Login

Lost your password?
Don't have an account? Sign Up

رد الاعتبار في قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني

رد الاعتبار في قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني

 

جاء القانون هادفاً بشكل أساسي الى حماية المُجتمع وحماية حقوق الاّخرين وتجريم أيّ فعل من شأنه المساس في حقوق الأخرين، حيث يترتب على كل فرد في المجتمع  خضوعه للقانون بقواعده الاّمرة الهادفة الى منع انتشار الفساد وانتهاك حقوق الاّخرين، بالتالي تجريم أيّ فعل من شأنه المساس في النظام العام وحقوق الاّخرين وبتطور السياسية الجنائية التي تهدف الى تأهيل المحكوم عليه وتقويم سلوكه عن طريق فرض العقوبة القانونية عليه والتي تترتب على مخالفة النظام القانوني القائم.

من ناحية أخرى  توفير الرعاية للمحكوم عليه أثناء تنفيذ عقوبته وبعد تنفيذها ليعود عضواً نافعاً في مجتمعه متمتعاَ بكافة حقوقه مردوداً لهُ اعتباره ليعيش في المجتمع كغيره من المواطنين دون وجود وصمة عار اجتماعية تلاحقه نتيجة ادانته ودون  حرمانه من أيّ حقوق خاصة انّ المحكوم عليه قد حصل على الجزاء القانوني المفروض عليه كنتيجة لارتكابه فعل مجرم في القانون لا سيما انَ القانون يُراعي حقوق جميع الأطراف على حد سواء ومن هنا ظهرت فكرة رد الاعتبار التي تبنتها التشريعات الجنائية لتجيب لنا على جميع التساؤلات التي تدور في عقولنا والساعية الى محو نتيجة الحكم بالإدانة بأثر مستقبلي و زوال أثاره الجنائية. فما هو رد الاعتبار، وما هي أنواع رد الاعتبار وشروطه، واجراءاته، مدى عدالة وإنصاف نظام رد الاعتبار في حق شخص سبق إدانته من منظور مجتمعي وشخصي:…

أولاً – مفهوم رد الاعتبار:

إن الحكم في العقاب على الشخص نتيجة ارتكابه جناية أو جنحة يترتب عليه الإخلال في مركزه المجتمعي وحرمانه من بعض الحقوق السياسية والمدنية مما يجعل أثر فرض العقوبة عليه ملازماً له رغم قضاءه العقوبة المفروضة عليه قانوناً وهو أمر لا يتناسب مع العدالة القانونية والسياسة الجنائية الهادفة الى تقويم سلوك الفرد ليعود شخصاً نافعاً في مجتمعه، ومن هنا ظهرت فكرة رد الاعتبار والتي أصبحت وسيلة لا غنى عنها في السياسة الجنائية.

لم يتم حتى هذه اللحظة الاتفاق على تعريف محدد لنظام رد الاعتبار فقد تعددت التعاريف الواردة  ل رد الاعتبار واختلف تطبيقه حسب القانون المطبق، لكن اذا نظرنا الى اغلب التشريعات الجنائية نجد انها اتفقت على ان رد الاعتبار يتمثل بكونه نظام مقرر لمصلحة المحكوم عليه ولمصلحة الهيئة الاجتماعية  يمحو الحكم بالإدانة بأثر مستقبلي لكن ضمن شروط حددها القانون لتعود له حقوقه ومكانته في المجتمع كغيره من الأشخاص الذي لم يسبق إدانتهم بجريمة وهو يُعتبر بمثابة مكافأة وفرصة للمحكوم عليه على حسن سلوكه ليتمكن من إزالة أثار الحكم بالإدانة كاملاً والاندماج في المجتمع واسترداد اعتباره.

وبالنظر الى قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني نجد أنّ المشرع الفلسطيني أيضاً اتفق مع اغلب التشريعات الجنائية في تعريف رد الاعتبار، حيث أورد في المادة(436) “تظل قائمة آثار الحكم بعقوبة جزائية إلى أن يسترد المحكوم عليه اعتباره بحكم القانون أو حكم قضائي، ويترتب على رد الاعتبار القانوني أو القضائي محو الحكم بالإدانة بالنسبة إلى المستقبل وزوال كل ما يترتب عليه من آثار جنائية ولكن لا أثر له في حقوق الغير” ونستدل بناءً على نص المادة ان رد الاعتبار هو محو الحكم بالإدانة بأثر مستقبلي وزوال أثاره الجنائية وهو يقسم الى رد اعتبار قانوني ورد اعتبار قضائي .

