم من ان هذه الوسيلة ليس من شانها تحقيق النتيجة المبتغاة فرات المحكمة ان الاخفاق في تحقيق النتيجة قد جاء نتيجة ظرف مادي مستقل عن ارادة المتهم[30]حومد عبد الوهاب. مرجع سابق. ص465، فقضت المحكمة العليا بألمانيا بالعقاب بالشروع على التسميم رغم استخدام مادة غير صالحة لذلك[31]رمسيس بهنام. ص468.

الفرع الثاني:
القضاء الفرنسي والسوري

 

سار القضاء الفرنسي وأخذ بالنظرية الشخصية فقضت محكمة النقض الفرنسية بان ضرب الشخص لآخر بقضيب حديدي اثناء مشاجرة وقتله ثم اتى شخص اخر لا يعلم انه متوفى فضربه بالزجاج على راسه لقتله هو شروع في القتل العمدي ورأى بعض الفقهاء ان هذا قرار مثير للقلق لأنه يعاقب على قتل ميت ولا يوجد نص في القانون يعاقب على ذلك الا ان البعض وجدوه قرار جدير بالتأييد بسبب ما قام به من هدم الاتجاه السائد بعدم المعاقبة على الجريمة المستحيلة[32]حومد عبد الوهاب. مرجع سابق. ص467. كما سار القضاء الفرنسي على أنه لا يرتكب شروعاً من قصد التسميم واستعمل مادة غير سامة او من سعى في اجهاض امرأة غير حامل او من حاول سرقة جيب خال[33]محمود مصطفى. مرجع سابق. ص312. فالقضاء الفرنسي قد قضى بتوافر الشروع في حق من أطلق عياراً نارياً من خلف النافذة لقتل شخص تصادف أن كان غير موجود كما أدان بالشروع شخص ادخل يده في جيب خال وردد باستخدام عبارة الاستحالة المطلقة في أحكام  البراءة[34]كامل السعيد. مرجع سابق. ص266.

وأما بالنسبة لمحكمة النقض السورية قضت بأن من يحاول فتح باب دكان بهدف سرقته بواسطة مفتاح مصنع وعدم تمكنه من ذلك بسبب مرور شقيق صاحب الدكان من المكان لا يمكن الدفع بهذا بالقول انها جريمة مستحيلة لان المفتاح مصنع ولا يمكن ان يفتح الباب من خلاله حيث ان القانون السوري قد عاقب صراحة وبشكل مطلق على الجريمة المستحيلة[35]حومد عبد الوهاب. مرجع سابق. ص469.

أما القضاء في انجلترا فقد حكم بداية بأن اعطاء امرأة حامل مادة ضارة لإجهاضها ثم تبين انها غير حامل يعتبر شروعا في الاجهاض و صدر قانون الجرائم الواقعة على الاشخاص لعام 1861 والذي عاقب على الجريمة المستحيلة حتى لو كانت مطلقة بعقوبة الشروع الا انه فيما بعد قضى ببراءة من قدم حبوب لسيدة حامل زعم انها تحدث الاجهاض وتعاطتها السيدة فعلا الا انه قد تبين فيما بعد انها حبوب غير مؤذية لا صلاحية لها بإحداث الاجهاض.[36]رمسيس بهنام. مرجع سابق. ص471

فالمحكمة الموضوع التقدير النهائي في ثبوت الافعال المنسوبة للمتهم من عدمه ووجود النية الجرمية لدى المتهم من عدمها واذا كانت الاسباب التي من اجلها لم تتحقق النتيجة هي ارادية أو غير ارادية فكل هذه الامور متعلقة بالوقائع ولا رقابة لمحكمة النقض فيها لكن مع التسليم بالوقائع التي تذكرها المحكمة في حكمها يكون لمحكمة النقض مراقبة تطبيق القانون عليها فاذا اعتبرت المحكمة بدء في التنفيذ افعال لا تقرب الجاني من النتيجة يجوز لمحكمة النقض أن تلغي هذا الحكم بما تملكه من حق الاشراف على تطبيق القانون وتفسيره.[37]محمود مصطفى. مرجع سابق. ص319

 

الخاتمة:

من خلال هذا البحث تم الوقوف على كل من مفهوم الجريمة المستحيلة وموقف كل من الفقه والقضاء والقانون من هذه الجريمة، فـ الجريمة المستحيلة هي الجريمة التي يستحيل فيها تحقق النتيجة الجرمية التي اتجهت اليها ارادة الفاعل على الرغم من بذله لكل نشاط يستطيع القيام يه لتحقيق هذه النتيجة وبهذا هي تشابه الشروع التام في ناحيتين انه الجاني يستنفذ اي نشاط ممكن له وتخلف النتيجة الجرمية.

وقد تبنى الفقه نظريات عديدة في تنظيمه لهذه الجريمة منها النظرية المادية بشقيها المادية المطلقة التي لا تضع أي عقاب على الجريمة المستحيلة والنظرية المادية النسبية التي يتم العقاب عليها وبين الاستحالة القانونية التي لا يتم العقاب عليها، أضافةً إلى النظرية الشخصية التي ترى العقاب على الاستحالة بكافة صورها لكون المشرع قد قرر العقاب على خطورة الجاني، والنظرية الشخصية التي تقسم الاستحالة الى نوعين استحالة مطلقة واخرى نسبية وتعاقب على الاخيرة بعكس الاولى.

أما عن تنظيم هذه الجريمة قانوناً فبعض القوانين قد نصت على العقاب عليها صراحةً بعقوبة الشروع كما هو حال قانون العقوبات السوري ومشروع قانون العقوبات الفلسطيني وقانون العقوبات العراقي، والبعض الاخر من القوانين لم ينص على الجريمة المستحيلة ولم يضع لها تنظيماً ضمن أحكامه.

وقد تأرجح القضاء في أحكامه المتعلقة بهذه الجريمة بين النظريات العديدة التي تبناها الفقه، فالقضاء الالماني والفرنسي لاحقاً قد عاقبا على الجريمة المستحيلة بكافة صورها، أما محكمة النقض المصرية فقد فرقت في العقاب بين الاستحالة المطلقة والاستحالة النسبية.

وفي النهاية يرى الباحث أن موقف القضاء الفرنسي والالماني وأن نص المادة 36 من مشروع قانون العقوبات الفلسطيني لم يكن في محله فلا يوجد منطق في عقاب شخص على جريمة لم تبدأ بعد من اساسها مما يؤدي الى ايقاع الظلم على العديد من الاشخاص على اشياء قاموا بها لكن هي بالأصل ليست جريمة فإن منطق وجود ما يسمى بالجريمة المستحيلة يجده الباحث امر هام جداً لأنه لا يجوز ايقاع عقوبات بشكل عشوائي ومتهور بسبب ان شخص قام بفعل وبالنهاية لم يحقق النتيجة المرجوة منه ويقصد الباحث الافعال التي نتكون تحت الجريمة المستحيلة اما بالنسبة للشروع بالتأكيد اؤيد ايقاع العقاب حتى يتم ردع الاشخاص من مخالفة القانون والتعدي على حياة أو أموال الافراد وتوفير السلامة العامة في المجتمع وايجاد السكون والطمأنينة من خلال الردع العام لجميع الاشخاص والافراد في المجتمع والردع الخاص للجاني الذي قام بالجريمة حتى لا يعود ويقوم بتكرار ما قام به أو ارتكاب جريمة اخرى يعاقب عليها القانون وتعرض حياة الافراد في المجتمع الى الخطر وعدم الطمأنينة والراحة.

 

النتائج والتوصيات:

من خلال هذا البحث وقراءتي لقوانين العقوبات المختلفة والكتب القانونية الجزائية توصلت الى نتيجتين وهما:

  • النقص التشريعي في نصوص قانون العقوبات الأردني المطبق في فلسطين حيث أنها لم توضح مفهوم الجريمة المستحيلة في نصوصها.
  • ندرة القضايا المعروضة أمام القضاء والمتعلقة بموضوع الجريمة المستحيلة.

 

وكما أوصي بالآتي:

  • العمل على توضيح مفهوم الجريمة المستحيلة من خلال تعديل قانون العقوبات الاردني النافذ رقم (16) لسنة 1960 بشأن الجريمة المستحيلة وان يتم وضع تعريف لها وخصائصها وشروطها من خلال نص خاص لها حتى يتم حسم الجدال بخصوصها وأن لا يبقى مجال لتعدد الآراء حولها واختلاف الرأي.
  • عندما يتم تدريس قانون العقوبات وبشكل خاص مادة الجرائم الواقعة على الاشخاص ان يتم التركيز على الجريمة المستحيلة و المقدرة على التفرقة بينها وبين الشروع في الجريمة لخلق محامين قادرين على التفرقة بينهم من خلال تكييف قانوني سليم للوقائع.
  • ان يقوم المحامين الحاليين على مراجعة قواعد وخصائص الجريمة المستحيلة من خلال النصوص القانونية والكتب القانونية وآراء المحاكم حتى يقوم على التكييف القانوني السليم للوقائع.

 

قائمة المصادر:

  • قانون العقوبات الاردني النافذ في الضفة الغربية رقم (16) لسنة 1960.
  • قانون العقوبات السوري رقم (148) لسنة 1949.
  • قانون العقوبات الفلسطيني رقم (74) لسنة 1936 المطبق في قطاع غزة.
  • قانون العقوبات السويسري لسنة 1937.
  • قانون العقوبات الايطالي.
  • قانون العقوبات الفرنسي.