ثانياً – أنواع رد الاعتبار وشروطه:

كما استدلينا سابقاً هناك  نوعين لرد الاعتبار قانوني وقضائي وقد  تبنى المشرع الفلسطيني رد الاعتبار بنوعيه القانوني والقضائي بموجب المواد من 463 الى 452 قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني:

  • رد الاعتبار القانوني: المشرع الفلسطيني أخذ  بنظام رد الاعتبار بناءً على قانون رد الاعتبار رقم (2) لسنة 1962 الا ان هذا القانون الغي بصدور قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لسنة 2001 والذي عرف رد الاعتبار القانوني في المادة (449) والتي بما معناها ذكرت ان رد الاعتبار القانوني يُقصد به رد اعتبار المحكوم عليه تلقائياً بحكم القانون دون الحاجة الى اللجوء للقضاء وذلك  بمرور مدة زمنية معينة محددة بموجب القانون دون قيام المحكوم عليه بارتكاب جناية او جنحة  او صدور حكم جديد في حقه، أي يشترط بها مرور مدة زمنية معينة على تنفيذ العقوبة او سقوطها بتقادم وتختلف مدة التقادم حسب طبيعة الفعل الجرمي وعدم صدور حكم جديد في حقه وان يُشهد بحسن سلوك المحكوم عليه.
  • رد الاعتبار القضائي: المشرع الفلسطيني عالج رد الاعتبار القضائي في المادة (437) من قانون الاجراءات الجزائية والمقصود به هو رد اعتبار المحكوم عليه بناءً على صدور حكم قضائي من المحكمة وذلك ضمن شروط وإجراءات معينة ويكون للمحكمة سلطة تقديرية في قبول طلب رد الاعتبار من عدمه إضافة الى الغاء رد الاعتبار بعد منحه ولا حاجة هنا  الى انتظار مرور مدة تقادم معينة كما في رد الاعتبار القانوني، أي تتمثل شروط رد الاعتبار القضائي بانقضاء عقوبة المحكوم عليه او سقوطها بتقادم او العفو وانقضاء مدة ما من الحكم و عدم صدور حكم جديد في حقه وتقدير المحكمة لحسن سلوك المحكوم عليه.

ثالثاً – إجراءات رد الاعتبار:

تقتصر الإجراءات على رد الاعتبار القضائي فقط، حيث ان رد الاعتبار القانوني يحتاج فقد الى توافر شروطه المذكورة سابقا وهذه الإجراءات تتمثل بتقديم طلب رد الاعتبار بعريضة الى النائب العام والتي يجب ان تشمل كافة البيانات اللازمة لتحديد شخصية طالب الرد ومن ثم يقوم النائب العام بالتحقق من الطلب وتاريخ إقامة طالب الرد منذ الحكم عليه ومدة الإقامة والتأكد من حسن سلوكه ثم يرفق تحقيقه مع طلب رد الاعتبار ويقوم برفعه للمحكمة المختصة للنظر به خلال شهر من تاريخ تقديمه الى جانب تقرير يبين فيه رأيه مسبباً وصورة عن الحكم ومن ثم تقوم المحكمة المختصة برد الاعتبار وهي محكمة (البداية) وفقاً لقانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني بالفصل في طلب رد الاعتبار وتقرر إما إجابة الطلب او رفضه لسبب متعلق بسلوك المحكوم عليه او أسباب متعلقة بتوافر الشروط القانونية لطلب رد الاعتبار كالمدة القانونية مثلاً.

رابعاً – مدى عدالة وإنصاف نظام رد الاعتبار من منظور مجتمعي وشخصي:

قد يرى البعض ان نظام رد الاعتبار لشخص قد سبق ارتكابه لجريمة قد تكون جريمة قتل او سرقة او جريمة مخلة في الا داب هو أمر غير عادل لا سيما أنهُ قد قام بارتكاب فعل شنيع من منظور مجتمعي أثاره قد لا تزول لكن اذا نظرنا من منظور أخر نجد أنّ القانون يَصُب في مصلحة جميع الأطراف ويسعى الى حفظ حقوق جميع الأطراف وتحقيق العدالة بينهم فهذا المحكوم عليه قد نال العقاب الذي يستحقه قانونا وهذا العقاب غالبا يتمثل بعقاب سالب للحرية  بالتالي ليس من المنصف ان تبقى أثار الإدانة تلاحقه طوال حياته مما يؤدي الى انعكاسها سلباً عليه وعلى اسرته وقد يعود الى ارتكاب أفعال جرمية أخرى، فالقانون يسعى بشكل أساسي الى تقويم سلوك المحكوم عليه وليس فقد سلب حريته وفرض العقاب عليه.

بقلم الحقوقية: رهف سامر النابلسي

مواضيع أخرى ذات علاقة:

1 comments

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*
*

افتح المحادثة!
بحاجة لمساعدة !
مرحبا
كيف يمكننا مساعدتك !