 

قائمة المراجع:

  • أبو عامر، محمد. قانون العقوبات اللبناني القسم العام. بيروت: الدار الجامعية. 1981.
  • الدرة، ماهر. الأحكام العامة في قانون العقوبات. الموصل: وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. 1990.
  • السراج، عبود. قانون العقوبات القسم العام. دمشق: دار المستقبل للطباعة.1982.
  • السعيد، كامل. الاحكام العامة للجريمة في قانون العقوبات الاردني. عمان. د.ن. 1981.
  • المواقع الإلكترونية : .www.mohamah..net
    .jordan-lawyer..com
  • بهنام، رمسيس. الجريمة والمجرم والجزاء. الاسكندرية: منشأة المعارف.1973.
  • د. محمد الجبور، الجرائم الواقعة على الاشخاص في قانون العقوبات الاردني
  • عبد الوهاب، حومد. المفصل في شرح قانون العقوبات القسم العام. دمشق. د.ن. 1990.
  • عبيد، رؤوف. مبادئ القسم العام من التشريع العقابي المصري. د.م. دار الفكر العربي.1965.
  • مصطفى، محمود. شرح قانون العقوبات القسم العام. القاهرة. مطبعة جامعة القاهرة.1974.

 

بقلم المحامي: مراد ماهر صايمه

 

مواضيع أخرى ذات علاقة:

المصادر والمراجع

المصادر والمراجع
1 كامل السعيد. الاحكام العامة للجريمة في قانون العقوبات الاردني. عمان. د.ن. 1981. ص263
2 رمسيس بهنام. الجريمة والمجرم والجزاء.الاسكندرية: منشأة المعارف.1973. ص465
3 ماهر الدرة. الأحكام العامة في قانون العقوبات.الموصل: وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. 1990.ص226
4 محمد الجبور، الجرائم الواقعة على الاشخاص في قانون العقوبات الاردني، الطبعة الاولى لسنة 2000
5 محمد زكي أبو عامر. قانون العقوبات اللبناني القسم العام.1981 بيروت: الدار الجامعية. ص141
6 محمد، أبو عامرالمرجع السابق. ص142
7 ماهر الدرة. مرجع سابق. ص226
8 عبود السراج. قانون العقوبات القسم العام. دمشق: دار المستقبل للطباعة.1982. ص134
9 كامل السعيد. مرجع سابق. ص263
10 المرجع السابق. ص264
11 محمد أبو عامر. مرجع سابق. ص142
12 محمد أبو عامر.مرجع سابق. ص143
13 حومد عبد الوهاب. المفصل في شرح قانون العقوبات القسم العام. دمشق. د.ن. 1990. ص462
14 المرجع السابق.ص463
15 عبود السراج. مرجع سابق. ص138-139
16 حومد عبد الوهاب، مرجع سابق. ص368
17 رمسيس بهنام. مرجع سابق. ص479
18 كامل السعيد. مرجع سابق. ص268
19, 22 المرجع السابق
20 المرجع السابق. ص270
21 المرجع السابق. ص272
23 حومد عبد الوهاب. مرجع سابق. ص460
24 محمد أبو عامر. مرجع سابق. ص147
25 رؤوف عبيد. مرجع سابق. ص312
26 مرجع سابق. ص313
27 المرجع السابق. ص314
28 رمسيس بهنام. مرجع سابق. 468-470
29 المرجع السابق. ص468
30 حومد عبد الوهاب. مرجع سابق. ص465
31 رمسيس بهنام. ص468
32 حومد عبد الوهاب. مرجع سابق. ص467
33 محمود مصطفى. مرجع سابق. ص312
34 كامل السعيد. مرجع سابق. ص266
35 حومد عبد الوهاب. مرجع سابق. ص469
36 رمسيس بهنام. مرجع سابق. ص471
37 محمود مصطفى. مرجع سابق. ص319

5 comments

  1. Pingback: بحث قانوني حول جريمة الزنا - موسوعة ودق القانونية

  2. Pingback: تنظيم جريمة الإيذاء في القانون - موسوعة ودق القانونية

  3. عبد الكريم السعيدي

    فقط للاشارة من الناحية المنهجية للبحث الانسب في عنوان المبحث الاول هو الاقتصار على مفهوم الجريمة المستحيلة والاستغناء عن تنظيمها لان ذلك يندرج ضمن مضمون المبحث الثاني

  4. Pingback: أنواع القتل - موسوعة ودق القانونية

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*
*

افتح المحادثة!
بحاجة لمساعدة !
مرحبا
كيف يمكننا مساعدتك !